طموحات الفتيات بين اليوم والامس

 

استطلاع: فاتن حسين ناجي

(عضوة في منظمة بنت الرافدين / بابل)

الشهادة العلمية اولا ام فارس الاحلام.....

هل البطالة جعلت التعليم والشهادة يفقدان رونقهما.....

الشباب أجمل فترة من فترات عمر الإنسان ولعل أجمل ما يميز هذه الفترة عن الفترات السابقة هي الأحلام فالإنسان يفكر بمستقبل واعد ويرسم أمامه بأحلامه أجمل ما يريد أن يتحقق له فنحن الشباب حياة شاسعة تمتد امامنا يجب علينا أن نشكل أمنيات لها وطموحات تتجاوب مع عادات المجتمع وتقاليده إذ لايمكن أن تستقل أحلام الشباب عن الإعتبارات الإجتماعية والثقافية والاقتصادية السائدة في المحيط الإجتماعي هذه هي نظرتنا نحو أحلام الشباب وطموحاتهم لكن حقيقة الأمر أن طموحات شبابنا قد استقلت استقلالا تاما عن الاعتبارات الإجتماعية والثقافية ففي الماضي كانت الفتاة تحلم بالحصول على مجموع عالي في الثانوية يؤهلها بتحقيق أحلامها الإلتحاق بإحدى كليات القمة مثل الطب و الهندسة والقانون لكن أحلام البنات في الوقت الحالي تغيرت فمجرد ان تنهي الفتاة دراسة المتوسطة حتى تبدأ بالتفكير بالدخول إلى أحد المعاهد التي لا تحتاج إلى جهد كبير والكثير من الفتيات لاتفكر في إكمال الدراسة من الأساس حيث تقول ضحى محمد وهي طالبة في الثاني المتوسط أنها تتمنى أن تحصل على معدل عالي حتى تتمكن من الدخول إلى معهد المعلمات أما إن لم تدخل معهد المعلمات فسوف تترك الدراسة لأن الإعدادية صعبة جدا والجامعة أصعب من الإعدادية فلماذا وجع الرأس هذا؟

هذه هي نظرة فتاة لم تتجاوز الرابعة عشر فمن أين حصلت ضحى على هذه النظرة المتشائمة من المدرسة أم من البيت؟

بهذا الصدد أجابت غدير عامر مدرسة علم النفس في معهد المعلمات كربلاء، تقول غدير أن الفتاة لاتملك أي طموح في هذا العمر ويعود السبب في هذا في كونها غير قادرة على اتخاذ أي قرار بنفسها حيث داخل البيت تعتبر صغيرة جدا على أن تتخذ أي قراروهذا ليس عند جميع الاسر وايضا داخل المدرسة لاتجد الفتاة من يعطيها نصيحة تجعلها ترسم طموحا يتناسب مع قدرتها بجميع النواحي فالمدرسة او المعلمة لاتعطي لنفسها الحق في التدخل بامور الفتاة بل تجعل ذلك رهنا بيد العائلة وهذا شيء خاطيء فالفتاة تعتبر المدرسة بيتها الثاني وعائلتها الثانية ولابد لتلك العائلة ان يضع امام ابنتها خطة لطريق المستقبل فالفتاة في هذا العمر تعتقد ان كل ما تقدمه المدرسة لها هو حقائق ثابتة لا جدال فيها وتقول غدير ان هناك متغيرات كثيرة طرأت على الحياة اليومية وتأثرت بها طموحات البنات ومن هذه المتغيرات المتغير الاقتصادي حيث يرتبط باحلام الفتاة وامالها ونمط معيشتها حيث ان الحالة الاقتصادية تقود الى اليأس بعد التخرج وارهاق الاهل في المصاريف وبعدها ماذا ستفعل الفتاة؟ ستجلس في المنزل وكأنها لم تدرس قط

