مقالات

 

هل نشهد ...فضائيات تعاقب السياسيين ؟

 

د.كامل القيّم / جامعة بابل

 

مشهدنا الاعلامي والمعرفي انتقل خطوات جبارةبعد ان مسك او من المفترض ان يمسك العصا الشبه سحرية في ممارسة صنع راي عام بمستوى المرحلة ، هذا الراي الذي اراده السياسيون ان يكون مقفلا على الكتلة او الحزب او الانتخاب او الاستحقاق وهكذا ...كان قدرنا وقدر بعضفضائياتنا ان تسّوق خطاب سياسي كارتوني دون ثوابت ودون استراتيجيات.

 ولانعلم مامعنى تغطية هذا الاجترار وهذا التكرار وتلك الاعادات التي يدلي بها السياسيين منذ 6 شهور ...ولاجديد غير المكان او الديكور .فالبعض من الفضائيات وعلى صدر النشرات الاخبارية او الشريط الاخباري المتحرك ان تُقسم ان لاتنمية ولاهيبة اعلامية الا للسياسيين ،وتأتي الينا بأسماء وتصريحات منسوخة ولاتحمل اي بعداً اعلامياً اواستقصائياً او اي منافذ في التغيير ....واذا كان هذا الاصرار على ملاحقة السياسيين او اعضاء مجلس النواب بأناقتهم التامة وحديثهم الذي ربما لايعلمون انه اصبح (كالنشيد الوطني) بتلك المصطلحات التي لم تشاكس ولم تتوقف عندها بعضفضائياتنا المهرولة نحو تغطية العملية السياسية دون امكانية رفع الفيتو( الحجب والمحاسبة)على السياسيين...وكأنها وجدت سياسية بالكامل وللشخصيات السياسية بامتياز .

واذا كان السياسي يتحدث دون هوادة عن موقف كتلته ... ويصرح مايصرح به الاخرون ...فما دور الوسيلة الاعلامية في رفد المتلقي بمعلومات اليقين ...وقد ساقت لنا الاحداث الالاف المصطلحات نمر عليها مرور الكرام ولانستوقف السياسياو المسؤول بهذا الوصف او ذاك ، فهل يعلم الاخوة المصرحين ان الفضائيات غدت ملعباًمضاءاً للهيبة ...والشهرة ...على قاعدة ( انا اصرح ...اذن انا موجود ) وهي جزء من تقاسم الادوار في تسويق معلومات عامة يعلم بها حتى بسطاء الناس ، فكم الف مرة كرر السياسيون جملة ( حكومة شراكة وطنية ) والاستحقاق الانتخابي ، وآلية انتخاب رئيس الوزراء ، والتدخل الخارجي ( وبايدن يسرح ويمرح في شوارع بغداد) ، ونحن لانهمش احد،وستفرج الازمة ، وتطبيق اليات الدستور .... ولازالت المباحثات وهناك تقارب وغيرها مئات.لكن لم يصرح احدا منهم ( اي السياسيين ) حول العملية التنموية ، والعملية التربوية ، والامنية ، والقيمية ، والاقتصادية وصولا الى ملفات اعمق واخطر ...كمستوى وزمن الوجود الحقيقي للقاعدة والارهاب في العراق...وحجم الفساد... وابعاد ونوايا الالتصاق الاستراتيجي الامريكي في العراق.

لم يصرح السياسون بموقفهم ازاء الكتل البشرية التي زحفت لهم امل بتغيير او فرج حياتي ...هم الان قابعين تحت مظلات التناقض الذي أشر مكامن العقلية السياسية في العراق ،على انها فشلت بامتياز ...وتلك المرارة لايدفع ثمنها غير المتأملين والمسرعين بالتغيير الحقيقي لعراق مزدهر.

ووسط عشرات التصريحات لم يعلل لنا احد لماذا لايتفق ولماذا اتفق مع الكتلة الفلانية ، وكأن ساحة الصراع مسورة ( بالقادة ...قدر العراق )...وفي احيان كثيرة يتم تجاهل سقوط الشهداء والجرحى من عشرات التفجيرات الاجرامية ...لكن لا تصريح ولا خلية ازمة ...ولا مجتمع منكوب ..وكأن علينا ان نعطي تضحيات بالدم والمال والزمن ...كي يشكل السياسيون حكومة ( المعجزة) وتحت كهرباء كامل ، وامان تام ، وخدمات جبارة بزمن مفتوح.

