مقالات

قضية المرأة / قضية الإنسان (8)

محمد الحنفي

النضال من اجل امرأة بكافة الحقوق

وتحول المرأة رهين بالنضال من اجل تمتيعها بحقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية، وهذا النضال ليس من مهمة التنظيمات النسائية وحدها، ولا من مهمة التنظيمات الحقوقية، والجمعوية والنقابية والحزبية انه مهمة الجميع في إطار جبهة للنضال من اجل حقوق المرأة، هذه الجبهة التي يجب ان تتكون على أساس برنامج حد أدنى يتضمن:

 

1) الجوانب الاقتصادية الخاصة بالمرأة والتي تهدف الى:

أ- تأهيلها للقيام بمختلف الأعمال الاقتصادية في الصناعة والتجارة والخدمات حتى تكتسب مكانتها في هذه القطاعات.

ب- تشجيعها على العمل في الوظائف العامة. وفي القطاع الخاص على ان تخصص لها نسبة لا تقل عن 50% من تلك الوظائف.

ج- تشجيعها على العمل على إنشاء مقاولات خاصة بها وتقديم القروض لها لهذا الغرض حتى تساهم في التخفيف من حدة العطالة، وخاصة في صفوف النساء.

د- استفادتها من التعويض عن العطالة الذي يجب ان يستفيد منه الرجال والنساء على السواء, نظرا لكون العاطلين لا يتحملون مسؤولية عطالتهم.

ه- وضع برنامج نضالي محدد ومدقق يرسم ما يجب القيام به على المستوى الإعلامي، وعلى مستوى توعية المجتمع بحقوق المرأة الاقتصادية، وتحررها من التبعية للرجل عن طريق العروض والندوات، وإنجاز لقاءات مباشرة مع الأسر، ومع الناس في مختلف الأحياء الشعبية، والانتقال الى خوض معارك نضالية تتمثل في لقاءات مباشرة مع الأسر، ومع الناس في مختلف الأحياء الشعبية،ثم الانتقال الى خوض معارك نضالية تتمثل في الوقفات الاحتجاجية والمسيرات والتوقف عن العمل. لاشعار المرأة بإنسانيتها وبضرورة تمتعها المنصوص عليها في الميثاق الدولي المتعلق بالحقوق الاقتصادية.

 

2) الجوانب الاجتماعية الخاصة بالمرأة المتمثلة في:

أ-محاربة الأمية في صفوف النساء في الحواضر والبوادي على السواء، من اجل امرأة بدون أمية حتى تستطيع الاندماج في الحياة.

ب- الحرص على توفير المقاعد الدراسية لجميع الفتيات وتجريم امتناع الآباء عن تسجيل بناتهم في المدارس المختلفة وتوفير الشروط الضرورية لانجاح العملية التعليمية حيثما وجدت المدرسة.

ج- توفير دور الحضانة لإيواء الأطفال أثناء الذهاب الى العمل. والنضال من اجل عدم إخضاعها للمضاربات.

د- تعميم الحماية الاجتماعية على جميع النساء وإنشاء مؤسسات تقديم الخدمات الصحية في مختلف الأحياء، وتنظيم المراقبة الصحية على جميع النساء باعتبارهن اكثر تعرضا للأخطار الصحية المختلفة.

ه- مراقبة السكن الاجتماعي للوقوف على مدى مناسبته للسكن وهل تتوفر فيه شروط السلامة أم لا ؟ وهل يرتبط بالتجهيزات الأساسية أم لا ؟ ألا يشكل خطرا على صحة المرأة وأولادها ؟ وهل يسهل الارتباط بالمؤسسات التعليمية والصحية والتثقيفية أم لا ؟ وهل توجد بمحيطه دور الحضانة ؟ لان هذه المراقبة الغائبة في البلدان ذات الأنظمة التابعة بالخصوص تجعل السكن الاجتماعي غير صالح في معظم الأحيان، وغير مستفيد من التجهيزات الأساسية في الغالب، وهو ما يحول هذا السكن الى مفرخة للأمراض الجسدية والنفسية، والعقلية والاجتماعية. وهي أمراض تعكس عمق التخلف الذي يصيب الأسر التي لا تستطيع الحصول على السكن الاجتماعي الملائم.

