مقالات

نساء .. وجهاً لوجه مع الاعاصير

زينب الشمري (بنت الرافدين) / بابل

z_alshemary@yahoo.com

كل انسان في الحياة يمر بأزمات متعددة ومختلفة ولكن الحكيم من يستطيع ان يتخطى هذه الازمات بصبر وقوة عزيمة وارادة، فالازمة كما يعلم عزيزي القارئ هي امر طارئ يواجه الجميع وبدون استثناء وقد يكون احيانا كسحابة صيف تمر دون ان تخلق فينا آثاراً سلبية او قد تلقي بظلالها على الكثير من مقدرات حياتنا اليومية.

فالرياح العاتية اذا هبت تأخذ معها كل شيء ضعيف ومستهلك وتسقط على الاض كل شيء لا يقاومها ولكنها في نفس الوقت لا تستطيع ان تأخذ معها اي شيء قوي وبإستطاعته الصمود، مثلما تهب المشكلات على الكثير من المنازل فمنها ما لا قدرة له على التحمل ومنها يبقى على حاله ويستميت بصلابة رغم الاعباء التي مرت عليه

لأن اساسه قوي مبني على الصبر والايمان ويملك خلفية علمية وثقافية واسعة جدًا،وان في المنزل عمودين اساسيين يرتكز عليهما البناء وهما (الام والاب) ولكن (للام) النصيب الاوفر في الرعاية الاجتماعية لأسرتها أذا كانت قوية العزيمة والارادة وعلى علم ودراية واسعة بالأزمة وابعادها ومستوياتها ومتفهمة للوقائع بجميع مدياتها ومحبة للخير فإنك لاتجد في اي زاوية من نفسها معنى لكلمتي الضعف والهروب لانها تبني حياتها وانوار حياتها من يقين ومشاعر قلبها وهي تهب نفسها راضية مطمئنة لزوجها وأولادها وتشعر بتفاصيل الحياة ولا تقف مكتوفة الايدي وتتفرج وتراقب المشكلات التي تهب على اسرتها بل على العكس فهي ترمي بنفسها في قلب الاحداث وتتصرف معها بحكمة محاولة بذلك ابعادها عنهم لكي تظهر وتبرز اسرتها وتقدمها الى الامام فهي تعزز الثقه في نفسهم وتنمي شخصيتهم وتكون لهم شريكة نجاح دائم.

ويفضل ان تأخذ المراءة نصب اعينها حتى تكون مستعدة لاستقبال اي مشكلة تواجهها وكما يقال (من رأى مصائب غيره هانت عليه مصائبه) ولا يوجد مثل تقتدي به أي امراءة كشخصية السيدة العظيمة التي لها من حياة سلفها الطاهر شواهد وادلة اخذت قلبها في الرحلة الجهادية التي زرعت الطريق بصادق الوعد وحسن الظن وقوة التوكل ... وحق تسمى هذه المراءة بالمجاهدة وهي السيدة التي لقبت ببطلة كربلاء وبأم المصائب (زينب بنت علي بن ابي طالب "ع") تلك المراءة التي تستحق ان تكون انموذجاً للفداء والتضحية والصبر فهي الواثقة من نفسها والمعروفة بين اهلها وقومها بالعالمة غير المعلمه كما قال عنها علي ابن الحسين "ع" (ان عمتي عالمة غير معلمه).

هذه السيدة التي عبرت عن حسن خلق البيت العلوي وهي التي برهنت على ذلك بالايمان وبأشر لحظات حياتها قساوة وظلماً حينما قدمت ولديها فداءاً للحق وهي التي فقدت اخوتها واولاد عمومتها في رمضاء كربلاء وبعد ذلك اصبحت هي المعلم والمصبر ومن يهدء من روع الخائفين ووجل الاطفال وهلع النسوة فكانت تكتم وجعها وألمها في ما حصل لأهلها وأخوتها وهي تفقدهم الواحد تلو الآخر ناظرةً بأم عينها كيف يقتلوم ويذبحون من قبل سلاطين الجور آنذاك فهي من يجسد الثبات والصبر والجرأة والتمسك بالمبادئ والشجاعة والاصرار على انتصار الحق على الباطل مهما كلف الامر من خسائر.

ومن بطولاتها التي لاتنسى على مر العصور تلك الوقفة الباسلة التي وقفتها امام طاغوت عصرها (يزيد) وبكل قوة وصلابة وبقلب لم تهزه المصائب وهي تخاطبه بتلك الخطبة العظيمة مدافعة عن حق اهلها واخوتها ودينها وهي تقول له ( وحسبك بالله حكماً وبمحمد (ص) خصماً وبجبرائيل ظهيراً وسيعلم من سول لك ومكنك من رقاب المسلمين بئس للظالمين بدلاً وايكم شر مكاناً وأضعف جنداً، ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك اني لاستصغر قدرك واستعظم تقريعك واستكثر توبيخك .. لكن العيون عبرى والصدور حرى).

ومتى ما استطاعت المرأة ان تتلاقى مع السيدة زينب في التناغم مع الازمات متى ما استطاعت ان تكون هذه المرأة من النساء التي يعتمد عليهن في مواجهة الرياح مهما كانت عاتية.

وتبقى زينب بنت علي ورسالتها الجهادية الخالدة نورساً تفتخر به كل امراءة في كل مكان وزمان وشمعة تضيء لنا الدرب من اجل بقاء العقيدة والمبادئ، فهذه الرسالة التي قدمتها لنا السيدة زينب تبقى كالشرارة المتوهجة التي لاتنطفئ ابداً لتدحر كل الظالمين والطغاة في كل عصر وتكون مثالاً جلياً لكل النساء في الثبات على المبادئ ونيل الحقوق المشروعة.

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com