مقالات في الدستور

 

 

 ثقافة الدستور العراقي الجديد

 

اعداد : زينب ابراهيم

 

عند الشروع بكتابة الدستور العراقي الجديد، لابد من التوقف بوضوح، عند أي ثفاقة سيعتمدهاالدستورالعراقي منسجما مع روح االدستورالجديد.

ان ثقافة المجتمع العراقي، خلال العقود التي حكمها البعث، تعرضت الى جملة من التغيرات الكلية التي هشمت البنية التحيتة لمقومات الثقافة العراقية. أذ مارس النظام البائد،سياسة تطهير عرقي وقومي وديني، ومسخ ثقافي لكل ماهو نبيل وأنساني في المجتمع العراقي، وعسكرة المجتمع وسيادة ثقافة القتل والعنف والنخبة المتزلفة واخيرا ثقافة الصوت والصورة الواحدة في الحياة العراقية .

أننا ورثنا من النظام البائد دمار ثقافي شامل لكل المؤسسات الثقافية والوعي الثقافي والثقافة الذاتية نفسها، لذلك يتطلب إعادة إعمار ثقافي.

حال سقوط النظام البائد ظهر في المجتمع ثقافات سريعة كردود فعل للتغيير الحاصل وابرز هذه الثقافات هي :

 ثقافة الإحتلال وهي قائمة على التزاوج،لاول مرة، بين ماهو وطني و مُحتل وإيجاد فلسفة خاصة تبرر العنف والقتل بالتحرر والسيادة وهي ثقافة الخطوط الحمراء الممنوع تجاوزها. أذ تعتمد هذه الثقافة على تغيير المفاهيم الوطنية التي تربى عليها المواطن العراقي وتحريفها لمفهوم الثورة والتحرر من خلال مفاهيم جديدة، التي تعطي إنطباع ايجابي عن الإحتلال وسبل التعايش معه وصولا الى تغيير مفاهيم الناس حول طبيعة نهج وثقافة الإحتلال. إن الإحتلال جاء ليبقى،ولذا يتوجب عليه، بناء القاعدة الفكرية والمؤسسات الثقافية المنسجمة مع طموحاته الثقافية لتّروج له بما هو ايجابي ومقبول وفق مختلف السبل والإغراءات.

ثقافة التفخيخ والتفجير وقتل الأبرياء كمفهوم جديد لثقافة الجهاد والتحرر، وهي ثقافة قائمة على ترويع الشعب العراقي من قبل مجرمي البعث وجماعات إسلامية متطرفة، إتخذت من العراق، مكانا لتصفية حساباتها مع الأمريكان، بحجة الدفاع عن وطنية العراق. هذه الثقافة هي خليط من الفكر البعثي القمعي والفكر السلفي والوهابي وغيرها من الأفكار المتشددة، وهي لاتستند الى قاعدة جماهيرية ودخيلة على ثقافة المجتمع العراقي، تعتمد على العنف كوسيلة لفرض رايها وترفض كل أشكال التحرر والديمقراطية وتدعو للعودة الى العصور الوسطى في الحكم، وهي ثقافة شديدة التطرف وترفض كل أنواع الثقافات الأخرى ولا تتخذ من الحوار والحرية وسيلة للتعامل بل السيف والمسدس والديناميت هي الوسائل المبررة لبلوغ الهدف.

ثقافة الولاء الديني الشيعي، وهي تعتمد على ثقافة المرجعية وولاية الفقية، تستند على الدين الإسلامي كمصدر وحيد للتشريع بالأضافة الى المرجع الديني الأعلى، وهي تدعو الى بث الثقافة الإسلامية بإعتبارها، الثقافة الرئيسية في العراق، لكنها تؤمن بالثقافات الأخرى المتواجدة في العراق وهي تبشر بالتنوع الثقافي المحدود شرط ان تكون الأولوية الى الثوابت الإسلامية الثقافية.

