حكايات من ذاكرة الريف.. (8)

 لصوص ولكن شرفاء..!

حسين الهلالي

huseinalhilaly@yahoo.com

كان ديوان أبي نزال القريب من المدينة مكتظاً في تلك الليلة عندما دخله سليمون ومعه شاب وسلم على الجميع مبتدئاً بأبي نزال صديقه القديم وبعد أن جلس واسقي القهوة قال أبو نزال:- يا أهل المدينة اقفلوا دكاكينكم وأبواب بيوتكم جيداً وسكت وبدأت همهمة في الديوان عندها ارتفع صوت سليمون بكل وضوح قائلاً :- يا أهل المدينة اسمعوني وأصغوا إلي جيداّ منكم قد يعرفني أتردد على هذا الديوان في السنة مرة او مرتين والآخر لايعرفني وبعد انقطاع دام سنين جئت لازور صديقي الذي أنزلته بمنزلة أخ عزيز علي والمدينة التي يسكنها هي بمثابة مدينتي فكيف اسرقها؟ واستسيغ ذلك ؟ هذا محال ولا يحدث عندي وأقول لكم :- انا سليمون كنت اترأس اربعين حرامي مقر تجمعنا في مدينة البصرة وكنّا ( مدوخين الإنكليز في الشعيبة لأنهم محتلين) كنا نسرق منهم كل شيء ونقتل كل شخص أجنبي في المعسكر وهذا اعتقد مباح لنا شرعاً

ونستخدم كل الحيل في الانقضاض عليهم منها نجلب تيساً كبير ونسكب عليه النفط ونقطع الأسلاك الشائكة ونشعل النار فيه وندفعة بأتجاه المعسكر مما يحد ث الرعب والارتباك في صفوف الأنكليز ويمهد لنا ان نستغل هذه الفوضى ونهجم عليهم ونأخذ ما نريد وفي الأيام الخوالي نسرق من تجار الخيول الذين يتاجرون بها مع الهند ،وفي احدى الأيام وصف لنا احد بيوت تاجر كبير يريدان يصدر صفقة من الخيول إلى الهند وبعد مراقبته تأكد لنا انه سافر إلى الهند ولم يبق احد مع عائلته عند ذلك عزمنا على الذهاب إلى البيت في ليلة ظلماء يرافقني أربعون لصاً واحدهم عبدي الشديد المراس وضعت سلماً من الحبال المتينة على حائط الدار وتسلّق العبد الجدار وانا خلفه اما بقية اللصوص فتوزعوا إلى كمائن

ادرنا السلّم إلىالجهة الثانية ونزلنا في ساحة البيت كنت حذر ومسكت مسدسي بيدي وهو جاهزاً للإطلاق لكني شعرت برهبة في هذا المكان لم اعهدها من قبل طيلة حياتي على كل ٍ شاهدت ناموسيتين منصوبتين في الساحة ابتعدت عنهما وأرشدت العبد إلى الغرفة الخاصة التي تحوى على المال وفتحها بهدوء وبعد فترة وجيز عاد وهو حامل آنية خاصة فيها الذهب والمجوهرات، وهو عائد يريد ان يجتاز الباب ضربت الآنية النحاسية حافت الباب فأحدثت صوتاً أيقظ الطفل داخل الناموسية

قالت امه بصوت واضح وجلي ( اسكت يمه مناه خالك انت ماتخجل من خالك ) هذا الصوت كان اوقع من ضرب السياط على جسدي فأمرت العبد ان يعيد المجوهرات إلى محلها فأرتجف العبد وامتنع في باديء الأمر ولكنه امتثل إلى اوامري قالت المرأة لايرجع الذهب هذا حقكم سهرتم عليه الليالي وخططتم حتى وصلتم اليه

قلت والله لانمس من هذا البيت عوداً واحداً والآن اودعناك

قالت المرأة:(ماتطلعون حتى تاكلون زاد هذا البيت )

