مقالات

مقاربة فقهية بين الوطن وتعدد الأديان

د. نضير الخزرجي / إعلامي وباحث عراقي

الرأي الآخر للدراسات – لندن

أولى الإسلام الحرية الدينية أو الاعتقادية "تعدد الأديان" أهمية كبيرة، وذلك أن حرية الاعتقاد، علامة بارزة على إنسانية الإنسان واستقلال كيانه الشخصي بعيدا عن التجاذبات، وكما يقول سيد قطب الشاذلي (ت 1966م) هي: "أول حقوق الإنسان، التي يثبت له بها وصف الإنسان، فمن يسلب إنسانا حرية الاعتقاد، إنما يسلبه إنسانيته ابتداءاً... ومع حرية الاعتقاد حرية الدعوة للعقيدة، والأمن من الأذى والفتنة، وإلا فهي حرية بالاسم لا مدلول لها في واقع الحياة". وفي معرض تفسيره لقوله تعالى: (لا إكراه في الدين) البقرة: 256، يضيف سيد قطب: "والإسلام وهو أرقى تصور للوجود والحياة، وأقوم منهج للمجتمع الإنساني بلا مراء، هو الذي ينادي بأن {لا إكراه في الدين} وهو الذي يبين لأصحابه قبل سواهم أنهم ممنوعون من إكراه الناس على هذا الدين... فكيف بالمذاهب والنظم الأرضية القاصرة، المتعسفة وهي تفرض فرضا بسلطان الدولة، ولا يسمح لمن يخالفها بالحياة؟" ويعلل النفي من الناحية النحوية بان: "التعبير هنا يرد في صورة النفي المطلق (لا إكراه في الدين) نفي الجنس كما يقول النحويون، أي نفس جنس الإكراه، نفي كونه ابتداءاً فهو يستبعده من عالم الوجود والوقوع، وليس مجرد نهي عن مزاولته، والنهي في صورة النفي – والنفي للجنس- أعمق إيقاعا وآكد دلالة"(1).

ويعلل الطبرسي (ت 548هـ) في مجمعه ذلك بقوله: "ليس في الدين إكراه من الله ولكن العبد مخير فيه لان ما هو دين في الحقيقة من أفعال القلوب إذا فعل لوجه وجوبه فأما ما يكره عليه من إظهار الشهادتين فليس بدين حقيقة كما أن من اكره على كلمة الكفر لم يكن كافرا".(2) وقريب من هذا قال به سلطان عليشاه (ت 1327هـ) في بيانه: "أما الإسلام الحقيقي والإيمان الحقيقي والسلوك إلى الآخرة فلا يمكن الإكراه فيها لأنها أمر معنوي لا يتصور الإكراه الجسماني فيها"(3).

 

وثيقة المدينة مثالاً

 وهذا المعنى نلمسه في كل تصرفات الرسول (ص) وعلماء المسلمين، وموقفهم من أصحاب الديانات الأخرى، وفي بعض الوثائق التاريخية نلحظ إقرارا من الرسول (ص) لأصحاب الديانات بالبقاء على ما هم عليه ماداموا يرفضون الإسلام  دون أن ينصبوا له العداء ويحرضوا عليه، وهذا الإقرار حجة على المسلمين في تعاملهم مع غير المسلمين: "فقد روى ابن شهرآشوب (ت 588هـ) في المناقب أن رسول الله (ص) كتب عهدا لحي سلمان – الفارسي – بكازرون جاء فيه: هذا كتاب من محمد رسول الله (ص) سأله الفارسي سلمان وصيته لأخيه مهاد بن فروخ بن مهيار وأقاربه وأهل بيته وعقبه. إلى أن قال: وقد رفعت عنهم جز الناصية والجزية والخمس والعشر وسائر المؤن والكلف. إلى آخر الكتب، قال: والكتب إلى اليوم في أيديهم. وفي رواية أخرى، وهي إشارة لأتباع المجوس: وقد رفعت عنهم جز الناصية والزنارة والجزية والخمس والعشر وسائر المؤن والكلف بأيديهم على بيوت النيران وضياعها وأموالها ولا يمنعون من اللباس الفاخرة والركوب وبناء الدور والاصطبل وحمل الجنائز، واتخاذ ما يجدون في دينهم ومذاهبهم"(4).

