مقالات في الدستور

 

دساتيرهم .. و .. دستورنا

فهد ناصر
fehed_naser@hotmail.com

منذ أنهيارالنظام العراقي السابق وكل من وصل الى كرسي الحكم او بالقرب منه،وكلما جاء الحديث عن النظام السياسي والاداري المرتقب في العراق او عن الدستور والقوانين والحقوق والواجبات،بات،يمتلك سرعة البديهية والقدرة على أحالة العراقيين الى أماكن وبلدان اخرى،عله ينجح في الهرب من هذا الالحاح المزعج والاسئلة المكرورة لأناس عاشوا وطأة عذاب القمع والاذلال والحرمان لعقود طويلة من السنين،أسئلة عن مستقبل بلدهم ومصيرهم او عن طبيعة وشكل النظام السياسي الذي يمكنه ان يسود في العراق او النظام الذي يمكنه ان يحفظ حقوق وحريات واستقرار أناس كانت هذه المفردات مجرد اوهام بالنسبة لهم او هكذا أرادت طغمة البعث ان تصورها لهم طوال فترات حكمها الاسود،وان يكون،اي النظام، مساعدا في تحقيق آمالهم التي وبفعل توحش الانظمة الحاكمة وبفعل سطوة ونفوذ القيم الاجتماعية البالية قد أصبحت قاب قوسين او ادنى من التلاشي واصبحت كذلك أضغاث آمالِ لاتعبر الا عن رغبات بالتبطر و التطلع والتمني الزائد عن الحد.او لعله كذلك يتمكن من جعل اولئك الناس يهرعون بحثا عن المراجع الدستورية والقانونية والمصادر التي تبحث في الحكم وطبيعة الانظمة السياسية وأشكالها والتمايزات بينها لعلهم يجدون العلة وعلاجها او حتى يقتنعوا بنظام ما كالذي يوصفه لهم او ينصحهم ساستنا بالبحث عنه.
أن اي أنسان يتحدث عن النظام الديمقراطي فأنه يواجه بأحالات وتماثلات وأستعارات وتشبيهات فورية وحاسمة للنظام الديمقراطي في أمريكا وبريطانيا او السويد والدول الاسكندنافية إإإ على الرغم من وجود تمايزات وفوارق كثيرة بين النظامين،وما ان يفتح هذا الانسان فمه ليقول الفدرالية حتى يجد سرعة الرد...سويسرا والمانيا وبلجيكا ...وأمريكا أيضا فالمحرر يجب ان يبقى المثال الابرز والاهم.
اليوم وكلما تسائل الناس الذين يعيشون مرارة الارهاب والقتل والمفخخات،او الذين يعيشون حياة معدومة الملامح من شدة الحرمان من كل ما يساعد على ان تكون حياة أنسانية ومعاصرة،الذين تحولوا من أدوات للتنفيس عن الرغبات المتوحشة للقتل والاستبداد وأذلال الانسان التي ميزت حكم صدام حسين وأجهزته القمعية والبوليسية المرعبة،الى أدوات لتجريب وأستنساخ حكم ولاية الفقيه الايراني او حكم عصابات طالبان وسلطة المليشيات المسلحة او الوصايا الصارمة لجماعات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر،الناس الذين عليهم الركون للطاعة والسكينة كونهم مسالمين وطيبين يريدون العيش بامن وسلام إإإ ،اما مصيرهم ومستقبلهم فهو امر يجب ان لايتدخلوا به فقد أوكل أمره الى الاحزاب القومية والاسلامية والعشائرية التي ترسمه وتحدده بما يتلائم ومصالحها الحزبية،مصير هؤلاء القوم أصبح رهينة المحاصصات والمزايدات بين القوى المتصارعة من اجل السلطة في العراق.كلما تسائل هؤلاء الناس عن الدستور وعملية صياغته كتابته وعن الوقت الذي تمر به هذه الولادة العسيرة،حتى يحيلهم ساسة كالجعفري والحسني ...وغيرهم الى أمريكا ،طبعا التي قضت 13 سنة حتى اكتمل دستورها والى المانيا واليابان ولكل واحدة منهم حزمة من السنين ايضا،فلماذا العجلة التي ستقودنا الى الندامة وان كل ما علينا هو التأني في كتابة الدستور ...دستور السلامة او المستقبل الزاهر حسب توصيفات الحسني او الدستور الذي( سنباهي به العربان) على حد قول كاتب عراقي أخرإإإ.
