مقالات في الدستور

 

 

لا لتشريعات تتعارض مع مبادئ الاسلام

 

المهندس صارم الفيلي

sarimrs@hotmail.com

 

بدأت في العراق العملية الدستورية التي ستحظى بأهتمام جماهيري كبير ومشاركة  كافة فعاليات المجتمع المجتمع المدني  من نقابات مهنية واتحادات طلابية ومنظمات المرأة وغيرها، خصوصا ان الشعب لم  يتوفر لعشرات السنين على فرصة المشاركة في اعداد قوانين أساسية تكون بمثابة عقد مكتوب لتأسيس شراكة  حقيقية بين كل الوان طيفة .
فقد كانت الدساتير الموقتة السابقة الموضوعة خارج ارادة الجماهير تستخدم من قبل  الحكام في تعميق الخلافات بين ابناء  الشعب الواحد، ومن هنا يكون من الضروري ان يتناغم هذا الدستور مع ثقافة ومصالح ونطلعات كافة العراقيين، فهو سيكتب لهم لا لشعب آخر يتم استيراده كي يحقق مقاييس البعض القليل من النخب  العراقية، دون القاعدة الواسعة  التي تشكل الكادر متقدم الكفاءة داخل العراق وفي مختلف بلدان المهجر، ناهيك  ملايين الشعب التي وضعت ثقتها في مكانها الصحيح في ذلك اليوم الأنتخابي الرائع داخل العراق والأقل روعة في خارجه للمشاركة الضعيفة لنا نحن عراقيو المهجر، لتنتخب ممثليها الحقيقيين، كأمناء مخولين من قبلهم للمضي في العملية  الدستورية، حيث نجدهم يجتهدون  في ايجاد آلية مناسبة لأشراك الشعب ونقله الى جبهة المسؤولية في اجراء حوارات  موسعة بغية تبادل وجهات النظر  لبلورة رؤية مشتركة تنسجم مع ثقافة المجتمع وقيمه،  وهنا نريد ان نشير الى مجموعة نقاط اساسية سوف تشبع بحثا من قبل الجميع،  كالفدرالية وطبيعتها كونها جغرافية  اوقومية او أدارية وطبيعة علاقة الأطراف بالحكومة المركزية، كما سوف تبحث بشكل  مفصل موضوعة الحرية التي بدونها لايمكن الحديث عن امكانية قيام دولة عصرية، وهنا نذكر بأصالة هذه  القيمة انسانيا واسلاميا، بقول الأمام  علي (ع) : " لاتكن عبدا لغيرك وقد جعلك الله حرا " مخاطبا الأنسان المقهور نفسه  كي ينهض بأعباء عملية انعتاقه متجاوزا النظره الأصلاحية التي تخاطب الظالم بالرئفة والقسط مع المظلوم .