وايضا هنالك المتغير الثقافي حيث ان الطالب يحصل على معدل يؤهله لدخول كلية الهندسة بينما يأتي طالب اخر لا يؤهله معدله حتى لدخول معهد ومع ذلك يدخل كلية الهندسة وذلك عن طريق الدراسة الدراسة المسائية وبعدها يتساوى صاحب المعدل مع الاخر فكلاهما سيحملان شهادة البكلوريوس في الهندسة وهذا يجعل من طموح الفرد يتلاشى الى ان يختفي واذا كان رب البيت بالدف ضاربا اي ان كان الاب لايشجع الفتاة على اكمال دراستها والام تتخذ الموقف المحايد فمن اين ستأتي الفتاة بالطموح والارادة فالعامل الاسري له اهمية كبيرة في مساعدة الفتاة على الخوض في ميادين الثقافة والتعليم فدائما تحتاج الفتاة الى من يقف بجانبها ليساعدها على اكمال دراستها وخير من يقف معها في مثل هكذا وضع هو الاهل وخير مثال على ذلك شيماء الصفدي حيث تقول شيماء كنت في الرابع الاعدادي ومرحلة الاعدادية كانت صعبة جدا ندمت حينها على دخولي الى الاعدادية ولمت نفسي لماذا لم اذهب للتجارة او معهد المعلمات؟ وعندما قررت ان اترك الاعدادية وانتظر سنة اخرى لاقدم اوراقي في المعهد شجعني والدي واخي كثيرا وبدل ان يقدموا لي أوراقي في السنة الثانية تقدم لي شاب لخطبتي ووافق أبي وتزوجت وتركت الدراسة لأن أبي لم يشجعني على إكمال دراستي فهل سيشجعني زوجي الذي يريدني خادمة له ولأطفاله والذي يحز في نفسي أني أجد جميع زميلاتي قد أكملن دراستهن ويتفاخرن بشهاداتهن أمام أبنائهن إلا أنا فكل شهاتي هي المتوسطة التي صارت اليوم بلا أهمية.

من حديث شيماء ندرك أن الأسرة يقع عليها العاتق الأكبر في ارشاد الفتاة وحثها على اكمال دراستها واجبارها على ذلك فالفتاة الصغيرة لاتعرف مصلحتها ولاتدرك أهمية الدراسة إلا عندما تحصل على الدراسة التي ترفع من شأنها وتجعل لها قيمة في المجتمع وخصوصا في مجتمع يقول أن الشهادة والعمل هما الأساس لحياة كريمة والفتاة التي لاتجد أمامها في أسرتها من يحمل شهادة هذا لا يحملها على أن تجعل منهم قدوة تهتدي بهم، فإن كان والدها رجل أمي والأم كذلك فهذا يعود إلى الحقبة الزمنية التي كانوا يعيشون فيها فزمننا غير زمانهم فإن اقتدت الفتاة بوالدها ووالدتها سيأتي اليوم الذي تقتدي فيه إبنتها بها. وتقول والدتي في زمن العولمة ولم تكمل دراستها فلماذا أكملها أنا؟ ولم تجبرني على إكمالها؟

فيا آنستي شهادتك هي حصنك المنيع في مثل هكذا زمن لذا صار لزاما عليك أن تتطلعي إلى الأمام وأن لا تقفي في مكانك والزمن يدور من حولك ومن الناحية الإقتصادية للشهادة دور كبير فأي عمل في يومنا هذا لابد له من شهادة وأي وظيفة محترمة لا تأتي إلا من خلال شهادة جامعية وأي راتب جيد يساعدك على العيش بكرامة لا يمكن أن تحصلي عليه إلا من خلال وظيفة محترمة. فإن كان طموحك يقتصر على الإعدادية فاجعليه الان يمتد إلى التعليم الجامعي أو التقني حتى تتمكني من الحصول على الوظيفة التي تجعل من زوجك يحترمك قبل الآخرين فالزوجة التي تساعد زوجها في مصاريف الأسرة هي زوجة منتجة تستحق أن يكون لها شأن داخل أسرتها وتستحق أن تكون نصف المجتمع بجدارة هذا هو الواقع فالمادة صارت اليوم جزء لا يتجزأ من الحياة الهادئة المستقرة ومهما كان الرجل  منتج فيدا واحدة لا تصفق وإن استطاع ان يلبي احتياجات الأطفال فهنالك احتياجاتك الخاصة التي تأبين أحيانا أن تقدميها على احتياجات اطفالك فإن لم تفكري بالشهادة يا سيدتي الكريمة فكري مليا بالوظيفة.

