ترنيمة وفاء للمراة الريفية

 

 

علياء الانصاري

وهي تدير الرحى في باحة الدار وتتمتم:

شوف اشكثر ميلات بيه الوكت مال
لكن فلا ذليت جدام الأنذال

تعطي انطباعا للسامع بان هذه المراة الريفية وان حرمها الزمن من التعليم ولكن الحياة القاسية وهبتها الوعي والبصيرة...

الحياة في الريف قاسية، وعلى المراة تكون اقسى، فهي التي تتحمل العبأ الاكبر ما بين تربية الابناء وادارة البيت والعمل في الحقل وتربية الماشية وربما تمتهن البيع والشراء ايضا.

وفي الظروف الصعبة التي اجتازها العراق دفعت المراة الريفية ثمنها باهضا جدا ربما يفوق ما دفعته المراة العراقية في المدينة.

فاذا علمنا ان واقع المراة في المدينة متردي ثقافيا واجتماعيا وفكريا وصحيا ونفسيا فكيف بنا بحال المراة الريفية؟

الفقر اخذ منها مأخذا عظيما، ونار الحروب التي مر بها البلد اكلت من شجرتها الكثير، والجهل والتخلف وعبادة الاعراف والتقاليد والخضوع لسلطة الرجل اقعدتها عن الحراك.

والملاحظ ان اهم اسباب جهل المراة الريفية وواقعها المأساوي يعود الى الرجل!!

واكثر ما دمر المراة الريفية وحرمها من حقوقها كأمرأة وزوجة وانسانة هو سلطة الرجل وظلمه لها، او دعوني اقول ظلمه لنفسه لانه جاهل بما يصنع وجاهل بانه جاهل، وهذا اعظم درجات الظلم ان لا يدرك الانسان انه جاهل وبجهله دمر الانسانية كلها، اعظم درجات الظلم ان تظلم وتظن نفسك مصلحا!!

واليوم عندما يعيش العراق واقعا جديدا حرا منفتحا، يسعى الى ثقافة ديمقراطية لكل ابناء الوطن عليه ان لا ينسى ابنائه في الريف وخاصة المراة العراقية.

فمسؤولية كل متصدي وسياسي واعلامي ومفكر وكاتب ورجل دين ومصلح ان يضع المراة الريفية في راس قائمة اعماله، لانها العراقية الاكثر مظلومية والاكثر نسيانا واهمالا من كل الحكومات والسلطات في الحقب الماضية.

قد لا اجافي الحقيقة لو قلت ان نسبة الامية بين نساء الريف 90% ومن دخلن المدرسة فقد تركنها في المراحل الابتدائية او المتوسطة والقلة التي حالفها  الحظ واكملت دراستها وقف التعيين المستند على ثقافة الواسطة والرشوة حائلا بينها وبين حلم العمل.

من اين نبدأ ... والى اين ننتهي والرحلة طويلة شاقة وقافلتنا اتعبها الظمأ وانهكها التعب.

حلمنا بحكومة يقصد مسؤوليها اول ما يقصدون النواحي والاقضية وقرى العراق الجميلة الناعسة الغافية على ضفاف دجلة والفرات وعلى احلام هلكت اجيال عديدة قبل ان ينبلج فجر ليلها.

حلمنا بمسؤول لا يرفع شعارا ولا يجند اموالا لحملة دعائية تخدم قائمته او مقعده في البرلمان، بل يجند طاقاته وامكانياته وقدراته الذاتية والمكتسبة لاجل تغيير الواقع الحياتي لابناء الريف وبالذات للمراة الريفية. يترجل عن سيارته ويفترش الارض الخضراء ليستمع الى ابناء الريف ويدون في مفكرته همومهم ومشاكلهم واحلامهم ليعود اليهم في المرة الاخرى حاملا حقيبته الدبلوماسية واملا يزرعه الناس هناك مع خيوط الشمس الذهبية ليحصدوا مستقبلا جميلا لابنائهم واحفادهم يعوضهم عما فات.

نحلم بنساء العراق الواعيات المثقفات، عضوات الجمعية الوطنية، الكاتبات والشاعرات والمثقفات، اعلاميات وفنانات، ناشطات حقوق الانسان، منظمات المجتمع المدني، مفكرات ومصلحات... ان نراهن يوما في باحات بيوت طينية انقطع عنها الكهرباء والماء الصالح والامل بحياة ربما تاتي قد تكون افضل.

يا ترى هل اخطأنا لمجرد الحلم؟

ام الحلم اخطأ عندما راودنا؟

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com