مقالات

نفثات حوارية

 

هلال ال فخر الدين

أن الاسلام يحترم كل الاديان وكافة البشرهذا المبدأ في صلب عقيدة المسلم من منطلق احترام كل الديانات والكتب السماوية والرسل كما ان الاسلام يحترم حرية التعبير كما وان هناك سقفا إنسانيا إن لم يكن دينيا ويجب أن يراعى عدم الاساءة للمليار ونصف المليارمسلم

أن قضية الرسوم المسيئة (الكاركتير)تعكس أزمة حرية في الغرب لان الحرية تنقلب الى فوضى وعبث حين لاينتقد أحد إنسانيا لايعرف عنه شيئا ونؤكد ان من يعرف ولو قدرا بسيطا عن أثر الرسول محمد في تاريخ العالم وفي الدفاع عن القيم الانسانية لم يكن ليقدم على الاساءة له

ان الحرية في الحضارة الغربية هي حرية سالبة لانها لاتقبل الى جوارها حرية اخرى فتتحول الى قيود على الاخرين وتستبعد القيم الاخرى ولا تطيق ان تكون الى جنبها معاييراخرى مغايرة وتبلغ من تطرفها واستعلائيتها ان لاتقبل الا بثقافتها ولاترتضى الاحضارتها وتلغي او تبيد ماسواها

ويجدر ان نستعرض  ازدواجية المعايير لدى الغرب فعندما نشرت الرسوم المسيئة للنبي الكريم اعتبر الغرب أنها حرية وعندما خرج المسلمون معترضين ومنددين اعتبرهم غير ليبراليين وعنيفين  ان هذه الازدواجية تعكس اختلاف وزن الدين بين دول الشرق ودول الغرب ...ومن جانب اخر نلاحظ ان مجرد التحقيق في مسألة (المحرقة) يعتبر جريمة لاتغتفر او نقد سياسات اسرائيل العنصرية يعتبر معادات (للسامية) وخطوط حمر لايجوز باي صورة التقرب منها ..

اذن اين حرية التعبير ..؟ولماذا كل هذه الازدواجية المقية لحد التطرف وارهاب الاخر ...؟

واذا رجعنا الى ما وضعه الغرب سواء من شرعة (الماكنا كارتا) البريطانية  اومباديء الثورة الفرنسية وما تلاها من قوانين المساواة والاحترام والحرية في مختلف بلاد الغرب وما توجها في العاشر من ديسمبر عام 1948 بالاعلان العالمي لحقوق الانسان بموجب قرار صادر من الجمعية العامة للامم المتحدة لحماية حقوق الانسان من (الابادة والتعذيب والحرمان من حقوقه الاساسية في الحياة ) والذي تبنته (إليانور) أرملة الرئيس الامريكي روزفلت وبموافقة 58 دولة وامتنعت عن التصويت عليه كلا من (السعودية وروسيا وجنوب افريقيا )وتشير مقدمة مواده الثلاثون الى :(تساوي الناس وأنهم احرار في الكرامة والحقوق وحقهم في التمتع بكافة الحريات دون تميز ...)

فلماذا يغمض الغرب عيونه عن انتهاكات وجنايات ويحاسب حسابا عسير في التوافه والسفاسف ؟

ولماذا يكيل بمكيالين في تعاملاته مع البشر اذا هم كلهم عنده سواء كما يدعي ؟

وهل مساواة الغرب بين الناس حقيقة ام مجرد شعاروسراب ؟فاذا كان حقيقة فلماذا يحض على شعب مختار خارج عن النص ومعصوم حتى من الاتهام ..؟

ومن جهة اخرى نشاهد ان المرجعية العلمانية تضع نفسها حامية للقيم وفي نفس الوقت استعلائية بالمقارنة الى المرجعيات الاخرى وهوامر ضد كل قواعد الحوار والتي من اهمها الاعتراف بالتنوع والاختلاف واحترام ذلك لدى الاخرين ...

ولابد من حراك للحد من الفكر الديني المتطرف في الغرب الناتج عن سوء فهم الدين الحق والذي اصبح بمثابة قنبلة موقوتة وتربة خصبة للارهاب وهو مايسيء لصورة الاسلام والمسلمين

علما بان الدين لم يكن سببا في الصراع بين البشر  في أي زمان ومكان بيد انه كان دائما المبرر والغطاء للاطماع الاقتصادية وطموحات السياسية ووحشية الحرب ...وقد تؤدي أحيانا الى الاعتماد المتبادل والتفاهم بل والتقارب حين تخلع عن نفسها رداء الدين ويصدق هذا على تاريخ العلاقات بين اوربا والعالم الاسلامي ...

