مقالات

الاسلام والعنف ضد المرأة

 

رياض عبد الرسول المدني/ بابل 

المرأة كالرجل، كائناً ذات روحٍ انسانية كاملة، وذات ارادة واختيار، ولها مع الرجل منهجياً تربوياً واخلاقياً وعلمياً في المجتمع، للوصول الى الكمال المعنوي والمادي ولبلوغ الحياة الطيبة المفعمة بالطمئنينه والسعادة.. فكونها انساناً مستقلاً حراً كريماً مكملاً لحياة الرجل اجتماعياً لكونها الزوجة، والوعاء الدافىء الحاضن لبذرة العائلة في المجتمع.. فلها خصوصيتها الفسلجية في تكوينيتها الجسمية والروحية، باعتبارها سهماً اوفى من العواطف والمشاعر الجياشة.

فالمرأة في مفهوم (الدين الاسلامي الحنيف) ركن المجتمع الاساسي، والقلب النابض له.. ولايجوز التعامل معها، على انها موجود تابع عديم الارادة يحتاج الى قيم.. فمن حيث الحقوق الاقتصادية ، لها الاستقلالية في مالكه عائدها واموالها والتصرف بها ، واباح لها الاسلام، كل الوان الممارسات المالية بقوله سبحانه وتعالى ((للرجال نصيب مما كسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن)) 32 النساء.

ان المرأة قاعدة انبثاق الانسان، وفي احضانها يتربى الجيل وينمو، لذلك خلقت لتكون مؤهلة جسمياً لتربية الاجيال، فالقرأن الكريم يساوي بين الرجل للمرأة، في العمل والعلم وما عليها من واجبات ثقيلة في المجتمع بقوله تعالى ((ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف))، وفي مسألة الوصول الى الدجات المعنوية، ولايفرق بينهما بسبب اختلافهما في الجنس، ولايجعل من الفروق العضوية وما يلحقها من الفروق في المسؤليات الاجتماعية دليلاً على اختلافهما في امكانية الحصول على درجات التكامل الانساني، وبلوغها للمقامات المعنوية الرفيعة، فكلاهما على سواء كقوله تعالى ((بعضكم من بعض)) 25 نساء، بل يعتبرها في مستوى واحد (من هذه الجهة) ولذلك ذكرهما الله عز وجل معاً، كقوله تعالى ((كل نفس بما كسبت رهينة)) 28 المدثر وقوله تعالى: ((من عمل صالحاً من ذكر وانثى وهو مؤمن فلنحييه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم بأحسن ماكونوا يعملون)) 95 النحل، وقوله تعالى: ((ومن عمل صالحاً من ذكر او انثى وهو مؤمن فاولئك يدخلون الجنة)) 40 غافر.. وقد خاطب الله سبحانه وتعالى الرجل والمرأة معاً في بيان واحد حين قال جل شأنه: ((ياايها الناس...ويا ايها الذين امنوا)).

وقد جاءت هذه الايات القرآنية الكريمة وغيرها في عصر كان المجتمع البشري فيه يشك في انسانية جنس المرأة اساساً ويعتقد بأنها كائن ملعون ومنبع كل اثم وانحراف وموت وفساد.. ويقول الباحث (وسترمارك) في كتابه ((حقوق المرأة في الاسلام)): ان للمرأة روحاً برزخية، وهي نوع متوسط بين الروح الانسانية والروح الحيوانية وليست هناك روح خالدة (بين ارواح النساء) الا روح مريم العذراء (ع).

فالاسلام البس المرأة ثوباً انسانياً رحيماً وجعل منها قيمة انسانية وعالج علاقتها بالرجل كزوجة وام واخت وبنت وذات صلة رحم وخصص القرآن الكريم سورة خاصة بالنساء فما صار مثار انتباه الدارسين وعلماء الانثروبولجي وغيرهم، وهناك الكثير من النساء اللاتي عملن بالسياسة والعلم والادب وباقي علوم الاجتماع، وممن كان لهن صداً واسعاً في تلكم العلوم فمن الواجبات التي جاء بها الاسلام، بان هناك وظائف انيطت بالرجل (وبالاحرى كلف بادائها تجاه المرأة). تقضي صرف وانفاق مايحصل عليه الرجل على المرأة، في حين لا يجب على المرأة اي شيء من هذا القبيل.. وعلى الرجل (الزوج) ان يتكفل نفقات زوجته حسب حاجتها من المسكن والملبس والمأكل والمشرب وغير ذلك من لوازم الحياة كما ان عليه ان ينفق على اولاده الصغار ايضاً، في حين اعقبت المرأة من الانفاق حتى على نفسها وعلى هذا يكون (بـمكان المرأة تدخر كل ما تحصله عن طريق العمل والارث).

ومن هذا البحث تسوجب اهمية الموضوع وعما اذا استغلت المرأة للتلذذ من جانب الرجل عن طريق النظر والسمع واللمس (باستثناء المجامعة)، وان تكون ضمن تصرف الرجال او خاصة لازواجهن، مما يعرضهن للابتزاز وكونها سلعة رخيصة تباع وتشترى، وتعرضها للسب والاهانة وحتى الضرب وباقي اساليب العنف المبرح.. وتسقيط شخصيتها وسلب كل حقوقها وقيمتها الانسانية، مما يجعل الزواج التقليدي باعتبار المرأة آلة تفريخ ولاشباع الرغبة والشهوة الجنسية، واداة للمطبخ وليس انساناً لها ارادة وطموح شأن الرجل، وهذا ما نلاحظه في القسم الاكبر من مجتمعنا العراقي .. (وما يؤسف له) من حملة الشهادات وبعض الاكاديمين. فتصير الزوجة مسلوبة السعادة الانسانية (التي فرض الله مكانتها في كتابه العزيز) مستسلمة لواقعها المهين، او قد تعيش حياة الاغتراب او الاستلاب ومعناه (الانسلاخ) عن المجتمع والشعور بالاضطهاد، والاحساس بالوحدة والابتعاد عن الاعراف والقيم السائدة..وليس من السهل خروج المرأة من دائرة الاغتراب او الاستلاب الا بعد الخروج من اسبابه وعوامله وفي صلبها العادات والمفاهيم الرجعية البائدة والاستغلال الطبقي والقهر اليومي، لايأتي الا بنهوض المرأة ومشاركتها في القضاء على هذه العوامل وتضفيتها من خلال التثقيف التربوي والديني للمجتمع وعلى كافة المستويات الدستوية والاجتماعية والثقافية من خلال الدولة ومنظمات المجتمع المدني. 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org