من هنا يعقب الفقيه الشيرازي على هذه الوثيقة التاريخية وغيرها من الوثائق بالقول مع الاستشهاد: "نرى إلزام الإسلام كل أهل ذي دين بما يلتزمون به، حيث يقر لهم الحرية في دينهم، مثل ما ورد عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال: سألته عن الأحكام؟ قال: تجوز على أهل كل ذي دين بما يستحلون. وفي رواية أخرى عن أبي الحسن (ع) قال: ألزموهم بما التزموا به، وعن الإمام جعفر الصادق (ع) انه قال: كل قوم دانوا بشيء يلزمهم حكمهم". ويضيف الشيرازي: "ولذا نرى أن الإسلام لا يتعرض للمجوسي ونحوه إن نكح أمه وأخته لان ذلك جائز في دينه – وان كان دينه في الواقع مزيفا- لان الإسلام لا يريد الإكراه، للقاعدة المعروفة: (القسر لا يدوم) وإنما يريد إعطاء الحرية لكل إنسان فيما يعمل حسب معتقده وإنما يناقشه بالمنطق، ولذا قال سبحانه: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}(سورة النحل:125)، وفي روايات متعددة: (إن المجوس يورثون على ما يعتقدون وان لكل قوم نكاحا) فقد روى الكليني (ت 329هـ): "قذف رجل مجوسيا عند أبي عبد الله (ع)، فقال له الصادق (ع): مه. فقال الرجل إنه ينكح أمه وأخته، فقال (ع): ذاك عندهم نكاح في دينه. وفي رواية الغوالي أن رجلا سب مجوسيا بحضرة الصادق (ع) فزبره ونهاه، فقال له انه تزوج بأمه، فقال (ع): أما علمت أن ذلك عندهم النكاح؟. وفي رواية أخرى عن الصادق (ع) انه قال:لا ينبغي ولا يصلح للمسلم أن يقذف يهوديا ولا نصرانيا ولا مجوسيا بما لم يطلع عليه منه، وقال: أيسرها ما في هذا أن يكون كاذبا"(5).

 

الوطن وتعايش الأديان

والحرية الدينية هي في حقيقة الأمر صورة من صور التعددية والتنوع  الذي نلمسه على مستوى الحياة اليومية للمسلمين وما تنطوي عليه ثقافة الإسلام ورسالته وعلاقته بالآخر من غير المسلمين الذين يعيشون بين ظهرانيهم أو على أطراف وطنهم، وهذا نابع من رؤية قرآنية لواقع الحياة الدنيا والى معادن الناس ومعتقداتهم الدينية سماوية كانت أو غير سماوية، يقول الشيخ الصفار: "لقد تحدث القران الحكيم عن تعدد الأديان، واثبت ذكر أهم الديانات السماوية والوثنية، معتبرا ذلك التعدد والاختلاف ظاهرة طبيعية في هذه الحياة، لما منح الله تعالى الإنسان من حرية الاختيار، أودع في نفسه من نوازع الخير والشر، أما الحسم والفصل بين أتباع هذه الديانات فمؤجلان إلى ما بعد الحياة الدنيا، يقول تعالى: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد) الحج: 17."(6)

ويتساءل الشيخ شمس الدين: "ترى هل هذا التنوع في باب الاعتقادات، هل ينسجم مع طبيعة الخلق الإنساني؟ هل ينسجم مع أهداف وغايات الخلق أو انه لا ينسجم مع هذه الأهداف وهذه الغايات؟". ويجيب بقوله: "إذا قارنا هذه الظاهرة في تنوع البشر الاعتقادي، وتعدد البشر الاعتقادي، مع ظاهرة التنوع والتعدد الشاملة لكل مظاهر الخلق المادي في جميع الأكوان، فينبغي أن نراها ظاهرة طبيعية تنسجم مع أهداف الخلق، وأهداف الوجود في العالم".(7)

ونجد في القران الكريم آيات كثيرة تسوغ التعددية الدينية واللا دينية في داخل الوطن الإسلامي، مثلا قوله تعالى: (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) الكهف: 29، وقوله تعالى: (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر) الغاشية: 21-22، وقوله تعالى: {نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقران من يخاف وعيد) ق: 45، وقوله تعالى: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي انزل إلينا وانزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون) العنكبوت: 46، وقوله تعالى معددا الأديان: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) البقرة: 62، ويعلق الجندي (ت 2002م) على هذه الآيات قائلا: "لقد بينت الآيات القرآنية حرية العقيدة وانه لا إكراه في الدين، كما بينت أن التاريخ قد سجل التزام المسلمين بقاعدة (لا إكراه في الدين) بغاية الدقة فأبقى المسلمون في جميع البلاد التي فتحوها على الديانات والملل وحموها ومكنوا أهلها من أداء شعائرهم"(8)، ويعزز المحامي احمد يعقوب بما أورده ابن الأثير (ت 1234م) في تاريخه: "فالحرية الدينية (لا إكراه في الدين) أي لا يكره احد على الدخول في الإسلام كما قال ابن الأثير، وسبب نزول هذه الآية أن بعض الصحابة استأذنوا الرسول في إكراه أولاد بني النضير على الإسلام فلم يأذن لهم الرسول بذلك"، ويعدد المحامي يعقوب نماذج من التعددية في دولة الرسول (ص)، فعلى سبيل المثال: "فان الجارية ريحان كانت مُلك الرسول ورفضت الدخول في الإسلام وبقيت على يهوديتها ولم يكرهها الرسول حتى أسلمت بنفسها، ووفود رؤساء نجران خير مثال على الحرية في الإسلام، فقد دخلوا المسجد على الرسول (ص) وقت الصلاة، وصلوا إلى المشرق داخل المسجد فقال الرسول لأصحابه دعوهم"(9).