أن قيام نظام سياسي واداري في العراق على غرار أحدى الدول التي كثيرا ما يتم ذكرها، كأمثلة، لهو امر في غاية الاهمية،فأنظمة كهذه يمكن للانسان فيها ان يجد معالم وماهية حقوقه او هو قادر على المطالبة بها ويمكنه كذلك ان يجد امكانات واسعة للتعبير عن أراءه وحرياته والتمتع بها خصوصا بوجود قانون يحفظ للانسان كرامته ولا يفسح مجالاَ للتطاول عليها او الانتقاص منها او أستلابها على طريقة الانظمة الشمولية والدكتاتورية في العراق وأيران او دول العالم العربي ..او على طريقة الاحزاب والمليشيات المسلحة في عراق اليوم.
أن ساسة كالذين ذكرناهم وعندما يتحدثون عن أمريكا واليابان والمانيا ودول أخرى يرد ذكرها كلما تم الحديث عن الدستور العراقي ،لايريدون من امثلتهم هذه الا اشغال المتلقي العراقي بأحلات وتماثلات تبعده عن مأسي حياته اليومية وقضاياه العصية على الحل.ان المانيا واليبان عندما كتبوا دساتيرهم كانت النقطة الاساس فيها كيفية الارتقاء بالانسان،الارتقاء بوعيه وطموحاته وقدراته وابداعاته الخلاقة والانتقال به من عهد الى أخرأكثر عقلانية ووضوحا من مراحل سابقة في تاريخ تلك البلدان،عندما كتبت دساتير هذه البلدان فأنها وبقدر ما كانت قطيعة تامة مع الارث البشع للانظمة العسكرتارية والفاشية والنازية التي حكمت اليابان والمانياو ايطاليا وحولت الانسان في هذه البلدان الى مسخ مشوه،فانها كانت كذلك قطيعة شديدة الوضوح مع كل التقاليد والقيم الدينية والاجتماعية والثقافية التي يمكنها ان تحد من قدرات الانسان وتكون عوائق شائكة امام مساعيه للارتقاء بأوضاعه وفاعليته في التدخل والمشاركة في مصير المجتمع الذي يعيش فيه،بمعنى انهم لم يتقاتلوا لأشهر طويلة كي يثبتوا في دساتيرهم مكانة خاصة لطائفة او قومية او مرجعية دينية محددة ولم يذكروا من اي الاقوام تتكون هذه البلدان ولا من اي الطوائف والفرق الدينية ولا سحقوا حقوق المراة او جعلوا مصيرها رهنا بتفاسير النصوص الدينية،لم يتصارعوا حتى تكون لعشائرهم ولطوائفهم وقتلاهم فقرات او بنودا خاصة في الدستور.كانوا يعون تماما ان انجرارهم وراء امور كهذه لن تنتج يابانا او المانيا كالتي نشاهدها اليوم.وان تركيزهم على امور كهذه ايضا فأنما يوجد محددات كثيرة وقنابل موقوتة وحقول الغام وربما عبوات ناسفة وسيارات مفخخة في طريق تقدم بلدانهم ولن تكون قادرة على أستيعاب حركة المجتمع وتطورات العصر وتفهم حرية الانسان وحقوقه.كتبوا دساتيرهم حتى تكون بلدانهم قادرة على التطلع الى الامام ولا تتكأ على ماضي كل ما فيه قتل ودمار ونواح وصراع طوائف وتقاتل قوميات ،عرفوا أنسانهم كانسان بلا زوائد.كتبوا دساتيرهم ليكونوا شركاء في البلاد.
ان دستورا جديدا يكتب للعراق عليه ان يتجاوز تماما الفاشية البعثية ودكتاتورية صدام حسين وان يتجاوز صراع الطوائف او حصص القوميات وتضحياتها وان يكون كذلك قادرا على تجاوز لغة الثأر والتهميش والاقصاء.الارتقاء بالمجتمع وبالانسان العراقي لن يكون الا بوجود دولة مدنية معاصرة مجردة من كل الارث الذي يعيد خطوات بناءها الى الوراء.دولة يكون الارتقاء بالانسان وامكاناته وابداعاته هدفها الاساس كونه العنصر الفاعل والمحرك لأرتقاءها وافولها. اما أقرار دستور كالذي يريدون تمريره الان فأنه لايعني الا ان يكون العراق ساحة للنزاعات وتقاسم مناطق السلطة والنفوذ وان يقف المجتمع بأكمله على حافة الهاوية.
 

 

  

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com