مقالات

مفهوم المفاهيم .. 
 

 ماجد الحمدان

arabicbloggersunion@googlegroups.com

منذ قرون طويلة انتقل العلم الإنساني بين الحضارات بحثا عن الحقيقة المطلقة – كان هناك معرفة واحدة أدركها جميع البشر هي وجود قوة ذكية محركة تتحكم بكل شيء، وكل أمة عبر ذلك التاريخ أرادت أن تصف ذاتها أنها الأقرب لتلك القوة – المسلمون في دعوتهم لله، المسيحيون في دعوتهم للمسيح – حتى الملاحدة في دعوتهم للعقل وحده.

 إنما ظلت بينهم دائما قواسم مشتركة هي ((النظام – The System)) الذي يحكمهم جميعها والذي كان غالبا من صنع مراحل متراكمة من التفكير البشري كلها تنحكم في إطار تلك القوة الذكية التي تحكم النظام الكلي للوجود.

 نظام في داخل نظام في داخل نظام - ونظام تحت شروط نظام آخر ودواليك.. فنظام الدين السماوي جاء متراتبا بما لا يتفق فيه دعاته على الكذب بالدعوة إلى التوحيد عبر سلسلة كتب سماوية تدعو لدين الله - هذا هو نظام للحقيقة الجمعية يدخل تحت نظام آخر هو تطور المعرفة، فمن تعليم آدم الأسماء كلها إلى طب عيسى إلى قرآن عالمي.

 هذا النظام تحركه إرادة كلية مطلقة هي القوة الأولى ومفهوم النظام يحوي كافة المفاهيم الإنسانية، فالإرادة هي حركة الانتقال في داخل النظام، كإرادة الثروة فهي تتطلب القبول بشروط النظام للعمل على تغييره، أو معظم علماء الدين لليوم، فأنت لا تستطيع أن تغيرهم بما يملكون من فكر يحارب أي محاولة للتطور، بدون أن يقدم بديلا يتمثل في النص (القرآن والحديث) مبلورا في قوالب جديدة.

فكتاب “السر” الذي أحدث ضجة فكرية عالمية هو مجرد إعادة صياغة لما هو معروف بقانون الجذب الكوني لتعلن كاتبته اكتشافها لذلك السر وإعلانه على الملأ بطريقة تلائم ثورة التسويق الحديث. حتى هذا القانون تبلور بهذا المصطلح في القرن العشرين غير أنه حقيقة قائمة منذ نزل القرآن الكريم (أنا عند ظن عبدي فليظن بي ما شاء) وتسبقها بالحديث القدسي السابق إلى وجود الخالق ذاته.

 ((ولتغيير النظام  تقبل مساوئ أي ((نظام -  System)) يحكم الأشياء من حولك، كأنظمة الساسة والأثرياء وعلماء الدين والمفكرين – فلولاهم لكان الأمر على حال أكثر سوء – إنما نظم إرادة دخولك كأحد حكام ((النظام – The System)) لتقوم بتغيير ما هو كائن بناءا على تصوراتك الكلية والمتجلية في وضوح شديد – أيا كان توجهك للعلم أو للثراء أو للسياسة )). أخاطب بهذه العبارة ذوي الإرادة الخارقة، ولا أهتم في الوقت الراهن بذوي الكسل العقلي.

 فالحقائق التي تكون تفكيرك يمكن إيجازها في عبارات محددة، وكل ما يحدث لك هو نتيجة لتلك الأفكار الرئيسة في داخلك. بإمكانك استخدام الخارطة الذهنية للحصول على الحقائق التي تكون تفكيرك، عبر رسم لدائرة أو مخطط دماغي أو أي شيء يتفرع منه مجموعة من الأسهم الغير مستوية تشير إلى تلك العبارات التي تريد الوصول إليها.

يكون تفكيري الشخصي -على سبيل المثال- عدة أشياء سوف أسردها ليس بالخارطة الذهنية إنما بالعصف الذهني للكتابة الحرة وهي :

   - الجذب الكوني وحسن الظن بالله

   - الإرادة الخارقة المستغرقة وعبقرية الاهتمام

   - الحب والعرفان والتقدير والاحترام

   - الإيمان المطلق بالله عز وجل كمحور للوجود

  - التحرك وفقا للأهداف المدونة وقراءتها في كل يوم

 المسرود أعلاه هي بعض عبارات تكون تفكيري سردتها عصفيا، وبهذه الطريقة يتكون تفكير كلا منا، إذا هناك مبادئ تتحكم بالنظام، وكل تصرف ينبع من أوامر تلك المبادئ، وهي مستقرة في أعماق الإنسان الذي ينقسم إلى إرادة واعية وإرادة لا واعية، وكذلك إلى إرادة غيبية تتعلق بإرادة الله، طبعا كإرادة توقف القلب عن العمل أو إحياءه.

 هذا النظام الذي يحكم الإنسان يسير وفق إرادة، وكل نظام يسير وفق إرادة، وكل شيء يفنى إلا العلم الإنساني فهو يتطور إذ يملك الإنسان قابلية أكبر على المرض من أجداده ولكنه يجيد علاج بدنه. فالجسد والطبيعة تفنى والعلم ينبئ بحقائق موضوعية دفعت إلى تكذيب نظرية دارون الإلحادية والتي نشأت نتيجة للجهل الشنيع بالله أي بمصدر تلك القوة الذكية المتحكمة بالوجود.

