مقالات

حين يقف بك الشوق

عقيلة آل حريز

حين يقف بك الشوق على أسوار مكة والمدينة، فإن أطيافاً كثيرة تحمل تعبيرات مختلفة تتراقص في وسط مخيلتك.. وحين تبدأ خطواتك تجتاز حدود الأشياء وتعبر حدود المكان لتستقر قريباً من الحرم.. تشعر أن المكان مملوء بروائح العشق روائح التاريخ روائح المودة..

هنا حيث تتسابق المشاعر كما تتسابق الأرواح لتتحد الأبصار صوب القبة

نغتسل لننوي صلاة تتسلق السماء بتفتح قصور الجنة يملأنا لونها الأخضر غبطة ورضا..

تتوقف ليغمرك إحساس مفاجئ يشعرك بالطراوة... بعبق مختلف، بذكرى طيبة تألفها تحبها وإن لم تتواجد  وقت حدوثها

لعل صورة قبيلة تنتهج خطاً مرحلياً تقاوم به انحناءات الزمن تفك به بواقي مِلة الحنيفية قيود الأوثان هي رؤية واضحة للعابرين هنا... ورغم أن  الرؤية لا تزال معتمة لكنها تتضح لأنها تصوغ النور في دروب مبسوطة للعابرين بقوافلهم نحوها.

ربما تعرج بك الصورة نحو مكة، نحو أبو طالب وعبد المطلب وعبد الله ووهب وبرة وآمنة وحليمة السعدية وأم أيمن وقبائل وكهان وأخبار تنزل من السماء  عن أمر المبتعث..

قد تتوقف وتدقق في صورة امرأة من الشرفاء تقترن بسيد وجيه يرحل عنها بعمره القصير.. فتتحسس بطنها تنتظر أن يحين وقت ولادته لتستكشف في عينيه أغوار أمانيها على خطى عريضة لصحراء واسعة كثيفة المشاهد.

وقد يملأك وأنت تقف على خطوط السابع عشر من ربيع الأول إحساس غامر بالاحتفال بنور يحلق في الأجواء بولادة نبي يحمل مصباح يلتقط العتمة يشق به وجه الفجر وثمة أصوات تضج بالصخب خارج المكان وعبق ولادة يترقبها عبد المطلب  فينبثق النور الطاهر إلى عمق مختلف يعيد صياغة التاريخ من جديد لهذه الصحراء

حين يقف بك الشوق عبر كل هذا فتتألق النجوم حيث توجد, وتتوهج بالأضواء حتى لا تكف عن الإغراء ببهاء متراسل .. فيفلت الشر آهة تحسر على حاله مرتجفاً بنبأ عطر الولادة المباركة..

فهل حقا يستطيع أن يعطل الفرحة ويمنع تدفقها وسط تغاريد وتهاليل يحملها التاريخ من أحضان مكة فيمكث بها زمناً ليهديها عن طيب خاطر للمدينة؟

بالطبع لن يمنعك التفكير بهذا الأمر من الاتكاء على خيالك وبدء رحلة الصلوات التي ستحظى بها عبر جسور الشوق لتعانق به حمائم الحرم.

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com