حكايات من ذاكرة الريف.. (11)

الله هو العالم

حسين الهلالي

huseinalhilaly@yahoo.com

حسينة ابنة القرية الجميلة التي توزع الابتسامات على صويحباتها بذكاء هي البنت الوحيدة لأمها الى جانب ثلاثة اخوان، لا تخرج الى الحقل الا واخوتها معها او على الاقل احدهم، كانت هي المحور الذي تدور حوله فتيات القريةن وكن اذا خرجن للعمل في الحقول يكوّن حلقة حولها وهي تدير الحديث بلباقة ولطف ويردن عليها بحديث عن شباب القرية يصفن الشباب وصف دقيق يتناول منطقهم، رجولتهم، شهامتهم ،شجاعتهم وكرمهم.

هي ترد عليهن:- هذا كلام خبيرات بكل شيء.

ترد عليها حميدة:- معقولة انت بعيدة عنهم؟!

حسينة:- هل تشوفين بعينج آنه لا اطلع ولا اروح الا وخوتي وياي، اشلون بعد اشوف شباب القرية، معناها الموت اذا اتحدثت وي واحد منهم.

قالت جميلة:- الله واكبر والكلب ما اله حك عليج؟

حسنه:- اله لكن حابسته ابين اضلوعي واخاف من كل شي!!

حميدة:- لاله.. آنه اموت اذا ماترست عيني نظر من عجيل!

حسنة:- ايه عجيل ايشوفج وتشوفينه لأن كرايبج،

حميدة:- ايه هاي نعمة

جميلة:- وانتوا اتفقتوا على الزواج؟

حميدة:- ايه... للربيع الجاي

اشتد العمل في الحقول لأن موسم الحصاد قد بدأ، لبست حسينة ملابس العمل وشدت على وسطها بشال احمر ثم اخفت وجهها بحجاب ازرق غامق وتركت مسافة لعيونها الجميلة ثم لبست الحذاء وشدت عللى ساقيها بقطع قماش اسود ولفت العباءة على خصرها لفاً جيداً ومسكت المنجل بيدها منتظرةً اخوانها الثلاثة وسارت خلفهم، الأكبر يركب فرسه والأخوان خلفه يسيران، اما القرويات الاخريات فهن خلفهم بمسافة قليلة خشية اختلاطهن مع اخوانها تحاشياً للحساسية المفرطة في الريف وحسماً لنقل كلام يخدش سمعتهن.. وصل الجميع الى الحقل وبدأوا الحصاد وهناك مجاميع بعيدة عن مجاميعهم، قامت حسينة تجمع الزرع ((الباث)) وتكدسه في مكان معين يساعدنها الفتيات اللواتي معها وعندما انتهى الحقل الاول حصاداً سار الأخوان الثلاثة الى منطقة يجمعون بها الحصاد ووةصلوا الى هناك وخطوا خطة دائرية لتكون البيدر الاول للزرعن بدأت الفتيات بنقل الزرع وعمل حسنة تقوم بتعبئته لهن.

ابتعدن في سيرهن عنها مسافة غير بعيدة نوعما وهي مشغولة بالزرع مر ابن الشيخ بالقرب منها وقف وناداها، رفعت رأسها ورجعت مذهولة الى الوراء، كانت احدى الفتيات الاخيرة لاحظت من بعيد هذا المشهد، حسينة بدات تنهره بشدة وهددته بأن تصرخ وتنادي اخوتها

قال:- والله الموت احسنلي من حياتي اللي احمس بيهه كل لحظة عليج.. ليش انت ظالمه ليش مغطية وجهج بهاي الوصلة وعيونج تجدح نار.

قالت:- ايه تجدح نار من الغضب عليك لان ما تخجل ولا عندك حياء.. هسه اتروح لا اصيح اخوتي آنه لاعرفك ولا شايفتك

قال:- لكن آنه شايفج وأريدج لي زوجه

قالت:- اخسأ آنه ما آخذ واحد دنيء ودوني ابتعد عن طريقي

تحرك بالاتجاه الآخر، وعندما عادت الفتيات من البيدر بدأت بالحديث الخاطيء حولها.

قالت حميدة:- ها اشكلنه؟

جميلة:- حكهه تريد ابن الشيخ

فاطمة:- لالهموهل الشكل.. هاي نجره ولاتقرب لاحد

حميدة:- هاي تطرد اعيون.. احم.. احم

اقتربن منها شيئاً فشيئاً ولاحظن عليها الانزعج والتعب والهم ووجهها المحمر ويتصبب عرق على جبينها وهي تمسحه بشالها.

قالت جميلة:- ها حسينة اشبيج؟!

حسينة:- تعبانه.. تعبت كلش.

فاطمة:- اكعدي وحنه انعبي الزرع، انت اظن مريضة

حسينه:- لا ماكو شي

قامت هي بعملها كعادتها وهن ينظرن اليها بريبة، حملن الزرع وابتعدن عنها، هي عملت مثلهن وسارت خلفهن متجهات الى البيدر

قال الأخ الأكبر:- الآن وقت الظهر وصار وقت الصلاة لازم انروح لهلنه،

الجميع:- حلوا احزمتهم إلا هي بقيت على لثامها وكامل ملابس العمل، عاد الجميع الى القرية، وكعادتهم ذهبوا الى الحقل وتكرر هذا العمل اسبوعاً آخر بعد ذلك انتهى كل شيء.. وفي القرية بدات اشاعت لقاءها في الحصاد بإبن الشيخ كالنار في الهشيم حتى وصلت الى مسامع اهلها فعزم الأخوان الثلاثة مع أبيهم على الشر، ولابد من قتلها وعندما سمعت امها بذلك هربتها قبل الفجر الى قرية ثانية وصلت الى القرية في الصباح الباكر ودخلت بيت الشيخ واتجهت الى غرفة ابنته الكبرى، وهي امرأة حكيمة اسمها آية وطرقت الباب خرجت لها ورحبت بها وادخلتها الغرفة وقدمت لها الطعام رفضت ذلك بالم

قالت آية:- اكلي وكل شي مكضي بعون الله

قالت حسينة:- لا خله ريجي مر!

