مقالات

مــن هــو باقــر الصــدر؟

 

قاسم الكوفي/  سويسرا

ترددت في الكتابة عن رمز العراق باقر الصدر، لـ عظمة شخصيته، وعطائة، وعصاميته الفريدة.

باقر الصدر جبل شامخ  يَفرض على اهل المعرفة و الفكر، والبصيرة، وطلاب الحقيقة والوعي، التوقف ثم التوقف، والتأمل امام بابه العالي، قبل الدخول الى عوالمه.

اذ كيف سيكون الحال مع امثالي؟

لكن الذكرى السنوية لعروجه الملكوتي الى السماء في  9/4/1980م، دفعتني للكتابة.

باقر الصدر الذي خجلت منه الالقاب، ولم يُبق خصلة عظيمة الا وجسدها، أعظم واجمل تجسيد.

فقد وضع الصدر الشهيد الذي ولد  وأغتيل في بغداد (1935 م -1980 م) ـ  عمره في خدمة الوطن، والقيم والمبادئ، والانسان.

 (ياشعبي العراقي العزيز.. أيها الشعب العظيم.. ..أني منذ عرفت وجودي ومسؤوليتي في هذه الامة، بذلت هذا الوجود من أجل السني والشيعي على السواء، ومن أجل العربي والكردي والتركماني.....،

ياأبنائي أني صممت على الشهادة ولعل هذا هو آخر ما تسمعونه مني ....)

الف الصدر الشهيد  كتابه (غاية الفكر) ولم يتجاوز عمره السبعة عشر ربيعاً، وقبله كتاب ( فدك في التأريخ)، اما كتاب (فلسفتنا) فقد طبعه عام 1978م (اقتصادنا) عام 1972م، المرسل الرسول الرسالة،الإنسان المعاصر وقدرته على حل المشكلة الاجتماعية. والكثير من المؤلفات التي اغنت المكتبة الانسانية، رغم عمره القصير.

 بلغ  باقر الصدر درجة الاجتهاد المطلق قبل ان ينهي الثامنة عشر، واعترف باجتهاده، ونبوغه العلمي كبار العلماء، وهو صاحب المدرسة التجديدية العصرية التي تؤهل طلاب العلوم الاسلامية الى الولوج الى عالم الاجتهاد بسرعة، وسهولة من خلال فهم واستيعاب حلقات الاصول الثلاث التي الفها، كذلك رسالته العملية  (الفتاوى الواضحة)  البعيدة عن الاسلوب التقليدي، الذي يحتاج لفهمه وفك طلاسمه عدة دراسات، وشروح من ذوي الاختصاص والخبرة.

هو نفسه ذلك العابد الزاهد والمرجع الذي تأتيه الاموال، والحقوق الشرعية، والقائد السياسي الواعي المخلص لقضايا وطنه، و المؤسس  لـ حزب الدعوة الاسلامية عام 1955م.

فقد استشعر باقر الصدر مبكرا خطر حزب  البعث على الانسان العراقي، وافتى بحرمة الانتماء اليه، في وقت لم يتجرأ فيه أحد على التفكير في اقل من ذلك.

حينها ربطت  السلطة  به  كل اهتزاز داخلي، وأنّه اي الصدر لا بد أن يكون وراءه على نحو من الانحاء

فاحتجز الصدر خلال تلك الفترة، ووضع تحت الاقامة الجبرية، ثم تم اعتقاله لاكثر من ثلاث مرات خلال الفترة الممتدة بين 1972م  ـ  1979 م

وأما احتجازه الاخير فقد استمر لاكثر من ثمانية اشهر، لم يزره خلالها سوى المرجع الديني سماحة اية العظمى السيد عبد الاعلى الموسوي السبزواري.

وبدلا من ان تنصره الحوزة، اخذت تسرب الاخبار، والدعايات التي تنال من الصدر ومواقفه في مواجهة نظام صدام حسين!

اصبح الصدر الشهيد العقبة الكأداء بوجه مخططات صدام  فحاول واهماُ استمالته بإغراءات مختلفة، لم يعرضها على سواه، منها (نسبة من عوائد النفط، واعفاء طلابه من اللتحاق بالجيش والحرب) متوسلا اليه أن يسحب فتواه التي تحرم الانتماء الى حزب البعث الحاكم.

 وأن يسحب دعمه المباشر لحزب الدعوة الاسلامية ويفتي بحرمة الانتماء اليه.

 فكان جواب القائد أن رفض كل ذلك فتقهقرت  السلطة وشروطها امام كل ذاك الاصرار والشموخ الصدري.

فطلبت منه السلطة مرة اخرى، اجراء مقابلة صحفية، يختار فيها بنفسه نوع الاسئلة التي تطرح عليه، دون الاشارة الى الوضع السياسي داخل العراق، كإشارة غير مباشرة على رضاه عن السلطة، ورفض الصدر الشهيد كذلك  ذلك العرض.

وفي صبيحة يوم الاحد المصادف 5 -4 –1980م هاجم مئات المسعورين منزل باقر الصدر، بغرض اعتقاله وترحيله الى بغداد، وانتشر الخبر في النجف الاشرف من خلال شقيقته العالمة الفاضلة آمنة الصدر ( بنت الهدى ) التي تم اعتقالها في اليوم التالي.

وبالرغم من حالة الهيجان والغضب التي سرعان ما أنتقلت من النجف الى ربوع العراق، واصلت الحوزة دروسها الطبيعية،  كان يوماً عادياً كالذي سبقه؟!

تم اعدام الامام محمد باقر الصدر واخته آمنة الصدر دون محاكمة، بعد ممارسة اشد واقسى طرق التعذيب  عليهما نقلا عن الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر لما شاهده من آثار تعذيب، وقد اشرف صدام بنفسه على جريمة العصر  في 9/4/1980م.  

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org