ويرى الشيرازي: "أن الدولة الإسلامية تتعايش مع الأقليات الدينية سلميا، فالأقليات لها أحكامها الخاصة بها سواء كانت أديانا كالمجوس والنصارى أو غير أديان كالبوذية والبرهمية وما إلى ذلك، كما صنع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، ذلك بالنسبة إلى المشركين فانه صلى الله عليه واله وسلم لم يجبر أحدا على الإسلام في مكة مع أن كثيرا منهم كانوا مشركين بعد فتح مكة"(10).

إذاً لا يمكن إلغاء حالة التعدد الديني بالقوة والفرض، بدلالة (لا إكراه في الدين) و(لكم دينكم ولي دين) الكافرون: 6، وهذا يعزز القول: "إن الكيان الإسلامي السياسي في المدينة قد تم تأسيسه على قاعدة التعايش السلمي، والتعاون بين المسلمين واليهود، واحترام مبدأ التعدد العقدي الذي أسسه القران الكريم وأمر به"(11)، ومن الشواهد البارزة لذلك أن مكة المكرمة والمدينة المنورة، وما حولهما من القرى، والأرياف كان يعيش فيها – بكثرة – اليهود والنصارى، والمشركون، حتى وفاة الرسول صلى الله عليه واله وسلم، فلم يجبرهم على الإسلام بل تركهم وشأنهم(12)، ولعل (صحيفة المدينة) التي كانت بمثابة دستور دولة الرسول (ص) والتي تسالم عليها المسلمون واليهود في يثرب قد أقرت بمواطنية اليهود في دولة الرسول مع احتفاظ اليهود حق العمل بكامل شعائرهم الدينية، فما جاء في صحيفة المدينة إنما هو مكمل لما ورد في القران الكريم في مجال إقرار التعددية الدينية وعدم إجبار غير المسلمين على الإسلام كرها أو قسرا(13). ويقرر الشيخ شمس الدين أن البند الوارد في صحيفة المدينة والذي يصف المسلمين واليهود بـ (إنهم أمة واحدة دون الناس): "يدل على أن الإسلام يقبل فكرة تأسيس مجتمع سياسي متنوع في دولة واحدة، ونظام حكم واحد، على أساس الإسلام، يتمتع الجميع فيها بحق المواطنة الكاملة". ويستظهر من النص حكما على علاقة مباشرة بإقامة الدولة الإسلامية يقول فيه: "ولا يشترط لإقامة الدولة أن تكون لمجتمع إسلامي نقي خالص، ولا يكون غير المسلمين فيها متمتعين بحق المواطنة الكاملة"(14).

 

مظاهر التعددية الدينية

لكن الصورة الايجابية هذه لمجتمع المدينة كما حوتها الصحيفة، تغيب عند العديد من الأقلام الغربية والمستشرقة التي تكتب عن الإسلام وعن حياة النبي محمد (ص) في المدينة، وتجعل صورة النبي عليه السلام صورة دموية حمراء، خاصة تجاه يهود المدينة، وهو ما فعله مؤلفو كتاب understanding history، الذين لخصوا عشر سنوات من حياة الرسول (ص) في المدينة بقتله اليهود وشن الحروب، دون أن يشيروا إلى هذه الصحيفة، أو المجتمع الإيماني الذي أنشأه، أو قضائه على أحنة العصبية والقتال الذي كان دائرا بين الأوس والخزرج لسنوات مديدة، فجعلهم جبهة واحدة سماهم القران بالأنصار(15) على أن حروب الرسول (ص) كلها دفاعية، وأكثر عدد ذكره المؤرخون لقتلى الجانبين هو 1400 قتيل وشهيد، في حين قال بعضهم أن العدد يتجاوز الألف بقليل، مائة وخمسون من المسلمين والبقية من غيرهم في أكثر من 80 حربا دفاعية خاضها النبي محمد (ص)(16).

