مقالات

حين يكون القاضي زهير كاظم عبود اركولوجيا

بروفسور د. عبد الاله الصائغ

استاذ تحليل النص في الجامعة العربية المفتوحة بالدانمارك

ورئيس قسم اللغة العربية في كلية آدابها

assalam94@hotmail.com

 

 تستأثر البحوث الايركولوجية بأهتمام الشارع الشرقأوسطي بسبب من شحة المغامرات العلمية في هذا الميدان الصعب غير المغري! وإنكفاء المقاييس الأكاديمية بعد ان دوهمت بمخلوقات خرافية الرؤية ترتدي لبوس العلماء وتزعم خلق الفضلاء! لكن المؤسسة البحثية العلمية التقدمية غير مستعدة للهزيمة بعد ان قطعت البحوث الحضارية اشواطاً بعيدة وانجزت فتوحات جديدة عصية على الالغاء!! والأمثلة فوق طاقة الحصر! وإذا شاعت في سبعينات القرن العشرين نظرية الربط بين البحوث العلمية والتنميتين الاجتماعية والوطنية! فإن دراسة الباحث الأستاذ زهير كاظم عبود تنحو ذلك النحو وتنهج هذا النهج بما يبوِّؤها منزلة عليَّة بين الجهود النظيرة في الشارع الوطني الثقافي ضمن الهاجس الأممي المعرفي! وقد اختار الباحث زهير عبود وهو مفكر قانوني وباحث أكاديمي وناشط وطني, اختار هذا الزميل الدؤوب مواضيعه الصعبة وفق نظرية الربط بين البحث العلمي وحاجات المجتمع العراقي في زمن ما بعد السقوط البعثفاشي فلقيت اعماله المطبوعة وبحوثه المنشورة اقبالا منقطع النظير من لدو الشارع العراقي والعربي سواء بسواء بسبب من التزامها مهيع الانتصاف لحقوق الشعوب العراقية المغدورة وطاقات الطبقات الاجتماعية المهدورة! ويمكن القول ان الباحـــث الزميل قد حقق نجاحات فذة في مباحثـــه الايركولوجيـــــة ( .. irchaeoiogist: تعني الآثاري والخبير في الحفريات الأثرية ) في اعماق طبقات الحقوق القومية للشعب الكوردي العظيم، فانتصر الى حقه المشروع في تحقيق مصيره دون وصاية من زيد او فضل من عمرو! وقد كان كتاب الباحث المنصف زهير عبود حجرا كبيرا في بحيرة ساكنة! وهو الساعة ينقب وينبش في حضارة الشعب الإيزيدي العريق ليقول اشياء جديدة وجادة دون مواربة او تلكؤ مادامت الغاية العظمى هي تكسير الانغلاقات العنصرية القومانية وتجريف العماءات العقدية الميتافيزيقية وإحلال الحقوق محل العقوق! لقد ترسمت خطوات زميلي في البحث الأكاديمي ورفيقي في العمل الوطني الأستاذ زهير كاظم عبود ( التنقيب في التأريخ الأيزيدي القديم )! خطوة بخطوة واصغيت لنبضات قلمه الحر نبضة فنبضة فوجدتني قبالة منهج بحثي علمي موسوم بميسم القيمتين الوطنية والانسانية! فالشعب الايزيدي العظيم هو واحد من الشعوب العراقية العريقة التي استوطنت العراق منذ اغرق العصور وابعدها! فضربت جذوره في اعمق اعماق التربة العراقية! والفيتني ازاء حرص المؤلف الشديد على تعميم الفائدة العلمية على طلبة المعرفة وعشاق الحقيقة! وقف المؤلف العتيد بجرأة نادرة لكي يفند الأباطيل التي حاقت بالعقيدة الإيزيدية ويجرِّد الأضاليل التي حمت على التركيبة الايزيدية دون وجه حق! لقد نطق القاضي زهير كاظم عبود بقرار تبرئة الايزيديين من التهم الباطلة التي صبغت شعبنا الايزيدي عنتا وظلما بما سوغ للسلطات الظالمة في الماضي والكتل الظلامية الغاشمة في الحاضر اضطهاد الايزيديين والتفكير الجدي بتصفيتهم عقديا ووجوديا! واولئك وهؤلاء نهدوا بتكفير الايزيديين وتخوينهم ومن ثم تهوينهم لجذم حقوقهم الجليلة وهدم طموحاتهم النبيلة! نطق القاضي العادل فاثبت بالدليل الجامع المانع القاطع ان العقيدة الايزيدية عقيدة توحِّد الخالق سبحانه، وتؤاخي المخلوق! والوجود الإيزيدي بالقياس الى القاضي زهير عبود وجود قديم يضرب جذوره الراسخة في اعمق اعماق التاريخ العراقي ويرسم بصمته الواضحة في اعمق اغوار النفس العراقية! ولم يكن قرار انصاف الشعب الايزيدي قائما على حسن الظن وتطييب الخواطر ولكنه قرار قائم على البرهان العلمي الميداني وناهد بتحليل البراهين والوثائق دون فكرة مسبقة تلوي عنق البحث! قارن هذا النص للمؤلف:

 ( ..... كنت قد شاهدت مع كريفي الأيزيدي الأستاذ عمر خضر حمكو في العام 1994 نقوشاً وكتابات أيزيدية على الجدار الخارجي للمعبد المقدس، وهي بارزة ولافتة للنظر، غير أن الطبيعة كانت تعمل على أخفاء معالمها وأتلافها لتعرضها للمطر والشمس والتقلبات المناخية مما يتلفها ويجعلها في طي النسيان، ولم نكن نحمل جهاز تصوير حينها حيث كانت زيارتنا للمعبد سرية دون علم السلطة التي ربما حكمت علينا بالموت وهي تعلم بأن قاضياً يزور معبد الأيزيدية المقدس الواقع ضمن منطقة كوردستان المحررة .... ) . كما ان المؤلف وهو يزف لنا المعرفة الموضوعية كثيرا ما يتلبث عند المعلومة الايزيدية عاقدا المقارنات بينها وبين نظائرها لدى الاديان الاخرى! وربما قادته خطاه وهو يقارن الى اصقاع نائية واسعة وأديان دانية شاسعة نظير ما يلي من تنصيص المؤلف ( ... واذا كان الايزيدية يحتفلون بعيد راس السنة كل عام، والذي يصادف اول يوم اربعاء من نيسان الشرقي، لكون هذا اليوم في اعتقاداتهم الدينية يوم خلق الملاك طاؤوس، مما يوجب نبش العديد من التلال التأريخية لمعرفة المزيد من الحقائق عن هذه الديانة، فليس اعتباطاً أن ينتشر أتباع الأيزيدية في عدد من البلدان المجاورة للعراق، مع ان ثمة من يجد أن هذا الأنتشار سببه الأضطهاد الديني والملاحقة وهروب الأيزيدية بأرواحهم من الموت الى تلك المناطق، غير أن أيزيدية لم يزلوا يقيمون في مناطق أرمينيا ( أريفان ) وفي تركيا وسورية، بل هناك أقوام تتشابه مع ما يعتقد به الأيزيدية في الهند وفي جمهورية الصين، ولعلهم حقاً من الأيزيدية، غير أن التباعد والغربة وعدم وجود ترابط بينهم أدى الى عدم انسجامهم وتطابقهم، مع أن هناك قواسم مشتركة في بعض العقائد والطقوس والأمر بحاجة الى تحقيق وتدقيق .

يتحدث بابا الأرمن في أرمينيا ( فاسكين الأول ) بتاريخ 11/9/1992 فيقول: أن الأيزيدية في ديارنا موجودون منذ القدم، وهم من اهل أرمينيا المنسجمين مع بقية الديانات، ومن المشتهرين بالنزوع نحو الخير، وعددهم في أرمينيا لايستهان به ..... ) .وكما يحلق المؤلف زهير عبود في قارات المكان فينقلنا من جبل سنجار الى ارمينيا فالصين فان المؤلف يحلق بنا في قارات الزمان، فإذا نحن نقايس شيئا من ميتلوجيا الشعب الايزيدي بطقوس ميتالوجية للشعوب التي قطنت حوض وادي الرافدين: الكلدانية والسومرية والبابلية وهو دأب علمي يمتلك جاذبيته الخاصة فيشد المتلقي للمعلومة كما يشد الحاضر بالماضي والعلة العابرة بالمعلول القار قارن مثلا!!: ( ... بالاضافة الى الفوارق الكبيرة في تشكيل صفات الاله تموز لدى البابليين وبين صفات وشكل طاؤوس ملك لدى الأيزيدية .

