مقالات في الدستور

 

 

لا لحصة 25% للمرأة في الدستور العراقي الجديد

 

حمزة الشمخي

ha_al@hotmail.com

 

يستكثر البعض من العراقيين، ومنهم أعضاء في الجمعية الوطنية العراقية المعنية في كتابة الدستور العراقي الدائم، على المرأة العراقية حضورها في الحياة والمجتمع وفي مؤسسات الدولة المختلفة، ومنها الجمعية الوطنية العراقية والوزارات، حيث يقول البعض منهم، إننا قدمنا وأعطينا للمرأة العراقية، من حيث العدد والحضور أكثر من أي بلد في العالم، بما فيها البلدان الديمقراطية والمدنية المعروفة

 وكأن أصحاب هذا الرأي، قد قدموا مكرمة ومنة من عندهم، للمرأة العراقية، صاحبة التاريخ المرموق بالنضال والتضحية والعمل والعلم والمعرفة، حيث عرفناها وزيرة في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، كما عرفناها طبيبة ومحامية وإستاذة وعاملة وفلاحة وفنانة وأديبة وسياسية وناشطة ديمقراطية ... إلخ، من الوظائف والمناصب الحكومية وغير الحكومية المختلفة

أن تقدمية وديمقراطية أي دستور في عالمنا هذا، تكمن في نظرته وموقفه من واقع المرأة وحقوقها ومساواتها الطبيعية مع الرجل في الحقوق والواجبات بشكل فعلي وليس شكلي، كما يراد له مثلما يتمنى البعض، الذي لا يؤمن أصلا بإستقلالية وحرية وحقوق المرأة المشروعة، والتي لا تحتاج أبدا لمن يشرعها أو يوافق عليها، لأن من البديهي ولا خلاف عليه، لمن يتفهم ويعرف دور المرأة ومكانتها في المجتمع والحياة، لأن بدون تحقيق حريتها الكاملة لا يمكن تحقيق حرية المجتمع بأسره أبدا

كل منا عليه اليوم، أن يساهم قدر الأمكان والمستطاع في كتابة دستورنا الجديد، والذي جاء بعد نضالات وتضحيات بلا حدود، وخاصة بالنسبة للمرأة العراقية، عبر سنوات التخلف والقهر الإجتماعي والحروب والدكتاتورية والفقر والأمية والعوز والحرمان من أبسط حقوقها، كإنسان له كل الحق أن يعيش بأمان وطمأنينة وكرامة وحرية .

على دستورنا القادم أن يتضمن كل حقوق المرأة المتفق عليها ضمن القوانين والمواثيق الدولية، والغاء كل القوانين الجائرة والمتخلفة بحق المرأة، والتي هي من مخلفات ظلم الماضي المتخلف والسياسات الإستبدادية للإنظمة المتعاقبة على حكم العراق وخاصة في زمن الدكتاتورية الصدامية المهزومة، وأن تثبت حقوقها المدنية في قانون الأحوال الشخصية القادم، وأن تأخذ المرأة دورها الطبيعي في المجتمع تماما كالرجل .

 وأن تلغى النسبة العددية لحضورها ووجودها في كل مراكز شؤون الدولة ومفاصلها، كما هو جاري في الجمعية الوطنية العراقية الآن، حيث أن وجود المرأة في الجمعية الوطنية تم على أساس نسبة 25% وأن هذه النسبة سارية في الوزارات وباقي مؤسسات الدولة المهمة أيضا، وهذا يتعارض تماما مع مبدأ المساواة بين الجميع ( إمرأة كانت أم رجل ) على أساس المواطنة العراقية وليس على أي إعتبار آخر .

إننا بحاجة الى ثورة إجتماعية شاملة، ينبغي أن تبدأ اليوم، لأنه لا يمكن الحديث أبدا عن المفاهيم الديمقراطية والمجتمع المدني والبناء والعمران، وهناك طاقات أساسية معطلة في المجتمع، بسبب قيود بعض العادات والتقاليد البالية، وفرض الأفكار الرجعية المتخلفة اليوم على المرأة بالقوة، وحتى التدخل بحياتها الشخصية، وما ترتدي من ملابس؟، وأين تذهب ؟، وكيف تتعامل مع الناس؟، وفي أية وظيفة يجب أن تعمل ؟؟ ... إلخ من الأمور الحياتية الخاصة بالإنسان، والتي لا تحتاج الى مراقبة ومتابعة الغير، وكأن المرأة ليس كباقي البشر

يجب أن نبدأ بالتزامن مع كتابة دستورنا الجديد، بمحاربة كل من يقف بوجه حرية المرأة وحقوقها تحت أية راية كانت، وأن تجري عملية تثقيف منظمة تبدأ من المدرسة وتنتهي بالجامعة، مرورا بالأحياء السكنية وتجمعات الناس في المدينة والريف، بأهمية المواطنة العراقية، ودور الجميع نساءا ورجالا ببناء وتقدم البلد، وصولا الى مجتمع المحبة والعدالة والمساواة الحقيقية بين جميع العراقيين

 

 

  

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com