مقالات في الدستور

 

 

اقتراحات دستورية

 

د.هادي نعيم المالكي

hdk72@yahoo.com

 

 لديَّ هنا عدد من الاقتراحات الدستورية ارغب في وضعها بين يدي اللجنة الدستورية الكريمتين وإطلاع أبناء الشعب العراقي الحبيب عليها عسى أن يكون فيها الفائدة المرجوة :

1- الأخذ بالنظام الرئاسي في تشكيل الحكومة، وهو النظام المطبق في الولايات المتحدة الأمريكية واقتبسه، إلى حد كبير، الدستور الأفغاني الذي تم وضعه مؤخرا، بدلا من النظام البرلماني الذي يجري الترويج له أحيانا والتصريح به أحيانا أخرى، وهو النظام الذي نشأ في بريطانيا، وأخذت به العديد من الدول، ومنها لبنان وتركيا وإسرائيل والعراق في مرحلته الانتقالية . وذلك لان النظام البرلماني لا يلائم الواقع العراقي فهو سيؤدي عمليا إلى تقسيم الحكومة العراقية عمليا وضمنيا على أساس طائفي وعرقي كما هو الحال في لبنان الآن، حتى وان لم يجرِ النص صراحة على أي محاصصات أو تقسيمات طائفية أو عرقية في الدستور المرتقب . فضلا عن ذلك، فإن النظام البرلماني يتميز عادة بضعفه وتعقيده وكثرة مساءلة الحكومة حتى عن أشياء وقضايا لا تستوجب المساءلة، إنما تكون هذه المساءلة أحيانا لأغراض المزايدات الحزبية الضيقة . بالمقابل فإن النظام الرئاسي يتميز بقوته ومركزيته وقلة مساءلته مما سيفسح له المجال في حرية التصرف أكثر في تدبير شؤون الدولة الداخلية والخارجية، مع توفر الضمانات الديمقراطية الأخرى التي تضع القيود والحدود اللازمة على سلطات الرئيس والتي تمنع من تحوله إلى دكتاتور .

 2- إذا تم الاتفاق على الأخذ بالنظام الرئاسي كما هو مبين في النقطة السابقة، فيجب تضمين الدستور حكما خاصا يمنع من قيام ما يسمى ب " الجمهوريات الأسرية أو العائلية أو الجملوكيات "، على غرار ما حصل في سوريا من تولي بشار الأسد للرئاسة بمجرد وفاة أبيه حافظ الأسد، وهذا الحكم الخاص سيكون شرط من شروط المرشح للرئاسة، ويمكن صياغته على النحو الآتي : " أن لا يكون المرشح للرئاسة ابنا للرئيس السابق " . ابنا للرئيس السابق فقط دون الأسبق .

 3- لقد عولجت مسألة المكونات العرقية للشعب العراقي في قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية على نحو مضطرب للغاية، فلقد نصت المادة السابعة الفقرة ب على انه :" العراق متعدد القوميات والشعب العربي فيه جزء لا يتجزأ من الأمة العربية ". فوفقا لهذا النص المسخ والمضطرب، إن الشعب العربي جزء من الأمة العربية، على فرض وجود هكذا أمة، وبالمقابل، سيكون الشعب الكوردي، المكون الأساسي الثاني للأمة العراقية، جزء من الأمة الكوردية، إن وجدت هي الأخرى، والشعب التركماني، المكون الأساسي الثالث للأمة العراقية، جزء من الأمة التركمانية، إن وجدت هي الثالثة، والشعب الكلدوآشوري جزء من الامة الكلدوآشورية، إن وجدت هي الرابعة ؛ وهكذا ستتشرذم الأمة العراقية إلى مجموعة من الأمم الوهمية التي لا وجود لها إلا في بعض العقول القديمة التي لم تستطع إلى الآن أن تدرك وجود الأمة العراقية وهي الإطار الجامع لكل المكونات العراقية المختلفة من عرب وكورد وتركمان وكلدوآشوريين وشبك . والحال إن نص الفقرة ب من المادة السابعة المذكورة أعلاه لا يمثل سوى بقايا الفكر العروبي الشوفيني الذي حكم العراق على مدى الثمانين السنة الماضية والذي لم يورثنا غير الدمار والحروب والكوارث والاقتتال الداخلي . فعلى من يتوقع منه، وهم ممثلو سنة العراق، أن يطالب بتضمين الدستور حكما ينص على ارتباط العراق، أو على الأقل، شعبه العربي بأكذوبة " الأمة العربية " أن يعي ذلك جيدا، وان يكفوا عن المزايدات العروبية الفارغة والتي لا طائل من ورائها . والطريف في ذلك إن الجهات التي يفترض إنها تمثل سنة العراق سياسيا هي في غالبها جهات دينية إسلامية، فكان الأولى بها ثم أولى أن تحرص على تأكيد إن العراق جزء من الأمة الإسلامية، أن وجدت هي الأخرى، بدلا من هذا التهافت العاطفي وغير المدروس على الانتماء لما يسمونه ب " الأمة العربية " والتي حاصرتهم وقاطعتهم وجيشت عليهم الجيوش قبل بضعة سنين وما زالت تغلق حدودها بوجههم . لكل ذلك، نقترح أن يتم تجاوز هذا الأمر، وإخراجه من نطاق المزايدات السياسية والأفكار الشوفينية والاهتمام بالأمة العراقية نفسها وحسب، ومعالجة مكونات الأمة العراقية على نحو واقعي وعملي، وليكن على النحو الآتي مثلا : " إن الأمة العراقية تتكون من العرب والكورد والتركمان والكلدوآشوريين والشبك، وهم جميعا يتشاركون العيش في العراق بمحبة وإخاء وتراحم وتعاون لما فيه خير العراقيين جميعا ". ومن الواضح إن هذا النص المقترح إنما يتضمن الإشارة إلى التنوع العرقي للأمة العراقية وليس التنوع الديني فيها بين المسلمين والمسيحيين والصابئة والأيزيدية وربما حتى بقايا اليهود .

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com