مقالات

الفلسفة الاغريقية في السياسة والدولة .. الجزء الرابع

 

قرطبة الظاهر

 سقراط وولادة الفلسفة السياسية 

سقراط (470 – 399) ق. م. هو اول من نطق وتحاور وانتقد واسس المدرسة السياسية في أثينا. فهو كما قال عنه سيزيرو "أول من انزل الفلسفة من السماء". وهو بجانب السفسطائيين اول من انضج واجج ازمة الاخلاق وعمل على البحث عن تفسير لها. هذه الازمة ولدت اثناء الحرب البيلوبونية وحاول السفسطائيون في تلك الحقبة إيجاد مخرج لها من خلال استعمال قوة النقد والاقناع من جهة ونظرياتهم التي اثارت الحذر والريبة بين اهالي اثينا من جهة اخرى. بينما استغلت التراجيديا الاغريقية هذه الازمة من اجل عرضها على انها تصادم للمعاير collision of norms كي تعالج بالتقية النمطية. لم يكنْ أحدٌ يعلم كيف كان سقراط سيجيب عن أسباب هذه الازمة لكنه قدّمَ إجابة أدهشت وصدمت كل محبيه وجُلاسه ألا وهي: "إني أعلمُ، بأني لا أعلم شيئا". عندما يقول سقراط عن نفسه بانه لا يعلم شيئا فانه بهذه العبارة  قد عبّرَ عن تفوّقه الفكري على أقرانه. إنه يبين للسياسيين والحرفيين وكل اهالي اثينا إنهم مجرد يعتقدون بما يعلمون، لكن في حقيقة الواقع والحال أنهم لا يعلمون شيئا. من جهة أخرى يُبيّن  سقراط أنَّ ضريبةَ أزمةٍ كهذهِ سيدفعُ ثمنَها من صنعها غيرَ متوقعٍ نتائجها وعواقبَها. فبعد كل حرب تأتي الازمة كانهيار أخلاقي وقيمي في المجتمع : في تعامل الافراد مع بعضهم البعض ثم في سياسة الدولة ونظامها السياسي ثم ينعكسُ هذا الانهيارُ في المنظومة الاقتصادية حيث الفساد وسرقة المال العام وما شابه ذلك من شوائب وعواقب الحروب. هنا اصبح سقراط الرجل التوعوي وقد سبق القرن الثامن عشر وفلاسفته التوعويين مثل إمانويل كانت الذين وضعوا الانسان في صُلب الفلسفة الفكرية كما فعل ذلك من قبلهم سقراط. فعندما يخلق سقراط هذه الازمة الاخلاقية فإنما يدلُ هذا التصرف على انه هو من طمح لقيادة ثورة في الفكر الانساني من اجل دفع الانسان نحو التحرر من الالتزامات الاخلاقية النمطية والتراثية في ذلك العصر. بالاضافة إلى ذلك إتبع سقراط ما يمليه عليه وعيه الذاتيُّ كما أسماهُ الاغريقيون ب "الصوت الداخلي" للانسان (Daimonion) والذي يعود في إكتشافه إلى أساطير هومير.

سقراط شخصية غامضة لكنها بلا شك اعجوبة التاريخ الاغريقي في الفلسفة الفكرية الانسانية. بالرغم من أنَّ جُلَّ علماء التاريخ والاثار والفلسفة لم يكتشفوا مدوَّنةً أو مخطوطاً واحداً له بسبب حُبّه للحوار وتعليم الاولاد من الطبقات الراقية والاعتماد عليهم في كتابة ما يُلقي هو عليهم من دروس فقد بقي خالدا في كتب الفلسفة من خلال ما توارثه عنه تلامذتُهُ في المدرسة السقراطية الاولى. فمَنْ عاصرهُ أحبّهُ وكرهه في نفس الوقت. حتى زوجته "كسانتيب" كانت تسكبُ الماءَ من سطح بيته عليه وعلى محاوريه حين يجتمعون هناك لدى مُدخل بيته كي ترغمه على السكوت أو مبارحة المكان. وها هو المسرحي الساخر أريستوفانيس يستهزئُ في مسرحيته الساخرة "السحابة" و التي كتبها 24 سنة قبل وفاة سقراط ..يستهزئ من السفسطائيين الذين يقلبون الاسودَ إلى أبيض. يبين اريستوفانيس في هذه المسرحية سقراط كشخصية سفسطائية كاريكاتيرية من اجل النيل منه. فهي تتحدث عن فلاح فقير اسمه ستريبسياديس يتزوج من إمرأة ميسورة الحال من المدينة. وخلّفَ هذا الرجلُ ولداً يهتم كثيرا بالاناقة ويسعى وراء كل ما هو راقٍ وذي ذوق رفيع حتى أصبح يشتري الخيول النادرة والباهضة الثمن. بذلك أصبح هذا الولدُ مديونا. فقرر الوالد أن يرسله إلى سقراط ليس من أجل أنْ يتعلمَ كيف يُسدّدُ ديونه وأنما كيف يدافع عن الاسباب التي دفعته لانفاق المال الكثير حتّى يكسب القضية أمام المحكمة . يبدو سقراط في هذه المسرحية لا مُعلِّماً للحكمة وبناء الفكر الانساني وإنما مُفسداً للشباب في تعليمهم فنون تحوير اللغة وكسب الامور الباطلة حتى لو كانت هذه جُنَحاً أو جرائماً. مسرخية السحابة هذه تمثلُ مكانةَ سقراط المتعالية على المجتمع والتي يحاول من خلالها أنْ يكونَ إلها جديدا معبوداً من قبل أنصاره مترفّعاً عن الجهلاء من عصره. من المعروف أنَّ كلَّ مَنْ يظهر في مجتمع مليءٍ بالجهل والجهلاء على أنه أنسانٌ فاهمٌ وواعٍ لأمور الحياة يحاول مساعدة الاخرين في إيضاح الخطا وتوعيتهم لا يحظى إلا بنكران المجتمع له ومحاربته والانتقام منه.

