مقالات في الدستور

 

 

نعم للدستور

 

 

زهير كاظم عبود

zouher_abbod@hotmail.com

لم يزل العراقيين ساعون لأستكمال كل مستلزمات حريتهم وسيادتهم بعد ان تخلصوا من نظام الظلم والموت والطغيان ، النظام الذي صادر منهم حرياتهم وحفوفهم ،وفرض عليهم نظاماً شوفينيا وطائفياً ودكتاتورياً مقيتاً ، وقدم ابناء العراق التضحيات الجسام ، وقوافل من الضحايا في سبيل الخلاص من هذا النظام الذي مرمر حياتهم وأحرق ارواحهم ودمر ثرواتهم  وأعاق مستقبلهم ، لم يزل أهل العراقيين يسعون لرسم دستور يليق بالعراق وبالنضال العراقي ، هذا الدستور يتم تطبيقه عملياً وفق ضوابط وأسس متينة تشترك فيها كل مكونات العراق  ، مع الأشارة بوضوح الى كل هذه المكونات العراقية  القومية والدينية  ، ومن خلال هذا المنطلق باشرت لجنة أعداد الدستور عملها ، ومع كل الأعتبارات التي ترافق المرحلة ، حيث يمر العراق بمرحلة توصف بالصعبة وهو ينازل الأرث الصدامي البغيض مع كل المتحالفين معه بشكل مباشر أو غير مباشر لأعاقة عملية أستقراره السياسي وأستكمال مستلزماء البناء الفيدرالي والديمقراطي  ، بالأضافة الى تحالفات أقليمية تسعى لأيقاع أكبر الأذى بشعب العراق عقاباً له على عدم تمسكه بسلطة الدكتاتورية التي أدمنت عليها الأنظمة العربية .

ووفقاً للتوافقات السياسية والقومية ضمت لجنة أعداد مسودة الدستور نخبة عراقية وطنية من مختلف الشرائح الأجتماعية والفصائل السياسية ، وتجمعت الأراء والأفكار ونوقشت وتم الأختلاف والأتفاق لكنها خرجت بنتيجة موحدة  لتضع مسودة أعداد الدستور ، وهذه المسودة ليست مثالية ولاتلبي طموح الجميع ، حيث انها حققت القواسم المشتركة في الحقوق والحياة الدستورية العراقية ، بالأضافة الى كونها شكلت أرضية وقاعدة ثابته لأقرار بعض الأسس التي ترسم مستقبل الحياة في العراق ، فقد وازنت المسودة بين ثوابت الأسلام ومباديء الديمقراطية ، كما أشارت بشكل واضح وصادق ولأول مرة في تاريخ العراق المعاصر الى حقوق الأديان بما فيها ( المندائية والأيزيدية ) ، وهما من الأديان العراقية القديمة التي كانت الدساتير المؤقتة تغبن وجودهما وتخفي حقيقتهما في العراق ، وهما من الأديان التي تدين بهما شريحة جاهدت وناضلت وساهمت في بناء العراق منذ القدم ،  كما نص الدستور القادم على تداول السلطة سلميا وعبر الوسائل الديمقراطية بعد ان كانت الأنقلابات العسكرية السمة البارزة في حياتنا  حيث تسلق العديد ممن لايستحقون أن يتبوأ المركز السياسي الذي أضر بمستقبل العراق ، وحظر الدستور كل الكيانات العنصرية والأرهابية والتكفيرية  بالأضافة الى حظر التحريض والترويج ، وحظر تكوين الميلشيات العسكرية خارج أطار القوات المسلحة ، وربط جهاز المخابرات بالسيطرة المدنية بعد ان كان  هذا الجهاز الذي أرعب العراقيين دولة داخل الدولة ، بالأضافة الى أخضاعه لرقابة السلطة التشريعية ، وأعتبر الدستور الجنسية العراقية أساس المواطنة مع جواز تعدد الجنسية ، وحصر المناصب السيادية بحملة جنسية العراق .

ومنح الدستور الحرية لأتباع كل الأديان في ممارسة شعائرهم وعقائدهم ومنع الدستور تشكيل المحاكم الأستثنائية والخاصة التي أكلت من أعمار العراقيين  والتي أستهانت بالعدالة وبالقضاء العراقي الذي جسدته المؤسسة القضائية المتمثلة بمجلس القضاء الأعلى ، وأكد نص المادة 107 من الدستور نصاً يعتبر صفعة بوجه كل القوى الشوفينية والمغرضة التي تحاول أن تجد لها موطأ قدم بالأساءة لشعب العراق ، او اتهام شعب كردستان العراق الذي بقي مصراً على المطالبة بالفيدرالية ، والتي تعني الأصرار على التوحد أصراراً يؤكد الأمانة التي قررها في برلمانه بخيار الفيدرالية  ، وتوسعت المادة 107 المذكورة لتؤكد على محافظة السلطات الاتحادية على وحدة العراق ، وأيضا على سلامته واستقلاله وسيادته ونظامه الديمقراطي والأتحادي .

واكد الدستور على وجوب توزيع ثروات العراق بشكل منصف وعادل بعد ان كانت السلطة تقتطع من افواه العراقيين ومن مستقبلهم اتصنع وقود الحروب وتخصص كل عائدات الثروة العراقية في بطون المرتشين والهبات والحروب ومغامرات الحكام البائدين .

نعم نقول للدستور ونعرف حقاً انه لايلبس طموحنا ولاكان مثلما نريد ، ولكنه حقاً حقق الحد الوسط من قواسمنا العراقية المشتركة ، حقق حلولاً ستراتيجية كان العراق يريدها بصدق ، والتزم الدستور بالنظام الأتحادي الديمقراطي ، وحقق للأسلاميين ألتزامه بالأديان وأحترامه للشعائر ، وحقق للعلمانيين توجهاتهم وأطر طلباتهم العامة ، وحقق للعراقيين الحماية من التعسف وخرق الدستور والقوانين ، ووضع مساند للمستقبل ، بالأضافة الى كونه شكل الركيزة الأساسية للمستقبل العراقي التي يمكن ان نبني صياغة نصوصها مجدداً وبأقرب فرصة بعد ان يستقر العراق دستورياً .

بنعم للدستور سيكون العراق  قد انجز استحقاقا هاما من استحقاقات العملية السياسية الجارية،  وسيشكل ذلك تطورا مشهودا في اتجاه ترسيخ الديمقراطية ومؤسساتها ، وبنعم للدستور ستنتهي  الفترة الانتقاليةالتي رافقت حياتنا من العام 1958 ولحد اليوم  ، كما سيشكل خطوة كبيرة نحو اعادة الامن والاستقرار وتطبيع الاوضاع، واطلاق عملية البناء والاعمار وانعاش الاقتصاد الوطني ، وبناء دولة القانون والمؤسسات.  

بنعم للدستور نقول نعم للعراق ، نعم للعراق .

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com