قالت آية:- انشاء الله ايصير حلو.. بي تحجيلي الصدك

حسينة:- والله خاله والقرآن هذا الجدامج اللي راح احجيه هو الصدك

قالت آية:- بعد ان اغلقت الباب.. يالله احجي.

بدأت حسينة تسرد الحكاية وكيف تطورت وآية تنظر اليها بتفحص ثم قامت وقالت لها:- نعم انت صادقة وهذا ما احس به آنه، انت اتظلين اهناه وآنه رايحة اودي ريوك الشيخ.

كان الشيخ كسار لا يخلف كلام ابنته آية الحكيمة ولا يأكل الا من يدها كونها هي كبيرة العائلة وتقرا وتكتب وحافظة سور من القرآن كثيرة كونها تتلمذت على يد ملا سويره في المدينة في تلك العهود، خرجت من الغرفة وقفلتها على الفتاة ودخلت على العائلة وجلبته معها احدى النساء العاملات في بيت الشيخ وصلت الى المضيف وتناولت الطعام من المرأة ودخلت على ابيها وضعت الطعام وجسلت تنظر اليه.

قال الشيخ:- اشوف بوجهك كلام غريب!

قالت آية:- ايه بويه... عندي حجيرفع يده من الاكل واصغى اليها وهي تتحدث حول الفتاة.

قال:- اتأكدتي من صدق هاي البنت؟

قالت آية:- ايه نعم تأكدت

قال الشيخ:- انشاء الله باجر ايصير خير

نهضت الحكيمة آية واتجهت بلهفة الى غرفتها فرحة استقبلتها الفتاة بلهفة وهي تبكي.

قالت آية:- افرحي خير انشاء الله، باجر الشيخ يذهب الى اهلج وعنده خطة هو والسيد علوان وهي خطة انقاذ الج.

قالت حسينة:- اشلون خاله...؟!!

قالت آية:- هاي لا ىنه ولا انت انعرفههن بس الشيخ اذا كال ايه ايخلصهه من حلك السبع.

قالت حسينة:- خاله الله ايطول عمرج وعمر الشيخ

قالت آية:- يالله اكلي اريوكك

حسينة:- والله ما اشتهي

قالت آية:- خاطر اتشربين جاي

حسينة:- لا بس جاي اشرب

قالت آية:- هسه مححد يدري بيج اهناه رايحه اقفل الغرفة عليج وااخلي اكلج يمج، وىنه بين فترة او فترة امر عليج

حسينة:- خاله الله ايطول عمرج.

كان صباح اليوم الثاني هو يوم عمل للشيخ كسار فقد جمع مجموعة من كبار عشيرته في مقدمتهم سيد علوان وساروا الى القرية الثانية وصلوا عند الظهر ودخلوا بيت ابيها استقبلهم هو وابناءه وابناء اخيه وهم مدججين بالسلاح وبعد ان جلسوا ووزعت عليهم القهوة نهض ابوها ليذهب الى داخل البيت لاعداد الطعام.

قال الشيخ كسار:- لا احنه جايين ابشغل.. ونريده منك وهو طعامنه اذا رضيت.

قال ابوها مندهشاً:- كول يمحفوظ احنه حاضرين!

قال الشيخ كسار:- بنتك يبو عناد عندي

ارتبك الجميع وحركوا بنادقهم

استمر الشيخ كسار بحديثه، وهي طاهرة وشريفة وعفيفة وكله هذا الصار اشاعة ومالهه اصل واللي نقلن هاي الاشاعة صاحباتهه الوياهه

قال الابن الأكبر:- انكاوم اهلهن

رد الجميع:- بصوت عالي ايه...

قال الشيخ:- اتخلوني احجي يو انكوم لهلنه؟
قال ابوها:- فوت ابفالك يمحفوظ.

قال الشيخ:- هذا حجي نسوان احنه ما انشد عليه وهنه كراهات لبتكم وآنه اترك الحجي لسيد علوان، اعتدل السيد علوان وقال:- بسم الله الرحمن الرحيم

الشيخ ما يرجع البنت الكم وجاي هسه يطلب ايدهه منكم لبنه سلمان هاه شتكولون؟

قال عمها:- من رخصة الشيخ ابو سلمان احنه هم عدنه زلم واولاد عمهه اربعة اثنين متزوجين وثنين بعدهم والأقربون أولى بالمعروف

الشيخ كسار:- والله حجيت الحك تستاهلونهه هاي الدرة الثمينة بس بشرط تنزف من بيتي وآنه الأزفهه بيدي

قال أبو عناد:- هذا شرف النه يبو سلمان حطيتولي علو لشرفي جزاكم الله خير.

عادوا الى القرية وحدد يوم الزواج وزفت الفتاة من بيت الشيخ كسار وسط الهلاهل والاهازيج ودخلت بيت ابن عمها بسلام.

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com