زوجيات

 

الغيرة عند الرجل والمرأة

 

لقاء الربيعي / عضوة في منظمة بنت الرافدين / بابل

تعتبر الغيرة سلوك مرضي، خاصة عندما يمارس العنف كتعبير عنها.. أو كرد فعل وثأر، أو اقتناص ممن نغار عليه أو منه.. لكنها بشكل عام تتلازم مع شعور آخر وهو الشعور بالتملك .. فاحساس الرجل بشكل عام أن هذه الزوجة تنتمي اليه، وله الحق وحده فيها،لهذا فالغيرة عليها تأتي من كونها ...لــــه ولا يجوز لأحد مشاركته بها!!! ويعتبر في نهاية المطاف هذا ...حبـــاً!!!

ورغم أن الغيرة صفة غريزية، كونها توجد أيضا عند الحيوان، ولا تقتصر على الانسان، فذكر القطيع ...أي قطيع ...يقاتل ويدافع عن اناثه ولا يسمح لغريب بالاقتراب من مفضلته، أو من منطقة حمايته ...حيث تكون له السيادة فيها.. وغالبا مايحدث الصراع بين \" التيوس \"، وينتهي بغلبة الأقوى جسدياً وهزيمة الضعيف الذي ينسحب مبتعدا ويبحث عن منطقة أضعف يثبت فيها فحولته ويجد فيها اناثه!!!لكن عند الانسان تأخذ غالبا طابع التآمر واستخدام لغة العقل ..أو التحايل واتباع أساليب الاغراء والاقصاء والمادة وغيرها لجلب انتباه المغروم فيه لساحة المغرم... انما يمكنه أيضا أن يصل الى استخدام العنف عملا بالقول \" ومن الحب ماقتل !\"، وحينها يصبح خطرا اجتماعيا لابد من دراسة ابعاده، وأسبابه والوقوف على دوافه، لايجاد الحلول الناجعه والدواء الشافي له .. باعتباره يصبح خطرأ على البناء الأسري والمجتمعي، حين يهدد حياة الانسان...امرأة كانت أم رجلا .

لكن ظاهرة الغيرة في المجتمعات الأقل تطورا، ظاهرة غير صحية اجمالا وانتشارها يعيق التطور السليم للمجتمع .. انما الغريب في الأمر ..هو هذا الالتصاق غير الطبيعي لهذه الصفة بالمرأة اجمالا ...حين توصف (بالغيورة ) ..السؤال المطروح علينا.

 

لماذا تغار المرأة؟؟؟؟ ومتى تغار؟؟ لماذا ؟

1 ـ لانعدام ثقتها بالرجل، ويأتي انعدام الثقة هذا تراثا تقليدياً يعتمد على المتوارث من العادات والتقاليد، التي تنشأ عليها المرأة وتترعرع في أطرها. فهي تعيش في مجتمع أنثوي مغلق ...يتمتع فيه الرجل بالسيادة والحرية في تعدد الزوجات، وما ينتج عن هذا التعدد من مصير يؤذي مشاعرها الانسانية وكرامتها الأنثوية،حين تفضل عليها أخرى أكثر منها شبابا أو تفوقها جمالا! ويلقى بها في غياهب النسيان والاهمال كقميص شبعنا من لبسه أو أصبحت موضته قديمه، ولم تعد له فائدة !!! هذا عدا الخيانات التي تراها وتحدث أمام عينيها منذ صغرها.

اذن انعدام الثقة بالرجل يولد مع ولادتها...بين الأب والأم ...بينها وبين أخيها ...بينها وبين من تحب... الخ

2 ـ انعدام ثقتها بنفسها، فالمرأة في مجتمعاتنا العربية، والتي تعيش العزلة بين عالم الرجال وعالم المرأة \" كالتحريم من الاختلاط \" لاتملك شخصية واثقة، ذات ارادة وقدرة على اتخاذ القرارات الخاصة بها وبحياتها دون الاعتماد على الأهل أو المحيط .. لهذا نجدها مطواعة، مترددة ...سهلة الانقياد، تغير آراءها بسرعة أو بسهولة ... لاتثق بجمالها ولا تعرف قدراتها الخفية، وتحتاج لمن يساعدها في اكتشاف حتى ذاتها..فحين تكون المرأة ضعيفة الثقة بنفسها وبالآخر، يصبح من الصعب ارضاءها ومن الصعب رضاها عن نفسها..وهنا ترتبط الثقة وانعدامها بالهشاشة في القدرة على مقاومة صعاب الحياة، وفهم أو استيعاب الحب ومعانيه ..

