مقالات في الدستور

 

 دستور التوافقات، أم دستور التناقضات ..!!

 

هرمز كوهاري

hhkacka@yahoo.com

قال صاحبي: ما رايك بمسودة الدستور الجديد ؟

قلت: أنه مليئ بالمتناقضات والمضادات والحشو والاطناب، مادة تنسخ مادة! وما دة تنطح مادة! وفقرة تقفز على فقرة! وفكرة تزاحم فكرة! ومبدأ يلغي مبدأ!!

 خذ مثلا الديباجة، لا أتصور هناك ديباجة في أي دستور من دساتير العالم تُذكر مثل هذه الاقوال والعبارات، وكما قيل كأنه بيان سياسي لجبهة سياسية إضطر أطرافها الالتقاء لظروف قاهرة بالرغم من إختلافهم في المباديء الاساسية وكما يقول المثل " تالي الليل نسمع حِسْ العياط!! " هل بدأ العراق – بلاد الرافدين – بظهور الائمة كل الاحترام لمقامهم الجليل، يذكرون بلد الذي خط أول حرف وأول شريعة ويتحاشون من كان أولئك أ لم يكونوا السومريون ؟ وأول شريعة البابليون أي الكلدانيون ؟ وأول إمبراطورية أسسوها في العراق الأشوريون ؟ وبدل أن يتفاخروا بأجدادنا كما يتفاخر جميع الشعوب بأجدادهم وإنجازاتهم!!

 وإذا إعتقدوا أن ذلك محرج لهم! كان عليهم ألا يذكروا لاهذا ولاذاك بدلا من القفز على مراحل التاريخ! وتقتصر الديباجة ك-الآتي:-

 [ " نحن شعب العراق، رغبة منا في إقامة وطن حر وشعب مرفه، ولإشاعة العدل والمساوات بين كافة أفراد الشعب العراقي، لنا وللاجيال القادمة، دون تمييز بين القومية والدين والطائفة وبين النساء والرجال في الحقوق والواجبات، وذلك بإقامة نظاما ديمقراطيا تعدديا إتحاديا (فيدراليا )، شرّعنا هذا الدستور " ]

 هذا كافي ..شافي .. يغطي أكثر من صفحة باللف والدوران في آخر زمان!

قال: لنرجع الى الدستور، فماذا كان يقصد المشروعون أو الصاغة! بكل هذا التناقض والتباين والملابسات والمداخلات ؟

قلت:كان المتنفذون وأكثريتهم من المعممين!أو ملالي بزي الافندية! يتضاهرون بما لا يؤمنون به أي بالديمقراطية والتعددية وحرية المرأة والفدرالية الحديثة لا المزيفة والانتخابات الحرة النزيهة، بعدها رجعوا تحت رعاية المرجعية الرشيدة .

والذين كانوا يؤمنون بالديمقراطية ولنقل الحقيقية من خلال الفدرالية! لم يكن لهم خيارا آخر غير المساهمة، أما بعض العلمانيين فكانوا يعتمدون على فلول البعث، ليس قناعة ولكن طمعا بكسب أصواتهم في الانتخابات والصراخات بالمصالحة! وإعادوهم الى صدر الديوان، ديوان العقلاء! ولم يكتفوا بذلك بل بالتباكي على مصيرهم ووضعهم الذي تعلموا عليه في زمن النضال العلني! فمن الظلم ألا تعاد لهم تلك الامتيازات والحقوق لانهم تعلموا عليها!.

الحقوق التي إغتصبها منهم بريمر والمتعاونون مع هذا المحتل! وينطبق عليهم المثل:

( ضربني وبكى سبقني وإشتكى!!) ومن يثق ب-هؤلاء كمن يثق بالخنازير حيث يقول السيد المسيح "[لا ترمي الجواهر أمام الخنازير تدوسها وتهاجمك لتفترسك!!]

وتقول الشريعة [ لا إكراه في الدين ] ويقول الامام علي: [ أولادكم خلقوا لزمان غير زمانكم ]

 والحقيقة – وبرأي – ليس هناك قانون أو دستور يرضي الجميع، هل يمكننا أن نسن قانون للعقوبات يرضي القتلة واللصوص المحترفين والغاصبين وبنفس الوقت يخدم العدالة الاجتماعية وحقوق الانسان ويرضي أهل القتيل والمسروقين والمغتَصبين وحقوق المرأة وغسل العار لمجرد تبادل الابتسامات أو السير برفقة زميلها في باحة الكلية!! طبعا كلا وألف كلا .

