حكايات من ذاكرة الريف .. 2

ماتت على قبره

حسين الهلالي

huseinalhilaly@yahoo.com

هي هكذا كانت القرية تعقد صداقات حميمة بين شبابها ويكون المضيف ملتقى الجميع تسمع فيه الحكاية ويلقى فيه الشعر وتقال فيه الموعظة وكل شيء يبني الشخصية اجتماعيا" خصوصا" إذا كان عددا" من رواده يتمتعون بثقافة اجتماعية وبأصول الدين وفروعه وشيئا" عن الأخلاق على الأقل أخلاق القرية

(والسيد س) عقد صداقة مع شاب من القرية واستمرت هذه الصداقة التي اقتربت كثيرا" من الأخوة

وكانت الفتاة (س) أخت الشاب قد رأت السيد (س) أعجبت بشخصيته على بعد وعلى طول تلك الفترة عرف السيد (س)

ان هذه الفتاة تميل أليه، فأ خذ يحاور نفسه كيف إذا علم صديقي بهذه العلاقة ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍؟ ولكن كيف يدري وأنا لم اقترب منها ولا انطق باسمها أمام احد ..؟ هي نظرة من بعيد ليس الا...

كانت هي تعد احسن وجبات الطعام إذا كان ذلك اليوم قد تأخر عندهم ، هو أحيانا" يتلطف بصيد الطير ويهديه لهم عند ذلك تعد الوليمة إعدادا" جيدا" وذات قيمة غذائية عالية . استمرت السنون على تلك الحالة وذات يوم بدأ بتفكير جدي وطرح التساؤلات على نفسه ، إلى متى أبقى على هذه الحالة ؟ ثم اني إذا تقدمت إلي خطبتها سوف لايمانع أخوها،بل ربما يندفع اكثر إيجابية باتجاهي لأنني صديقه الحميم وسوف اصبح له اخا" وساعدا" ايمنا" هذه الحالة كلها بجانبي ولكن ما المانع الذي يجعله يمتنع من إعطاءها لي ؟ وربما يعتبرها إهانة له ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍، لايمكن إن يفعل ذلك لانه يحبني .

في الجانب الثاني هي تجري حوارا" مع نفسها ، لأقترب منه يوما" واحدثه بما اكن له من حب.. ثم اطرح عليه بأن يتقدم لخطبتي، كيف؟ وأين؟ وماذا تقول الناس لورأؤني معه؟ لكن قلبي يتقطع ألما" ويضغط علي في كل لحظة اني احبه حبا" عارما"

الى متى هذا السكوت .. ؟ ربما يتقدم لأخي احد غيره ويغريه بالمال وأنا اصبح الضحية .. إذا يحدث ذلك فانه هلاكي استمرت هذه اللواعج ولأشجان عند الطرفين إلى أن تغلب هو ذات مرة على ضعفه وقرر ان يتقدم الى خطبتها من أخيها على سنة الله ورسوله، لاشيء يقف عائقا" في هذا الطريق ، ذهب لأحد أصدقائه وكلمه في الموضوع ورحب ذلك الصديق بالفكرة، وذات يوم دعى مجموعة من الناس الأخيار وذهبوا إلى بيت صديقه وتحدثوا معه بهذا الشأن رفض هذا الصديق طلب صديقه رفضا" قاطعا واعتبرها خيانة من جانب صديقه الذي دخل بيته وخطب أخته إذا" لابد إن هناك علاقة بينهما ،وهدد الحاضرين بقتل السيد لكنه يمتنع لأنه سيد وعليه أن لا يكررها مرة ثانية، أعاد السيد الكرة عدة مرات وفي كل مرة يجمع ناس غيرتلك المجموعات وعندما وصل الى حالة اليأس بدأت عليه علامات المرض وقل طعامه ..انه السل الرئوي الذي اكتسبه من تلك الحالة النفسية، أقعده المرض وفي آخر المطاف... قطع الطعام وأخيرا" توفي..

شيعته القرية تشيعا" مهيبا" والنساء بالعويل والبكاء أما هي ففرض عليها حصار من قبل أهلها ..دفن في(ايشان) القرية القريب منها وكانت عادة أهل القرية يدفنون في هذا (الأيشان) لعلوه عن الماء . استمرت القرية في حزنها علية الى اشهر هي لبست ثياب الحزن واستمرت تنوح عليه نواح الثكلى حتى اقترب عيد الأضحى وبدأ القرية تهيأ للعيد وجاء العيد واقيمت الأفراح وامتلأ مضيف القرية برواده هي لبست ملابس سوداء جديدة وتوجهت الى ( الأيشان ) واقتربت من القبر وصاحت بصوت عال تناهى الى سمع احد الرعاة الذي كان يرعى غنمه قرب(اليشان)

 قالت

 تهزهز بالحد ونفض تراباك

 اوحلو الطول هلنا يم ترابا ك

 اجانه العيد وعيوني تراباك (تنظرالىطريقك )

 من اشوفنك ترد روحي إليه

 ثم هوت بنفسها على القبر ولم تحرك ساكنا" يقول ذلك الراعي:- انتظرت طويلا" لعلها تنهض من على القبر لم يحدث ذلك

فقلت مع نفسي لعلها في حوار وهمس مع صاحب القبر... ولكن الوقت طال وبدأت الشمس بالانكسار وتتجه إلى الغرب ، اقتربت منها وناديتا أيتها الفتا ة الجميلة كفى نواحا" على الحبيب انك وفيت والله ،أعرفك جيدا" واعرفه كذلك ، ولكن لم لأنجبنني ؟ ناديتا عدة مر ات و لم تجب أطريت بأن امسكها من كتفها واقلبها إلى الجهة الثانية فوجدتها ميته أرجعتها إلى وضعها السابق وهرعت الى القرية وناديت على النساء والرجال دون أخيها فهرعوا يركضون الى المكان ووقف الجميع يشاهدون المأساة وبكوا نساء" ورجالا" بكاْء" مرأ وأقاموا مأ تما" حتى الغروب عند ذلك قامت النساء بتغسيلها من الترعة القريبة من(الأيشان) وتجهيزها ودفنوها بجانب حبيبها ، عند ذلك جاء أخوها يضرب كف بكف ، قال كبير القرية مستهزئا" :- ابشر بالجنة والشرف قتلت نفسين .. اجابه الصار صار ما يفيد اللوم

أصبحت نساء القرية يرددن بيت البوذية الذي قالته في كل مناسبة حزن وتعدى حدود القرية الى القرى الأخرى والى المدينة  حيث حفظه الشعراء الشعبيون والأدباء .

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com