مقالات

من أجل ريادة المرأة أوالأمل الذي لازال بعيدا (7)

محمد الحنفي

والآلية الخامسة: تتمثل في الاهتمام ببناء المنظمات الجماهيرية، النقابية، والثقافية، والحقوقية، وغيرها من المنظمات الجماهيرية، التي تقوم بدور أساسي: لصالح أفراد المجتمع ككل، ولصالح المرأة بالخصوص، ومن أجل تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية، للرجل، والمرأة على السواء:
1) فبالنسبة للتنظيمات النقابية نجد أن علينا أن نميز بين مستويين منها. مستوى النقابات البيروقراطية، أو التابعة لحزب معين، أو التي تعتبر مجرد منظمات حزبية، ومستوى النقابات المحكومة بالمبادئ، التي تساعد على أداء مهامها النقابية، وعلى أساس مبدئي. فالتقدمية تجعل النقابات المبدئية، تسعى باستمرار، ودون توقف، ومهما كانت الشروط الموضوعية التي تقتضي ذلك التوقف، إلى تحسين الأوضاع الموضوعية للطبقة العاملة، ولسائر الأجراء. والديموقراطية تقتضي تمكين النقابات، والنقابيين، من المساهمة الفعلية في انتخاب الأجهزة، وفي الترشيح لتحمل المسؤولية النقابية، وفي اتخاذ القرارات النضالية، وتنفيذها. والجماهيرية تسعى إلى جعل النقابة رهن إشارة جميع الأفراد، وتناضل من اجل تحقيق مطالب جميع الأفراد، سواء كانوا منخرطين في النقابة، أو غير منخرطين. والاستقلالية تفرض أن النقابة لا تقع تحت طائلة القائد البيروقراطي، ولا تصير تابعة لحزب معين، ولا تتحول إلى مجرد منظمة حزبية، حتى تعبر قراراتها عن الاستقلالية التامة عن الأفراد، وعن التبعية للأحزاب، ولأجهزة الدولة. والوحدوية تدفع النقابة إلى تنظيم الأجراء بدون استثناء، وتوحيد المطالب بين جميع شرائحهم، و إشراكهم في جميع النضالات المطلبية.
ولذلك فموقف النقابات على المستوى السياسي، إما أن يكون امتدادا لمواقف الأفراد، الناتجة عن انتمائهم إلى حزب معين، أو امتدادا لمواقف الأحزاب، التي توجه العمل النقابي، أو تعتبر النقابات جزءا من تنظيماتها. و إما أن يكون معبرا، فعلا، عن مبدئية النقابة، وامتدادا لإرادة جميع أفراد الإجراء، بقطع النظر عن انتماءاتهم الحزبية، وعن اقتناعهم بمواقف سياسية معينة.
ولذلك، فإن موقفها من المرأة، قد يكون تكريسا للدونية، وللقهر المزدوج، الممارس عليها، كامتداد للمواقف السياسية المكرسة لتلك الدونية، وقد يكون سعيا إلى تحقيق المساواة بينها وبين الرجل، في الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسة. والنقابات، بذلك، إما أن تسعى إلى تكريس حرمان المرأة من الحرية، كما هو واقع الحال، و إما أن تسعى إلى تحرير المرأة من مختلف القيود المفروضة عليها في الواقع، وتصير كالرجل في كل شئ.
2) و ما قلناه عن النقابات، نقوله عن الجمعيات، التي يمكن تصنيفها إلى جمعيات يقودها ديموقراطيون. وتكون تلك الجمعيات إما مبدئية: ديموقراطية، تقدمية، جماهيرية؟، مستقلة، تهتم بالقضايا الجماهيرية المختلفة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، وبقضية المرأة، والطفل، من اجل جعل الجماهير الشعبية تمتلك وعيا معينا تجاه تلك القضايا. وجمعيات من هذا النوع، تربي المستهدفين على ممارسة الحرية الفردية، والجماعية، في تعاملها مع مختلف القضايا، التي تهم الأفراد والجماعات، وتسعى، بالخصوص، إلى بث القيم التي تكرس حرية المرأة، عن طريق جعلها تمتلك وعيها بالواقع، في كل تجلياته، وتدرك دورها في تطوير الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، من خلال نضالها، وحرصها الدؤوب، على التمتع بحقوقها المختلفة. و إما أن هذه الجمعيات يقودها بيروقراطيون، أو حزبيون، يسعون إلى جعلها تابعة لأحزابهم، أو مجرد منظمات حزبية. ولذلك فهي لا تصرف إلا رؤى الأفراد، أو الأحزاب في العمل الجماهيري، لكونها تفتقر إلى المبدئية، والى المصداقية، في تعاملها مع القضايا الجماهيرية.
