مقالات

موت البحر!!

منار العابدي

ذات يوم كان البحر هادئا صافيا خاليا من الأمواج وكأنه يغط في نوم عميق بغير عادته.. فقد تعودت أن أراه عاصفا ترفع الأمواج كل ما يحوي من بضاعة الى السطح وتلقي بها بقرب الشاطيء.. أخذني هذا الصمت المطبق الى خيالات واسعة.. وبدأت الأفكار تتزاحم من حولي في عجلة من أمرها وكأن أفكار تتسابق للوصول الى القمة بكل ثقة..

شعرت بالفضول تجاه هذا الصمت الذي يسكن البحر.. فبدأت أحاول أن أستجوبه قليلا علّه يخبرني بالسر!!حدثته طويلا وسألته كثيرا.. حتى أجابني: أنا في حزن عميق... أنا في ياس كبير... فقد كنت سابقا ملجأ للعشاق ومهربا لهم يأتوني حين الفرح وحين الحزن.. أما الآن فما عدت أرى أحدا من هؤلاء العشاق.. لم يزرني أحدا منهم منذ زمن بعيد.. وأخذ يتحدث بمرارة وحسرة تدمع لها الأعين وكأنه قد ودع عزيزا.. وإستمر في الحديث حتى سألني سؤالا كان من الصعب علي أن أجيبه جوابا شافيا.. ففي الحالتين ستكون الصدمة قاسية جدا بحق هذا الكائن المجهول .. في الاجابة والصمت يكون دماره وموته!!

سألني: بالله عليك أتعرفين أين رحلوا؟ ولماذا لم أعد اراهم بقربي؟! .. صمتّ برهة وحاولت أن أجمع قواي واجيبه بصراحة!!

قلت له: لقد مات الحب في هذا الزمان وما عاد من عاشقين ولا عشاق.. كل قد انزوى وانطوى بعيدا عن الحبيب!  فما أصابهم من الحب قد أوصلهم الى الهاوية حيث النهاية المؤلمة! إستوقفني وقال: ها هنا في هذه اللحظة أعلنت نهايتي وموتي.. فأنا لا أقوى على عيش دون عاشقين!! انه الحب سرّ الوجود ليس للانسان فقط بل للكائنات الاخرى ومنها البحر الذي احس بنشوته المعهودة حينما خاطبه ايليا ابو ماضي قائلا:

كم فتاة مثل ليلى وفتى كأبن الملوح

قضيا السّاعات في الشّاطىء ، تشكو وهو يشرح

كلّما حدّث أصغت وإذا قالت ترنّح

أخفيف الموج سرّ ضيّعاه؟..

لست أدري!

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org