بهذه  الروح الثورية نجد مدى تجذر هذه  القيمة في هويتنا الثقافية . ومن المواضيع المهمة الأخرى القانون الأنتخابي هل  يبقى كما هو معتمدا التمثيل النسبي  والدائرة الواحدة، أم يتم اعتماد المحافظة كدائرة انتخابية واحدة، وهنا يكون  من اللازم اجراء التعداد السكاني المسبق لمعرفة الثقل السكاني لكل محافظة وبالتالي عدد المقاعد المخصصة لها .
من المواضيع البالغة الأهمية، مكانة الأسلام من العملية الدستورية، هل  الأسلام هو مصدر التشريع الرئيسى والوحيد  أو يكون دستورا بعيدا عن الأسلام بقيمه واحكامه ؟
في مقالة سابقه أوضحت: " أما جانب الأحكام الأسلامية فلم توجد في القرآن الكريم  الا القليل منها تشمل احكاما في الأحوال  الشخصية والمواريت والحدود، كما لم نجد في السنة اسفارا مطولة في التشريع  وانما اصول العلم والحكمة وقواعد كلية تفتح آفاقا تتسع لأستيعاب متغيرات المجتمع . هذه الأحكام تعتبر بنظر اغلبية
المرشحين للجمعية الوطنية خطوطا حمراء لايمكن تجاوزها بأي حال من الأحوال لذلك تراهم مجمعين على انهم لايريدون دولة  دينية بل ديمقراطية متعددة فدرالية يعتبر الأسلام أحد مصادر التشريع فيها بالأضافة الى مصادر تشريع أخرى وأن " لايكون  هناك تشريع يتعارض مع مبادئ الدين الأسلامي " .
وتسأل ان عدم التعارض مع مبادئ الأسلام يمكن ان يكون مفهوما يتسع بأستمرار حسب  اختلاف التفاسير ليصل مثلا الى منع التصوير " كونه حرام " حسب مقال لأحد الأخوة علما انني لا اعرف مجتمعا  اسلاميا أصيلا فيه هذا المنع او أي منع مشابه .
نقول المقصود عدم التعارض مع محكمات القرآن والروح العامة التي تصوغ نفسية  المسلم والأصول الفكرية المعروفة للأسلام .
فما هو الضير والخوف وتسأل هل من الممكن ان يشمل الدستور على نص يمنع تشكيل الأحزاب الأسلامية كونها  غير ديمقراطية كما طلب البعض من " العلمانيين " ؟
من ذلك ؟ أم هي دوام المعارضة عن طريق تشويه المقاصد عند البعض ؟هنا يجب علينا  التدقيق في بعض المصطلحات، ومنها العلمانية، هل تعني فصل الدين عن الدولة ؟ عندها يكون هذا المصطلح غير موقوفا  على الملحد أو اللاديني بل يشمل المؤمن ايضا القابل لهذا الشرط، أم المقصود بها الغاء المقدس كفكرة أو نسبيته، وهذا يضع  معتنقها بالضد من الأديان، فترى بعض اللادينيين " مع احترامنا لكل انسان يحمل فكر " يعلمون بمخالفة مايحملوه مع ماهو سائد في  المجتمع لذلك كحيلة دفاعية أو كمحاولة بالطعن بالحالة الأسلامية الأصيلة قد حاولوا في السنين الماضية أختطاف لفظة العلمانية  وتجييرها لصالحهم، متناسين ان الأسلام هو دين الحرية، وهذا لايشمل بطبيعة الحال " المتشددين من التكفيريين السلفيين "، كما لاينطبق ايضا التعريف الثاني للعلمانية " نزع المقدس " على اصوليي اليسار فهؤلاء لهم مقدساتهم ايضا في ما يشمل المادية الديالكتيكية  والتاريخية وكذلك في طرق المعرفة، وكمثال انكارهم ماهو ليس ضمن نطاق المشاهده والتجربة، كما انكر الأتحاد السوفيتي السابق على  هذا الأساس ولسنين طوال الخوض بالباراسايكولوجي ليلتفتوا اخيرا الى خطأ توجههم .
وشهدت السنين الماضية ايضا احتكارا من قبل البعض لمصطلح الديمقراطية وابعادها  عن الأتجاة الأسلامي السياسي لطعن هذا الأتجاه بأنه لاديمقراطي، وهنا علينا ان نفكك هذا المصطلح وما يقصد به،  هل المقصود القبول بالتعددية والنقل السلمي للسلطة وآالية الأنتخاب وهذا هو الشائع في ثقافة هذا الزمان، واذا كان هذا هو  المقصود فلا يمثل الأسلام نقيضا للديمقراطية بل الدكتاتورية هنا هي المقابلة للفظة الديمقراطية، وبهذه الحالة يمكن ان نجد  علمانيين دكتاتوريين، ويسار دكتاتوري وايضا " اسلام دكتاتوري "، كما نجد في المقابل أسلام ديمقراطي وعلمانية ديمقراطية  ويسار ديمقراطي، عندها يكون مصطلح الديمقراطية غير قابل للأحتكار من قبل أية جهة الا بتطابق افعالها ومضمون  المصطلح، علما ان هذا المعيار كان غائبا وبشكل ملحوظ في الأتحاد السوفيتي السابق وكل الأنظمة الماركسية، بل نجد مصداق هذا  المضمون ولدرجة مقبولة في حالة عراق اليوم حيث التنظيمات والأحزاب الأسلامية وهي في مقدمة السلطة تبدي انفتاحا  ملحوظا، وربما زائدا في بعض الأحيان على الآخر المشارك بالوطن، المختلف على صعيد الفكر والتوجه .

