مقالات

تزوجوهن يرحمكم الله

سعد الركابي

rikabisumar@yahoo.com

ثلاث اعوام من الحب....تنتهي بالزواج...الزوجان العاشقان طالبان على اعتاب التخرج والحب الطاهر بينهما قطفا ثماره غرفة زوجية هانئة في بيت الاهل وطفل دبت به الروح وتحرك في احشاء الام التي لازالت متوردة كانها زهر بله الندى. سعادة مثالية ما بعدها سعادة ان تكون لديك كل الاشياء التي تحب وانت في مقتبل العمر فتندفع نحو الامال والطموحات العريضة لاهاجس امامك الا ان تعطي الحياة كل ما تستحق لانها اهدتك كل الاشياء الجميلة...ولان الايام السعيدة  لذيذة فهي تسرع في سيرها تغد الخطى كانها تهرع نحو مصير محتوم. مصير لاتصنعه انت ابدا ولكنك مجبر في النهاية على القبول به. فالزوج الذي كان ضلعا من اضلاع مثلث ذلك الحب والمثالية بل قاعدته الاساس كان لايريد الاستمرار في تذوق حلاوة عشق لاينتهي فخرج بلا عودة. لقد كلفته رحلته القصيرة اليومية من البيت الى الكلية كل مايملك فالغت وجوده واضرمت نار الرحيل بكل ما يطوف حوله من حب وعواطف وامال عظام. بدلا من ان يرجع الشاب من الكلية الى البيت رجع من ثلاجات الطب العدلي الى رمضاء النجف. وتحولت العشيقة الام المغرمة بظلال زوجها الى حطام امراة ترملت بسرعة وهي لاتزال تفوح برائحة العذرية. لقد رحلت مع الزوج الراحل كل تلك الذكريات والامال الخبيئة في حب لاينتهي واماني لايمكن ان تطيح بها الايام. لكن الحياة التي لها نواميسها التي لاتعبأ بفرضيات القلوب وانين العواطف لم تترك لركام تلك المراة سوى طفل ولد قبل اربعين والده.طفل ذاق اليتم وانهمرت على وجهه اصداء العويل قبل ان يدرك النور...يتيم لايدري اين وكيف سيمضي وارملة لم تفهم بعد كيف ستعيش بلا رجل.

ليالي طويلة مضت مؤلمة موحشة عربيدة بقسوتها قبل ان تقتنع تلك المراة ان لابد للحياة ان تستمر رغم الدموع...فعادت الى الكلية من جديد تحاول ان تفوز بالتخرج الدي حرم منه الزوج والحبيب لتعلق شهادة التخرج شاهدة على قبر زوجها الراحل بلا سبب....

الفتاة التي كانت تبكي في كل صباح لانها حبيب يلقي عليها تحية الصباح كانت تودع النهار ايضا بالدموع لان حبيبها رحل ولم يودعها....لان حبيبها رحل وترك لديها طفلا لاتعرف كيف سيعيش بلا والد....

كيف ستعيش هي بلا رجل؟...كيف سيعيش ولدها بلا اب ؟... كيف ستبقى على قيد الحياة بلا معيل ؟...هي لا تدري وانا ايضا لا ادري...سالتها مرة الا تفكرين بان تخلعي عنك الحزن وتكوني امراة من جديد...رفضت واحتجت بقوة فقلبها خفق مرة واحدة لرجل واحد وعندما مات دفنته معه...نظرت الى طفلها فقلت لها هو يريد ابا يرعاه ويحرس طفولته وصباه ويكون لامه انيسا وللعائلة جليسا....سكتت طويلا ثم قالت:

 من اين ياتي والرجال قليل *** والسرب يعدو مثقل ويطول

مابين انثى في الزفاف ترملت *** او بين ثكلى في القبور تجول

او بين انسة سيرضع نهدها *** وحش العنوسة والحبيب قتيل

 

الى كل الرجال الذين هم دائما من يقف وراء الحروب والامها اقول: تزوجوهن يرحمكم الله.

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com