الهدف من تعريف النظام هو طريقة التحكم به، وهو مفهوم المفاهيم الذي يندرج في إطاره كل مفهوم فلسفي، نحن أيضا نتعلم لنكون في حال أفضل، وليس لأجل الفذلكة الفلسفية.

 قاعدتي للنهضة الحضارية (العلم – الثروة – القوة) وأيضا (الرفاهية) غير أنني لم أسردها في صلب تلك القاعدة التي تشرح قانون النهضة الحضارية أي العلم والثروة والقوة بكافة تجليات كلا منها. وكل نظام فكري تحكمه رؤية ثابتة ورسالة، فعامة الناس في بلادنا يقولون دستورنا شرع الله، والناس يميلون لكلمة الله، ذلك هو الشعار العام غير أنه لا يتصف بصياغة مبدعة تحقق له النجاح، وقد قمت بإعادة صياغته في شكل مركب ليصبح (العلم – الثروة – القوة) والشرع أحد تجليات العلم، وكذلك الثروة تأتي بمركزية العلم أما القوة فهي بداية وتمام للعلم والثروة.

 إذا أدرت الثروة فلتكن لديك إرادة الثروة والله سوف يسخر لك الكون كله، أي سوف يسخر لك النظام، وإذا أردت القوة أو العلم أيضا.

حتى الطريقة سوف تتعلمها مع مرور الوقت بمجرد امتلاكك للإرادة، غير أن اختصار الوقت الذي يتميز بالنفاذ أهم ما أنت بحاجة إليه، وهذه المعرفة المتخصصة تقدم (الكيفية) التي يعمل بها النظام.

 نعيش تحت وطأة نظام صارم، وكل الفوضى التي تحدث أيضا في داخل نظام أحكم، ونظرية الفوضى هي تنظيم للفوضى، حيث تنص النظرية على أن كل ما هو فوضى هو في داخل نظام محكم يحقق غايات محددة. وعندما تنظر للوضع المزري للعالم العربي والإسلامي اليوم، قد تنظر إليها بمفاهيم عامة الناس على أنها فوضى الناس، ولكنها بالمفاهيم التي أتحدث عنها تعكس قمة النظام – هي فقط بحاجة لمن يدرك ذلك النظام وكيفية التحكم به. 

وأنا كباحث في التكوين الحضاري لا زلت أمارس تكوين علم التكوين، فأي شيء يسمى بعلم يمكن تعلمه وتطبيقه مثل تعلم الكيمياء والفيزياء، غير أن هذه أسهل من بعض العلوم الإنسانية التطبيقية، ومعظم ما هو فكر إنساني يكون نظريا، باستثناء علوم نظرية تطبيقية غالبا ما تعد أصعب من النظرية النسبية المعقدة. الشيوعية جاءت كمذهب نظري ربما يتصف بالجمال لم يستطع تطبيقه أحد، هو جزء من “اليوتيبيا” لأن النظام تحكمه شروط تختلف عن شروط النظرية، غير أن الإسلام أستطاع أن يأتي بطقوس يمكن تطبيقها وحقق ذلك النجاح ولازال حتى اليوم بعد 1400 عام، غير أن مسلمي اليوم يعجزون عن إدراك النظام الذي يحكم العالم، ولا يدركه سوى القليل وهم الصفوة المثقفة أو صفوة الصفوة وهم أقل القليل، والمشكلة هي الحاجة “لصياغة جديدة” لنفس الأفكار التي نعرفها حول العالم إنما في قوالب جديدة تكون المبادئ التي تحكم سلوك الأفراد.

إنني أتحدث أيضا عن أخطر نظرية سمعت عنها وقمت بابتكارها، ولا زلت أرى تجلياتها في الكثير من الشواهد وهي نظرية “عبقرية الصيغ” أي بتعريف معين : الإرادة من كل تفكير بشري مبدع وفعال هو إعادة صياغة الفكرة وتسهيل الحصول عليها لتسهيل عملية تطبيقها.

لماذا؟

 اللغة تحوي نظاما معينا (المعنى والدلالة) إذ لا يمكن للإنسان حتى مع فهم الكلمة أن يشعر بها في حالة عدم موافقتها لمشاعره الداخلية، لهذا كان القرآن الكريم تأثيره الأكثر ذروة في عرب اللغة.

قد تسمع موسيقى غربية لا تطربك ولكنها تطرب الرجل الأشقر، فقد تكون تفكير الإنسان وفقا لنظام معين من الكلمات والعبارات والأصوات والأشياء من حوله شكلت نظاما ذاتيا، إذا ما أدركنا هذا النظام أدركنا بذلك وسائل تغييره.

 اقبل بشروط أي نظام وأعمل دائما على تغييره، وآمن بأن الله يعطيك ما تريد إذا وثقت به، فقط أطلب منه وتصرف كما يجب لتحقيق الطلب.

 كل معرفة لا قيمة لها بدون الإيمان المطلق : أنا أفكر أنا أموجود – لتكون - آنا أؤمن أنا أملك ما أريد. إذا أمتلك معرفة من هذا النوع فلا تخالط من يخالفك، وعود المخالفين على التجاهل ولا تتنافس مع أحد ولا تبذل جهدا في تغيير قناعات الآخرين يمكنك أن تبذله في الإبداع والتأثير بمن يملك الرغبة بالتغيير للأفضل.

 تلك بعض الشروط التي يجب أن تقبلها في الواقع لتغير النظام.


 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org