مقالات

التقديس يقتل الأبداع..!!

 

جواد كاظم اسماعيل / اعلامي وكاتب عراقي

 مرت الأنسانية عبر تاريخ نشوء البشرية وعبر محطات التأسيس الأجتماعي لها بمسارات من التنقل للتأسيس الوجودي وفق تشكيلات بدائية أبتداءا من الأسرة ثم العشيرة ثم التشكيل الحديث للدولة وقد كانت المفاهيم القيمية التي تتحكم بحياة الفرد والمجتمع مبنية على القوة وأرهاب الطرف الضعيف ولايمكن لأي قبيلة الأستمرار بنمط حياتها مالم تجيد مهارة الأغارة والغزوات وكان سيد الأسرة هو الأب وسيد العشيرة هو الشيخ والكل يدين لهذه الرموز بالولاء والطاعة ولايمكن لأحد مناقشتهم مهما كانت قوة هذا الطرف الذي يروم أن يكون منافسا في صنع القرار والرأي لأن سلطة الأب والشيخ محاطة بقدسية خاصة حتى وصل الأمر الى التأليه والتسليم لهم في كل الأمور وشيئا فشيئا حاولت الشعوب أن تجد لها سبيل للخلاص من هذا التسلط الذي كان اغلبه يستمد قوته بأسم الدين لكن هذا التحول الذي طرأ على البشرية هو تحول فقط بحجم النظام الذي يطلق عليها أسم الدولة لكن هذه الدولة لم تأتي بجديد أنما أستثمر حكامها منطق الدين مقياسا لوجود حكمهم فهذه الدول الدينية قتلت أبناءها من خلال الحروب والسجون والجوع وأستمرت المسيرة على هذا المنوال مسيرة من المطاحن والمهالك والطاعون والخوف والتنكيل وتسلط الاغلبية على الأقلية وتسلط طبقة على حساب طبقة اخرى مثل تسلط طبقة النبلاء على طبقة الفقراء من الفلاحين والعمال وحينما اكتشف الفلاسفة والمفكرين والفقهاء أن السلطة الدينية المحاطة بهالة من التقديس ستقضي على الحياة ولايمكن لها ان تنتج الا الخراب والويلات وقد برزت هذه الافكار في المجتمعات الغربية حينما وجدوا سلطة القساوسة وسلطة الكنيسة لاتنهض الى مايصبوا له الأنسان الحر لهذا أنطلقت الثورات وتحطمت السجون وتحطم الحكم الخرافي الذي استند على الكنيسة كمرجع للسلطة و للبقاء الدائم للحكم عبر المنهج الوراثي وقد تزامن ذلك مع الثورة الصناعية التي كانت فرنسا منبعها الأصلي ومبعثها الحقيقي وخلال هذه الفترة ظهرت فكرة العقد الأجتماعي على يد الفقيه_ جان جاك روسو_ والتي تتمحور فلسفتها حول مشاركة الشعب في اختيار الممثل لهم من خلال عقد يبرم بين الطرفين يلزم الطرف المنتخب بأحترام هذا العقد وأذا وجد الجمهور أن ممثليهم قد أخلوا بالعقد يحق لهم فسخ العقد والرجوع به الى الأصل وهكذا توالت النظريات تدريجيا بعد أن دفعت البشرية ثمنا باهضا لها لكن المحصلة النهائيه هي القضاء على الفترة السوداء من التقديس التي اخرت الشعوب قرونا وقتلت روح الأبداع فيها حتى وصل الأمر الى أن القانون هو الحاكم وليس الأشخاص وانما اختيارهم هو فقط أداة للتنفيذ ونتيجة لهذه الجهود الجبارة تمكن المجتمع الغربي من أختصار الزمن وتطورسريعا عكس الدول المتخلفة التي يطلق عليها بالدول النامية فقد أستسلمت شعوب هذه الدول لواقعها ولقدرها حيث لم تتمكن هذه الدول المتمثلة بشعوبها أن تقطف ثمار الحرية التي وهبها الخالق للجميع لأن لا سلطة لمخلوق على مخلوق لكن هذا الأمر لم يحفز هذه الشعوب على الأستفادة من تجارب الأخرين بل بقت تعيش على أرث الماضي المتمثل بالصرر والدراهم والنطع والسيف حتى قتلت أحدى هذه الدول التي تسمي نفسها بالدولة الدينية قتلت أبن بنت نبيها الذي أراد الأصلاح للأمة المنكوبة بشعارات الدين والتقديس المزيف فمن ذلك التأريخ الى يومنا لازال شعار التقديس هو مقياس العلاقة بين الشعب وبين الحاكم حتى وأن كان الحاكم مستبدا وبسبب هذه الثقافة الغرائبية بقت الدول الأسلامية والدول العربية متخلفة معتمدة كليا على الدول الغربية وأذا كانت هناك ثمة تقصير في تأصيل هذه الثقافة وهذا السلوك هو أستسلام الشعوب التي لازالت تنظر للسلطان بأعتباره منزل بوصية من السماء وكذلك تتحمل النخب الثقافية مسؤولية التقصير في لعب دور مميز لتوعية الجماهير ومهما كان ثمن هذا الدور لأن التحرر من تسلط السلطة الجائرة والتحرر من الأفكار البالية يحتاج الى تضحيات جسام ولايمكن أن يأتي التغير بسهولة انما تؤخذ الدنيا غلابا.. ومادمنا على هذه الشاكلة نقدس الحاكم مهما كان نوعه أو صنفه فمؤكد أن الأبداع لاينتعش في أرضنا نحن المغلوبين على أمرنا اقصد نحن شعوب الدول العربية... التقديس هو الذي فرق الأمة وقتل علمائها وقتل مفكريها قتل الحسين عليه السلام وقتل زيد ابن علي وقتل وقتل فأذا بصمت الشعوب على هذا الحال الى النهاية لايمكن أن تقوم لها قائمة وأذا لم ننظر للدولة هي عبارة عن بلدية وعبارة عن مركز شرطة فقط لايمكن أن نبدع فالبلدية هي تقدم الخدمات للشعب ومركز الشرطة هو الذي يرعى القانون ولافضل أحد على أحد الا بالتقوى... فمتى نتحرر من هذه الثقافة القاتلة..؟ ومتى ننبذ التقديس ..؟ ومتى ننظر للحاكم بأعتباره موظف وخادم للأمة لايميزه سوى عمله فقط..؟ متى متى يكون ذلك..؟
متى ننتهج ثورة التغير الثقافي المستند الى الفكر الديمقراطي لكي نبدع بشكل حقيقي ..؟متى يكون ذلك...؟
الأ تكفي تجارب العالم كدروس لنا لكي نتحرر من أنفسنا أولا ونتحرر من ثقافات ور ثناها متراكمة بفعل أ رادة السلطات العفنة وبفعل الموروث الهزيل الممنهج في دروسنا المدرسية المختلفة ثانيا...؟؟؟

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com