بدأ الشك يتسرب إلى نفسي ربما هذا كمين ولكن ايقنت من نبرة صوتها ومناداتها لأبنها بكلمة خالك، تسمع يبو نزال انت والديوان ؟

أمرت وصيفتها ان تذ بح شاتاً اعترضت على ذلك

قالت :- هذا لايساوي شسع نعلك تفضلوا اجلسوا في الديوان،قاد تنا إلى غرفة الضيوف وجلسنا بدأت اتفحص آثاث الغرفة فيها سيت من المقاعد خشبها من الصاج صنعت على الطراز الهندي واعتقد انها مستوردة من الهند ونظرت إلى الستائر من الحرير الخالص موشات بخيوط ذهبية كتلك التى تطرز بها العباءة الرجالية ومزهرية في وسط الغرفة من النوع النادر وعند اول خيط من الصبح جاءت بالطعام وبعد الأنتهاء استأذناها بالأنصراف قالت:-ليس الآن فأن الطرقات غير سالك

احتسينا الشاي للمرة الثانية وبعد فترة وجيزة قالت:- الآن بأمكانكم الخروج ،خرجنا من الدار وانا منذهل من حكمة هذه المرأة ورباطة جأشها وتصرفها الحكيم

ومن ذلك المكان اعلنت توبتي وهاجرت من البصرة إلى الديوانية والعبد معي وبدأت اعمل في تجارة الحبوب وزداد ت ثروتي وتزوجت واصبح لي اولاد وبنات وبعد مرورعشرين سنةعلىخروجي من البصرة وامتهاني تجارة الحبوب واثناء وقوفي علىمرسى السفن الشراعية جاءني شاب في مقتبل العمر وقال :- لى (خالي امي اتريدك ) نظرت اليه طويلاً وقلت مع نفسي لايوجد عندي اخت ولكن لأذهب معه سرت في احد الأزقة مسافة ووصلت إلى المرأة استقبلتني بالترحاب وسلمت عليها لكني لااعرفها

قلت :- تفضلي ايتها الأخت ماحاجتك

قالت :- لحد الآن انت لم تعرفني

قلت:- لا..

قالت :انا- صاحبة الدار التي اردتم سرقتها في مدينة البصرة .

قلت:- انت ام الطفل الذي بكى في تلك الليلة ؟

قالت :- نعم هي تلك المرأة وهذا الشاب ذلك الطفل .

سلمت عليها وعلى ابنها مجدد ا وقلت لها والآن إلىالبيت، ذهبت إلى دارنا وفي الطريق حد ثتني بقصتها وكون زوجها ذهب إلى الهند ولم يعد

وصرفت ذلك المال علي وعلى ولدي وبعدها بعت الدار ولم يبق عندي شيء ولايوجد اقرباء لي ولالزوجي حتى الجأ اليهم وتذكرتك وتذكرت شهامتك وقلت لايوجد احد غيرك

قلت لها:- وصلتي لك كل الخير، وعند وصولي إلى الدار جمعت العائلة

وقلت لهم:-( اسمعوني زين هاي اختي اوجانت غايبة وهسه رجعت بعد مامات زوجها بالهند كبل تاخذون مصرفكم ومصرف البيت مني، الآن تخذونه من ايدهه عرفتوا يولا؟) رحب الجميع بها وبأبنها وزوجت الأبن احدى بناتي وعاشت المرأة اربع سنوات ثم توفيت ودفنتها في النجف الأشرف ،،بعد ذلك التفت إلى الشاب وقال له (صحيح هذا يبني يولا؟ )

قال الشاب كل هذا صحيح وأنا شاهد عيان ،ثم التفت سليمون إلى ابي نزال

وقال:- (يبونزال هاي اعتبرها مد ينتي وامي اشلون واحد ايكص ثدي امه

يالله انهض يبني هذا الديوان محرم على ان اطبنه بعد الآن )

ثم نهض وغادر الديوان وسط صيحات الر جال ورجاءهم بأ ن يبقى هذه الليلة

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com