مقالات

الياس أنيس خوري .. وداعا أيها الغالي

 

طلعت سقيرق

كانت رواية " عكا والرحيل " أوراقا مبعثرة، أو صورة أولى لرسم جميل يفتتح فيه الصديق الحبيب الياس أنيس خوري اتجاهه للكتابة الأدبية، حيث كنتُ أعرفه وغيري كاتبا سياسيا بامتياز، وما كان يخطر في البال رغم القرب والصداقة، أنه كان يكتب الأدب ويخفيه أو لا ينشره ..أذكر انه قرأ لي من روايته هذه الكثير، وكنتُ بالفعل مندهشا كونها العمل الأدبي الأول للروائي والقاص الياس أنيس خوري وتحمل رغم هذا النضج والتكامل والجمال والأسلوب الذي يعطيك فورا هوية وشخصية كاتب محترف .. تناقشنا حول الرواية وكنتُ أرى وما زلت أنها من الروايات المهمة والتي ستترك بصمة في عالم الرواية الفلسطينية، وبالفعل كان للرواية صداها الجيد عند صدورها في العام 1987 في دمشق وعلى نفقته على ما أذكر ..ولأن الياس أنيس خوري شديد الحساسية فقد انتظر بفارغ الصبر نتيجة نزول هذه الرواية المكتبات، وعندما قوبل باحتفاء وتقريظ للعمل، ارتاح أو أخذ نفسا طويلا فتح أمامه الطريق للاستمرار في الكتابة الأدبية .. فصدرت له عن اتحاد الكتاب العرب مجموعة قصصية بعنوان  " اللعبة الحقيقية " عام 1990، ورواية عن الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب بعنوان " طقوس المنفى " عام 1994 ..ورواية " حصاد العاصفة " عن الاتحاد العام أيضا عام 1998..

كتب الياس خوري المقال والنقد والخاطرة الأدبية في عدد من الصحف والمجلات وشارك في العديد من الأمسيات الأدبية القصصية.. أما كتاباته الأولى والتي استمر فيها فهي الزوايا السياسية في جريدة البعث التي عمل فيها بقسم الأخبار منذ أواخر الستينيات، وكان مؤخرا مديرا لقسم الأخبار فيها ..ومجلة " الطلائع " الأسبوعية ثم النصف شهرية والتي كان يعمل سكرتيرا للتحرير فيها .. وكانت زواياه السياسية تتمتع بحسه الأدبي وأسلوبه المرتبط دائما برأيه وأسلوبه المتميز ..

دون مقدمات، ولا حتى إشارة وداع من يد تلوح عند المغادرة كعادته، توقف القلب مساء الأربعاء 4/ 11/ 2009 .. وشيع جثمانه يوم الجمعة 6/11/2009 في كنيسة الصليب المقدس للروم الأرثوذكس في مدينة دمشق، وكان العزاء في قاعة القديس كريلس بالقصاع / دمشق ..

كان الغالي الراحل الياس أنيس خوري مقلا في الحديث عن نفسه وفي الترويج لعمله الأدبي، لذلك تجد المعلومات قليلة عنه، وبعضها قد يأتي مخالفا للحقيقة دون قصد، أو لقلة المعلومات كما ذكرت .. وحين طلبت منه معلومات عنه لكتابي " دليل كتاب فلسطين " الذي صدر في العام 1998، كتب لي أشياء سريعة على ورقة صغيرة، وحين طلبت منه التوسع، رفض مفضلا الاختصار..

ولد الياس أنيس خوري في عكا عام 1948...  وبعد دراسته الثانوية في مدارس دمشق، درس في جامعة دمشق وحصل على الإجازة في اللغة الفرنسية عام 1973.. عمل محرراً في صحيفة «البعث» السورية منذ العام 1968وبقي فيها حتى رحيله. ­وكانت كتاباته في مجال المقالات والزوايا والدراسات السياسية.. كما عمل سكرتيرا للتحرير في مجلة «الطلائع». وهو عضو في اتحاد الكتاب العرب، واتحاد الصحفيين في سورية، واتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين ..

كما أسلفت كانت كتابات الراحل الياس أنيس خوري الأدبية قليلة لانشغاله بالكتابات السياسية التي بدأها بشكل مبكر .. وقد تميز أدبه بالوصف الدقيق لشخصياته وللمكان وفضاء الزمان، وهذا ما جعل رواية "عكا والرحيل" غنية بمحمولها الفلسطيني الناقل للكثير من حياة الشعب الفلسطيني وعاداته وجزئيات يومياته .. وقد تجد أسلوبا مغايرا في قصصه أو رواياته اللاحقة، لإيمانه بالتجديد والتطوير في العمل الأدبي .. لكن تبقى الميزات الأساسية موجودة في كل عمل ..

رحم الله الفقيد الغالي الياس أنيس خوري، وكل العزاء لزوجته السيدة ليلى محفوض وابنيه أنيس وجولي، ولكل فرد من أقربائه ومحبيه وأصدقائه

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org