مقالات في الدستور

 

 

الدستور.. الابن البار للسياسة التوافقية

 

باسم الحافي

ba_cb20032003@yahoo.com 

بعد المخاضات المتنوع التي شهدتها مسيرة العملية السياسية اخذ مسار التوافق يشكل الخط الستراتيجي والمسلك الامثل لكل ما طرح من مناهج وطروحات ورؤى في سلسلة التحولات المتوالدة عبر مراحل السنتين الاخيرتين، وذلك انه (التوجه التوافقي) اخذ يتبلور شيئاً فشيئاً ويستقطب كافة الفرقاء والاحزاب والحركات بكل تنويعاتها الدينية والليبرالية وايضاً تنويعاتها القومية والمذهبية والعقائدية.

ولربما وقتنا الراهن اشد حاجة من المراحل التي سبقته لانضاج الرؤية التوافقية ذلك ان مرحلتنا الراهنة تمثل الحلقة الاخيرة والخاتمة لسلسلة عمليات التحول والتدرج السياسي من جهة ولانها تمثل خلاصة الخطة السياسية التي ستتمخض عن اصدار دستور سيأخذ مكان الابن الشرعي للعملية السياسية، والمتفق عليه من قبل كافة التشكيلات المتنوعة وبالدرجة المرضية لكل اطياف الشعب لانه طبعاً -اي الدستور- ووفق معادلات التعاطي مع الاخر وتبني رؤى وطروحات الفئات المتنوعة من الشعب سوف لن يغادر كبيرة ولا صغيرة الا ويحصيها من خلال اعضاء لجنة كتابة الدستور ومستشاريهم الذين سيمثلون مرآة صافية لابراز وتعريف تطلعات التنويعات العراقية باقلياتها واديانها ومعتقداتها وجغرافياتها الخ.

فالذين يتكفلون بكتابة الدستور اضافة لاطلاعهم على دساتير متنوعة تعتمدها دول اخرى وامتلاكهم برامج من شأنها تسهيل وتذليل العقبات التي تقف امام خطى هذه المسيرة كذلك فهم على اتصال مباشر مع جماهيرهم ويتواصلون معهم جنباً الى جنب في الصحيفة والتلفاز والانترنيت لاطلاعهم اولاً باول على مكونات هذا الدستور وما هو الدور الذي على الشعب ان يتبناه لتتويج هذه المرحلة بالنجاح والظفر في استحصال الشعب على دستوره الذي حلم به لسنوات طوال، دستور يصون عراقيتهم ويحفظ حقوقهم، لا يندرج تحت وصاية شخص معين او حزب معين ولا يكون خاضعاً لنوايا واهواء شخصية كما كان يقاسيه العراقيون في دستور العهد البائد الذي اصدر في تموز1970 واصبح عرضة-وبكل الاوقات- لا نأمل (القائد الضرورة) الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، عرضة ولا نامله في تغيير بند من بنوده او تعديل -حسب رؤيته- بند آخر، حتى وصل الامر لكثير من الشعب العراقي ان يتخوفواً ويتحذروا من ان تتكرر هذه الماساة وهذا حق مشروع بل ويدل على نضوج الحضور الشعبي في ساحة المناشدة الحقيقية لهذا الدور العظيم

اذن فلكي نظفر بدستور نتطلع اليه جميعنا يجب علينا اولاً ان نؤازر توافقية من يمثلنا في سلسلة العملية السياسية ويجب علينا ان نصنع توافقية وطنية ستشملنا نحن -ابناء العراق الواحد-لان التمايز وايثار المصالح والاهواء الشخصية لا تنفع ابداً في مراحلنا الديمقراطية التي تعم بلدنا ونحن لسنا بالبعيدين عن حقبة التمايز والاهواء الشخصية التي كانت متفشية في كل مفاصل الارض العراقية ابان عهد الطاغية (صدام) وفهمنا من يمثله وماذا يعني ان يكتب دستوراً على اساس القبول والمكاشفة مع الشعب لا على اساس التعتيم والتزييف والتضليل فنحن كعراقيين علينا ان نشد على ايدي ممثلينا الذي تصدوا لهذا الدور المصيري الاكبر وعلينا ان نساهم -طوعاً- في حمل بعض من هذا الوزر الثقيل الذي يحملونه لتحقيق الغاية التي يتطلع لها الجميع، علينا ان نواكب هذا العمل الدستوري بكل ابجدياته وفقراته لان كلمتنا ستكون هي الفيصل وهي التي تبت به في النهاية وهذا خير دليل على اهمية استيعابنا وحضورنا الفاعل في عملية انضاج المرحلة الدستورية ومؤازرة القوى السياسية للعمل بمنهج التوافق حتى النهاية لنحصل على رخصة عبور الحروب والمقابر الجماعية، القتل والخطف، التفخيخ والترويع التزييف والتضليل، نحصل على رخصة بناء عراقنا الواحد باطيافه والوانه بنخيله وجباله ومائه وخضرته بعد ان نكلله بدستور يفرح به كل الحالمين بأن يكون لهم وطن يعمه السلام وتزخر في ارضه الديمقراطية، يحضنهم بحنانه جميعاً دون تمايز، فان الشعب اذا اراد الحياة لابد ان يستجيب القدر.

 

 

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com