و- وبالإضافة الى ذلك لا بد من توفير التجهيزات الاجتماعية الأساسية بالقرب من السكن، كالمصارف الصحية، والكهرباء، وخطوط الهاتف والمدارس والمستوصفات، والمراكز الصحية والمستشفيات ودور الشباب، وأماكن الترفيه نظرا لدور هذه التجهيزات في تسهيل عملية الاندماج الاجتماعي أمام جميع أفراد المجتمع وخاصة المرأة التي توضع عراقيل كبيرة أمام اندماجها حتى وان كانت عاملة وموظفة ومسؤولة اجتماعية في مجال من المجالات نظرا للنظرة الدونية السائدة في المجتمع.

 ومن الواجب إدراج هذه الجوانب ضمن المطالب الخاصة بالمرأة والنضال من اجل تحقيقها، وفي خطة مدروسة ومحددة تضعها الجبهة من اجل حقوق المرأة.

3) الجوانب الثقافية التي تكاد تكون غائبة من تفكير المسؤولين في البلدان ذات الأنظمة التابعة, وتتجلى هذه الجوانب في:

أ- اشتراط توفير وسائل التثقيف الذاتي ضمن التجهيزات المنزلية كخزانة الكتب، والمذياع والتلفزيون، وآلة التصوير, والحاسوب والهاتف، وكل ما يمكن ان يساهم في عملية تقويم شخصية الرجل والمرأة، ويتحرر الاثنان من سيطرة الغريزة التي يمكن اعتبارها مصدرا لدونية المرأة وسيادة الرجل عليها،في الحياة العامة والخاصة. فاشتراط وسائل التثقيف الذاتي له علاقة برفع مستوى الأسرة.

ب- تشجيع تكوين الجمعيات مع إخضاع برامجها للمراقبة التربوية، وخاصة تلك التي تستهدف الأطفال واليافعين والنساء حتى تكون برامجها جادة، وترفع مستوى وعي النساء والأطفال واليافعين بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية كمدخل للتمتع بها مستقبلا.

ج- دعم الجمعيات النسائية ماديا ومعنويا حتى تتوفر لها الإمكانيات الكافية لنشر الثقافة الجادة في صفوف النساء, وعن طريق إقامة العروض والندوات والمعارض الثقافية، وعرض الأشرطة الفنية الوثائقية، والقيام بجولات ميدانية لتحسيس النساء بأهمية التثقيف الجماعي في إطار الجمعيات النسائية، وتحريضهن على تكوين جمعيات ثقافية، والانخراط في الجمعيات المتواجدة. والحرص على حضور الأنشطة الثقافية التي تنجزها لامتلاك وعي ثقافي معين بشعر المرأة بمساواتها للرجل، ويطهر فكرها ووجدانها من ثقافة الخضوع والخنوع والتضليل التي تبثها الأنظمة التابعة عبر وسائلها التثقيفية المختلفة والمتناقضة، والمتفقة فيما يخص تضليل المرأة واستلابها.

د- تشجيع الإبداعات الثقافية النسائية في مجالات الأدب والمسرح والموسيقى والسينما، والنحت والرسم والعمل على التعريف بها على نطاق واسع، وتقديم دعم للمبدعات من النساء حتى يستمرن في الحرص على المزيد من الإبداع الثقافي، وبرمجة الإبداعات النسائية في مختلف الأسلاك التعليمية وفي المؤسسات التربوية حتى يكون ذلك سببا في تحسيس المرأة بإمكانياتها التي لا تقل عن إمكانيات الرجل ان لم تتفوق عليه في مجال الإبداع الثقافي الذي يجب ان يحمل وعيا متقدما، ومتطورا حتى يكون مجرد إعادة إنتاج الوعي الذكوري بقدرات نسائية.

ه- تنظيم دورات تكوينية للجمعيات النسائية المهتمة بالمجالات الثقافية من اجل تطوير أداء تلك الجمعيات في صفوف النساء، وامتلاك المؤهلات التي تمكنها من وضع آليات العمل التي تمكن من تحقيق الارتباط بالنساء، وجعلهن ينخرطن في العمل الثقافي من بابه الواسع، وامتلاك الوعي الذي يساهم في انعتاقهن من الاستغلال المزدوج، واستغلال الأنظمة التابعة والطبقات السائدة من جهة، واستغلال الرجل لها في البيت من جهة اخرى، والدخول في عملية مقاومة ذلك الاستغلال المزدوج وبكافة الاشكال حتى تتحقق المساواة على جميع المستويات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية كتعبير عن عملية الانعتاق التي يجب ان تستأصل جذور الاستغلال المزدوج.

