مقالات في الدستور

 

 

نحو دستور حر متغير يثبت الحقوق ويرسخ الديمقراطية

 

صاحب مهدي الطاهر / هولندا

keesbees@hotmail.com

الدستور هو احد الركائز التي  تبنى عليها دولة  فهو يثبت الحقوق والواجبات على اختلافها بين مختلف مكوناتها من افراد ومؤسسات وبين الحاكم والمحكوم وينظم العلاقات على اختلافها وتنوعها بين الدولة ومؤسساتها وبين محيطها الخارجي والاقليمي والدولي ،وهو لا يمكن ان يكون باي حال من الاحوال وليد اّن او وقت ظرفي يكتبه المشرعون بناء على معطيات وتحديات واقعية بل يجب ان يكون مزيج من توقعات وقتية قريبة الاجل واخرى بعيدة كما هو حال الفطرة البشرية المتغيرة المعالم والاهواء في كل وقت وزمان،لان الاساس في ذلك هو العنصر البشري الذي هو المستهدف الاول والمحرك الاول والمفصل المهم في نجاحه او فشله وبالتالي فان جمع المتغيرات في بودقة واحدة تنتج متغير جديد اكثر استمرارية وحيوية هو مطلب واقعي ومهم في نجاح اي تجربة جديدة تطبق في اي بلد ما الى حين انتفاء تاثيره بتغير وجهة النظر العامة ازائه وهذه تعتمد على معطيات وظروف وتحديات مختلفة تولدها اسباب خارجة عن الارادة الذاتية واخرى نابعةعنها الدستور الذي يطمح مشرعيه الى ان يكون دستور ناجح ويمتد تاثير معظم بنوده الى فترة طويلة هو ذلك الدستور الذي يحتوي الجميع ويضمن الحقوق للجميع ويضمن الية معينه للتغيير استجابة لمتطلبات وتحديات مهمة لا يمكن غض النظر عنها باي شكل من الاشكال داخل بلد تحكمه مؤسسات ديمقراطية وتعمه الحرية .اما الحديث عن دستور اخر يلبي رغبات وطموحات مجتمع ما فهو بالتاكيد سيكون دستور ظرفي متخلف لانه لم ياخذ بالتغيرات المستقبلية التي ستطرا على الرؤى والافكار وتوجهات على مستوى العامة ،فالمتدين المتشدد الذي قد يجد ان الدستور الاسلامي يصلح الان قد يجد هذا الدستور بعد فترة زمنية معينة حين تتغير افكاره وقناعاته عبء عليه وسيحاول بعدئذ جهده لتغيير الواقع الحالي وهو سيكون في ذات الوقع متناقض تماما مع شريحة واسعة ترفض هذة الرؤية ،والاخر الذي يرفض الان تقييد المجتمع بشرائع وضوابط اسلامية ويرغب ان يضمن الدستور ابعاد كامل لاي صبغة دينية سيجد بعد حين انه يواجه معارضة قوية تعمل خارج اطار منظومة الدولة ومؤسساتها وبهذا سيكون بؤرة لاضعاف قوة الدولة ومكانتها وازدهارها وتقدمها بفعل الصراع وعدم الاستقرار الذي يتولد نتيجة لهذا الاسباب او ان هذا الشخص نفسه سيتحول بعد حين الى شخص اخر له توجهات ورؤى اخرى تتبنى المفاهيم الدينية نهجا وثقافة وتعاملا.ان الدستور الذي يحتوي الجميع بكل توجهاتهم ورغباتهم ورؤاهم سيكتب له النجاح دون شك وسيكون قابل للاستمرار بفعل قدرته على التجدد وايجاد الحلول المناسبة التي تنشا نتيجة لهذا السبب او ذلك ،فالشخص الذي يجد ان النظام الاسلامي يصلح له الان قد يغير من توجهاته وقناعاته بعد حين سيجد ان ذلك الدستور يمكن ان يحتويه في اي وقت بكل سهوله وانسيابية تامة ،وهذا ينطبق طبعا مع الشخص ذو التوجهات والاراء المختلفة والمضادة للنموذج الاول .اذن الدستور الحر والمتغير يمكن ان يحتوي الجميع بعكس الدستور الاسلامي مثلا الذي يحتوي فئة معينة من المجتمع وهي الفئة المتدينة وعلى سبيل المثال لا الحصر ان الدستور الاسلامي يفرض ارتداء الحجاب في الاماكن العامة والمؤسسات المختلفة الخاصة والعامة وهذا يولد دون شك ابعاد لطبقة هامة من المجتمع النسوي اللواتي يجدن ان وجوب ارتداء الحجاب هو تدخل سافر في حريتهن الشخصية وبالتالي فهو مدعاة لتبلور معارضة من نوع خاص قد تعمل فوق الارض او تحتها وهذا ما لا يرغب به الجميع وكذلك فان وضع دستور يمنع من ارتداء الحجاب سيكون ضد رغبة طبقة معينة من المجتمع وستتولد نفس المخاطر والتحديات للدولة والمجتمع الا ان الدستور الذي يضمن لكلا الطرفين الحضور والتفاعل والنشاط  والحقوق  والواجبات سيذيب كل هذه المتناقضات في فقراته ويجعله متغير من ذاته دراماتيكيا وهذا هو سبب نجاح الدساتير الحرة الديمقراطية في المجتمعات المتقدمة والمزدهرة.

 

 

 

  

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com