وهنا يجب ان نؤكد ان الاسلام –وليس المسلمين- هو المناط والمستهدف منذ نهاية الحرب الباردة وليس فقط  بعد احداث 11 سبتمبر...ومما يثير المخاوف من خطورة مايثار يوميا في الاعلام الغربي وبتعمد الاساءة وتشويه صورة الاسلام وبشكل منظم وهجوم ويضعه في موضع المحاصر المضطروفي اجواء من الريبة والشك بينما هناك كثير من المستشرقين تناولوا الاسلام بصورة مسيئة منذ عقود ولم يكن لهم مثل هذه الخطورة المبرمجة بدقة والمعد لها باتقان حيث ان لها اطار سياسيا دوليا وليس دينيا شعبيا فقط

وهناك صعوبة في تحسين صورة الاسلام في الغرب وبان الاصعب هو اصلاح صورة المسلمين لان هناك فرقا بين الاسلام والمسلمين وانه لاحاجة لتحسين صورة الاسلام لانها معروفة ومن يرد التعرف على الاسلام يستطيع ايجاد المصادر

وان المسلمين يقدمون صورتهم بانفسهم حيث انها مسئوليتهم في المقام الاول ثم مسئولية الاخرين ويجب ان نعمل بكل جد ومثابرة كمسلمين وغير مسلمين مهتمين بالحوار من اجل تحسين صورة بعضنا ببعض بالتبادل والتلاقح وفي مقدمتها دور(الدبلماسية الشعبية) ومن منطلق ان القضية تسير في اتجاهين ويجدر بنا اعادة تقييم صورة الغرب داخل مجتمعاتنا التي تعتبرسابقا ان الغرب سبب حرماننا وتقهقرنا باستعماره وتنصيب اذنابه علينا ولاحقا يهدد قيمنا وربما يكون العامل المساعد لتحسين صورة الاسلام في الغرب وصورة الغرب في مجتمعاتنا هو عن طريق وسائل الاعلام والحوارمابين الديانات والثقافات ومن خلال ما يدور بذهن كل طرف والتشجيع على الندوات والقاءات الفكرية  البنائة الموضوعية نستطيع ان نخلص ما يدور في ذهن العقليتين الغربية والاسلامية من مفاهيم ...

وهنا ننبه الى استحالة نجاح تصدير فكرة العلمانية الى الدول الاسلامية لان العلمانية هى نظام خاص من انتاج الحضارة الغربية التي حصرت الذكاء الذهني كله في الانتاج والصناعة والاستهلاك وعالم الماديات البحت ولم ترتبط بالدين والروحانيات وبالتالي فإن الدين في منظومة المدنية الغربية لاقيمة له ومن هنا ظهرت سلبيات كثيرة نتيجة السير بعيدا عن الهدى الالهي

ان ازدواجية الغرب في هذه النقطة حيث انه يتحدث عن العلمانية وفصل الدولة عن الدين بينما قامت دولة اسرائيل باحتلال الاراضى الفلسطينية تحت غطاء نصوص اسرائيلية دينية وكذلك ماترتكبه بعض الانظمة الغربية من الاحتلال والغزو بمسميات صليبية 

وتثار بين الفينة والفينة مقولات اخذت تصنف الاسلام حسب الموقع الجغرافي فمثلا لفرنسا اسلام خاص بها وهذا مجرد وهم لانه ليس هناك اسلام على الطريقة الفرنسية اواسلام على الطريقة الامريكية اوغيرها وإنما هذا الامر جاء نتيجة وجود مهاجرين من الدول الاسلامية في المجتمعات الغربية وان كل مسلم يعيش في دول الغرب او غيرها عليه ان يحترم قوانينه وعندما تتعارض بعض قواعد النظام العام في هذه الدول مع احكام الشريعة الاسلامية فإنه يتعين على المسلم إحداث توازن مع عدم التفريط في الثوابت الاسلامية ولا بالافراط بالانفلات من النظم والقواعد العامة

ان الاسلام يدعوا الى (كلمة سواء) هي التوحيد لكون الاسلام  الحلقة الاخيرة في سلسلة حلقات الاديان السماوية وليس دينا مستقلا لان هناك دينا إلاهيا واحدا اسمه الاسلام يبدأ برسالة آدم مرورا بنوح وإبراهيم وموسى وعيسى ويختم بمحمد (ص) وهنا لابد من طرح الافكار المتباينة ووجهات النظر المختلفة بغية مناقشتها والحوار فيها دون النظر لاي اعتبارات أخرى الا من الوسطية الاعتدال القائم على التعددية وقبول الاخرلاثراءالثقافات وخيرالشعوب افضل من التطرف والصراع والصدام كما واصبح الحوار بين الاسلام والمسيحية ضرورة حضارية من قبل متخصصين على مائدة مستديرة حول كيفية الحواربينهما إيجابياته وسلبياته والعقبات التي تعترض مسيرته وفي محاور مهمة  لالقاء الاضواء على مايثار من اشكاليات وشبهات حول الاسلام من جهة وسبل خلق ثقافة التسامح والاحترام والسلام.. 

فالاسلام الاول عندما خرج من الجزيرة العربية تحاور مع ثقافات البلاد المفتوحة وحضاراتها واخذمنها الكثيروبعهدها حفظ للانسانية تراث وعلوم  وفنون وشتى معارف حضارات اليونان والهند والصين وفارس المتباينة الثقافات فاثمر ذلك التلاقح عصرا ذهبيا اشع على كافة البشرية بثر العطاء فاخرج امم من مستنقع الهمجية والتخلف الى رحاب المدنية وافاق العلم ومناخ الاستنارة ...

والمطلوب من الامم والشعوب  في القرن الحادي والعشرين ان تتبع نفس الاسلوب الحكيم الذي اتبعه الاوائل ومابعدهم بالانفتاح والحواروالتسامح لاجل التنمية والتطويرولخيرالبشرية جمعاء... 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org