ولا بد هنا من ابداء الملاحظات على موقف الرجل ودوره في هذه الحالات ...

فالرجل .. أيضا يمكنه أن يكون ضعيف الثقة بالذات لهذا يسقط ضعف ثقته بنفسه على زوجته فيكثر من حصارها ومن تكبيلها بشروط حياة قاسية تخنقها وتحاصرها، وتحرم عليها العيش كانسان ... بل يضعها في قفص غيرته ويحيل حياتهما الى جحيم لايطاق ...وكم من زوجة قتلت بسبب غيرة عمياء من الرجل ...كان سببها انعدام ثقته بها وبحبها له ناتجا عن تربية خاطئة، او تنشئة طفولية، كان فيها ضحية غيرة أبوية، أو ضحية خيانة من أمه لوالده ...أدت ليخرج الابن فيما بعد غيورا لدرجة المرض مع استخدام العنف حتى القتل!!!وهذا ينقلنا بالتاكيد الى

3 ــ الملكيــــة: غالباً ماترتبط الغيرة بالملكية.. كما سبق وأسلفت وهنا تنحى الغيرة منحى الخطورة ...وتصبح سلوكاً مرضياً، لابد أمامه من العلاج، استشارة الطبيب النفسي المختص خاصة عندما تتكرر الحوادث وتؤدي الى سلوك العنف، سواء من الرجل أو المرأة، وخطورته تكمن في تأثيره السلبي على الحياة الأسرية \" أي حياة الكوبل الزوجي \" وتنتقل عدواها لسلوكية الأطفال والتأثير عليهم وعلى مستقبلهم الصحي نفسياً، والملكية ان ظهرت كسلوكية عند المرأة فبشكل اجمالي تغلفها المرأة وتلفعها بطرق ملتوية كونها لاتملك السلطةالاجتماعية على الرجل، وعلى تمسكها به وامتلاكها له، أو سيطرتها عليه ... الا في حالات نادرة وشاذة في العرف المتداول...لكنها بارزة وواضحة في سلوكية الرجل .. حيث يحميه القانون المستمد من الشريعة بالاضافة للتقليد المتوارث اجتماعيا، والذي يشرع الملكية بتشييئه للمرأة ... كالسيارة والبيتبالاضافة لعملية الخلط بين الحب والامتلاك، فكثيرا مايعتقد الرجل ..أن حبه لزوجته يعني امتلاكه لها .. ككيان كانسان ...نقول عادة في الحب:.. ...امتلاك القلب ...لا الانسان كوجود، وكيان وحضور، وحرية، وشخصية، ورأي ... وهنا يطغى حب التملك والتباهي بالذاتية والخصوصية ...فتصبح المرأة احدى خاصيات الرجل ,,,يقرر عنها ...يأمرها ...يتصرف بمصيرها وبرغباتها وبمستقبلها العلمي والعملي ...كملك خاص ...بالضبط كسيارته يبيعها متى شاء ويستبدلها متى شاء ,... وكم من الرجال يفضلون أحيانا السيارة على الزوجة، أو يقارنوها بالسيارة !!!!!!!!

ــ الغيرة كسلوك اجتماعي لاتقتصر على علاقة الرجل بالمرأة أو العكس، بل يمكنها أن تحصل بين الجنس نفسه، أي غيرة المرأة من المرأة، وغيرة الرجل من الرجل.