تقول رشا عدنان: وهي أم لطفل وتبلغ من العمر الخامسة والعشرون أن زوجها تقدم لها عندما أكملت الإعدادية وحينها كانت هي قد حصلت على الترتيب الأولى على المدرسة وحصلت على معدل يؤهلها للدخول في كلية القانون لأن فرعها أدبي، وعندما رفض أهلها أن يزوجوها قبل أن تدخل الكلية رفضت هي بشدة وقالت أنا سأتفق مع زوجي على إكمال دراستي حينها أقنعها زوجها على أن كلية القانون غير مناسبة للفتاة وكلية التربية أفضل وفعلا اختارت كلية التربية لكنه عاد ليقنعها أن تؤجل السنة وتكمل دراستها في السنة المقبلة ووافقت هي على ذلك بعدها أنجبت طفلها الأول وتركت الدراسة واكمالها جانبا وها قد أصبح عمر طفلها خمس سنوات وزوجها يرفض بشدة أن تكمل دراستها في أي مجال كان. وتقول رشا أنها نادمة لأنها لم تستمع لكلام أسرتها منذ البداية لكانت الآن محامية يشار إليها بالبنان وليست ربة منزل لا يعلم أحد أن معها شهادة إعدادية وهي تعيش حالة يأس شديدة لأنها تريد أن تكون شيئا ولكن زوجها يرفض وهي تتهم زوجها بالأنانية وحب الذات.

لكن الذنب ليس ذنب زوجها بل ذنبها لأنها كانت تنظر للمستقبل على أنه زوج وأطفال ولم تفكر يوما أن للشهادة والتعليم قيمة أكبر من ذلك فالزوج يأتي والأطفال يأتون ولكن الشهادة إن ذهبت لن تأتي أبدا فالطموح الأول والحلم الأول للفتاة أن تكون طبيبة أو مهندسة منذ ان تبدا بالحلم وبعدها تبدأ بالتفكير بفارس أحلامها ومن هنا ندرك أن البذرة الأولى هي الشهادة وليس الزواج.

اما ست ايمان وهي مديرة احد المدارس الثانوية تقول ان اغلب الفتيات المخطوبات في المدرسة ما ان يتزوجن حتى يتركن الدراسة وست ايمان تخشى على مستقبل الفتيات حيث تقول انها تتساهل في مدة الفصل وحتى بعد انتهاء المدة ترسل بطلبهن الى المنازل وتحاول جاهدة ان تمنع فصل هؤلاء الفتيات وعن اخر فتاة تركت المدرسة انها متزوجة وتركت المدرسة لان زوجها اراد ذلك وتقول ست ايمان ان تلك الفتاة كانت متفوقة جدا وهي في الخامس العلمي وتقول ست ايمان ان مسلسل المتزوجات مستمر وتقول ان واحد في المئة فقط من المتزوجات يكملن دراستهن

ومن كلام ست ايمان ندرك ان هنالك نسبة ضئيلة جدا من الطالبات المتزوجات يمتلكن طموح اكمال الدراسة ويعود السبب الى مدى قدرة الفتاة على تحمل الظروف الصعبة وتحاول ان تتحدى تلك الظروف لتعبر الى ضفة الامان وتمسك بيدها خيط مستقبلها ومستقبل اطفالها

