مقالات

الجواهري عن تقلب الشعراء .. واهوائهم!

 

رواء الجصاني/ مركز الجواهري في براغ

باستثناءات قليلة هنا، وأخرى هناك، لم يردّ الجواهري بشكل مباشر على ما ثارَ حوله من "لغو ٍ ومن جدل ٍ" بحسب  لاميته المطولة عام 1982... تاركاً الأمرَ لأولي الأمر، وللتاريخ والأجيال، لكي يكونوا حكماً في تمييز الغث من السمين والصدق من الادعاء والمعرفة من الجهل... وهكذا راحت ردوده، ومواقفه من انتقادات أولئك، أو تقولات هؤلاء، شاملة تعالج وتتصدى لظواهر، ووقائع عامة، بعيدة عن الخصوصيات...

واستشهاداً بتلك المعالجات الجواهرية، نتوقف عند قصيدته (عظماءُ) المنظومة عام (1952) وهي حوارية مع نجيّ، حقيقي، أو مزعوم، انتقد تقلبات رآها عند الشاعر الكبير، حين يتخذ موقفاً، ليغيره لاحقاً، معيباً عليه اللااستقرار على حال واحدة، وكأن تغيير الرأي، أو التراجع عنه منقصة، وخاصة عند الرموز الثقافية والاجتماعية والوطنية الأهم، والجواهري هنا أحدها كما ندعي... فراح يقول:

ونجيٍّ مثلي غبيٍّ ، وحمل المرء همَّ المغفلين غباءُ

قال ما الحال؟ قلت اني من حال خلو ٍ كهذي ، براءُ

قال والناس، قلت: شيء هراء، خدم عند غيرهم أجراءُ

غنيّ الدود عن سواه بمسعاه، وهم من تواكل فقراءُ

ومسفون ينكرون على الصقر العليّ ، ان تحتويه سماءُ

الضحايا، لديهم النبغاء، والبعيدون عنهم العظماءُ

وقريب منهم خنوع ، واسفاف، وكذب، وغفلة، ومراءُ

ثم يتواصل الجدل والحوار لينقل عبره الجواهري تساؤل، أو ردّّ ذلك "النجي" العاتب الناقد، والمعيب للتقلبات، وتغيير المواقف، والآراء والتقييمات:

قال لله أنتم الشعراء ، عدد الرمل عندكم أهواءُ

أمس والشعب كله معجزات لك ، واليوم كله أسواءُ

... وهنا ، يجيء وقت اعلان الموقف أو بيتُ القصيد، وقل أبياته، فيختم الجواهري غاضباً، وكاشفاً دواعي تلك التقلبات المزعومة، والتحولات المعابة، بظن البعض على الأقل:

قلت مهلاً يا صاحبي، ظلمات الليل في عين حالم أضواءُ

أرأيت الكواز أنفس ما يملك طين خبيث وماءُ

صانعا منه ألف شكل ٍ جراراً، قائلاً في جراره ما يشاءُ

يتغنى بـ "كوزه" ... وكان الكوز في الحسن، كوكب وضاءُ

وكذا كل خالق يتبنى ما ترضى، وهكذا الشعراءُ

ولأن الشيء بالشيء يذكر، أقول اني سألت الجواهري ذات نهار في منتصف الثمانينات، منتحلاً صفة الناقد، عن مثل بعض "تقلباته" و"انتقالاته" وتغير "تقييماته" المزعومة، وخاصة لاشخاص  أو" شخصيات "    معنية في بعض قصائده ..فأجاب منتفضاً، كعهده: وماذا عليّ أن أصنعَ، إن كان الآخرون، هم الذين يتقلبون ويتلونون، تتنازعهم الأهواء، والمصالح، تكبو بهم الاجتهادات... ويخبو بهم المسير...

فهل كان الجواهري محقاً في ما ادعى، وأجاب....!؟

 

 

                      ا

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org