وشواهد التاريخ تحكي على خلاف ما تحكيه بعض كتب المستشرقين، فمن مظاهر الحرية الدينية في الدولة الإسلامية أن العاصمة الإسلامية كانت قد أتاحت لأرباب الأديان بالإفتاء لأتباعهم: "إذ كان أصحاب الفرق يعلمون معتقداتهم في المساجد...على حين كانت النصرانية تعرض كل مخالف على محاكم التفتيش، لتحكم بقتله أو حرقه، حتى بلغ مجموع ما عرض على هذه المحاكم أكثر من (350) ألف إنسان، بينهم الكثير من مسلمي الأندلس، حتى الذين تنصروا منهم، وقد حكم على أكثر من (150) ألف منهم بالموت أو الحرق(17).

ومن مظاهر التعددية الاعتقادية أنه ذات مرة أرسل هشام بن عبد الملك المرواني (ت 125هـ) على الإمامين محمد بن علي الباقر (ت 114هـ) وابنه جعفر بن محمد الصادق (ت 148هـ)، وبعد حديث جرى بين هشام والإمام الباقر عند إحضارهما وجلبهما من المدينة المنورة إلى دمشق، يقول الإمام جعفر الصادق: "ونهض – أي الإمام محمد الباقر- ونهضت، وخرجنا إلى بابه – باب مجلس هشام – فإذا على بابه ميدان وفيه أناس قعود في آخره، فسأل عنهم أبي، فقال الحجّاب: هؤلاء القسيسون والرهبان وهذا عالم لهم يعقد في كل سنة يوما واحدا يستفتونه فيفتيهم"(18).

في المقابل وفي العصر الراهن، كتب الصحفي روجر كوهين من برلين وهو يتحدث عن الأقليات غير المسيحية في ألمانيا، وعلاقة الأحزاب بها، وهو في معرض التغطية الصحافية للحملة الانتخابية لأحزاب ألمانيا للعام 2002م: هناك 7،3 مليون أجنبي أي 9 في المائة من السكان في ألمانيا، وبذلك تكون ألمانيا هي صاحبة اكبر نسبة من اللاجئين في كل الدول الأوروبية الكبرى. ويقترح الديمقراطيون المسيحيون ولأول مرة، بتحديد حصة سنوية للأجانب الذين تحتاجهم سوق العمل، ويصرون على أن كل الأجانب يجب أن يتصرفوا وفق "قيم ثقافتنا المسيحية" وهم يرمون بذلك إلى الضغط على الديمقراطيين الاشتراكيين الذين لم يوضحوا بعد موقفهم من هذه المسألة. ويقول الديمقراطيون المسيحيون: "يجب قبول ثقافتنا المسيحية، والفلسفة القديمة، والنزعة الإنسانية، والقانون الروماني والاستنارة الرومانية، وهذا لا يعني التخلي عن الممارسات الدينية أو الثقافية الخاصة، بل تعني قبول قيمنا وتنظيماتنا للحياة المشتركة".

ويقترح الديمقراطيون المسيحيون أن يتلقى الأجانب "دورات اندماجية" يدفعون جزء من نفقاتها، ولا تكتفي هذه الدورات بدراسة اللغة الألمانية بل تشمل كذلك القيم والعادات، والذين يكملون هذه الدورات يمكن مكافأتهم بتمديد اذونات عملهم وإقامتهم، أما أولئك الذين يرفضونها فيجب إلغاء أوراقهم أو تقصير آمادها، كما يقول الحزب. ويقترح الحزب كذلك تغيير تلك القوانين التي تقضي بلم شمل الأطفال حتى عمر 16 سنة مع آبائهم الموجودين بألمانيا، والسماح فقط بمجيء الأطفال حتى سن العاشرة. ويقول مسؤولو الحزب أن هذا التغيير يرمي إلى منع الآباء الأتراك من إرسال أطفالهم، وخاصة الفتيات إلى تركيا لتلقي التعليم هناك، وإرجاعهم إلى ألمانيا بعد ذلك، وهو يرمي كذلك إلى ضمان تلقي كل الأطفال تعليما ألمانيا، مهما كانت درجته(19).