و- فرض تعميم دور الثقافة والشباب على جميع المدن والقرى والأحياء السكنية الهائلة وتكليف موظفين أكفاء بذلك الدور، وامدادها بالتجهيزات المساعدة على إقامة الأنشطة التربوية الثقافية في صفوف الرجال والنساء واليافعين، والأطفال حتى تصبح الثقافة بمفهومها الصحيح في متناول الجميع، وضمن اهتماماته، ويصبح الحديث عن ربة البيت المثقفة، والموظفة المثقفة، والعاملة المثقفة، والفلاحة المثقفة..... الخ.

ز- والى جانب ذلك يجب ان تلعب المؤسسات التعليمية في مختلف الأسلاك،دورها التثقيفي عن طريق تفعيل المذكرات والقرارات التي ترد عليها، وتعمل على الحصول على منشطين ثقافيين تابعين لوزارة الثقافة، ووزارة الشبيبة والرياضة في البلدان التابعة حتى يقوم هؤلاء بربط الشباب والأطفال بالتنشيط الثقافي،والتعود على استهلاك الوسائل التثقيفية لربط المؤسسات التعليمية بالمؤسسات الثقافية،والعمل على تنظيم أنشطة الجمعيات، وخاصة النسائية منها داخل المؤسسات التعليمية من اجل تحسيس الأطفال واليافعين بدور الثقافة في محاربة الوعي الزائف وامتلاك وعي حقيقي يجعل المرأة محترمة في المجتمع وفي الوجدان الفردي. وتخصيص حصص تثقيفية داخل الصفوف الدراسية، وبأشراف تربوي لجعل التلميذات والتلاميذ يستأنسون بالثقافة،ويجعلونها مطية للتعبير عن آرائهم حول مختلف القضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية كممارسة ثقافية تساهم في إبراز مواهبهم الثقافية وتبلور شخصياتهم، وتمرسهم على بلورة مواقف صحيحة تجاه مختلف القضايا التي يحفل بها الواقع، والتطهر من المواقف السلبية تجاه تلك القضايا، وخاصة قضية المرأة التي تتجه إليها الأنظار من اجل تشريحها، وتغييب التفكير فيها تكريسا لدونية المرأة وحطا من قيمتها.

 وهذه الجوانب الثقافية مجتمعة يجب ان تحضر في برامج الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، وخاصة النسائية منها، لجعلها في مركز التفكير، وفي مقدمة المطالب التي تناضل من اجل تحقيقها.

4) الجوانب المدنية المتعلقة بوضعية المرأة القانونية بالخصوص، حيث نجد ان المرأة دون مستوى الرجل في القوانين والتشريعات المعمول بها في مختلف القطاعات في البلدان ذات الأنظمة التابعة. ففي قوانين الأحوال الشخصية نجد انه لا إرادة لها في معظم الأحيان فهي تفتقر الى الولي. والرجل هو سيد الموقف في الأسرة، ولا تستطيع تطليق زوجها كما يفعل الرجل، ولا ترث مثله من تركة أقاربها الاعلين والادنين, ولا تستطيع ان تسافر إلا بإذن زوجها. وهذه الدونية تتجاوز قوانين الأحوال الشخصية الى ما سواها من القوانين الأخرى.

 ويحاول المتنبئون الجدد ان يجدوا مبررا لدونية المرأة في النصوص الدينية، والقوانين الفقهية، ويعتبرون كل من لم يقل بها خارجا عن الدين، وكافرا، مستغلين في ذلك تدني وعي المسلمين الذين يتوهمون الخلاص بالالتزام بتنفيذ خطاب المتنبئين الجدد المتمثل في شعارهم: ٌ الإسلام هو الحل ٌ لكل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية. فخطاب المتنبئين الجدد المتلعق بوضعية المرأة بالخصوص يقودنا الى تقرير ما يدعونه بتطبيق الشريعة الإسلامية لمحاصرة خطاب تحرير المرأة وانعتاقها.

فبفضل النضال الحقوقي على الصعيد العالمي والقاري والقطري أصبحت المرأة تتمتع بمجموعة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية، إلا انه مع ذلك لا زالت القوانين المعمول بها لاتوفر للمرأة التمتع بالمساواة الكاملة مع الرجل في الحقوق والواجبات.

 ان المرأة على المستوى المدني لا ترقى الى مستوى الرجل للاعتبارات الآتية:

أ- نظرا لتعود أفراد المجتمع بحكم العادات والتقاليد، والأعراف على تكريس دونية المرأة، فان تلك القوانين تجد لنفسها مبررا للاستمرار.

