مقالات في الدستور

 

 

ملاحظات على مشروع الدستور: (1) مقدمة الدستور

علي آل شفاف

talib70@hotmail.com

 

جاء في مشروع الدستور المطروح للنقاش كثير من الأخطاء النحوية والبلاغية. نأمل أن يعرض الدستور قبل طرحه على الشعب على متخصصين في اللغة لضبط الصياغة اللغوية.

 سنبدأ بمناقشة ما جاء في أهداف الدستور:

 1 ـ في أول أهداف الدستور جاء ما يلي:

"* إقامة العدل على أسس راسخة لضمان حق كل إنسان ومواطن دون رهبة أو تحيّز طبقاً لمبدأ سيادة القانون."

*** إن إقامة العدل تتم طبقا لمبدأ "المساواة أمام القانون", وليس مبدأ "سيادة القانون". فسيادة القانون يقام بها النظام وليس العدل. فربما يكون القانون جائرا فلا يتحقق بسيادته العدل, بل الظلم والجور.

قد تكون عبارة "إقامة العدل" لوحدها كافية, أو بإضافة عبارة "طبقا لمبدأ المساواة أمام القانون". وهو ما يغني عن عبارة "دون رهبة أو تحيز". كما أن العطف في عبارة "إنسان ومواطن" غير واضح المقصد.

 

2 ـ وجاء في الهدف الثاني من الدستور:

"* ضمان الحريات الأساسية، وضمان التمتع بها فعلاً في ظل دولة المؤسسات والشرعية".

*** إن عبارة "ضمان التمتع بها فعلا" تعني أنه (يجب) على الجميع التمتع بها. والصحيح "ضمان حق التمتع بها فعلا", والتي تعني أن هناك حق مضمون للجميع, فمن أراد التمتع به فعلا, فإن الدستور سيضمن له ذلك. والفرق بين العبارتين بيّن.

أما عبارة "في ظل دولة المؤسسات والشرعية", فهي حشو زائد؛ لأن ما قبلها مطلق, فلا داعي لتقييده بقيد قد يمكن تحقيقه أو لا يمكن اعتمادا على اجتهاد فقهاء القانون والدستور في تعريفه أو تفسيره. فعند عدم تحقق ذلك القيد وفق أي تفسير, سوف يكون الدستور غير ضامن للحريات الأساسية حسب هذه الصياغة.

 

*** أما الأسطر الثلاث التالية فمن غير الواضح هل أنها هدف مستقل ـ كما يبدو ـ أم أنها تابعة للهدف الثاني لأنها غير مسبوقة بعلامة (*) التي تسبق بداية الفقرات.

3 ـ أما الهدف التالي فينص على ما يلي:

"* تأكيد سيادة الشعب التي تقوم على أساس أنه مصدر السلطات في الدولة ومصدر شرعيتها، ولا يجوز لفرد أو لجماعة ادعاء تمثيل الشعب تحت أي مسمى."

*** قد يبدو أن هناك تناقضا بين العبارة " ولا يجوز لفرد أو لجماعة . . . " وما قبلها. لأنها قد تشمل من ينتخبه الشعب أيضا, وهم الذين منحوا السلطة والشرعية من قبله حسب ما قبلها. ولمنع ذلك, نحتاج إلى إضافة استثناء لمن ينتخبهم الشعب, أو رفع هذه العبارة. وإلا فمن له الحق في تمثيل الشعب في المحافل الدولية مثلا!

 

4 ـ فيما يذكر في الهدف الذي يليه ما يلي:

"* نشر روح الاخاء على أساس مبدأ المواطنة الصالحة وتنمية الوعي الاجتماعي حتى يشعر كل فرد بأنه جزء من البنيان وأنه مسؤول عن حمايته.".

*** إن مفهوم "روح الأخاء" أوسع من "مبدأ المواطنة الصالحة", وغير متعلق به أساسا, وليس من لوازمه. وهو مفهوم شعوري معنوي, ليس له مصداق خارجي إلا بافتراض بعض التصرفات  أنها نابعة منه. أما "المواطنة الصالحة" فهي سلوك في الخارج له حدود واضحة, هي طاعة القوانين والمساهمة الإيجابية في بناء الوطن وحمايته. ثم أننا لا نجد في الدستور ما ينمي الوعي الإجتماعي ـ حسب الفقرة أعلاه. والحال: أن الوعي الإجتماعي موكول إلى الوزارات المعنية كالتربية والثقافة وغيرها, وليس من مهمات الدستور. إما كلمة "البنيان" التي وردت في نفس الفقرة, فمن المفترض أن تكون (البنية الإجتماعية) أو تعبير مماثل. وأظن أن هذه الفقرة مترجمة عن أحد الدساتير لذلك نجد صياغتها ركيكة ـ نوعا ما.      

 

5 ـ ثم في الهدف الأخير نقرأ:

"* تحرير المواطنين من آفة الفقر والمرض والجهل والخوف باقامة نظام اقتصادي واجتماعي صالح يحقق العدالة ويؤمن الضعيف والخائف ويوصل كل مواطن إلى خيرات وطنه.".

*** أولا: أعتقد أن الأصح هو (مكافحة آفة الفقر . . . ) وليس التحرير منها فالآفات تكافح.  

ثانيا: إن التحرير أو مكافحة آفة  "المرض" بمعناه العام ليس من مهمة الدستور وإنما مهمة السياسة الصحية للدولة.  

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com