مقالات في الدستور

 

تعديلات أخرى على الدستور .. هل تنقذ العراق؟

المهندس صارم رسول الفيلي

hjawahri@hotmail.com

بعد تقديم الدستور العراقي بنسخته النهائية الى الأمم المتحدة، نقل السفير الأميريكي الى القائمتين الفائزتين ثلاثة أقتراحات من " ممثلي السنة العرب " وقد ذكر ان الكتلتين رفضتا الأقتراح المتعلق بتعديل الدستور.

 بالاستفتاء وليس بموافقة ثلثي اعضاء البرلمان.

 رغم عدم التصريح بالعدول عن موقفهم السابق من الفدرالية لكل العراق.

 ليضيفوا عبئا آخر على كاهل العراقي المتعب أصلا أمنيا وأقتصاديا واجتماعيا الذي أستبشر ابنائه خيرا بأنجاز العملية الدستورية على أمل أعتمادها في الأستفتاء الشعبي المقبل، لنخطوا خطوة مهمة بأتجاه عملية التحول التحول الديمقراطي، رغم ان عملية صياغة الدستورلم تكن بالعملية السهلة لأسباب التنوع العراقي في الكثير من الخصائص وتقاطع هذه مع بعضها لتضيف تعقيدا اكبر على صيرورة العملية الدستورية ناهيك عن التباينات السياسية المحضة.

 كانت الولادة صعبة للغاية، بسبب تباين الأولويات عند كل قائمة، أوضمنها.

مع اتفاق الأغلبية الساحقة من العراقيين في الجمعية الوطنية على تبني المفردات الدستورية التي وردت، لكن أقول كانت مسألة تدافع الأولويات هي المشهد العام في الأسابيع الماضية وقبلها.

 البعض يهمه "الديمقراطية" بدرجة اساسية، مع ان قسما من هذا البعض قد تشبع بالفكر الشمولي وبنسخته البعثية، والبعض لم يستخدم آليات الديمقراطية داخل أحزابهم، ومنهم من قرب وأعاد أعدى أعداء الديمقراطية لمصلحة ضيقة، كيف نكون ديمقراطيين أقولها لهؤلاء، وانتم تقربون من لا يفهم غير لغة الدم، ولغة القتال والقتل.

 بل ان وزيرا من الحكومة قبل الحالية، كان ينظر الى الديمقراطية كتعددية مزيفة، توهب من حزبهم القائد، ورمزه الجرذ، للآخرين كأحزاب، أو دكاكين حزبية.

البعض كان يجعل الفدرالية متقدمة على كل شئ، بل كان يذهب الى حيث أقرار تقرير المصير كحق له في الدستور.

 وآخرون كانوا ومايزالوا في مسألة الفدرالية متوجسين، يقبلوها لطرف، من حيث المبدأ لا التفاصيل، ولا يقبلوها للشيعة حتى من جهة تثبيتها كحق في الدستور.

 وهنا لا اقصد بفدرالية الشيعة كفدرالية مذهبية " وان كانت منطقية " الا انهم أي السنة العرب يرفضون حتىفدراليات المحافظات الشيعية كمحافظات، أو كأقاليم متعددة، ليسحموا لأنفسهم التمتع بحق تقييد حريات الآخريين في تقريرهم لما يجدونه في صالح مناطقهم ومعايشهم ومكاسبهم.

 ناهيك عن ايديولوجية الفرقاء، وهذا تقاطع من نوع آخر، فمنهم كان يقدم علمانيته ويردها ان تفرض في الدستور ولو بطريقة غير ديمقراطية، بمعنى عدم الأحترام الكافي لثقافة المجتمع العراقي المعروفة.

 وبعكسة فكان الكثيرون يرون ان الأصل ان يكون الدستورمنسجما مع ثوابت الأسلام وأحكام الأسلام، ولا يرى هذا الطرف تعارضا في ذلك مع الديمقرطية الأجرائية، بل متفقا معها، ثم ان هذا الطرف أصر على الفدرالية لناخبية وهم الأكثرية المستضعفة، وهو على حق، لأن الجميع في العراق يجب ان يكون لهم حق متساوي في حرية أختيار ماهو مناسب لهم ضمن اطار الوطن الواحد الذي ارتضواجميعا البقاء في اطاره، رغم ان الفرصة كانت ولاتزال ولو نظريا تسمح بعكس ذلك.