وفضائياتنالاتحسب ان متلقيها قد نفد صبرهم من مخيال التكرار ...وتوقع وتقلب ..الاتفاق والاختلاف ، الذي يبدو لي انه لايعدو ان يكون شخصنة ...اما الراي العام فقد قفل قاموسه ووجوده اصلاً بعد الانتخاب ...ومصر ان لايغير بوصلة الاثر الاعلامي ...ولو علمت فضائياتنا كم خسرت من الجمهور العراقي من متلقي نشط لإعادة جغرافية الاحتضان والتلقي في الهم الوطني ،وهذا ما أوضحه برنامج سياسي حول دور الاعلام في تشكيل الراي العام في قناة الاتجاه الفضائية( 14 /9 ) بعد ان اوضح معظم ضيوف البرنامج ان التلقي والاعتمادية تأتي بالدرجة الاولى من فضائيات اجنبية وعربية لاستطلاع شؤون العراق ...وهذا مؤشر خطير في ادبيات الاعلام ..لكن لا احد يحسب تلك الحسابات ولااحد يتحسس المضمون الثقيل الذي نُصبح ونُمسي به لوجوه باتت تطلق مصطلحات مخجلة التكرار .فبعضها تساهم اليوم بشكل فاعل في ادامة ومراوحة الضحك السياسي على الذقون ، وتساهم بشكل مدروس ام تلقائي على (سياحة الوضع القائم ).

نريد منها فضائيات  كاشفة للمستور ،كما فتحت فضائية الفيحاء النار على الركود حينما نقلت رد الفعل الوطني للنائب القاضي وائل عبد اللطيف ، مستصرخاً بيان الحقائق والكوليس وقاعدة البيانات حول الارهاب وحجمه وتداعياته والقائمين خلفه ، لملف اتعب الجميع ...دون حقائق. وكما فتحت قناة الاتجاه والبغدادية النار على كواليس ازمة الكهرباء بتغطية رائعة بعد تفاقم ازمتها في البصرة....هكذا نساهم بكشف الحقائق بالاستقصاء والتحري غير الموظف .

ان مسؤلياتها كقوة جبارة تكمن في احراج السياسيين وربط بياناتهم بالراي العام ، ووضع الشأن العراقي امام البوصلة الاعلامية بكل دقائقه ...وعليها ان لا تكتفي باستظهار سطوتهم، على انهم خَدَمة العراق وانهم امل العراق ...وانبراءتهم مما يجري لمصلحة العراق ...في الوقت الذي تنتظر البلد مئات الملفات الغائرة في وسط التضحية بالزمن والتأجيل والاجتراروالتاويل ، وهكذا سنتخلف وسنراوح رغماً عنا.

ففي الوقت الذي تحركت منظمات المجتمع المدني بشجاعة للضغط على قادة الكتل بإسراع تشكيل الحكومة _ وان كانت متأخرة _ نرى اعلامنا يتفرج وينقل اجترارات الناطقين _ على انها سبق صحفي _ وتسّوق الخدر الاعلامي الى الراي العامبجرعات منشطة وفعالة ، فهي تقوم مقام العلاقات العامة، لهذا الوضع دون ان تسهم به وتعمل على تغييره، ونختتمامنيتنابالأسئلة الاتية : هل شكلت الفضائيات العراقية راياً عاماٍ ضاغطاً على السياسيين ؟ هل اسهمت في ذعر القائمين على التأخير من الحساب التاريخي والوطني ؟ وهل هي مصرة على ان تكون متفرجة وناقلة دائمةلخزائن الذاكرة العراقية ؟؟ هل يمكن لها ان تقاطع وتحجب الوجوه التي توعد العراقيين بمستقبل ممتد وزمن يعتاش على الاجل غير المسمى، والمحاولة وبصيص الضوء لتنازل السياسي( يتنازل عن ماذا ) ؟ هل ستفعل فعلتها وتعاقب ، لتحمي الديمقراطية في العراق وتواجه قحط الوجاهة ورضا المسؤولين ؟ هل ستفعلها ؟هل ستقاطع السياسيين وتحجب استعراضاتهم عن شاشاتها هل يمكن ان نوجد لغير السياسة ...اتمنى ...واجزم ان تلك العقوبة ستولد تشكيل الحكومة في 3 ايام.

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org