واحات

 اي السلاحان اقوى؟

بقلم / مريم المدحوب

marayem2@hotmail.com

بينما كان العالم يعيش في دهاليز الظلام وإذا بالشمس تشرق بنورها الوضاء لتنير الدرب لأهل الكرة الأرضية ، إنها الشمس المحمدية المباركة التي أسدلت بأشعتها النورانية على كتف البشرية في وقتٍ كانت تأن فيه من ويلات العصر الجاهلي وبطش تصرفاته العنيفة، فانتشلتها من كل تلك الأجواء السوداوية بخلقها الرفيع وسماحتها.

هذا الخلق المبارك الذي استطاع أن يشرح صدر الناس للإيمان فدخلوا في دين الله تبارك وتعالى.  صدق سيدي ومولاي علي ابن أبي طالب حينما قال (الرفق ييسر الصعاب ويسهل الأسباب). فصلى الله عليه وآله كان رسول السلام والأمان، حُسن الخُلقِ سيفه والرفق درعه والكلمة الطيبة لامته والإيمان بالله ميدان معركته الذي سقط فيه الناس أفواجا، فجاءت الغنائم كما أرادها الله ونبيه، حيث تأثرت العقول واستمالت النفوس تجاه الحق وتزحزحت عن عقيدتها وهي أعظم شيء يتمسك به الفرد،  فلا يستطيع التخلي عنه بسهولة ، فما الذي مكنه صلى الله عليه وآله غير لينه ورفقه بهم ؟؟ 

 وإذا كان محمداً(ص) هدى الناس بهذا السلاح، وبدلهم من حال إلى حال _ من الجاهلية إلى الإسلام_ فلما لا يكون سلاح محمد سلاحنا ؟ فنوظفه في تعاملنا مع فتياتنا ؟؟ بدلاً من أسلحة العنف الغير نافعة؟!

 سؤال أوجهه من هنا للأمهات، لماذا لا تحاولن الاقتراب من فتياتكن بالحب، بالكلمة الطيبة، بالين ؟؟ لماذا العنف، القسوة، الضرب ؟

 صدقنني أيتها الأمهات لا سلاح أقوى من الحب، فالحب يأسر صاحبه بأغلاله فلا يعود قادراً على مخالفة أوامره ، على العكس من العنف الذي يحفزه على التمرد وعدم الخضوع وان تيقن بأنه مخطئ ، فعزته بنفسه لا تسمح له بالانقياد عندما يكون الأسلوب المتعامل معه به قاسي خالي من الرحمة القلبية ، وانتن لا تردن فرار بناتكن من جحوركن هذا أمر مؤكد أليس كذلك ؟؟

 إذن لا مناص من إتباع المنهجية المحمدية في التعامل معهن، فالإمام الصادق عليه السلام يقول (من كان رفيقاً في أمره نال ما يريد من الناس).

 سيدتي الأم ..

هناك آهات مكبوتة، وعبرات مسكوبة، ومشاكل ومآسي بين صفوف فتياتنا، واللهِ ما سببها إلا العنف في التعامل معهن وعدم المحاولة من التعرف على طريقة التفكير اللاتي يفكرن بها. الغريب في الأمر أن هذه الأم في يوماً من الأيام كانت فتاة لها تفكير وطلبات فتاتيه !

عندما اجلس أفكر في هذه التركيبة الطبيعية التي جبلت عليها اغلب النساء أتعجب وأصبح في حيرة من أمري ، لماذا معظم فتياتنا ما أن يتزوجن ويصبحن أمهات ينسون أنهن كن في يوماً من الأيام فتيات يتمردن على الحياة التي يعشنها الكبار من محيطهن العائلي ؟

هل هي نزعة الانتقام، الجهل أم الحب ؟

وبعدما استغرق في التفكير أقول لنفسي يستحيل أن يكون وراء هذا التصرف نزعة انتقامية _ ولو وجدت بعض الأمهات اللاتي تعرضن لأزمات نفسية جعلتهن يكرهن بناتهن إلا أنها حالة شاذة ولا يمكن لنا أن نعممها على العموم منهن_ فالفتاة منذ صغرها لديها مشاعر عارمة من العطف والحنان فكيف إذا هي أصبحت أما ؟

 انه الحب والجهل بمعرفة الطريقة المثلى للمحافظة عليهن، فالأم نتيجة حبها الشديد لفتاتها تخشى عليها من الضياع بين ضباع غابة الحياة فتزجرها بعبارتها القاسية وتشدد السيطرة والرقابة عليها والنتيجة تكون اختلال التكوين النفسي لهذه الفتاة ذات الغصن الطري وهي نتيجة غير مرضية لسيدتي الأم .

 إنها أزمة تفكيرية نمر بها، فالفتاة تحتسب أهلها لا يحبونها، كونهم لا يفهمونها فتتعذب المسكينة من جراء هذا التفكير ، والأم هي الأخرى تتعب لكثرة ما تزجر وتوجه من نصائح معاتبه وقاسية .

 أيتها الأم فتاتكِ كتلة مشاعر حساسة تنمو يوماً بعد يوم من دون أن تشعري بذلك ولهجة العنف التي تتعاملين معها بها له وقع خطير عليها فانتبهي لذلك ولا تكوني كالمثل الشعبي القائل ( اجى يكحلها عماها) ، بل حاولي الاقتراب منها ومن الأجواء التي تعشقها وحاولي استحضار حقيقة الفارق الزمني بينكِ وبينها لتتمكني من تقبل أفكارها الشبابية السوية التي لا عهد لكِ بها وتصويب الخاطئ منها بتوجيهكِ النصائح المغلفة الخفيفة على النفس في الأوقات المناسبة حيث لا احد معكما ، اكسبي صداقتها لئلا تهجرك أو تتعامل معكِ كخصم يريد إيذائها، احذري توجيه النقد  لها بصورة مباشرة لاسعة فتبتعد عنكِ وتتجه لصديقاتها اللائي بمثل عمرها و لا يفقهن من جامعة الحياة إلا النذر اليسير فيقلبنها أكثر فأكثر عليكِ، وبالتالي تخسرينها وهذا القول دليلي عليه قول علي (ع) (من رفق بمصاحبه وافقه ومن أعنف به أخرجه وفارقه). دعينا نطبق هذا الكلام النوراني لأهل بيت العصمة لنتخلص من هذه الأزمات التي باتت تؤرقنا لنرى مدى الفرق بين السلاحين العنف و اللاعنف.

  

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com