نجد آخرين قد نزعوا معاطفهم الأيديولوجية ليرتدوا معطف الليبرالية دون ان تتمثل  سلوكياتها فيهم بشكل مقبول بحيث بقيت شكلا بلا مضمون، ونحن نعلم ان اليبرالية تعني النظر في مسائل ألأختلافات  الفكرية، كما ينظر المرء الى الأختلاف في الأذواق، اي افراغ الأشياء من شحنة الأيديولوجيا، كيف ينجح هؤلاء البعض  وقد قضوا معظم سنين اعمارهم وسط الصراعات الفكرية التي شهدتها الساحة العراقية والعربية، فتجدهم في منعطفات  السجال الحادة قد تخندقوا لاأراديا واخذوا اتجاها طرفيا، والبعض الآخر من سياسي الصالونات حاولوا ايضا ادعاء اللبرالية  لنجدهم سريعا قد تخندقوا مع متطرفي القوم كالباججي مثالا .
ان اي انسان له ابعاد ونسب واتجاهات لاتعد ولاتحصى وفي نفس الوقت انه ذات  وجودية واحدة وهذا يفسر انتقال البعض المستمر هنا وهناك متجاوزا حواجز الفكر والسياسة والأرتداد الى نفس المواقع  السابقة لدوافع آنية او مصلحية .
اعود لطلب البعض غير المعقول وغير المقبول بمنع الأحزاب الأسلامية السياسية،  مع علمهم انهم مطلب شعبي، وما الأنتخابات الأخيرة الا دليل على ذلك، بينما لم يعرف شعب العراق اليوم الآخرين  لنرى بؤس ادائهم الأنتخابي، ثم نسأل هؤلاء بأن هناك اسس كثيرة تعتمد عليها الأحزاب في تكوينها، كالقومية التي  تتخذ حالة الدفاع ضد التهميش والصهر بفعل الآخرين فتكون مقبولة اخلاقيا، وقومية اقصائية شوفينية تعتمد  البطش والقمع والتعالي والهجوم ضد الآخر المختلف وبالتالي تفتقد هذه الى الشرعية الأخلاقية، وهناك احزاب تعتمد  على اسس فلسفية في نظرتها الى مجمل الوجود وتسخر هذه في خدمة الوصول الى مقاربات على المستوى الأجتماعي  والأقتصادي والسياسي، وهنا يتشابه الأسلام والماركسية في الأطار لا الجوهر، فالاول له فلسفته القرآنية  للحياة، والآخر يعتمد المادية كفلسفة.
فلماذا ذهنية الأقصاء هذه واصولية الحكم على الآخرين ايها " الديمقراطيين،  العلمانيين، اليبراليين "، فبدلا من اتخاذ اسلوب المواجهة مع تيار الشارع العراقي وعدم الوصول الى نتائج الا زيادة  العزلة، عليكم التوقف لأعادة النظر بمجمل ادائكم لسنين طويلة ماضية، علكم تشخصون اخطاءا اوصلتكم الى هذا  المستوى من الأفلاس الجماهيري الذي لايليق ابدا بتاريخكم ولايرتقي لمستوى تضحيات كوادركم على كل المستويات،  وان تشاركوا ايجابيا مع اخوانكم في بناء الوطن المدمر ومكافحة الأرهاب والتطرف الأصولي ببعديه " الأسلامي  السلفي " و" العلماني البعثي، مجازا، "
 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com