مقالات

المرأة ذلك المخلوق البديع، هو كل المجتمع (1)

المرأة في مفهوم الآخر

زهير الزبيدي / بابل

babylon1118@hotmail.com

 عندما تُذكر الحقوق والواجبات في عصرنا الحديث، فأول ما يتبادر الى ذهن إنساننا المعاصر، مفهوما صارراسخا لدى الأغلبية العظمى من بني البشر، ألا وهو المساواة بين الجنسين !!!. وأصبح هذا المفهوم أشبه بقانون طبيعي لايجوز تجاوزه في بعض المجتمعات لاسيما منها الغربية.

 قد يكون من الطبيعي أن تجد هكذا دعوات في الغرب، بل تنظيرات صار يتفنن بها المنظرون لتدمير العائلة، باسم تطويرها حسب رؤيتهم الذاتية، ووفق معطياتهم الخاصة بهم. العائلة، النواة الرئيسية في بناء المجتمع السليم، وذلك بدوافع صارت معروفة للمثقف العادي فضلا عن الباحث المعني بحقيقة النظريات والقوانين الوضعية لتلك الأهداف، التي ارتبطت ارتباطا عضويا بأهداف الشركات الرأسمالية العابرة للقارات اليوم، لإلغاء القاعدة الإسلامية ــ بقصد أو بدون قصد ــ التي تريد المحافظة على سلامة الفطرة البشرية، التي تقول: {ما رأيت نعمة موفورة الا وبجنبها حق مضاع} أو { ما جاع فقير الا بما متع به غني} لاسيما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

 ولو أن الإشتراكية سعت للوقوف بوجه هذه الشركات، والحد من أساليب استعبادها للإنسان، الا أنها ربطت تصديها للتغيرات تلك، بنفس الأهداف الاجتماعية التي تهدف لضرب المجتمع البشري، من خلال ضرب نواته الرئيسية العائلة. لترويضه وإسقاطه في قبضة النظرية الشيوعية، التي تأتي نتيجة حتمية للنجاح المفترض للإشتراكية، التي تنقلها الى الشيوعية. وهكذا فان الاشتراكية استطاعت أن تحدد نقاط الضعف في الرأسمالية، بصفاء نية لصالحح البشرية، الا أنها فشلت في العلاج، كما يقول المفكر الاسلامي الشهيد السعيد محمد باقر الصدر.

 صحيح أن الرأسمالية والاشتراكية نظامان اقتصاديان، إلا أنهما يرتبطان بروابط اجتماعية وثيقة الصلة بالإقتصاد، وتأتي معطياتها تلك، بين نمو الثروة وتخزينها بيد فئة مسيطرة على الانتاج، باستغلال المجتمع عند الرأسمالية، وتوزيعها على المجتمع لدى الاشتراكية، باستغلال العواطف وتوظيفها التوظيف المنافي لقيمنا الاسلامية.. وتداعيات هذا التعاطي بسلبه وإيجابه، يقع بطبيعة الحال على المجتمع، بشكل مخطط مدروس. ومربوط ربط موضوعي بالمادة، من حيث أن الإنسان في الاشتراكية {أكبر رأسمال}، وفي الرأسمالية، الآلة الطيعة عندما تذل بأساليب الرأسمالية المعروفة، وخلق تلك الطبقية التي ميّزت بين البشر، من حيث حيازهم للثروة وسيطرتهم على مصادر المادة، والطبقة التي تساق نحو المجهول من أجل زيادة الثروة وتكريسها بيد الأقلية. فتفكيك العائلة يساعد الرأسمالية والاشتراكية بالسيطرة عليها، لأنها نواة المجتمع، ومحور هذه النواة للإرتكاز هي "المرأة". فقد ثبت اجتماعيا، أنه بفساد المرأة تفكك العائلة.

 المجتمع الذي يؤثر في الإقتصاد ويتأثر فيه، فكلاهما ــ الرأسمالية والاشتراكية ــ يهمهما انقياد الناس لهما تحت شعار حرية الفرد والمجتمع، وانفتاحه غير المنضبط بحدود القيم والاعراف والعقائد السائدة في الكثير من المجتمعات الشرقية والإسلامية، والإسلامية على وجه الخصوص، وإبعادها قدر الامكان عن معتقداتها التي لها خصوصياتها في التربية والاخلاق، والتي تعطيها الدور الأساس في بناء ذاتها وفق أفق مرسومة وخطوط واضحة المعالم تؤثر في التنمية الاجتماعية التي تحافظ على نمو المجتمع السليم، من أوبئة الصناعة والمال، المجردة من الرحمة والتواصل الاجتماعي. فالرأسمالية تريد السيطرة على الفرد من خلال تدمير الأسرة بدوافع زيادة الثروة وفق نظرية الغاية تبرر الوسيلة، والإشتراكية تريد نفس الغرض لايمانها بحتمية التغيير الاجتماعي وفق ما تراه مناسب للمجتمع، وكلاهما يسلبان المبادرة من الفرد ويجعلان منه منفذ مطيع تحت شعار المصالح العامة.

