مقالات

عندما يمنعون التجوّل!!!!!!!

 خلدون جاويد

عندما يمنعون التجول يرتعش القلبُ، روحي تغادرني لعناق النوارس في نهر دجلة، حيث المساءات ميتة ٌ والأغاني سكوت ٌ مرير ٌ، دبيب النسيم، ووحشة ُ أطياف ِ بغدادَ عَبْر العهود، الوجوه الحبيبة تنتابني وهْي َ تنساب في الحلم فوق الجسور، النخيل أراه على جرحه يتوكأ بين ضفاف الرصافة ملتويَ الهام يبكي، وتحضنه بالنواح الطيور، أخاف أخاف على الكرخ... وكل مها في الطريقْ... على كل جنح فراشة ْ، على كلّ رفة ِعصفور. حنيني، بكائي الى كف ّ امي التي ترتعشْ وهي تقفل نافذة ً، على كل طير يغطي بجنحِهِ عشْ، وأخشى على الضفتين، وكل شراع ٍ رخي ّ يغني السلام،على كل حبة رمل ٍ وقطرة ماء ٍٍ ووردة غصن وسعفة نخل ٍ وبيض حمامْ. نعم عندما يمنعون التجول يعوي الأزيز وتأوي الى حفرة ٍ نملة ٌ واجفة ْ، وتلوي الجبين على عنق جارتها فلّة ٌ نازفة. وينتشر الصمت عبر الأزقة مثل الأفاعي، ويهبط ليل الأفاعي، وأخشى على كلّ إمرأة في مهب الجراحْ فقد تُستباح ْ!، الذئاب تدورْ، ومن أين تسمع صرخة شحرورْ، وكل المسالك مغلقة ٌ والسماوات سور ْ. وسبع ٌ وعشرون مليون قابيل – هابيل يحنو على بعضِهِ بالخناجرْ، وكم من أخ ٍ قاتل ٍ في الليالي أخاهْ، وكم من دموع أضاءت وكم شمعة ٍ في الدياجير ضاعت. بلى ياعراق الجراح طريقك بالدمّ ِ عامرْ، وجوريّك الأحمر الغض بالدمع زاهر ْ، وأنت المسافر في بحر هم ٍ وغم، وانت الذي علموّك بأن الحضارة طعن الخناجر، واغتيال رفاق الطريق وقتل الحمائم والجار، وسلب الغريب بوضح النهار ْ. بلى كلما يمنعون التجول يسقط قلبي وأغدو رماد ْ، أموت فهذا اذن موسم ٌ للحصاد وقتل العباد وحرق البلاد!

 سلاما وبردا على وطن ٍ - وردة ٍ في طريق المجرّة، مرفوعة ٍ بالأهلة ِ مرسومة ٍ بشعاع القمرْ. سلاما على كل ّ حي ّ ٍ فقيد ٍ! واُمّ ِ شهيد ٍ، على كلّ عين ٍ بكت، وروح عراقية اُزهقت، ونافذة بالردى اُوصِدَت ْ. وحسب العراق الذبيح بأن ينتضي واقفا ويمضي ولوْ زاحفا ً حيث لاقيصر ٌ لامسيح ْ، ولاحائط ٌ للدموع ولاقبة للأسى أو ضريح. سيمضي العراق فسيحا ً كما روضة ٌ في الفضاء، مباهجها للملائك ِ لا للطغاة، وأحلامها بسمة الامهات، ومن تحت أقدامهن جنان تسيل بأحلى نهار وأنهار ْ.

 سيمضي خليا ً من القاتلين عراق الفضاءْ.

سيغدو فدى الرافدين السنى والسناء.

ويبقى كبيرا ً على حقدهم والدماءْ،

عراق ٌسينثر للشعب سبعا وعشرين مليون وردة ْ

ويختار بيضاء!

حبيبي عراق الندى والنسيم تجوّل ْ! برغم الرماح ورغم الزمان الملثم، تحدّ الملغّم، قاوم ْ تقدم ْ. انت الذي تسفح النور فوق المراقد، انت النذور، الشموع، الشمعدان، ماء الحياة، تقدم الى ذاتك العبقرية حيث مهب النسور، وحيث الذرى والسفوح وفوح الزهور ونوروز يمتد بالمجد حتى نواعير جيكور. حبيبي عراق الأغاني توحّد وكن بلسما للجروح، فماعاد يجديك قطع النحور وسفك البدور وأنت الذي تتغنى بدار السلام، وترسم غصن المحبة فوق شفاه الحمام، ترفق ْ بأبنائك العاشقين، اعتصم بالحنان بأدمع اُم الشهيد، ولاتتفرق! فكم من شريد يحن وكم من جريح يئن، وكم من زمان طويلْ، العراقي ُ فيه رديف البكا والعويل. ترفق بذاتك أنت الجميل! تشيّد ْ ولاتتهدمْ.

 حبيبي عراق التحزّب، لاتحتجبْ في الكهوف، التكايا، ولاتتفرق شلل ْ! ولاتتنابز ملل! وكن مثل قنديلْ، حسنا ً يضيئُ على الناس، كل البرايا، فكل الذين ابتلوا بالرماح وسفك الجراح سبايا، وكل الذين يذوقون جمر الحروب ضحايا. ترفق، قليلا ترفق، وعد للشجرْ، لظلال النخيل، لأحلى الأغاني لأشهى المواويل، عد للضفاف الحصاد، المداخن وهي تمد الرغيف الجميل لأغلى الصبايا، تأمل قليلاً بما صار أو دارْ.

حدق أمامك واقرأ كتاب الضفاف، ونهر الزمان، وشمس السنابل واستلهم الحكمة الغالية ْ

بأن المحبة أبقى

وأجسادنا بالية ْ

وان البحار تجفُ

وان الجبال الى هاوية

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com