مقالات

المرأة والابتسامة...!

د. مراد الصوادقي

alsawadiqi@maktoob.com

الابتسامة ينبوع الحياة والمرأة ينبوع السحر والجمال والجاذبية والأنوثة والتألق والإشراق والمحبة والصفاء والحنان والرحمة والألفة والأمان. وهي فردوس الوجود وأريج الدنيا ولولاها لفقدت التفاعلات البشرية قيمتها ولتحولت مسيرتها إلى رحلة خاوية بلا معنى وقيمة.

وابتسامة المرأة نور يضيء داجيات الصدور ويهدي القلوب إلى صراط التواصل الإنساني الخلاق, فمن غير ابتسامتها تتحول الحياة إلى ظلام دامس وسكون أبيد. وهي تعبر بها عن قوة بلدها وأمنه وسلامته ونجاح الرجل معها في تحقيق وتوفير أسباب تطوره وتقدمه وازدهاره الاقتصادي الذي ترمز لها بشارات الفرح الفواحة في قسمات وجهها المشرق بالحياة.

الابتسامة طاقة فعالة في بناء معالم الحياة القوية والمنطلقة بخطوات واثقة إلى المستقبل. وهي التعبير الرمزي على الأمن والأمان والرفاهية والسعادة في المجتمع. فعندما ترى الوجوه مبتسمة فهذا دليل على أن المجتمع بخير وتقدم, وعندما تراها عبوسة كئيبة ثقيلة القسمات فأن ذلك يعني العكس. ويبدو أن مقياس القوة والضعف للمجتمع ينعكس على وجه المرأة لأنها المرآة الحقيقية لما يجري فيه ويكون عليه حاله. وإن الرجل الذي يريد أن يبني الحياة السعيدة له ولأطفاله وذريته من بعده هو الذي يستطيع أن يزرع الابتسامة في وجه المرأة والفرح في قلبها لكي ترى معالم الطريق الصاعد وتساهم بتنشئة الأجيال بطاقة الأمل والمحبة والثقة والتقدم الواثق إلى أمام.

 فكيف ننكر على نسائنا الابتسام , وهل تحتمل البشرية البقاء إذا فقدت المرأة ابتسامتها ووضعت على طلعتها قناعا عبوسا قمطريرا. ولماذا نعيب على المرأة الابتسام, ولماذا لا نريد صورة المرأة المبتسمة, ونميل إلى الوجوه المكفهرة العابسة .

وهناك مَن لا تروق له ابتسامة المرأة ويصفها بما يصفها ويريدها أن تكون مقطبة الوجه, ولا ندري إن كان حقا يريدها كذلك أم أنه يرائي ويتقنع ويدعي ما لا يتفق وطبائع الأمور وجوهر الشرائع والرسالات التي تسعى إلى تحقيق السعادة الأرضية وبناء الحياة الإنسانية الراقية التي تليق بأعز ما خلق رب العباد العظيم. ولا نعرف هل هم دعاة حياة أم دعاة موت وهل هم حقا يسعون إلى الموت أم يحتكرون الحياة لأنفسهم, ويدفعون بالآخرين إلى سوء الحال والمآل لكي يغنموا بما فقده الراحلون من أبناء الله المغرر بهم.

وليس من المعقول في عالم ينمو بقوة الإبداع والفكر وثورات العقول المتنوعة أن يركن البشر إلى اليأس والقنوط ويهمل جوهرة العقل التي وهبها الله له لكي يحقق معاني الإبداع السامي في الأرض, وأن لا يفهم إلا في لغة الدموع والأحزان ويحسب الحياة شرا والموت خيرا, ويناهض الابتسام والفرح ويستلطف الويلات والآلام. ويبدو أن العديد من الذين يمقتون الابتسامة هم في أزمات نفسية وفكرية خانقة لا تسمح لهم برؤية إشراقة الشمس وابتسامة الوجوه التي تهتف بالحياة والمحبة والأمن والسلام.

لا وربي إن الله لا يحب العبوسين المتشائمين المتهكمين. إن الله جميل ويحب الجمال. ووجه المرأة المبتسم نوع من الجمال الذي نحبه جميعا, ونريده بقلوبنا وأرواحنا وبما أحله الله علينا وعليهن ونظمته شرائع السماء. فلماذا نقسو على نسائنا ونحسب ابتسامتهن عيبا وذنبا. ولماذا لا يجوز للفتاة عندنا أن تبتسم, ونغضب على مَن ترتسم على شفتيها ابتسامة وتعبر عن مشاعرها وما فيها كأي امرأة في هذه الدنيا؟

 إن الابتسامة رسالة الصيرورة المتجددة في الحياة والمرأة المبتسمة هي ميدان تحقيقها وقوة تجددها وتواصلها الخلاق والفعال مع الأجيال التي تنطلق من أحضانها. وعليه فبإسم الحياة والقوة والثقة والإصرار والإيمان بالحاضر والمستقبل نريدك أيتها المرأة باسمة مشرقة مفعمة بالحياة والحيوية والحب , كالشمس المضيئة التي تمنح الوجود طعما والحياة لونا وتضخ في عروق الأشجار رحيق الديمومة والبقاء والعطاء.

نريد وجوها تبتسم وتتغرغر بالحياة لكي تصنعها, ولا نريد وجوها كئيبة عابسة سئمة متحاملة على نفسها وعلى غيرها وهي في حيرة ومأزق مع خالقها, لأنها تسأله لماذا قد خلقها, أ لكي تقطب حاجبيها وتذرف دموعها وتمارس سلوك الأحزان والفناء والضياع. حاشى لله الذي خلقنا لكي نصنع الجمال ونعبر عن نعمه وروعة رحمته بالسلوك الإنساني السامي الذي يجعلنا أمة واحدة تعيش بألفة وود وسلام.

فابتسمي أيتها الأم والأخت والزوجة والحبيبة والبنت والقريبة والصديقة, ابتسمي فأن ابتسامة المرأة نور الحياة وغايتها وطعمها الذي علينا أن نشارك فيه . إذا لم تبتسم المرأة لزوجها وطفلها وأخيها وأبيها وحبيبها فقل لي بربك ما قيمة الحياة وما معناها وكيف نتجرعها.

أيتها المرأة ابتسمي فأن الحياة تصنعها ابتسامتك, وأن القوة تصنعها ابتسامتك. وبدون ابتسامتك الساطعة المنيرة يسقط الرجال في كهوف الأحزان ويصبحون مهرة في صناعة المآسي وتثمير الآهات والخسران.

وأخيرا, إن المرأة القوية تبتسم للحياة. والمرأة بلا ابتسامة عنوان لزمن اليأس والويلات.

وإذا كانت وجوه النساء مقطبة وحزينة فهذه من جرائم الرجال وسوء حظهم وكثرة خطاياهم ومآثمهم.وأعظم جريمة يرتكبها الرجال هي سرقتهم الابتسامة من وجوه الأطفال والنساء وتلطيخهم لوجه البراءة بالأحزان.

ولنبتسم فعندها سيعم الأمن والسلام.

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org