 والذي يثير الإستغراب، أن مجتمعاتنا الشرقية، والأسلامية منها على وجه الخصوص، إنساقت انسياق المسلمات الطبيعية لمحورها الثابت في الحياة، فأفرغت المفهوم الاسلامي للمرأة، من كل محتوياته الإنسانية والوشائج التي تبنى عليها حياة البشر.

 لكن هناك أسألة تفرض نفسها: هل أن الجنسان منفصلان عن بعضهما؟ أم أنهما متصلان اجتماعيا ومتباينان بالحقوق ومتساويان بالواجبات؟ واذا كانا متباينين بالحقوق، من سرق حق الآخر وكيف؟، ومن تدخل في هذه السرقة ؟، أم متساويان بالواجبات ومتباينان بالحقوق؟ ولكي يتساويان بالحقوق والواجبات وكان هناك انفصال أو ابتعاد، جاز لنا أن نميز بين الأدوار، ومن ثم نصنف الحقوق والواجبات لكل مخلوق على حدة،أو كما تقول النظرية الماركسية { لكل حسب حاجته من كل حسب قدرته}. أو يتساويان في الخلقة والتكوين على شكل مخلوقين يعيشان جنبا الى جنب مرة، أوفي عالمين مختلفين يجمعهما عالم أشمل، مرة أخرى.

 ولكي ندرس مدى موضوعية المساواة في الحقوق والواجبات، ونسبتها حسب المقدرة والعطاء، وحسب الكفاءة والأداء، جردنا الطرفين من إنسانيتهما، وأحلنا مجتمعنا البشري إلى مجتمع يخضع لشريعة الغاب في معايير الضعف والقوة، وعزل العقل، من فهم المعقول المستند إلى معايير الكرامة والعفة والوقار، إلى قانون التهتك والإذلال والعار، والتلاعب بالمفاهيم، وسوقها سوقا، نزولا لأمزجة وآراء، رأت ــ وهي القاصرة عن قدرة الخالق لنا ــ أنها الأجدى للبشرية.

 ولكن، وإن كانت بعض النيات صادقة فيما تنظر وتؤدلج، لتحكم وتستعبد لتستبد لالغاء الآخر، الذي تراه تلك الاديولوجيات منافي لمصالح البشر ــ وإن كان هذا الآخر الأصوب والأجدر في إدارة شؤون الناس ــ أو تحكم لتستهتر، أو تحكم لتنقذ الإنسانية من عالم الإستبداد إلى عالم الحرية المطلقة، لتتساوى المخلوقات بالواجبات والحقوق، فتسقط كل الفوارق العقلية الموضوعية بينها، لتحيلها الى مخلوقات تتلاعب بها الغرائز والشهوات المالية والجنسية، والايدلوجية في سبيل الغاء العقائد الأخرى.

 قد توجد فوارق في مجتمعات المنظرين للمساوات، فرضتها عليهم ظروف عجاف تسلطت فيها الكنسية فأحالت حياتهم جحيم، أجبرتهم بأن يفكروا لانقاذ مجتمعاتهم، فبدؤوا يفلسفون الحياة وفق ما يرونه مفيدا، طبقا للمنظور الرأسمالي الذي ولد بعيد الثورة الصناعية، والمادي الذي جاء ردة فعل على ظلم الرأسمالية وإضطهادها للعمال، التي أذاقت المجتمع الويل. لكننا نجد أن الإسلام لا يفرق بين الجنسين، انما نظم العلاقة بينهما، لكي يأتي من ينادي بالمساواة ليمزج بمزاجية الرأسمالي المحتاج إلى العمل حتى مع الأطفال غير البالغين، أو الاشتراكي الذي لا يحسب حساب الأبوة والأمومة والطفولة ، وقيم الحنان والعطف، والعفة والشرف، فتعامل مع الانسان تعامله مع المادة. بل في المرحلة الاشتراكية التي تسبق الشيوعية، يعتبر النظام الاشتراكي، أن البغاء يعني، ان تستحصل المرأة أجرا عن الاتصال الجنسي غير الشرعي، ويعتبره جريمة، الا أنه يصبح حقا مشروعا لها إن هي مارسته مع من تشاء دون أجر، هكذا وصفوا التجارة بالجنس. وهكذا، فهم يفكرون بقتل الجوانب الأخرى التي تؤثر في بناء المجتمع السليم ، بل هي مرتكزات بناءه، وبدونها يستحيل المجتمع البشري إلى مجتمع مفرغ من إنسانيته. وهذه المرتكزات، الأبوة والأمومة ، الحنان والعواطف، والوشائج، وصلة الرحم، والأمنيات ...الخ. كل هذه منشأها في المنظور الإنساني الإسلامي، عبادة الله لنيل رضاه.

يتبع انشاء الله

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com