هذه الظاهرة الاجتماعية تبرز في كل المجتمعات المتطورة وغيرها ...انما تصبح أكثر انتشاراُ وتأخذ طابع التأثير على حياة الانسان عندما تؤثر في سلوكيته فيصبح اما معزولا أو على العكس أنانيا محبا لذاته بتطرف يؤثر في حياته ومن حوله، وتنعكس آثارها الوخيمة بالتالي عليه، وعلى عمله أو محيطه.وهذه الظاهرة تتواجد في أماكن العمل، في الأحياء الشعبية بين الجيران، في العلاقات الأسرية، وأهمها علاقات القربى والصداقة .. كما تبرز في المدارس والجامعات .. فالمرأة التي تتمتع بقسط وافر من الجمال ...مما يشكل حسداً أو حقداً من بعض النساء الأقل حظاً جمالياً منها، فتحظى باستقطاب عيون الزملاء أو الأصدقاء من الجنس الثاني... فتستأثر بالاعجاب وتكثر حولها العيون في محاولات للحصول عليها من قبل أحد المعجبين ...وهنا تبرز غيرة زميلاتها وغيرة المعجبين أيضا بين الرجال، خاصة ممن يفوز بها ..!! ويحصل أحياناً أن تثور مشادات بين معجب وآخر ...تكون ضحيته المرأة الجميلة نفسها ... وربما تدفع حياتها ثمناً لرفضها أحدهم \" وقد حدث هذا في أحد الضواحي الباريسية وتكرر للمرة الثانية، حين قام أحدهم بحرق الفتاة التي رفضته حية، بالقاء مادة حارقة عليها واشعال النار بها \"، جريمة من هذا النوع بسبب غيرة الرجل حين تفضل امرأة آخر عليه ... يكون بالتأكيد أسبابها مرضية وتحفر عمقاً في نشأته وتربيته وطفولته ... وهذا مع الأسف صدر عن شاب مغاربي الأصل وفتاة أيضا مغربية .. ومن الا حياء الشعبية التي مازال ساكنيها يعيشون بنفس عادات وظروف بلد المنشأ ...أن العادات الاجتماعية والتربوية الخاطئة يمكنها أن تكون سبباً في الجريمة، ان لم نحسن التبصر بسلوكيتنا وتشذيب أخطاءنا، وصقل انساننا بثقافة تمكنه من فهم واستيعاب متغيرات الحياة وتوطين النفس وتدريبها على فهم حقيقة ذاته .. الى جانب فهمه لمشاعر الآخر واستيعابه للهزيمة... ان اعتبرنا عدم تجاوب المرأة معه هزيمة!! فربما يكون فيه الخير لكليهما..فلم يكن يوما الاعجاب الشكلي والانشداد الجنسي هو الأساس الذي تبنى عليه علاقة حب أو علاقة خطوبة وزواج ... لهذا فان غيرة الرجل من أجل المرأة أو غيرة امرأة من أخرى ...نادرا ما تأخذ منحى التحايل والتآمر، الا اذا شعرت امرأة ما بخطر تلك الأخرى على حياتها وهددتها بالانهيار ... وهنا ربما ترتكب احداهن حماقة ما تجاه أخرى!! ولا يسعني القول للمرأة التي يتركها رجل من أجل أخرى ...الا أن تدير له الظهر وتعتبر نفسها الرابحة ...فحين يرفض حبها الطويل وعشرتها ..وحياتهما معا ليفضل أخرى تصغره ..فقط كونه يملك ربما الماال ...ليشتري دمية ...لسريره ..هاجرا زوجته وأم أطفاله ..بعد تضحياتها ...فلتعتبره الخاسر لحبها ...والخاسر لمشاعر وهبتها له ولا يستحقها ...وهي ستربح أسرتها، وتستطيع أيضا أن تعيش حياتها مع من يستحق هذه المشاعر، وهذا حقها الانساني والطبيعي، وهذا ينطبق أيضا على الرجل، لو كان في نفس الموقع .... انما نادرا جدا مايحصل، والسبب يعود لوضع المرأة الاجتماعي، الذي يفتقر للحماية القانونية، والمساواة في الحقوق أمام قانون أحوال شخصية متخلف، ذكوري بكل معنى الكلمة ...كله يصب في صالح الرجل، ويضع المرأة بموقع دوني ...تفتقر فيه الى مايضمن لها حقها الانساني الذي صادقت عليه كل لجان هيئة الأمم المتعلقة بحقوق الانسان وحق المرأة على رأسها، وذلك بعدم التمييز بينها وبين الرجل .. ولن أستطرد ..فربما يكون لنا جولة أخرى مع الحقوق المدنية للمرأة ... من أجل انصافها ..فانصافها يعني انصافنا لانساننا ..لأطفالنا ...لمجتمع سوي ... قائم على أسس متينة ...لميزان القوى الاجتماعي ...وعدم اختلاله ...وكي نمكن شعوبنا من التحضر والرقي ...فحقوق المرأة هي رمز من رموز الحضارة.

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com