 

شبهة التعارض

ويحاول الشيخ أبو الأعلى المودودي (ت 1979م) في تفسيره "تفهيم القرآن" ومجلة "ترجمان القرآن" أن يرفع شبهة قد تعلق بأذهان البعض مفادها وجود تعارض بين قوله تعالى (لا إكراه في الدين) وقوله تعالى (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فان انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين) البقرة: 193، مؤكدا: "أن توبة الكافرين وانتهاءهم لا يقصد به رجوعهم عن كفرهم وشركهم، بل إقلاعهم وأوبتهم عن الفتنة، فالكافر أو المشرك أو الملحد له الحق في اختيار ما يؤمن به من العقائد، وما يعبده من الآلهة، وان شئنا انتزاعه واستنقاذه مما هو سادر فيه من ضلال وغواية فعلينا أن نسدي له النصح والتفهيم لا أن نقاتله ونحاربه، ولكن لا حق له أبدا في أن يعرض عن القانون الإلهي، وينفذ قوانين باطلة في ارض الله ويجعل عباد الله عبيدا لغير الله لان هذه فتنة لا يمحوها إلا السيف ولا تغمد سيوف المسلمين إلا إذا رجع الكفار عنها"، ويضيف المودودي: "أما (لا إكراه في الدين) فمعناها أن الإسلام لا يكره أحدا على قبول عقائده كرها، كما انه لا يفرض عليه عباداته جبرا، لان العبادات لا معنى لها دون إيمان متين بها، فالإسلام  يعطي كل إنسان الحرية في هذين الأمرين.. لكن الأمر الذي يرفضه بشدة أن تكون قوانين المجتمع التي يقوم عليها نظام الدولة مستمدة من مصدر آخر سوى شريعة الله، أو من صنع أحد غير الله"(20).

بالطبع إن استخدام القوة أمر عائد لفقهاء المسلمين في رد عدوان قائم، وليس مبادئة بحرب، لكن الوقوف في الدولة الإسلامية بوجه قيام غير المسلم بارتكاب ما يعتبره الإسلام منكرات مثل شرب الخمر أو الإفطار في شهر رمضان في وسط عام، أمر مجمع عليه من كافة مذاهب المسلمين، وما ذهب إليه المودودي ذهب إليه الشيرازي، فهو يرى: "إن الكفار الذين يعيشون في بلاد الإسلام، لهم الحرية في إبراز عقيدتهم بدون أن يدعوا المسلمين إليها، كما أن لهم الحرية في إجراء مراسيم عبادتهم ولا يتعرض مسلم لهم بسوء، ولهم أن يعملوا حسب شريعتهم في عقدهم ونكاحهم وإرثهم وعباداتهم، بشرط أن لا يظهروا بالمناكير الإسلامية، ولهم الحرية في موارد نزاعاتهم أن يرجعوا إلى قاضي المسلمين، والى قاضيهم، وإذا رجعوا إلى قاضي المسلمين حقّ للقاضي أن يقضي بحكم الكفار، أو بحكم  المسلمين، أو لا يقضي بينهم، وإنما يردهم إلى قضاتهم، ولا يحق للدولة التدخل في شؤونهم التي لا تضر المسلمين ولا تنافي مصلحة البلاد"(21).

الفهم الذي عرضه المودودي في العلاقة بين آيات القتال والسلم، يؤكد عليه الباحث السوري الدكتور لؤي صافي، معتبرا أن مبدأ الحوار والحجة هما الوسيلة التي اختارها الوحي لدعوة أصحاب العقائد غير الإسلامية إلى الإسلام: "فالسلاح الإسلامي ليس موجها إلى الفكر العقدي المغاير، بل إلى العدوان الفعلي الذي يمارسه البعض ضد مبدأ حرية العقيدة وحرية الدعوة إليها"، ويشرح الصافي العلاقة بين آية قتال المشركين وآيات السلم والتعددية الدينية والعقيدية، فهو يميل إلى أن: "آيات القتال موجهة إلى الثقافة الوثنية التي صبغت القبيلة العربية قبل الإسلام، واستمرت آثارها إلى ما بعد الإسلام، وبررت الحرب والقتال لتحقيق مكاسب مادية، فقتال المشركين كافة يعود في الاعتبار الأول إلى اضطهاد الوثنيين للدين الإسلامي، واعتدائها على مبدأ حرية العقيدة، والى مبادأتها للمسلمين بالقتال: (قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة) التوبة: 36. فقتال المشركين يهدف من وجهة النظر القرآنية إلى وضع حد للقهر والظلم الموجه إلى أصحاب الوثنية المخالفة، وإنهاء اضطهاد المشركين للمسلمين: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) الأنفال: 39"، ويخلص الصافي إلى أن القران الكريم حرص: "على التأكيد على أن الخلاف العقدي لا يوجب الاقتتال ولا يبيح العدوان، بل شدد على أهمية الإحسان إلى غير المسلمين عند انتفاء الظلم والعدوان في موقفهم من المسلمين: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) الممتحنة: 8، فالقسط والإحسان مندوبان حتى عندما يختلف الإطار العقدي كلية، وتتغاير الملل والأديان"(22).

