مقالات في الدستور

 

 

فيدرالية الدستور الجديد

 

بقلم: د. لميس كاظم

zouher_abbod@hotmail.com

كثُر الحديث عن الفيدرالية.. ماأسمها... ما شكلها ...جغرافية ام  قومية... كردية ام شيعية... في صياغة الدستور الجديد. هناك من يدعم الفيدرالية الجعرافية للشعب الكردي ليس حبا بالكرد وانما  ليسهل تعويم مفهومها بما ينسجم مع ما يبغي اليه.

الحديث عن الفيدرالية ملتهب كالرماد الذي تحت النار الساخنة  والخوض في تفاصيلة يلهب قلم الكاتب ويعرضة لمطبات وطنية ان لم يحسن التوقف في رحاب افكار القادة المفخخين.  ان تناول هذا الموضوع  هو لاستبيان دوافع الشعب الكردي لاي فيدرالية يطمح... وماذا ستحقق له هذه الفيدرالية في الدستور الجديد لنصل الى منطلقات الفيدرالية  للشعب الكردي ومبرراتها.

 لقد عاش الشعب الكردي في كنف الشعب العراقي منذ قرون طويلة. شارك مع العرب وبقية القوميات كل اطراحهِ قبل افراحهِ. احتضن المقاومة العراقية في اكثر من منعطف سياسي وساهم في كل المعارك الوطنية والمنعطفات السياسية التي اكتنفت تأريخ العراق المعاصر فهو بالنتيجة ترعرع في رحم العراق ولم يفكر ان ينسلخ عنه رغم كل ما تعرض له من كوارث واضطهاد على يد الحكومات العراقية.

خصوصية الشعب الكردي كونه يمتلك ، لغة، قومية، تأريخ، عادات وتقاليد خاصة به تختلف جذرياً عن باقي الشعب العراقي، ميزتهُ في زاوية موقعه الجغراقي والقومي، واضافة مسحة جمالية ورونق اصيل  للخارطة العراقية في جزئها الشمالي الخلاب.

لقد عانى الشعب الكردي من اضطهاد بكل ماتحمله المفردات المذكورة اعلاه من معنى قسري ابتداءا من محاولات تهميش ،الغاء الهوية، وتشريد، وتعريب، وبطش،  قمع سياسي، وتغيب تمثيلهم في كل الحكومات العراقية التي توالت على الحكم منذ تأسيس الدولة العراقية لغاية سقوط الصنم.

هذا الحيف الذي وقع على الشعب الكردي لم يثنِ عزيمته على مواصلة نضاله لنيل حقوقه المشروعة.

 امتشق المناضلون الكرد قمم الجبال قرابة نصف قرن، هجروا مضاجعهم الدافئة ليتخبوا في كهوف باردة، تركوا اطفالهم ونسائهم ليجوبوا الجبال الوعرة بحثنا عن الحرية. تركوا المدن الكردية والحياة الأمنة  ولقمة العيش السهلة ليقارعوا  من الاخاديد الجبلية الضيقة كل اشكال العبودية. زحف المقاتلون الكرد من اعالي الجبال كما زحف كل الثوار من جنوب ووسط العراق الى حدود العاصمة بغداد لتهديم الهة الصنم عام 1991 لكن الزحف المقدس اُوقف بقرار دولي.

 حصل الشعب الكردي على جزء من حقوقة بعد ان رفع عنه كابوس الصنم المؤرق عام 1991، وقطع الأتصال مع حكومة الصنم،  لكنهم ظلوا متواصلين مع قادة المعارضة العراقية، وجعلوا من كردستان العراق ملاذا امنا للتجمع العراقي بكل قومياته لبلورة المواقف العراقية لاسقاط الصنم. حققوا جزء من استقلالهم لكنهم اَبوا ان ينفصلوا عن جسد العراق ليس لمراعاة التأثيرات الاقليمية او الدولية، كما يروج لها،  وانما لان الأكراد يشعرون انهم جزء من هذا الوطن لم ولن يتنازلوا عن انتمائهم الوطني للعراق. لهم نفس الحقوق بالتراب العراقي كما للعرب وبقية الأقليات. لهم جذور وروابط مشتركة مع اخوتهم العراقيين. ان الدم العربي الذي اغتسل تراب الجبل هو نفس الفصيل من الدم الكردي الذي اروى جذور اشجار النخيل الجنوبية.

هذا التلاحم لايكمن جمعه بشكل عادل الا بدستور ديمقراطي.

 ان الفيدرالية التي يطمح لها الشعب الكردي في الدستور  الجديد هي:

ضمان مساواتهم في الحقوق والواجبات مع بقية ابناء العراق.

ان تكون اللغة الكردية هي اللغة الرسمية لمناطقهم الكردية  التي حرموا من ممارستها .

ان يُعّرف بتأريخهم وتراثهم لبقية ابناء العراق مثلما يعرف التأريخ العربي في المناطق الكردية. لكي تتحقق وحدة الأنسجام في العادات والتأريخ المشترك.