ب- انتشار الأمية في البلدان ذات الأنظمة التابعة في صفوف المقهورين المستغلين، مما يجعلهم يقعون ضحايا الدعوة الى تطبيق الشريعة الإسلامية، فيعتبرون دونية المرأة جزءا من تلك الشريعة.

ج- تدني الوعي الطبقي في صفوف المجتمع بصفة عامة وفي صفوف الكادحين خاصة، مما يجعلهم لا يدركون عمق خطورة تكريس دونية المرأة على المستوى القانوني.

د- استفادة الطبقات الحاكمة في الأنظمة التابعة, من تكريس دونية المرأة الذي يؤدي الى مضاعفة استغلالها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لصالح سيادة تلك الطبقات، وتأبيد سيطرتها.

ه- غياب وجود تنمية حقيقية ذات بعد وطني وقومي، وشعبي يؤدي الى التحرر من التبعية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية ويؤدي الى حدوث تطور إيجابي في الوعي الاجتماعي والوعي الطبقي بالخصوص.

و- غياب سوق قومية مشتركة تتفاعل في إطارها التجارب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية يؤدي الى الاستمرار في التبعية للمراكز الرأسمالية التي لا تكتسب من ورائها إلا الانهيار والعودة الى الذات، والاستنجاد بالجوانب المنظمة من التراث التي تساعدنا على الانطواء وتكريس دونية المرأة التي ينظر اليها على أنها مصدر التخلف.

 ونظرا لاستمرار الاعتبارات اعلاه بسبب الاختيارات الرأسمالية التبعية اللاديموقراطية واللاشعبية في البلدان ذات الأنظمة التابعة، فان وضعية المرأة المتدينة في الواقع، وفي الممارسة اليومية، وعلى مستوى القوانين المعمول بها. ولا يمكن إزالة الدونية الا بالنضال من اجل فرض اختيارات ديموقراطية شعبية تحرر الإنسان من قيود التخلف والقهر والتبعية، وكل أشكال التخلف الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وبناء أنظمة ديموقراطية متحررة تحمي تحرر الإنسان وتعمل على انعتاقه، وتضع قوانين تقطع مع تكريس دونية المرأة،وترفع مكانتها الى مستوى الرجل.

5) الجوانب السياسية: وكما تناضل المرأة من اجل التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية فإنها تناضل من اجل ان تكون لها مكانة سياسية في المجتمع, وتحدد الطموحات السياسية للمرأة في:

أ- إقرار مساواتها للرجل في جميع المجالات، مساواة تامة غير منقوصة وفق ما تنص عليه القوانين المحلية المتعلقة بالحريات العامة، والحريات السياسية عن طريق ملاءمتها مع المواثيق الدولية المشار إليها، وتجريم جميع من يخرق الحقوق السياسية للمرأة.

ب- تمتيع المرأة بحق الترشيح والتصويت في جميع المحطات الانتخابية الجماعية، والبرلمانية اسوة بالرجل في إطار ممارسة ديموقراطية حقيقية من الشعب والى الشعب, وتمكينها من تحمل جميع المسؤوليات السياسية الجماعية والبرلمانية والحكومية ومسؤوليات الدولة، وممارسة توجيه السياسة العامة انطلاقا من تلك المسؤوليات.

ج- تمكينها من حق تأسيس الأحزاب السياسية انطلاقا من القناعة الإيديولوجية الحاصلة عندها. وتشجيعها على الانخراط في الأحزاب القائمة، وتحمل المسؤوليات الأساسية فيها محليا، وإقليميا، ووطنيا، ومساهمتها في صياغة برامجها المرحلية والاستراتيجية، وقيادتها والعمل على تحويل تلك البرامج الى واقع ملموس على جميع المستويات.

د- إعطائها فرصة بلورة نضال سياسي جبهوي تساهم فيه جميع الأحزاب المناضلة من أجل ديموقراطية حقيقية يساهم الرجال والنساء في ترسيخها على حد سواء، من اجل مستقبل تكون فيه المرأة كالرجل متحررة اقتصاديا ’ واجتماعيا وثقافيا، ومدنيا وسياسيا انطلاقا من تصور علمي, ودقيق للديموقراطية والنضال الديموقراطي.

