مقالات في الدستور

 

 

الدستور وقانون الاحوال الشخصية وحقوق المرأة

 

خالص عزمي

باحث وقانوني عراقي مقيم في النمسا

khalis_azmi@hotmail.com

 

وجه اليّ المركز التقدمي لدراسات وابحاث مساواة المرأة دعوة للمشاركة في الاجابة علىثلاثة اسئلة مطروحة للنقاش ؛ وها انذا البي

الدعوة واجيب عليها بما يأتي:ـ

س1 ـ مدى تأثير المرأة العراقية في لجنة صياغة الدستور وانعكاساته على قضيةالمرأة وحقوقها؟

ج1 ـ ان تأثير مشاركة المرأة في لجنة صياغة الدستور سواء اثناء مناقشته واعداده او حتى بعد انجازه وطرحه على الرأي العام لابداء الراي فيه تمهيدا لاجراء الاستفتاء عليه انما هوعنصر اضافي تتوضح فيه نظرة المرأة العراقية ليس في حدود حقوقها وانما في مشاركتها الفاعلة في حركة وديناميكية التطور الاجتماعي . ان المهم ليست المشاركة الشكلية مع تقديري لتواجد المرأة في كل مناسبة ومحفل ؛ الا ان الاهم في هذا الموضوع هو وضع النصوص الدستورية والقانونية الصادرة بموجبه موضع التطبيق العملي تخطيطا وتنفيذا بما يؤدي الى ازاحة العقبات من امام تمتعها بكامل حقوقها بدءا من بعض التقاليد والعادات المتوارثة والتي تعنى بالمظهر الخارجي للجانب الاخلاقي وتهمل اللب الحقيقى للمشكلة . ان في فرض مثل هذه التقاليد على الصياغة الدستورية انما يدلل على الجهل القانوني بطبيعةالمعنى العميق للدستور الذي يتوجب ان يكون سندا لتطور مفهوم مساواة العراقيين في الحقوق والواجبات.

اما عن اي دستور يمثل الضمان لتحقبق المساواة ؛ فالجواب هو ذلك الدستور الذي يعتمد الارادة الشعبية الامينة غير المزيفة وغـير الخاضعة لارادة وضغوط المحتل.وما يتبعهامن عوامل التفرقة كالطائفية والعرقية والمذهبية والعشائرية....الخ انه ذلك الدستور الذي يعتمد على الارث القانوني الضخم الضارب في القدم والمرتكز على دعائم العدالة والمساواة والموازنة الدقيقة ما بين كفتي الحقوق والواجبات . وهوذلك الدستور يعتمد في اسسه الاولى على وثيقة حقوق الانسان الصادرة عام 1948 والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة الصادرة عام 1979 وكذلك الاعلان العالمي الخاص بالقضاء على العنف ضد المرأة الصادرعام عام 1993

س2 ـ ماهي اهمية فصل الدين عن الدولة على حقوق المرأة العراقية ومساواتها؟وماهي ضمانات تطور قانون الاحوال الشخصية وتعديلاته في الدستور الدائم؟

ج2 ـ أ ـ ان تعبير فصل الدين عن الدولة تعبير غير دقيق على الرغم من تداوله بكثرة. ان التوقف عند مثل هذا التعبير غير القانوني يفتح امامنا آفاقا من الجدل غير المجدي ـ او البيزنطي ان شأت ـ وتراكما منالمشاحنات المفرقة لا الموحدة. وعليه فان القصد من وراء هذه المعميات هو ما اجابت عليه الارادة الحكيمة لرجالات العراق من الساسيين والقانونيين البارعين في الثلاثينات من القرن الماضي حينما اصطدموا بمثل هكذا طرح اي جمع الحكم والدين في آن واحد بيد قادة هذه الفئة اوتلك بمعزل عن الدستور او القانون الذي يحكم المضوع . لقد وقف اؤلئك الرجال بزعامة المرحوم رشيد عالي الكيلاني رئيس الوزراء موقفا غلب مصلحة الوطن على كل اعتبار برفضه مثل هذه الدعواتمؤسسين موقفهم المبدأي على قاعدة ان الزعامات الدينية لها سلطاتها بحدود تابعيها او مقلديها وفي اطار المعتقد وحسب اما ما عدا ذلك فلا يتجاوزه الى سلطة الحكم . وقد عبر عن ذلك ب(الفصل مابين السلطة الدينية والزمنية) ـ اي الدنيويةـ . اذن فالفصل ما بين الدين والحكم هو المقصود وهو المطلوب قانونا . ذلك لان الدولة هي مظلة الشعب التي تحمي الجميع دونما تمييز بسبب الدين او العقيدة او اللون او الجنس . وعليه فالفصل هو ما بين الدين والحكم وبهذا المعنى والسياق يكون من الضروري تركيز القواعد الدستورية على الفصل ما بين ما هو ديني وما هو دنيوي بشكل صريح وواضح لالبس فيه ولا رمز بحيث لاتتداخل امواج الرغبات الخاصة ولا تختلط الاوراق وتضبع المقاييس لا بالنسبة لحقوق المرأة وحسب بل بالنسبة لحقوق الشعب العراقي في العيش الكريم بعيدا عن عوامل التفرقة التى يسعى اليها المحتل بكل طاقاته

ب ـ اما عن الفرع الثاني من ذات السؤال والمتعلق بضمانات تطور قانون الاحوال الشخصية وتعديلاته في الدستور الدائم ؛ فأجيب : ان الدستور قواعد قانونية عليا يفترض ان تكون مكثفة ودقيقة وجزلة التعبير ؛ ولذا فعلى الذين يعكفون على وضع مسودته ان يراعو النظرة البعيدة في عدم تيسير وتسهيل امكانية تعديله او الغاء بعض قواعده . ولما كان الامر كذلك فلا يجوز بالتالي

.حشره بنصوص قابلة للتغير والتبديل والتعديل بسبب تطور الحياة اليومية كتلك التي تتعلق بتفاصيل الاحوال الشخصية او المدنية انما يكتفى بالنص على القاعد القانونية ثم تردف بعبارة ( وينظم ذلك بقانون) . اما عن مصادر مثل هذا القانون فيمكن ايجازها كالاتي:

قانون العائلة العثماني الصادر عام 1917

القانون المدني العراقى

قوانين الاحوال الشخصية والمدنية في مصر وسوريا والاردن وتونس

قانون الاحوال الشخصية العراقي رقم 188لسنة 1958

مختلف المناقشات والمداولات القانونية لمشاربع وتعديلات القوانين ذات الصلة والمحفوظة في آرشيف ديوان التدوين القانوني ( مجلس شورى الدولة حاليا)

محاضر جلسات مجلس النواب العراقي فيما يختص بهذا الموضوع حتى تموز من عام 1958

واخيرا من المهم عدم السماح بتجاوز حدود قواعد المساواة بالزحف تريجيا نحو اعتماد مذهب المتداعين من المسلمين فى قضايا تحديد الهوية والنسب والحضانة والزواج والطلاق والخلع والوصية والميراث ,,,الخ انما يجب الاصرار على الاعتما على مبدأ المساواة امام قانون الاحوال الشخصية تركيزا للتوحيد والجمع وعدم التمايز وازدواج المعاير لكي يكون العراقيون بحق وواقع فعلي متساوين بالحقوق والواجبات.

 

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com