 

حرمة الإكراه

ويقوم الشيرازي بالجمع بين القران والسنة ليقطع بحرمة إجبار احد على تغيير عقيدته بالقوة أو الإكراه، مسترشدا بقوله تعالى (لا إكراه في الدين) إذ يرى من الوجوب أن: "لا يجبر إنسان أن يبدل دينه إلى الإسلام سواء كان أهل كتاب إجماعا أو غير أهل كتاب على الأظهر بدليل إطلاق الآية المتقدمة، والرسول صلى الله عليه واله وسلم لم يجبر أحدا من المشركين على الإسلام، كما في أسارى بدر أهل مكة، وأهل الطائف وغيرهم، وعمله صلى الله عليه واله وسلم حجة إلا إذا ثبت انه لأمر ثانوي، كقاعدة الأهم والمهم، ونحوها، وحيث لم يثبت ذلك في المقام، فمقتضى القاعدة المستفادة من (إلا ليطاع، وأسوة) وغيرهما أن الحكم أولي يلزم إتباعه صلى الله عليه واله وسلم، كما لم يؤثر عن علي عليه السلام أن أجبر كافرا غير كتابي على الإسلام، مع وضوح كثرة الوثنيين في زمانه عليه السلام تحت حكمه"(23) ويسترشد الشيرازي بالقواعد الفقهية المتداولة في عمل الفقهاء لينتهي إلى الخلاصة نفسها التي انتهى إليها من قبل: "فالإسلام في باب العمل قال: (لكل قوم نكاح)، وقال: (ألزموهم بما التزموا به)، وقال: (لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل الزبور بزبورهم وبين أهل القرآن بقرآنهم)، إلى غير ذلك، وقال بالنسبة إلى كل من العقيدة والعمل (لكم دينكم ولي دين) الكافرون: 6، وقال: (انه تذكرة فمن شاء ذكره) المدثر: 54"(24). وما يؤسف له انه في زحمة الرغبة الجامحة لدى البعض من المسلمين في أسلمة المجتمعات غير المسلمة تضيع هذه القواعد والمسلَّمات، وهو أمر مدعاة للتأمل، لان الضرر الحاصل من هذه العملية على المدى البعيد اكبر واشد وقعا على هذه المجتمعات، فالمجتمعات التي دخلت في الإسلام برغبتها نمت وكبرت وتثبتت وشائجها، ولنا في مسلمي الصين وجنوب شرق آسيا خير مثال.

 ويقرر الشيرازي انه ليس فقط لا حق للدولة في إجبار غير المسلم على الدخول في الإسلام وإنما: "لا يجبر إنسان أن يبقى على دينه، إذا أراد أن يبدل دينه إلى دين آخر غير الإسلام، مثلا أراد الوثني أن يتنصر، أو المجوسي أن يتهود، وما أشبه ذلك، إذ لا دليل على الجبر، فالأصل عدمه".(25)

إن هذا الفهم الذي وصل إليه الفقيه الشيرازي، يجعلنا أمام حقيقة ربما تصعب على عدد من المسلمين المخلصين تقبلها، فرغم أن الثقافة الإسلامية تعتبر التنصير والتبشير للمسيحية أمر غير مقبول، بلحاظ أن الإسلام هو خاتم الأديان وليس المسيحية، وعمل الإنسان يكون منجزا بتطبيق الإسلام لا غيره، لكن هذه الفهم وهذه الثقافة التي يتشربها كل مسلم لا تبيح له أن يقسر أحدا من غير المسلمين أن يبقى على معتقده ويحول دون أن يبدل دينه وفق رغبته ومشيئته، إذ لا ولاية لإنسان على آخر مهما اعتقد الأول بصحة معتقده.

ويظهر أن الاتفاق قائم بين علماء المسلمين على عدم ورود النسخ أو التخصيص لآية الإكراه، وهو ما حكاه ابن تيميه (ت 728هـ): " فقوله (لا إكراه في الدين) ليست منسوخة ولا مخصوصة، وإنما النص عام، فلا نكره أحدا على الدين، أو القتال لمن حاربنا، فان أسلم عصم ماله ودمه، وإذا لم يكن من أهل القتال لا نقتله، ولا يقدر احد قط أن ينقل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكره أحدا على الإسلام، لا ممتنعا ولا مقدورا عليه، ولا فائدة في إسلام مثل هذا، لكن من اسلم قُبل منه ظاهر الإسلام"(26).

 

ترغيب مذموم!

