مقالات

بين كاسندرا ونور والأسمر .. ما هو موقف العرب؟

 

كوثر الكفيشي/بنت الرافدين/ بابل

أذكر حينما كنت في الصف الخامس الإعدادي عندما كانت تدق الساعة الخامسة عصرا بتوقيت دمشق كانت الشوارع تكاد أن تكون خالية من البشر إلا ماندر، فالباعة يغلقون محالهم  التجارية والسيارات تبدو خالية سوى من سائقيها، فالناظر إلى المدينة لايرى إلا مدينة خاوية على عروشها ذلك ليس لسبب ، بل ذلك كله فقط بسبب كاسندرا، المسلسل المكسيكي المدبلج، الذي أقام الدنيا ولم يقعدها في وقته، مسلسل هام به الكبار قبل الشبان والمراهقين، حتى أني أذكر بأن جارنا قد توفي قبل إنتهاء المسلسل بفترة فكانت زوجته تولول قائلة: يا لسوء حظك يا حبيبي مت قبل أن ترى نهاية كاسندرا. لاتضحكوا ولاتظنوا بأنها دعابة مني بل هي الحقيقة.

وما كدنا نستيقظ من كاسندرا حتى ظهرت/ غودالوبي/ ومن بعدها/ماريمار/ وهلم جرا... وكلهن ذات قصة واحدة لايحملن في ثناياهن نقطة من الشرف والحياء والأدهى بأنهن كن يتبجحن برذائلهن لتنقلب سيئتهن إلى مظلمة وبالتالي لكون قلوب شعوبنا مليئة بالرحمة والعطف ستنقلب المظلمة في نفوسهم إلى شفقة وحب ومن بعدها إلى إعجاب. وإن دل هذا على شيء فهو يدل على الفراغ الذي تعيشه شعوبنا العربية وبالذات الطبقة الفتية منا، فنحن نرى شبابنا الآن بات همهم الأول الحصول على النسخة الأولى لcd الفنان الفلاني ورؤية دلع الفنانة الأخرى في الفيديو كليب الثاني، فبتنا نرى هذا الأخ يعلق صورة الفنانة التي تتعرى في كأس الشمبانيا لأنه يراها الأجمل والأخ الأخر يفضل فتاة البانيو والكورن فليكس أما الأخت الصغرى فهي تفضل سماع صوت الفنان الذي يتغزل بقصر تنورة عارضته... وهكذا حدث بلا حرج.

أما المحطات العربية فهي الأخرى لو صنفناها لوجدنا الترفيهية أضعاف التثقيفية والهابطة منها تكاد تكسو سماء الفضائيات أكثر من الهادفة حتى أن فنان العرب أو فنان الخليج ـ كما يلقبونه ـ محمد عبده هذا المغني الذي يجتمع له الآلاف في حفلة واحدة صرح وبصراحة تامة في برنامج العراب والذي كان يبث من على شاشة الmbc فقال: 95% من الغناء العربي حرام.

يا للعجب لو كانت فضائياتنا تقتصر على الغناء فقط لقلنا: الغناء حرام يا ناس فاجتنبوه. ولكن ماذا عن الرقص والمسلسلات والأفلام الأجنبية ما عدا العربية. فبالأمس ما كان حديث العرب إلا عن فيلم (حين ميسرة) وهو فيلم هابط إلى أبعد ما يكون حيث أنه فتح أنظار الشباب والشابات إلى أمراض تكاد أن تكون شبه نادرة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، غير أننا نرى بأن القنوات التقت بفناني هذا الفيلم ومخرجته واعتبرته طفرة في مجال السينما.

واليوم تظهر المسلسلات التركية كآفة أخرى تغزو جسد العرب وتفتك بعقولهم ولكن اللوم لايقع على زهورنا اليانعة بل على تلك العقول المدبرة التي ما أن رأت نجاح مسلسل نور وإقبال العيون العربية عليها حتى عملت طنة ورنة واستضافت ممثلي هذا المسلسل بحفلة صرفت عليها الملايين من الأموال حتى أن المجلات استغلت هذا الحدث فباتت تضع بوسترات موقعة من ممثلي هذا المسلسل مع بعض الأخبار النارية المفبركة لتحصد أموال أبنائنا التائهين. غير أن الحدث لم ينتهي بعد فبعد هذا النجاح نرى اعداد قناة خاصة للمسلسلات التركية المدبلجة باللهجة الشامية المحببة إلى قلوب العرب لتليها اليوم /الأسمر/ والذي أستطيع أن أجزم وبكل ثقة بأنه لاتخلو صورة هذا الفنان من موبايل العديد من هذه الشريحة.

وفي نهاية المطاف ياترى لمن تظنون يجب علي أن أوجه اللوم:

للشاب المراهق العربي الذي يحاول أن يقلد الغرب بخطواته التحررية؟

أم إلى أصحاب رؤوس الأموال والمروجين؟

أم إلى الأمراء والملوك مالكي القنوات الرائدة والسباقة للفن؟

أم إلى الأخيار الذين داهنوا أهل المعاصي؟

إلى من ياترى... إلى من؟!

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org