لم يتوقع أحدٌ أنَّ عواقبَ هذه المسرحية سوف تؤثر سلبا على سمعة سقراط كي تودي بحياته وتُنهي النظام الديمقراطي في نظر تلامذته وعلى راسهم أفلاطون. أما كسينوفون فقد دافع عن سقراط في العديد من كتبه وجعل منه مواطنا وطنيا صالحا. عكس ما أظهره اريستوفانيس، يبدو سقراط في مخطوطات كسينوفون الرجل العادي، الفيلسوف النافع الذي لا يملك سوى صحبته ومدينته ولا يملك اي اهمية تاريخية عالمية. إنه إبن مدينته ومُعلّم الاقتصاد المنزلي (Oikonomikos) الذي يهتم بفنون الجمال حسب وصف كسينوفون.

رغم كلِّ ما يتضح لنا من امثلة لمن عاصر سقراط، لم يستطعْ أحدٌ في التاريخ الاغريقي وصفَ الاستاذ البارع في إدارة الحوار ونقد الذات والبحث عن الكثير من الحلول الفكرية كما أجادَ وصفه تلميذه أفلاطون. لقد كتب الاخير حوارات عديدة يحدد فيها ملامح هذه الشخصية المثيرة للجدل موضحة لنا قدرات سقراط على منافسة المقابل في مناقشته والتعمق شيئا فشيئا حتى الوصول إلى الشك او الطريق المسدود من اجل العودة إلى نقطة انطلاق الحوار (Apory). مع أفلاطون تنطلق الفلسفة الفكرية السياسية لسقراط في ثلاث حوارات تبين مراحل حياته ودفاعه عن الفكر والمبدأ والقيم الذاتية والانسانية، تبدأ في محاكمة سقراط في حوار مع (Euthyphron) وتمضي في دفاعه أمام الجمعية الوطنية عن الفلسفة (Apology) وتنتهي في إصدار الحكم وإعدام سقراط في حوار مع (Kriton). يتحدث الحوار الاول (Euthyphron) بسخرية عن جلسات المحاكمة وتبدأ بطرح السؤالين: " مَنْ هو التقيُّ وما معنى التقوى ؟ " يوضّحُ هذان السؤالان أن مدينة اثينا فقدت مفهوم التقوى. لكن من الايجابي أنْ يُدرك واحدٌ من اهاليها ومواطنيها مفهومها، واحدٌ ألا وهو سقراط. يبدأ الحوار مع شخص اسمه أويثيفرون Euthyphron يروم رفعَ دعوى ضد والده ويلتقيه سقراط أمام مبنى المحكمة. فقد قام الوالد بالاعتداء على احد العمال الذين يكسبون قوتهم اليومي لدى ولده. فكان الوالد في حالة من الثمالة والعنف فدفع الكاسب الفقير في حفرة اودت بحياته. ولان أويثيفرون رجلٌ تقيٌّ يسعى لتنظيف بيته وسمعته من هذا العمل الشنيع توجه للشكوى ضد والده. يتبادل أفلاطون الادوار في هذا الحوار ويضع سقراط الرجل الباحث عن التقوى، التلميذ وطالب المعرفة وأويثيفرون هو التقيُّ والمعلم الناجح. لكن يتضح في الحقيقة أنَّ اوثيفرون رجلٌ غيرَ تقيٍّ كونه يروم مقاضاة والده دون رأفة من خلال سعيه "لغسل العار" ومحاكمة والده كي يُعدم أمام الجميع. وعندما يسألُ سقراطُ عن معنى التقوى يجيب اويثيفرون: "إنها تعني ملاحقة الجناة السيئين حتى لو كانَ هؤلاء آباءً او أمّهاتٍ . حتى الالهة لم تتراجع عن قرارها في التقوى: فالاله زويس قام بتكبيل والده كي لا يقوم الاخير بقتل ابنه وابتلاعه". ولان سقراط أو بالاحرى الفلسفة السقراطية لا تستهدف تقديم أمثلة عامة كحلول للمعضلة وانما تبحث عن جوهر الشيء، عن كينونة المفردات ومعانيها. ما معنى التقوى وما هي التقوى ؟ ما هي الامور التي تؤدي إلى وصف الشيء بالتقي؟ كيف نعي او ندرك بان هذا الانسانَ تقيٌّ؟ ثلاث مفردات يتناولها سقراط وهي: eidos, ousia  و idea ولثلاثها نفس المعنى وهو النظر. من خلال الإدراك أو النظر إلى الامور نستطيعُ أنْ نستنتجَ معانيها ونصل إلى جوهرها. يستمر أويثيفرون في محاولته لايجاد معنى للتقوى فيقول: "التقوى تعني ما ترغب به الالهة او بالاحرى كل ما ترغب به الالهة". فيسألُ سقراط : "هل تحب الآلهة التقوى لانها تقوى أو لأن التقوى هي تقوى لذا تحبها الآلهة ؟" يُريد سقراط من هذا التجاوز أنْ يُشيرَ إلى أن على الانسان أنْ يُدرك الشيءَ ويعي معناه قبل أن يمارسه على أنه أمرٌ إلهيٌّ. يحاول اويثيفرون أنْ يجدَ مخرجا لحرجه أمام سقراط فيجيب: "إذاً، كل ما هو تقيٌّ يكون عادلا و هناك نوعان من العدالة، العدالة الالهية والعدالة الانسانية. نحن نعطي للالهة ما لها كما نعطي للانسان حقه." ينتهي الحوار بين سقراط واويثيفرون في العودة إلى نقطة انطلاقه في تقديم نفس السؤال: ما هي التقوى؟ يستنتج سقراط بان المدينة واهاليها لا يعرفون معنى المفردات لكنهم يستخدمونها. فأن التقوى حسب مفهوم سقراط لا تتناسب بين البشر والالهة لان الانسان مديون للالهة بأكثر من تقوى.