في الواقع أن التعددية الدينية والعقدية احترمها الإسلام وأقرها، وحكمها قائم إلى يومنا هذا، ولكن هذا لا يمنع من دعوة غير المسلمين وترغيبهم للدخول في واحة الإسلام، بيد أن الدعوة بينهم ينبغي أن تكون بإرادتهم، لا بسلطة الدولة أو القوة، أو استغلال العوز المادي، لأننا في هذه الحالة سنتعارض مع العديد من نصوص الإسلام، وأولها قوله تعالى: (لا إكراه في الدين) بل أن الدعوة بالقسر أو الإكراه خلاف حرية الإنسان التي هي أهم ما يمتلكها وما تميزه عن غيره، ومن نافلة القول أن أسلوب الدعوة إلى الدين القائم على الإقناع وعدم استخدام القاعدة الميكافيللية "الغاية تبرر الوسيلة" هو الذي يميز سماحة الإسلام عن غيره من المعتقدات، على عكس بعض المذاهب أو الأديان التي قد يستفاد دعاتها من هذه القاعدة إلى ابعد حد للتبليغ أو التبشير مستفيدين من الوضع اللا مستقر الذي يقع عليه حملات التبليغ أو التبشير فردا أو مجتمعا، ولا فرق بين أن يكون المستفيد داعية إسلامي، أو مبشرا مسيحي، أو غيرهما.

والعلة في ذلك أن استغلال الضعف الإنساني، وبخاصة في الأزمات هو نوع من الإكراه المنهي عنه، بل أن أي تبليغ أو تبشير من هذا النوع إنما هو عمل مضاد لحرية الرأي،  يقول الكاتب المصري سامح كريم وهو يشير إلى موقف عدد من الأدباء والمفكرين من التبشير: "لقد كان الأربعة طه حسين (1889-1973م) ومحمد حسين هيكل (1888-1956م) وعباس محمود العقاد (1889-1964م) واحمد أمين (1886-1954م)، من اشد الناس تحمسا لمقاومة هذا التبشير اقتناعا منهم بان هذه الحركة يقصد بها إضعاف ما في النفوس من ثقة بدين الدولة الرسمي، ولما تنطوي عليه من قصد سياسي هو إضعاف معنويات الشعب بإضعاف عقيدته بالإضافة إلى أنهم رأوا في هذه الحركة التبشيرية نفسها مقاومة لما يؤمنون به من (حرية الرأي) فإغراء السذج والأطفال من المسلمين بهذه الوسائل المادية لحملهم على تغيير دينهم أو حملهم على تغيير رأيهم في الحياة هو محاربة دنيئة لهذه الحرية، وهو من ناحية أخرى استغلال للضعف الإنساني كاستغلال المرابي حاجة مدينه ليقرضه بالربا الفاحش، والتبشير فضلا عن ذلك مناف لقواعد الأخلاق ما دام يتم في الظلام ولا يصارح القائم به الناس ليناقشوه فيما يقول ويدعو، وليبينوا ما فيه من زيف وفساد"(27). ولكن صور الإكراه والإغراء قائمة حتى يومنا هذا فقد نجحت الأحزاب العلمانية والدينية في هولندا في شهر تشرين الثاني- نوفمبر العام 2000م من سن قانون يتيح لوزارة الداخلية منح اللاجئ الإيراني المسلم الذي رفضت قضيته، حق اللجوء السياسي إذا غيّر دينه إلى المسيحية،  بدعوى أن عودته بعدئذ ستكون مستحيلة، لان عودته أو إعادته ستعرضه للموت بدعوى الارتداد، ومن المفارقات أن حزبين مسيحيين كانا وراء هذا التشريع الجديد(28).

من جانبه عقد البروفيسور عبد العزيز ساجدينا، بحثا متكاملا حول الحرية العقيدية ضمن كتابه القيّم (الجذور الإسلامية للتعددية الديمقراطية) خلص إلى القول بان: "الرسالة الشاملة للإسلام تظهر من دون الخضوع لسياق تاريخي أو ثقافي محدد أن الوحي يقبل التعددية الدينية، ويطالب المسلمين باستمرار بمبدأ الحوار مع التأكيد على وحدة الإنسانية في نشوئها وخلقتها"(29).

إن الشيء الواضح والبين مما تقدم أن قبول التعددية الدينية والإقرار بها، يفترض وبصورة طبيعية أنها تترك للناس حرية الإيمان بعقيدة دينية واعتناقها، وإلا فلا معنى لمعتقد يكره المرء عليه، فما جاءت مقدماته بالإكراه أو القسر كانت نتائجه باطلة غير ملزمة أو نافذة أو مجزية، وهو أمر تسالم عليه العقلاء ويقره الشرع والعرف والعقل.

 

الهوامش:

1- الشاذلي، سيد قطب: في ظلال القران ج1 (بيروت، دار إحياء التراث العربي) ص425.