ان تخصص جزء من ثروات العراق الى المدن الكردية لاستكمال الأندماج الأقتصادي والمدني والتطور الحضاري مع بقية المدن العراقية.

ان يمثلوا بالحكومة بنفس النسبة التي يمثل بقية الطوائف العراقية للحفاظ على حقوقهم السياسية من السطوة.

ان يُسن قانون في الدستور الديمقراطي يضمن حقوقهم السياسية والأدارية والجغرافية.

من هذه المنطلقات يطالب القادة الكرد بحقوقهم المشروعة في الأتفاقات السياسية العلنية والسرية مع بقية قادة العراق لضمان نوعية الفيدرالية والتي غرضها الأخير هو استكمال وحدة العراق على اساس دستور ديمقراطي، تعددي، فيدرالي وطني.

 اليوم عشية كتابة الدستور يروج  لفيدرالية في المناطق الجنوبية اوما يسمى بالحكم الذاتي لمناطق شيعية، تحت ذريعة الحقوق المشروعة  للمناطق الشيعية، التي اهملت ودمرت في زمن الصنم،  مشترطين انهم لن ليقبلوا الأ بفيدرالية جغرافية للشعب الكردي لتكون مدخلا لفيدرالية جنوبية وليس طائفية. هذا كلام حق يراد به باطل. في البداية يعرج لقبول في مبدء الحكم الذاتي انسجاما مع المثل القائل *الميت يقبل بالسخونة* ومن ثم يطالب بالفيدرالية الجغرافية والطائفية ولانعرف الى اين تمتد النوايا وباي اتجاة من حدود العراق المفتوحة ستتوسع؟

صحيح ان المناطق الشيعية في وسط وجنوب العراق اهملت وتعرضت لاضطهاد وحرمان وتغييب وقتل ومقابر جماعية من قبل الصنم.  لكن يمكن استنهاض كل المدن العراقية من جديد بحملة اعمار وبناء وطنية شاملة وفق مبدء النزاهة والشعور بالوطنية وحاجة كل مدينة بالترافق مع بقية المدن العراقية.

  ان الحكم الذاتي المقترح او الفيدرالية الجغرافية لمدن الجنوب والوسط  لن تحسن اوضاع المدن الشيعية في ظل الفساد الأداري والنهب في ممتلكات الوطن والعبث في حُرمته المدنية وبقاء المشاكل الأمنية والمطلبية عالقة بدون حل جذري.  بل ستفتح شهوات طائفية جديدة لتقسيم العراق الى ولايات واقاليم  طائفية وجغرافية كما كانت في زمن الدول الأسلامية من القرون الوسطى وبالتالي سيكون للتقسيم السياسي في المستقبل حصة في المفاوضات للقبول بالأمر الواقع.

انا لاأرى اي مبرر لمثل هذه المنطلقات في الوقت الحالي. إذ ان الحكم الحالي بيد ابناء الطائفة الشيعية والقرار في اعمار وتحسين اوضاع المدن تحت تصرفهم، إذاَ مالغرض من كل هذا التقسيم ؟

ان من يحرص على وحدة العراق علية العمل الدؤوب من اجل التصدي لكل المحاولات التي تزرع الفتنة بين ابناء المدن العراقية.

 ان محاولات الصنم كانت مستمرة لزرع الفتنة الطائفية ومفاضلة المدن السنية عن الشيعية، لكنه لم ينجح في ذلك. اما اليوم فالدعوات لمفاضلة المدن الشيعية عن بقية المدن العراقية مستمرة تحت ذرائع مختلفة . هذا النفس سيودي الى تعميق النهج الطائفي البغيض.

لذلك ان مايجري ويمهد له اليوم من محاولات لتقسيم اداري طائفي لمدن العراق مستفيدين من فسحة الديمقراطية المتأزمنة لن يكتب لها النجاح بل ستصب في المحاولات التي تبغي الى عزل التداخل الديمغرافي بين مدن العراق.

 ان مفهوم الوطن مقدس لكل العراقين بغض النظر عن انتمائهم الديني والقومي والفكري ولن يحق لاي من كان التلاعب بمقدراته. لذلك بات لزاما على كل ابناء العراق الغيارى ان لايفرطوا بوحدة العراق وقوة التأخي بين المده العراقية من جنوبة الى شماله.

ان الدستور الديمقراطي الذي سيفصل الدين عن الدولة، ويعزز صلاحيات السلطات الثلاث، وسيادة دولة القانون، وتعميق ثقافتة، على كل ابناء الشعب العراقي دون تمييز، وملاحقة العابثين بأمن البلد وممتلكاته، واحترام كرامة وحقوق المواطن، هو الكفيل لأعادة اعمار كل المدن العراقية وتحقيق العدالة الأجتماعية والعمرانية.

 

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com