ه- مساهمتها بكثافة في النضال من اجل دستور ديموقراطي تكون فيه السيادة للشعب، ويساوي بين الرجل والمرأة، ويضع حدا للامتيازات التي بتمتع بها الرجال في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية، وتمكين المرأة من دسترة جميع حقوقها كما هي في المواثيق الدولية وخاصة ميثاق إلغاء جميع أشكال الميز ضد المرأة حتى تحضر إنسانية المرأة في جميع التشريعات التي يعاد النظر فيها لتتلاءم مع الدستور، ومع المواثيق الدولية مع رفع جميع التحفظات المسجلة من قبل الأنظمة التابعة.

و- إعادة النظر في الممارسات القانوينة التي تحد من مساهمة المرأة السياسية والكف عن التعامل معها على أساس أنها مجرد احتياط انتخابي لصالح الاختيارات الرأسمالية التي تكرسها الطبقات الحاكمة من الرجال بالخصوص. والتي تجعل المرأة دون الرجال في الممارسة السياسية.

 والمرأة عندما تكتسب حقوقها السياسية المختلفة سوف تلعب دورا كبيرا في نهضة المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية، تلك النهضة التي تكون لصالح المجتمع بقطع النظر عن كون المستفيدين من الذكور والإناث. تلك النهضة التي لا تعني الا العمل في إطار نهج اختيارات تعيد للطبقات الكادحة والمقهورة مكانتها السياسية التي تحرم منها بسبب الاختيارات القائمة.

 وهكذا نجد ان المجتمع أي مجتمع لا ينهض إلا بتمتع أفراده، كافة أفراده، بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية. بمن فيهم النساء اللواتي لا تتأتى مساهمتهن إلا بإلغاء كافة أشكال الميز ضدهن حتى يتمتعن الى جانب الرجال بجميع الحقوق في تلك النهضة وتعطاهن الفرصة للمساهمة في الحركة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية بما يخدم النهضة الحقيقية للمجتمع، ويرفع من مكانة أفراده.

 ويبقى السؤال الوارد يقتضي منا إعادة النظر في ممارستنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والمدنية من اجل إعادة الاعتبار للمرأة في تلك الممارسات حتى تتمتع بإنسانيتها التي هي جوهر كينونتها والتي لا تحقق إلا ب:

1) تمتيعها بحقوقها الاقتصادية التي بها تتحقق استقلاليتها عن الرجل وتحفظ كرامتها وتفرض احترامها على المجتمع عن طريق توفير فرص الشغل أمامها، وتشجيعها على إنشاء مقاولات خاصة بها وممارسة الصناعة والتجارة وتقديم الخدمات المختلفة.

2) تمتيعها بحقوقها الاجتماعية المختلفة التي تساعدها على الاندماج وترسم أمامها سبل تطوير الخدمات الاجتماعية انطلاقا من المهام التي توكل إليها في المجتمع الذي تنتمي إليه.

3) تمتيعها بكافة الحقوق الثقافية، وإتاحة الفرصة أمامها حتى تلعب دورا كبيرا في تطوير الأدوات الثقافية، وتشجيع الإنتاج الذي يساهم في تطوير الوعي الاجتماعي بمختلف القضايا وتحفيز النساء على امتلاك وعيهن بحقوقهن.

4) تمتيعها بحقوقها المدنية المتمثلة بالخصوص في تحقيق مساواتها للرجل على المستوى القانوني وخاصة قوانين الأحوال الشخصية المعمول بها في البلدان ذات الأنظمة التابعة.

5) تمتيعها بحقوقها السياسية التي يمكن ان توصل الى مسؤوليات الدولة عبر تحمل المسؤوليات الحزبية والجماعية والبرلمانية.

وبذلك نصل الى ان المرأة التي نريد هي المرأة المتحررة، الإنسان المتمتعة بكافة الحقوق المدافعة عنها, والمتمسكة بها. الساعية الى تمتع أفراد المجتمع بها، الرامية الى حفظ كرامتها عبر حفظ كرامة المجتمع ككل، وهي بذلك تساهم في صياغة مجتمع الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية الذي هو حلم كل إنسان.

 

خــــاتمة:

 وما نخلص إليه من بعد هذه المعالجة المتأنية هو ان المرأة إنسان. وكل من يتعامل معها على أنها ليست كذلك يعمل على تحويلها الى مجرد كائن لا رأي له،تكمن قيمته في خضوعه لارادة الطبقة الحاكمة، والمستفيدة من إلغاء المرأة والرجل الذي ينوب عن تلك الطبقة – بوعي وبدون وعي – في عملية الإخضاع تلك.