مما تقدم ادركنا ان (بعض) وليس كل الفتيات يمتلكن طموح للحصول على فارس الاحلام ويتركن الشهادة والعلم جانبا اما البعض الاخر فالبطالة وقلة فرص التعيين قد جعلت من الشهادة تفقد رونقها وجعلت من بعض الخريجين يتركون بعض الكليات ليذهبوا الى كليات ادنى مستوى وذلك لانعدام فرص التعيين في الكليات العليا وهذا ما اخبرتنا به رؤى التي حصلت على معدل 78% وهي خريجة الفرع الادبي وكان معدلها يؤهلها للدخول في كلية القانون لكنها اختارت كلية التربية قسم اللغة العربية حيث تقول انها قد تحصل على التعيين في التربية اما في القانون فالتعيين غير مضمون وايضا زميلتها زينب حصلت على معدل 76% واختارت التربية على القانون حيث تقول ان العمل في المحاماة للرجال فقط واهلي يرفضون ان ادخل كلية القانون ويفضلون كلية التربية فمهنة المدرسة هي مهنة جميلة للمرأة هذا راي رؤى وزينب وربما هنالك من ينظرون الى مهنة المدرسة على انها مهنة (بلا طموح) من كل ما سبق استطعنا ان نستنتج ولوبشيء قليل ان طموح الفتاة في السابق هو ذاته طموحها اليوم ورغم اننا في عصر السرعة وعصر العولمة وعصر الكومبيوتر كما يقولون الا ان الفتيات ما زلن يضعن امام اعينهن فارس الاحلام اولا ومن ثم (وان لم يأت فارس الاحلام) تفكر في اكمال دراستها ونحن هنا نتكلم عن القلة والبعض فلو خليت قلبت فمدرسة الاقتصاد المنزلي فريدة فتحي بكلوريوس اقتصاد منزلي ساعدتنا في ايجاد نسبة الفتيات اللواتي يفضلن الجامعة على معهد المعلمات في متوسطة (ايات الاخرس) فوجدنا نسبة 8% فقط يفضلن الاعدادية والباقيات يحلمن بالمعهد ونسبة اللواتي يفضلن اكمال الدراسة على الزواج 70% وهي نسبة جيدة جدا وتقول فريدة ان معدل ترك الفتيات للدراسة في تزايد مستمر ومديرة المدرسة تعاني من هذا الشيء والباحثة الاجتماعية لا شأن لها بذلك حيث تقول ان الباحثة الاجتماعية لا تتدخل في شؤون الفتيات

اما رؤى رحيم وهي طالبة جامعية في المرحلة الثانية كلية التربية قسم علوم الحياة في جامعة كربلاء فقد تركت الدراسة رغم انها حاصلة على تقدير جيد جدا ومؤهله للمرحلة الثالثة تركت الدراسة لانها تزوجت وزوجها يرفض ان يراها الشبان لانها جميلة والمشكلة الاكبر من ذلك ان رؤى سعيدة جدا لان زوجها يغار عليها (شر البلية ما يضحك) رؤى صديقتي ومرارا وتكرارا حاولت ان انصحها ولكن في النهاية ادركت انها تقول لزوجها كل شيء وقررت ان اتخذ من الصمت موقفا حيالذلك لانها هي  من اختارت حياتها ومستقبلها الكل له عقل يتدبر به اموره ولكن لابد لهذا العقل من بصيص نور في في طريقه حتى يستطيع ان يدرك به الامور على حقيقتها وبصيص النور الاول في حياة الفتاة هي العائلة فلو استطاعت العائلة ان ترشد ابنتها الى طريق العلم وان تبني لها طموح منذ البدء لاستطاعت الفتاة ان تتمسك وتتسلح بالعلم وبصيص النور الثان هو المدرسة فحث الفتيات على اكمال الدراسة ورسم صورة جميلة لحياة ما بعد المتوسطة والاعدادية يجعل الفتاة تحلم وتطمح الى الافضل وتتقدم الى بصيص النور الى ان يصبح عالما مليء بالاضواء والانوار. 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com