الثقافة الكردية، وهي ثقافة متنورة مستقة منابعها من تراث الشعب الكردي العريق ونضاله من أجل الحرية،وهي تدعوالى التنوع الثقافي في المجتمع العراقي، وبناء المجتمع على أساس إعطاء الحقوق الثقافية لكافة القوميات والأقليات في العراق.

يوجد في العراق الكثير من القوميات والأقليات والطوائف التي تتمسك بثقافاتها وتطالب بحقها في ممارسة حقوقها الثقافية وهو حق مشروع.

الثقافة الليبرالية والعلمانية وهي ثقافة الأحزاب العراقية العلمانية التي تدعو الى التنوع الثقافي في نسيج المجتمع العراقي،وتناضل ضد كل أشكال الإضطهاد الثقافي، وهي ثقافة تنورية مستقاة من التراث الثقافي العراقي والثقافات الأجنبية التقدمية.

أن ثقافة الدستور العراقي القادم ستولد في رحم هذه الثقافات النيرة والمظلمة، ولذا فان ولادة دستور عراقي جديد يلبي حاجة كل هذه الثقافات النيرة، هو ليس بالأمر اليسير، لكن المطلوب من الدستور اولاً هو حماية المجتمع العراقي من وبائين ثقافيين خطريين هما ثقافة العنف وثقافة البعث. أن دستورنا القادم سيكون الجدار القوي،الذي يبني العراق ويحمية من العودة الى الماضي الأظلم، ولضمان أزدهار ثقافي مستقبلي، أرى أن دستورنا القادم يتضمن فقرات مهمة هي:

التنوع الثقافي الذي يضمن حق كل القوميات والأقليات والطوائف والأديان في ممارسة ثقافاتها بحرية وعلنية والدعوة الى الأختلاط الثقافي بين القوميات والأديان.

ثقافة تدعو لحرية المراة والمساواة في الحقوق والواجبات وفرص العمل بين الرجل والمرأة وكذلك أن يتضمن حماية المرأة من الأبتزاز والإضطهاد الجنسي ومحاربة الدعارة.

ثقافة تربى اطفالنا على حب الوطن والتسامح والسلام الأجتماعي والتعريف بحضاراتنا المتنوعة ومبدعينا وأشاعة ثقافة تعليمية ديمقراطية تربي على التنوع الثقافي والأختلاف الفكري وبالوقت نفسة تنبذ العقوبة والعنف وإضطهاد والأطفال والتسول.

ثقافة دولة القانون و المؤسسات الدستورية وان يكون القانون فوق الجميع وإحترام وصيانة حقوق وواجبات وكرامة المواطن ونبذ ثقافة الرشاوي والمحسوبية والحزبية القاتلة.

ثقافة التنوع الفكري والسياسي والتعددية والقبول بالراي الأخر وحرية الصحافة والأعلام الملتزم والتي تحمي مجتمعنا من الأمراض الأجتماعية التي تفسد عقول الشباب.

ثقافة السلام ونبذ العنف والحرب والوطن للجميع والغاء ثقافة التمييز الطبقي.

ثقافة بناء العراق الجديد بمحبة وود وسلام إجتماعي والغاء الاحقاد والثأر وغسل العار غيرها من المفاهيم التي تجسد القتل وسفك الدماء كأسلوب لحل المشاكل وأشاعة الحوار والحل السلمي.

نبذ ثقافة التسلط والمسؤول والحكم الفردي والعشائرية والتزلف والأنتهازية وأشاعة ثقافة القانون والعدالة بين الجميع والتداول السلمي للمسؤلية والمنصب.

ثقافة تصون وتطور ثروات وبيئة وحضارات وتراث العراق وتحمية من السرقة والنهب والأندثار. وبالوقت نفسة إشاعة ثقافة نظافة المدن واحترام تطبيق القانون.

ثقافة تستند من تراث الشعب العراقي المتنوع قاعدة لسن ثقافة الدستور العراقي الجديد.

 

 

 

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com