مقالات

لن اتراجع  يا أخي

إسراء القطبي

ستخرج اشباح الموت من مخابئها لتخطف روحي وترحل بها الى حيث لا ادري يا أخي ، فأني اليوم كسفينة مثقوبة القعر أظلت طريقها في ليلة هوجاء عاصفة، فما اهتدى ربانها بموقع نجم، وما ادركوا اليابسة من ومضة فنار

كنت ابدو في صراعاتي الاخيرة كمذنب يترقب همسات واعظ يدعو له بالشفاء، او كمعتكفه قهرتها الايام وعصفت بها الرياح اليأس بعد ان تلاشت أمنياتي كالندى وكالاحلام.

حملت القرأن الكريم في لحظة خشوع خرساء، وصوت المؤذن يقتحم المدى، فتتهاوى أمام قدسية الكلمات تداعيات الشرك ورماح الضلالة وتنطلق بشموخ من مكبرات الصوت عباره (الله اكبر) وموجات صداها المتلاطم، مغوار، يصفع وجوه المتكبرين ويلجم مكر المنافقين، ويعرج منتصراً الى ماوراء الشمس والمجرة والزمن.

رحت اتأمل بنظرة نعسة صاحبت طلائع الفجر مآذن المساجد الشماء وقبب أهل البيت الساحرة التي تجاوزت مديات الحب افاق الحب نفسه، أناشد السماء بتنهيدة ملتهبة صببت فيها أنفاس سنيني المحتضرة ولوعة جرح عميق لن يلتئم.

ضممت الكتاب العظيم الى صدري وقبلته بلهفة الذي وجد ضالته بعد طول ضياع كانت دموعي تنهمر هي الاخرى تروي قصة الامس الحزينة وتصرخ بين لحظة واخرى بوجه الضمير المتمرد، بوجه حياتي المرعبة، بوجه الرحم التي قذفتني الى الوجود بغير ارادتي كما صرخت اول مره لحظة ولدتني امي.

أمتطيت صهوة الرحيل وهجرت الآمي ومأساتي والذكريات، أحسست لحظتها ان ورقتي قد سقطت من عليائها للتو تتجه نحوي مسرعة تكتسح النجوم، حزمت أرادتي كمحاربه تتقدم نحو الموت بخطى ثابته وتسللت باعجوبة مع حقائب المسافرين الى مخزن الطائرة التي اختطفتها الان بركابها الثلاثة والسبعين من اعضاء لجان التفتيش عن (اسلحة حماية النفس والحقوق)؟، اكافح بخبرتي المتواضعة في قيادة تلك اليونغ 737، فلا يهمني رتابة عداداتها والضغوط، الذي يهمني الان هو التمسك بعصا القيادة وموازنة دواستي (الردر) لاغير، فهدفي (البحر) ماثل امامي على مرمى البصر، صراخ الركاب وتوسلاتهم لن يكبح جماحي في تنفيذ مأربي، فهؤلاء شركاء الذين افقدوا معن بعضا من اعضاء جسده يا أخي، هولاء حلفاء الذين صعقوا أمان بنبضات الكهرباء وجعلوه صريعاً لنوبات هستيرية،أريد خلالها أن أمزق احشائي لاريحها من بطش الاوجاع وقسوتها من كل مايجري، هولاء حلفاء الذين زرقوا احمد بمصل جهنمي وجعلوه مختبراً لاختراعهم المروع في تدمير جزء من الكبد وهو اسير في معتقلهم وسط الصحراء، أنتظر متلهفه لحظة الموت لانجو من سماع عذابهم الذي لايرحم، وذنبهم انهم يدافعون عن أرضهم ومقدساتهم.

سأثار لكل دمعة مرتجفة قذفتها عيناك المذعورتان وانا اراك تتقلب متألم في ظلمات تلك الليالي الصماء ياأخي سأثار لزملائك الذين مزقوا أجسادهم بسرب الدبابات امامك لحظة الأسر وهم احياء يصرخون. سأثار لرعيل الهاونات التي أحرقتهم  خلف سور المعتقل وهم عراة يستغيثون..

انها فرصتي التي انتظر، انه ثأري يأخي، لن اتراجع، نعم واليوم.....

ما أعظم الموت عندما يكون هو الثمن الوحيد الذي يسترد به الانسان كرامته، عندها ستفارق الروح جسدها متوجه بالكبرياء، وهاهي روحي تحلق فوق امواج البحر والمديات ... فرحة ....منتصرة.... تتنفس الصعداء.

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com