كما أن أسماء الالهة التي كان يطلقها الأيزيدية عليها ينسجم مع أسماء الالهة السومرية والقديمة، فالالهة آنو وأنليل ( اله الشمس ) وأنكيدو ونانا وأنانا وآتو، التي تزاحمت فيما بينها ليحل احدها محل الأخر، كان كل منها يشير الى معنى معين في الفكرة الاساسية، فانانا سيدة السماء والهة النور، وتمـوز العائد من الموت دليل على عدم فناء الروح التي تعود حتما، كما ان انكيدو صار بشرا حين اكل القمح الذي عده القدماء مقدساً وشاركهم الايزيدية بهذا الاعتقاد، وهذا الأمر يدحض الأفتراض الذي يزعم أن الأيزيدية مذهب منحرف أنشق عن اليهودية أو المسيحية أو الأسلام، وتمسك الأيزيدية بالتناسخ والحلول دليل على أنها كانت تلتزم بهذا الأعتقاد قبل أن تحل كلا الديانتين، وهذا الأعتقاد ربما يخالف العديد من الديانات التي سادت في المجتمعات خلال القرون الأخيرة حين حل الدين الأسلامي وماقبله من العقائد التي لاتؤمن بالحلول والتناسخ، وهذا الأمر يقود للأعتقاد بأن الديانة الأيزيدية كانت تعتقد في عقيدتها على خلاف كبير مع الديانات والعقائد الأخرى، ويمكن أعتبار قضية تقديس الشمس في العقيدة الأيزيدية من القضايا التي لم تلتزم بها الأديان المتسلسلة ..... )!! .

 وكم على كاتب توطئة مثلي ان يدبِّج ويحبِّر ويقارن ويقايس فيطول به المقام ويزيغ عنه المقال! لذلكم ساستودعكم جهد زميلي الباحث والقاضي والمناضل الأستاذ زهير كاظم عبود واجتهاده فهما كفيلان بالتواشج واياكم، والتآصر معكم بحيث يغدو قولي من نافلة القول! اما انت يازميلي الباحث الاستاذ زهير كاظم عبود فانني اشد على يديك الكريمتين وابتهل اليه جلت قدرته ان يبقيك للوطن والقلم والحلم التقدمي نبراسا ومتراسا لكي نقرأ لك الكثير الجزل فثمة شعوب عراقية اخرى بحاجة الى قلمك الذي أعْتَدُّهُ سلاحا ثقيلا في معركتنا الحاسمة الأخيرة ضد العمى الحضاري بأي الهيآت بدا وأي اللغات حدا: الحرص الاجتماعي او الاخلاقي او القومي او الوطني او الديني او المذهبي! فالعمى جيش واحد وان تعددت خنادقه وتباينت بنادقه! شعوبنا الكوردية والكلدانية و المندائية و الايزيدية والتركمانية والفيلية بل وحتى العربية تنتظر منك المزيد من النصف من خلال دأبك الايركولوجي الرائد .

 

إشارة:

عن دار سبيرز للطباعة والنشر في دهوك – كوردستان العراق

صدرت الطبعة الأولى من كتابي (( التنقيب في التأريخ الأيزيدي القديم)) .

يقول الاستاذ المؤلف زهير كاظم عبود: يزدان الكتاب بمقدمة للبرفسور د. عبد الاله الصائغ هي شهادة اعتز بها تعادل كل شهاداتي .وعلى امل ان نتواصل في خدمة الأنسان وحقوقه بتجرد وموضوعية

زهير كاظم عبود( قاض واستاذ في الجامعة العربية المفتوحة – الدانمارك )

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com