في الحوار الثاني يتقدم سقراط بالدفاع عن نفسه في المحكمة (Apology) كمواطن لمدينة أثينا وإنسان مطيع للالهة في كلمة يلقيها على اهالي المدينة. وكمواطن يتأثر سقراط بسلبية النظام الديمقراطي واصفاً إياه بالنظام العَبَثيّ، منتقدا طريقة انتخاب الشعب للموظفين الحكوميين ونظام السحب. وقد قامت المحكمة في عام 399 ق.م. وكان أحدُ المُدّعين أنيتوس الديمقراطي الذي شارك قبل ذلك في الاطاحة بالنظام الديمقراطي عام 404 ق.م. وأسّسَ نظام الثلاثين طاغية. وبعد اعادة الديمقراطية إلى أثينا تمَّ إصدارَ عفوٍ عام عن الانقلابيين ولم تتم محاكمة أحدٍ منهم. يتضح مغزى المحاكمة في إرتباط سقراط بالمدينة أو ابتعاده عنها والبحث عن العلاقة بين الفلسفة والدولة، بين القيم النمطية وبراءة الذمّة. لم يطالب سقراط المحكمة بالعفو العام ولم يدافع عن التهم التي وُجّهت له وهي عدم الايمان بالالهة، وإستحداث آلهة جديدة و إفساد الشباب.. بل ترفّع عليها وتكابرَ. فبدلاً من إعترافه بالتهم طالب بأعلى مكافأة له وهي إقامة مأدبة طعام على شرفه في الPrytaneion أي في مجلس الحكومة. بدأ سقراط دفاعه عن نفسه بكلمته الاولى التي تستهدف البحث عن الحكمة كخدمة للالهة. ويتوجّهُ في خطابه إلى الناقمين عليه وأكثرهم من الطبقات الارستقراطية: "إنهم ناقمون عليَّ لأني سألتهم ولم يستطيعوا أنْ يُجيبوني على أسألتي وإني قد خدمت بذلك الآلهة. أردتُ أنْ يُدركوا بأنَّ " هرقل دُلفي " هو من عظّمَني ومجّدني كأحكم الحكماء بين البشر. لذا كنتُ أسألهم كي أعلمَ بأنَّ لا يوجدُ أحدٌ حكيمٌ سواي". هنا يؤكد سقراط بأنَّ حكمته كأحكم الحكماء تكمن في علمه بأنه لا يعلم شيئا. هذه الحكمة الانسانية يعود مصدرها إلى هرقل دلفي الذي يناشد الانسان: إعرفْ نفسك! بمعنى آخر : إعلم بأنك لستَ أزليا. هنا تختلف المعاييُر بين حكمة سقراط الانسانية وحكمة الالهة. إنَّ حكمةَ الانسان لا تُقيّمُ كما تُقيّمُ حكمةُ الالهة. لذا فقد تكون حكمة الانسان في عدم معرفته لجوهر الاشياء هي تحفيز إلهي لمعرفة الذات واستيعاب كل ما يدور في المحيط البشري لكون الانسان مخلوقاً غيرَ أزليٍّ. يستمر سقراط في كلمته الثانية دفاعاً عن نفسه ضدَّ التهمة التي تخص إفساد الشباب، التي تنتهي إلى أنَّ المُشتكي لا يعرف معنى التربية وتسقطُ التهمة. أما كلمته الثالثة فيوجهها للفلسفة ويدافع عنها كعمل سياسي. الفيلسوف هو رجل سياسة بلا درجة وظيفية حكومية. وكل ما قدمه سقراط من