 2- الطبرسي، الفضل بن الحسن: مجمع البيان ج1 (بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1379هـ) ص363.

3- الجنابذي سلطان عليشاه، سلطان محمد: بيان السعادة في مقاماة العبادة ج1 (طهران، مطبعة جامعة طهران، ط2، 1385هـ) ص222.

4- الشيرازي، محمد: الصياغة الجديدة لعالم الإيمان والحرية والرفاه والسلام (بيروت، مؤسسة الفكر للثقافة والإعلام، ط3، 1413هـ/1992م) ص505-506.

5- الصياغة الجديدة (مصدر سابق) ص311-312.

6- الصفار، حسن: التنوع والتعايش.. بحث في تأصيل الوحدة الاجتماعية والوطنية (بيروت، دار الساقي، ط1، 1999م) ص34.

7- شمس الدين، محمد مهدي: من مقدمة كتاب: "التعددية والحرية في الإسلام" للشيخ حسن الصفار (بيروت، دار المنهل، ط2، 1416هـ/1996م) ص8.

8- الجندي، أنور: "ثلاثة عوامل وراء تدهور العالم الإسلامي" مجلة منار الإسلام (أبو ظبي، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف بدولة الإمارات العربية المتحدة، السنة 19، العدد 6، 1413هـ/1993م) ص72.

9- يعقوب، احمد حسين: النظام السياسي في الإسلام (الأردن، مطابع شمس المشرق، 1989م) ص257.

10- الشيرازي، محمد: إذا قام الإسلام في العراق (بيروت، مركز الرسول الأعظم (ص) للتحقيق والنشر، ط3، 1419هـ/1998م) ص74.

11- صافي، د. لؤي: العقيدة والسياسة.. معالم نظرية عامة للدولة الإسلامية (واشنطن، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1، 1416هـ/1996م) ص72.

12- انظر: الشيرازي،  صادق: السياسة من واقع الإسلام (إيران، ط2، 1401هـ) ص226.

13- راجع: بيْهم، محمد جميل: فلسفة تاريخ محمد (بيروت، الدار الجامعية للطباعة والنشر، 1957م) ص132.

14- شمس الدين، محمد مهدي: في الاجتماع السياسي الإسلامي (قم- إيران، دار الثقافة للطباعة والنشر، ط1، 1414هـ/1994م) ص290-291.

15- Many Writer, Understanding History, Heinemann Educational Books Ltd, Oxford, First published 1991, p54.

16- انظر: الصياغة الجديدة (مصدر سابق) ص352-353.

17- النظام السياسي في الإسلام (مصدر سابق) ص187.

18- انظر: القزويني، محمد كاظم: موسوعة الإمام الصادق ج3 (قم- إيران، مؤسسة نشر علوم الإمام الصادق، ط1، 1416هـ) ص115.

19- كوهين، روجر: "الأقليات والانتخابات في ألمانيا" صحيفة الشرق الأوسط (لندن، بيت الإعلام العربي، السنة 23، العدد 8203، 1422هـ/2001م) ص7.

20- المودودي، أبو الأعلى: الحكومة الإسلامية (القاهرة، المختار الإسلامي للطبع والنشر والتوزيع، ط2، 1400هـ/1980) ص25 و28.

21- الشيرازي، محمد: السياسة ج2 (بيروت، دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر، الطبعة السادسة 1407هـ/1987م) ص219-220.

22- العقيدة والسياسة (مصدر سابق) ص73-74.

23- السياسة ج2 (مصدر سابق) ص218.

24- الشيرازي، محمد: الفقه الاجتماع (قم إيران، مطبعة سيد الشهداء) ص117-118.

25- السياسة ج2 (مصدر سابق) ص218-219.

26- الصالح، د. صبحي: الإسلام ومستقبل الحضارة (بيروت، دار الشورى، ط1، 1982م) ص234.

27- كريم، سامح: إسلاميات (بيروت، دار القلم، ط2، 1977م) ص29-30.

للمزيد، انظر: أ.ل.شاتليه (A.Le Chatelei) الغارة على العالم الإسلامي، تلخيص وتعريب: محب الدين الخطيب ومساعد اليافي (بيروت، مكتبة أسامة بن زيد).

28- راجع: الخفاجي، محمد: "القول الفصل في العلاقة بين الإسلام والمسيحية" مجلة الرأي الآخر (لندن، مركز التثقيف الإسلامي، السنة 5، العدد 54، 1421هـ/2000م) ص12.

 29- Pro Abdulaziz Sachedina، THE ISLAMIC ROOTS OF DEMOCRATIC PLURALISIM، Oxford University Press، New York،First Published 2001,p27.

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org