 الكل توصلوا الى اتفاق، أو الأصح توافق دستوري يضمن للأسلامي اسلاميته وللعلماني علمانيته، ويضمن الفدرالية لمن يريدها، واللا مركزية أو أي أختيار آخر لمعارضي الفدرالية للعراقيين كلهم.

 هؤلاء يعارضون ايضا اجتثاث الفكر المسؤول عن المقابر الجماعية وانتهاك الأعراض وسائر الحرمات، "الفكر" الذي أعاد وطننا الغالي الى الوراء لعشرات السنين، بل أرتهنه وحاول ان يبيعه مقابل بقائه متسلطا على رقاب الأغلبية المستضعفة.

 واقصد بهم من مثل مثلث السلطة من السنةالعرب، والكثير من هؤلاء قدموا أو تساقطوا من أزمنة المقابر الجماعية والتهجيرات وألأنفالات، واستخدام الأسلحةالمحظورة ضد شعوبهم وجيرانهم.

 ويتحدثون نفاقا بالأستقلال والسيادة الوطنية ويحلمون بعودة المركزية المقيتة للدولة ليعيدوا انتاج المجاز، وعلاقات العبودية المعروفة لأغلبية العراقيين.

 نقول لهم لا خير في وحدة وطنية مع غياب الحرية والديمقراطية وبقاء البعث الصدامي والمركزية المقيتة التي تسببت هي بفقدان السيادة الوطنية أو تواجد القوات الأجنبية على أرض عراقنا الغالي.

 المعارضون لمنع البعث الصدامي، والذين يكيلون بأكثر من مكيال في مسألة الفدرالية، هم نفسهم استضعفوا أكثرية المجتمع في العهد البائد، وبذلك بددوا عناصر قوة العراق، بدلا ان يتجهوا بها الى التكامل في اتجاه تأصيل شعورالأنصاف، ان هذا الشعور في اي شعب هو مصدر امداده بالحيوية والحركية والتفاعل الأيجابي بين عناصره.

هذا لم يوجد في واقع العراق التاريخي، راجع المنشور الطائفي العنصري الذي أصدر في حلقات ومن جريدة صدام الرسمية عقيب قمعه لأنتفاضة المظلومين الشعبانية.

فقد وصف أهل الجنوب بصفات كان القصد منها الأنتقاص من انسانية الأنسان ووطنية أهل المنطقة، رغم ان هذه المناطق المقصودة كانت قد شهدت أول مدنية انسانية واقصد دويلات المدن السومرية.

 لتظهرآثار تلك السياسات الطائفية للأنظمةالمتعاقبة حتى عند الحديث لبعض ابناء مثلث السلطة، ليقول أحدهم نحن العراق.

 هؤلاء قد فشلوا في تنفس هواء التعدديةالطلق النقي، وفشلوا في ان يعيشوا صحوة شروق فجر العراق الجديد، وفشلوا من ان يخرجوا من تلك الشرنقة الطائفية الشوفينية التي أحاطت بهم ليفرضوا خصوصيتهم على الجميع دون ان يحترموا خصوصيات الأغلبية الساحقة من الشعب.

 فشلوا بممثليهم في لجنة كتابة الدستور، في التحاور مع الآخر، ومخاطبة الآخر وهو الشريك أو الشركاء في الوطن، كانوا يخاطبون ذواتهم مع الآخر، بدل ان يخاطب الآخر في ذاته.

 لأن غريزة الذات، والأستعلائية الموروثة عندهم منعتهم في اشغال طاقة تفعيل الذات لتتأمل وترصد التنوع في العراق، فكرا وجغرافية وغيرها ليغنوا هذا التنوع ويجعلوه أكثر أثراءا بأضافة ذواتهم الشخصية أو النوعية اليه، لينطلق الجميع، كل العراقيين، بهذا التنوع لأثراء الفكر وتوسعة آفاق روح التسامح وربطها بأنتاج المعاني الأنسانية، بدل من ذلك أرادوا من هذا التنوع ان يدور حول محور أنانيتهم، بحركة تتصل فقط بذاتية مصالحهم.

 ليطيفوا " من الطائفة " حزبهم الفاشي العنصري.

 كأني بهم مصداق للقول المعروف " أتحسب انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر".