تعليم لم يكن إلا تضحية فردية منه للمدينة. وإنَّ أكبرَ هدية للمدينة هي الحكمة: "لا يوجد أعظمُ ما يستطيعُ المرءُ إهداءه للمدينة وللالهة كالحكمة". لم يقدم سقراط خدمة للدولة كموظف فيها لأنَّ صوتَهُ الداخلي (Daimonion) منعه من هذا التصرف. فحسب قوله مَنْ يعمل في الحكومة "يعيش مصيره معتكفا في حياته الخاصة، بعيدا عن الحياة العامة. ولو أردتُ أْنْ أعملَ في أحد مناصب الدولة لكنت ميتا الان". لكن أين تكمن خدمة المدينة إذا ؟ سقراط يجيب: "إنها تكمن في التحاور عن الفضيلة يوميا مع بعضنا البعض : كيف نستطيعُ أنْ نعيشَ أفضلَ حياة؟ هنا لا أعني كيف نقاوم الحياة بالخبز والماء وإنما جودة الحياة هي مُخبأةٌ في روح الانسان. فالاهتمام بالروح هو اهم شرط لسياسة جيدة". تنعكس نظرة سقراط فيما بعد على أفلاطون في معنى المدينة على انها روح كبيرة. يختتم سقراط كلمته أمامَ القُضاة بأنْ "بلا فلسفة لا قيمة للحياة لأنَّ عدمَ البحث عن كينونات الامور التي تخصّنا معناه أنْ لا تكون هناك قيمةٌ للروح البشرية. لقد حان الوقتُ لي بأن أرحلَ وأنتم بأن تعيشوا". ينتهي حوار سقراط بإصدار الحكم عليه  بالاعدام بتجرّعه لسمٍّ قاتل. حين كان سقراط في السجن، وقبل تنفيذ الحكم عليه بدقائق، أتاه  كريتون (Kriton) بخبر أنه قام بدفع رِشوةٍ للسجّانين وهم مستعدون لتهريب سقراط. لكنَّ سقراط رفض فكرة الهروب من السجن وأصرَّ على تنفيذ الحكم. هناك ثلاثة أسباب جعلت سقراط يمتنع من الهروب: أوّلها أن سقراط يؤمن بأنَّ الظلم لا يُواجَهُ بظلمٍ مقابل. وثانيها: لا يجوز التجاوز أو العبث بالقانون. وثالثها: يجبُ الإلتزام بالوعد . هنا يقصد بالوعد كعقد إجتماعي بين الفرد والدولة. قبول سقراط بالحكم يعني أنه قبل بالعقد والعقودُ يجبُ أنْ تُلتزم. يبدو لنا سقراط في هذا الحوار أنه أوّلُ مُناصري العقد الاجتماعي. لكنَّ السؤالَ الذي يطرحُ نفسَهُ: كيف يلتزمُ سقراط بعقدٍ بُنيَ أساسا على الظلم؟ كيف يحُاكمُ فيلسوفٌ ظلما وهو بريءٌ لم يقترفْ إثماً أو جُرماً أو شيئاً من هذا القبيل؟ هنا يبدو لنا أنَّ وجودَ هوّة بين القانون والفرد وفقدان التناسب بينهما يُعجّلُ في إصدارَ أحكامٍ كيديةٍ ... يبدو أمراً مألوفا في دولة عُرِفتْ بديمقراطيتها.

 قدّمَ سقراط  نفسَهُ فداءً من أجل تحرر الفرد من ارتباطه بالدولة وقوانينها الجائرة، من اجل حرية الفكر، من أجل حرية الإنسانية...

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org