وهذا التمييز يساعد المتتبع على معرفة: ما هي الجمعيات التي تسعى إلى تحرير الإنسان، أفرادا، وجماعات، عن طريق التربية على حقوق الإنسان، والى تحرير المرأة، بصفة خاصة، بإكسابها القدرة على الوعي بإمكانياتها الذاتية، والموضوعية، الساعية إلى رفع مكانتها في المجتمع، من خلال مساهمتها في تطوير الاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، والسياسة. وبالتالي: فإن الجمعيات التي لا تساهم في تحرير الإنسان، والمرأة يجب فضح ممارساتها، وتعرية مسلكية أفرادها، الذين يهتمون بقضايا تغرق المجتمع، في كل أشكال التخلف، إن لم تصبح مجرد أدوات في أيدي مؤدلجي الدين الإسلامي، الذين يستغلونها في نشر أدلجة الدين الإسلامي، وفي جعل المستهدفين قابلين للتجييش، لتحقيق أهداف محددة، أهمها: الوصول إلى مراكز القرار، وامتلاك سلطة القرار، لفرض تلك الأدلجة على جميع أفراد المجتمع. ومهمة الجمعويين الحقيقيين تكمن في التصدي لمثل هذه الجمعيات، ومناهضة ممارستها المختلفة، وصولا إلى تكريس سيادة العمل الجمعوي الجاد.
3) وفيما يخص الجمعيات الحقوقية، فإن المفروض فيها أن تكون تقدمية، ديموقراطية، جماهيرية، مستقلة، وكونية، وشمولية. و هي بذلك تعمل على تمتيع الناس بجميع الحقوق العامة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، والحقوق الخاصة بالعمال، وبالمرأة، وبالطفل، وبالمعاقين، وغيرها، مما هو منصوص عليه في المواثيق الدولية المختلفة.
والجمعيات الحقوقية بنضالها من أجل تمتيع الناس جميعا بالحقوق العامة، والخاصة، فإنها تصير وسيلة أساسية، إلى جانب وسائل أخرى، لتحقيق الحريات الفردية، والجماعية، ولتحقيق حرية المرأة، التي لا تتناقض أبدا، مع الحريات العامة، التي يحق لكل الناس التمتع بها.
وبوقوفنا على الجوانب المختلفة، التي يجب أن يلامسها وعي الناس بصفة عامة، ووعي المرأة بصفة خاصة، نكون قد خلصنا إلى القول: بأن حرية الإنسان بصفة عامة، وحرية المرأة بصفة خاصة، هي ممارسة لا تتحقق إلا من خلال مستويين :
1) مستوى الوعي بالحقوق العامة، والخاصة، كما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان المختلفة، وبضرورة التنظيم، وبامتلاك الوعي الإيديولوجي، والسياسي، من خلال الوقوف على طبيعة إيديولوجيات الأحزاب، ومواقفها السياسية، حتى يتبين: ما هي الإيديولوجية التي تساعد على امتلاك الحق في الحرية؟ وما هو الموقف السياسي الذي يساعد على ممارسة تلك الحرية على ارض الواقع؟
2) مستوى النضال من أجل الحرية، انطلاقا من برنامج محدد، وهادف، ووفق مستويات النضال الجمعوي، والحقوقي، والنقابي، والسياسي، سعيا إلى تحقق الحرية، التي لا يتأتى التمتع بها بدون تحقيق الديموقراطية، والعدالة الاجتماعية، لأن النضال من أجل الحرية، هو نفسه النضال من أجل الديموقراطية، وهو نفسه النضال من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية.
فهل يدرك الكادحون أهمية النضال من اجل الحرية، والديموقراطية، والعدالة الاجتماعية؟
وهل تدرك المرأة أهمية انخراطها في النضال الديموقراطي، من اجل تحقيق حريتها، إلى جانب تحقيق الحريات العامة لجميع أفراد المجتمع؟
إننا أمام واقع يقتضي امتلاك الوعي به والنضال من أجل تغييره.

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org