مقالات

على الصدر استراح

عقيلة آل حريز

zoooom_6@hotmail.com

على صدره كان يرقد بحُمى مرتعشة، وفوقه استراح حين كانت أنفاسه تتلاحق ونبضه يتقطع، والنهار يوشك أن يغيب.

 ثمة شيء ما يحصل هنا لا يوحي بالاطمئنان .. وهاهي روحه ترتفع والذهول يسكن وجهه .. نظراته المكلومة تراصت وتوقفت على جسده المسجى أمامه .. لقد أنهكته الحمى فقضت عليه.

 استنهض كل المشاعر التي بداخله فاغترفها منه ولازال يغترفها بين الجسد الطاهر والثوب المعطّر .. حين كان يستريح على صدره فترتعش أنفاسه ويضيق صدره.

لطالما لمحه .. كلماته تضيء بالعظمة .. تخفق روحه باليقين .. تمتلئ أنفاسه بالإيمان .. ويتصاعد الانتصار في خطواته ..

لطالما حمل معه حلم آخر يسجل معه انتصارا تعكسه جدران الأفق .. يخنق به العيون القذرة فتنطفئ ولا تعود تضيء.

 تساءل:

 " كيف تتحرك خطواتي بدونك .. كيف ألتقط أنفاسي وأنا لا أشم عبيرك .. كيف أنجز خطواتي وصوتك لا يمهد لي الطريق ..

آه بعدك تصبح الدنيا موحشة بلا ألوان .. ظلامها حالك ونهارها هالك وكل ما بها خراب بعدك يا رسول الله .."

 لا يعرف أي حزن يستكين بداخله الآن وهو يدفع عنه حدبة الحياة وقسوتها .. لقد أضاء عالمه فاستعرض الكثير من الكلمات الخالدة التي قالها له وهو يتنفس في وجهه بنار الحمى المستعرة، وقتها راح يتأمله فيستنطق الوحي من قسماته .. حفظ عنه الكثير من الكلمات، لم تكن مسجلة كوصايا ورقية يستدعيها الموقف .. لكنها نقشت أبوابها في عمقه باب يتلوه باب، حتى غدت الأبواب مدينة بألف باب ..

 أوجس وحدة أخرى، فراحت أنفاسها تلسعه كهوادج تنساب على خاصرة الحزن، حتى غمر الحزن جدران المسجد الموصد في وجه الناس بصمت مستكين ..

 الخارج مكتظ بالناس الذين جاءوا هنا يهرولون في تلاحق مذعور .. عيونهم كانت متراصة ومتوقفة أمام الباب تستنطق الأسماع علها تحصد خبرا منها.

الشمس تغيب الآن فتنسحب .. تلوح وجه الأفق بالغمام الكالح .. والليل يسير في بطء ثقيل يغطي ألوان الحياة فيفرش الأرض بلون الثكل.

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com