حكايات من ذاكرة الريف.. (13)

غنية

حسين الهلالي

huseinalhilaly@yahoo.com

استبشرالناس بثورة 14 تموز التحررية وابتهجت كل الفئآت صاحبة المصلحة في التغيير واحتفل الشعب بالذكرى الأولى للثورة واقيمت الأحتفالات الشعبية والرسمية وألأحتفلات الفنية فقد غنى مطرب المقام الأول الأستاذ محمد الكبنجي عدد من المقامات في حفل معهد الفنون الجميلة ثم اعقب ذلك ببستة غنائية بعنوان (غنية ) ( غنيه ياغنيه000كيفي صارت حريه) والفلاح شعلان ابتهاجاً بالثورة وحبه للأغنية سمى ابنته التي ولدت في هذه السنة غنية ، ونشأت في كنف ابيها المجد في عمله ،ولم يسعدها الحظ فقد مات ابوها بمرض مفاجيء وتحولت عند عمها ،امها لازالت شابة تزوجت من رجل آخر ،هنا عند عمها قامت برعي الأبقار وتساعد زوجة عمها في البيت ، لم تكن هناك مدرسة في القرية بل في القرية المجاورة والتي تبعد خمسة كيلو مترات ، سجل فيها بعض اطفال القرية من الذكورومنهم ابن عمها فلاح ، كانت تتمنى ان تدرس مع ابن عمها ولكن عمها امتنع من ادخالها في المدرسة لأعتبارات اجتماعية صارمة آنذاك ولحاجتهم اليها في البيت وفي رعي الأبقار ، كانت ذكية تسمع كل شيء وتحفظه ،وعندما بدأت دروس محو الأمية في الراديو والتي يقدمها المفتش في وزارة التربية سيد على ، طلبت من ابن عمها دفتر وقلم وبدأت تسمع الدروس التي تقدم في الساعة الخامسة مساءً على مااتذكر ،تعلمت الحروف وكيف تكتبها وتجمعها وتكون منها كلمات وجمل حسب المنهج ، وبالأخير تعلمت القراءة والكتابة وعندما انقطع هذا البرنامج لفترة ليس بالقصيرة حل محله برنامج محو الأمية واجتازت المراحل التي جاء بها البرنامج وبعدها قدمت الى المتوسطة رغم ممانعة زوجة عمها( مرزاية ) بعدم ادخالها الى المتوسطة لكن عمها راى انها تتمتع بذكاء غير اعتيادي وبدفع من ابن عمها فلاح الذي ساعدها بأقناع اباه ، فلاح تخرج من السادس ابتدائي وذهب الى الجيش ليصبح فما بعد نائب ضابط وبعد مرحلة المتوسطة رجت عمها وقبلت يده ليدخلها الى دار المعلمات وايضاً بتأثير من فلاح المتطور نوعما لأنه زار معظم المدن العراقية ورافق مختلف الضباط واحتك ببعض المثقفين واصبحت له صداقة معهم ، دخلت دار المعلمات وتحمل اعباء مصاريفها فلاح وقد عانت كثيراً من الطريق الى ان قبلت في القسم الداخلي كان معدلها عالي ، نشأت علاقة حب بينهما فهي تستقبله بشغف عند مجيئه من الجيش بأجازة وتقوم بغسل ملابسه واعداد كل شيء يريحه ، في دار المعلمات كانت مثال الطالبة الذكية التي تتمتع بمزايا كثيرة في مثل لزميلاتها وحازت على المرتبة ألأولى في التخرج وعينت في تلك المدرسة التي درس فيها ابن عمها فلاح وبواسطتها قدمت القرية على فتح مدرسة في قريتها وتم فتح المدرسة نظراً لأعداد الأطفال المستحقين للدخول الى المدرسة ،وقامت هي بأدارتها

بشكل جيد وصارم بدءاً من نظافتها الى مستواها العلمي ، تزوجت ابن عمها فلاح وابتهجت القرية بهذا الزواج لتمتعها هي وزوجها بمكانة اجتماعية عاليةبين بنات وبنين القرية واحتفلت المعلمات يزواج زميلتهن وقدمن الهدايا لها ،وبعد زواجها قامت بخطوة رائدة بفتح صف لأمية في مدرستها تعاونها المعلمة جليلة التي تسكن القرية ايضاً واصبحت غنية مثل اعلى لأهل القرية

وتقول المعلمة جليلة عنها :- ( انها مثال للأم ومثال للمديرة الأدارية الناجحة قلت للمعلمة جليلة والتي تزوجت في المدينة حدثيني كثيراً عنها قالت :- علمتنا كل شيءنافع في حياتنا ، علمتنا كيف نعتني بأزواجنا وعلمتنا كيف نكون امهات نافعات في مجتمعنا وكيف نبني الأجيال ، علمتنا ان نخلص للوطن ونحبه من خلال مهنتنا واداء واجبنا لم ار مثلها مديرة وام ، هي في المدرسة مديرةومعلمة في اعلى درجات الأنضباط والنظام وفي البيت ام كيف تدير بيتها والعناية بعمها وعمتهاومدارات اولادها ومتابعتم في البيت والمدرسة والعناية بحيواناتها وطيورها والأستفادة من انتاجها ،وشعارها كل شيء نافع في البيت اذا بذلنا لذلك جهود اضافية ، تحث زوجها المتقاعد من الجيش على العمل في قطعة الأرض العائدة لهم وتسا عده هي وابنها عادل المتقدم في دراسته في الصف السادس الأعدادي وبنتها رضية في الصف السادس ابتدائي ،مدرستها من ناحية الأنضباط منظمة ومظبوطة ،وتقول جليلة :- هي دائما تتحدث معي حول فتح صف لمحو الأمية في المدرسةكوني انا ايضاً ابنة القرية تتمنى ان يفتح مركز اجتماعي ايضاً لتثقيف المرأة في القرية

 ومركز صحي وكلما فكرت بغنية قلت الوطن لايخلو من المخلصين هذه المرأة التي اثرت بنا وبكل الأجيال التي

درستها لكن لم يمهلها الدهر ان تكمل شوطها فقد نكبت بأبنها عادل في احدى تفجيرات كربلاء عندما ذهب زائراً الى ضريح الأئمة الأطهار (ع ) مشياً على الأقدام مع الزائرين ، استقبلت نعشه بحرقة لاتوصف وشيع من داره ، بقيت تنوح عليه ،وقلت في قلبي سوف تموت هذه المرأة ونفتقدها

اقمنا العزاء في دارها وكانت تبكي وتنعى وتقول :-

 

 ريت السهم ياتيني عناي

 ويحرمني شم الهوى والماي

 ويزرف دليلي ويكطع اجلاي

 يعادل طبيبي وانت ادواي

 صبح ومسه تجبل عليه

 ×× ×× ×× ×× ×× ××

 يعادل صدك اتروح عني

 وتسمع ونيني وكثر حني

 لاتمشي يبني اشويه وني

 ردتك ترد عكلي اليه

 ×× ×× ×× ×× ××

 يعادل شسولف وي الأصحاب

 ويوكف علي وفتحله البا ب

 اكله بسفر تحت التراب

 يوكله هذا اليوم غاب

 يبني شكلهم رد عليه

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2... bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com