 نقول لهم ان العراق ليس أرضا أو سكنا، وانما هو كيان قائم يشمل في المقدمة الناس الذين تعيشون معهم، وارضهم التي يعيشون عليها، انه الآفاق التي يطل عليها من خلال كل شعبه وكل أرضه.

 فشلوا ايضا في سعيهم " وهم يلبسون الباطل ثوب الحق " لأبتزاز العراقيين في النزول عند رغباتهم غير المشروعة في تأهيل البعث الصدامي من جديد، رغم نجاحهم المرحلي في اسدال الستار عن جرائمهم السابقة بحق الأغلبية المستضعفة، بالتقنع الطائفي والتستر بستار "حماية مصالح السنة العرب" وبقذف الخوف في قلوب الآمنين من خلال ارتكاب جرائم جديدة وبطرق مستحدثة، ليخترعوا شرعية جديدة يدخلوا بها كرقم صعب في معادلة اهل السنة الطائفية، وهي شرعية الأرهاب، فلنسمح لهم بتبوء المراكز الحساسة في الدولة لنحيد شرهم ونوقف ارهابهم, هذا كان لسان حال المهزومين في دواخلهم من العجزة المستسلمين، أو من بعض " طيبيي النوايا " من غير المكتوي بنار حقدهم المقيت أو من الذين أرادوا أستثمارهم في معادلة الأنتخابات القادمة، وللأسف بدت كأنها سياسة اميركية ايضا تتناقض ومفهوم عدم مكافئة المعتدي، الذي اسسوا له عند بزوخ نظام القطب الواحد.

 لكنهم في الأمس وجدوا صلابة العقيدة، ظهر من يقول لهم ان زمن الخنوع العراقي قد انتهى، بفضل هذا الحراك الجماهيري بأتجاه ضرورة عبور هذا النفق التاريخي المظلم، بدعم من الحكومة المنتخبة الوارثة لمسلة تضحيات شرفاء العراق لعشرات السنين، والماضية بعون اللة تعالى في تطهير الوطن من الوحوش والضباع البعثية الصدامية المجرمة التي تتفنن في الرقص على اشلاء الضحايا بعد ان تقع فريسة بين مخالبها القذرة.

 نقول لأخواننا من عقلاء السنة العرب، وهم كثر لكن مغيبون بفعل أقرانهم من البعث الصدامي، نقول عليكم ان تثبتوا بشكل حضاري فك الأرتباط بين مذهبكم وبين البعث الصدامي، وادخلوا عملية الاستفتاء على الدستور بروح ايجابية، مختلفة،بعيدة عن المزايدات السياسية للبعض، برفع شعارات حق يراد بها باطل، مثل دعاوي اخراج القوات الأجنبية من جهة،والتفاوض السري وتقديم التنازلات والعروض لها من جهة أخرى، كل ذلك عبر الأستمرار في قتل العراقيين، وخاصة أتباع مذهب أهل البيت (ع).

تيقنوا أن الزمن قد تجاوز المرحلة السابقة و لا يمكن اعادة عقارب الساعة الى الوراء و أن تخلفكم عن مشاركة الأغلبية الساحقة من العراقيين في قبول الدستور، سيعود بضرره الأكبر عليكم وسيضع العراق أمام معادلات جديدة وربما غير واضحة المعالم.

 نرجوكم ايها الطيبين ان تمدوا ايديكم لأخوانكم من الأغلبية الساحقة التي تتطلع بفكرها ووجدانها للحياة الجديدة.

 لنحرص على بعضنا البعض، ولنتألم لآلام بعضنا البعض, ونحن في شدة على المستوى المحلي والأقليمي وعلينا،أن لا نضيف شدة إلى شدائدنا، فكروا في الله قبل أن تفكروا في عصبياتكم وطائفياتكم وحزبياتكم ومناطقياتكم, لأن الكل سوف يقف أمام الله ليجادل كل واحد عن نفسه، فلتستغلوا هذه الفرصة المتبقية كي تمدوا ايديكم لأخوانكم لننهي كلنا أيام المحن والمواقف الحرجة ونقف جميعا أمام التحدي الحضاري.

 لنجد اللة سبحانه وتعالى سيغدق علينا جميعا لرحمة والمغفرة والرضوان.

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com