وهذه الوضعية لا يمكن ان تتخطاها المرأة – الإنسان - إلا بحضورها المكثف في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية، من اجل فرض التمتع بحقوقها المختلفة التي هي مطية تحقق إنسانيتها.

واستفادة المرأة من مختلف الحقوق لا تتم إلا بإعادة صياغة الواقع الاقتصادي والاجتماعي والمدني والسياسي بناء على رؤى وتصورات تتناسب مع الواقع الذي لا يثبت على حالا، ويتفاعل مع ما يجري في العالم من اجل واقع جديد لا يمكن ان تبقى بعيدة عنه.

وإعادة النظر في الرؤى والتصورات يقتضي مراجعة القوانين والتشريعات المتعلقة بالحريات العامة, والحريات النقابية والجمعوية، والقوانين الجنائية والعقود والالتزامات والأحوال الشخصية من اجل ملاءمتها مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وإزالة البنود والفقرات المكرسة لدونية المرأة. واحلال بنود وفقرات اخرى تكرس مساواتها للرجل، وتضمن كرامتها على جميع المستويات بما فيها الاعتراف لها بان ما تقوم به في البيت يعتبر عملا مؤدى عنه، واستحقاقها لنصف ممتلكات الرجل المتكونة أثناء الزواج، وتجريم كل الممارسات التي تحط من كرامتها، وإنشاء شرطة لهذه الغاية.

 والى جانب ذلك لا بد من ضمان تمتعها بكل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية، لانه بدون ضمان تمتعها بتلك الحقوق على المستوى العملي تتكرس دونيتها ويتراجع مستوى مساهمتها في تطور المجتمع وتطويره.

وفوق كل ذلك لا بد من ان تتاح لها فرصة المساهمة في تفعيل التنظيمات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية، وان تقدم لها كافة الإمكانيات من اجل مساهمتها في المجالات التنموية المختلفة حتى تتحرر من تبعيتها للرجل.

 وبذلك نصل فعلا الى تحقيق واقع جديد تتحرك فيه المرأة الإنسان من اجل امرأة بكافة الحقوق، وتحقيق إنسانيتها التي سلبت منها.

فالمرأة ككيان إنساني بتدفق عطاء، وحبا للإنسان تبقى هدفا للدونية التي يعمل على تكريسها المتنبئون الجدد، وفي نفس الوقت يجب ان تكون هدفا للنضال من اجل امرأة تتمتع بجميع الحقوق وتسعى الى فرض كرامتها في الحياة العملية وفي النصوص القانوينة.

 وهكذا نجد ان هذه المعالجة المتأنية حاولت رصد الواقع المتردي للمرأة من خلال تحليل مفهوم المرأة / مفهوم الإنسان في أبعاده الجنسية والاجتماعية والإنسانية، والحقوقية، واعتبار حقوق المرأة هي حقوق الإنسان في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية. مع مراعاة خصوصية حرية المرأة، ودواعي تلك الخصوصية واستعراض أهمية المرأة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية.وموقف المجتمع من المرأة باعتبارها عورة، وسببا في انتشار البطالة في صفوف الرجال، واستغلالها في محاربة المخالفين لهم في الانتخابات وفي التظاهرات المختلفة، لنأتي على استعراض سبل تفنيد دعاوي المتنبئين الجدد تجاه المرأة بالتأكيد على إنسانيتها، واعتبار عملها حقا، واحترام كرامتها وتمتيعها بالحريات العامة والفردية لنخلص الى ان المرأة لا يمكن ان تنتزع حقوقها المختلفة إلا بالانخراط في التنظيمات الحزبية والنقابية والثقافية والحقوقية والسياسية لننتقل بعد ذلك الى استعراض موقف الإسلام من المرأة من خلال القران الكريم والحديث الشريف وعلى مستوى الممارسة انطلاقا من العادات والتقاليد والأعراف لنخلص الى ان انعتاق المرأة يقتضي النضال من اجل امرأة بكافة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية محاولين الإجابة على السؤال:كيف يجب ان ننظر الى المرأة على جميع المستويات.

 وبذلك نرسو على القول بان قيام مجتمع سليم من كافة الأمراض الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية رهين بتمتع المرأة بكل الحقوق، وبانعتاقها، ومناهضة كل مظاهر التخلف المكرسة لدونيتها من اجل امرأة بكافة الحقوق من اجل المرأة / الإنسان.

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org