 وليس هناك قانون أو دستور يرضي الكل! فلا يمكنك أن تخدم سيدين في آن واحد!

 يا صاحبي: أرادوا في هذا الدستور أن يخدموا العلمانية والشرعية، ويوفّقوا بين الديمقراطية والرجعية، و يرضوا العدو والصديق! ويغلفوا الباطل الاسود القاتم بالحق القوي الشفاف ويجمعوا بين التخلف والتطور! والطائفية والوطنية! واليمين واليسار على أن تسير كلها بنفس المسار! سبحان الواحد القهّار!! ومجاملة الشيوعي( حميد موسى) ومصالحة العروبي أو المستعرب حامل هموم الامة العربية وحلاّل مشاكلها الاستاذ الكبير والخبير ( عمرو موسى )!!

 ثم وضعوا عليه ختم المرجعية، المصونة غير المسؤولة بتصريح الناطق بإسم سماحته دام ظلّه بقول الناطق، أن سماحته راض على الدستور.!

وقد نسمع فتاوى، تلغي من الدستور ماتراه غير صحيح وتضيف ما تراه مناسبا للامة! .عند التطبيق، كما يحدث حاليا في الجنوب وفي البصرة بالذات .

 وبهذا يلغى كل معنى للدستور من حيث نريد أو لانريد، ويبقى دستور الناطقين بإسم سماحته أ دام الله ظله.

 قال صاحبي: ما رأيك ببعض التعديلات لازالة هذه الاشكالات ؟

 قلت:كإزالة السنام من ظهر البعير مثلا! قال وما قصة البعير؟ قلت إسمع هذه القصة الطريفة هي خير جواب لسوألك! تقول القصة:-

[ " ذهب البعير يوما الى النبي داود وقال له: يا نبي الله، يا من منحك الخالق سبحانه وتعالى التكلم بلغتنا، لغة الحيوانات، كم شقيتُ وتعبتُ مع بني جنسكم في الرحال والترحال، في القوافل ونقل كل ما تحتاجونه من مؤنً وخيم، قاطعا الصحارى والبراري على الرمال الملتهبة وطعامي الشوك ومائي المياه الضحلة ودون كلل وملل!

 قال النبي داود: ما حاجتك أيها البعير ؟

قال البعير: لو تكرمتم يا نبي الله ووضعتم يدكم الكريمة على ظهري! لتعديل هذا الحمل الاضافي على ظهري ( السنام ) فقد أرهقني كثيرا، وسأكون أكثر راحة لكم ولنساءكم ولاحمالكم في إستعمالي . إضافة الى أني أصبحت مهزلة لدى زملائي الحيوانات، تصور يا نبينا، تصور الحمار حتى الحمار يستخف و يستهزء بي!!

 ضحك النبي داود و قال له: هل تريدني أن أزيل لك سنامك وأعدل ظهرك فقط ؟

قال البعير: لو تكرمتم بذلك سأكون شاكراً فضلكم للابد .

 قال النبي داود: ماذا يفيدك تعديل ظهرك يا هذا، وماذا عن شفتيك؟ وماذاعن ذيلك؟

وأذنيك ؟ وهي بحجم أذان الفألرة ورقبتك ؟ كلك مشوه! وحتى بولك الذي تقذفه الى الوراء!! خلاف لكل الحيوانات!! ما فائدة تعديل ظهرك وجسمك كله مشوه ؟!!

فكّر البعير برهة ونظر اليه مكتئبا، وقال يا نبي الله أريد أن تطمئنني! فيما إذا هذه النسخة من جسمي هي مسوّدة!! قابلة للتعديل ؟!! .

قال له النبي داود: إطمئن إنها النسخة الاخيرة ولا تعديل بعدها!! لأن شكلك هذا فقط يصلح للصحراء، وبني البشر يحتاجك للتنقل بالصحراء فقط وقد تعلمنا عليك هكذا!!"]

 ضحك صاحبي وقال أفهم من هذا أنك غير متفائل بتعديل نسخة الدستور بما تضمن الديقراطية و الحريات الشخصية وحرية المرأة والفدرالية إلخ ؟

 قلت: ما زال يتحكم بنا رجال الدين وأشباههم والانتهازيون وعشاق الكراسي وهواة ملء الجيوب ودعاة تحرير الجولان و الفلسطين وإن بقيت بيوت العراقيين من الطين! ومن يريد الوصول الى الكراسي بواسطتهم، سيكون جوهر الدستور! هذا مع تعديل بعض الالفاض بشرط الا تغير من الجوهر بشيء .

 ( متى يستقيم الظل والعود أعوج!)؟.

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com