أثر الموسيقى في العلاج النفسي

 

الفنان مازن المنصور / النرويج

mazen_flaminco@yahoo.com

’’ الموسيقى منحة جليلة من المولى عز وجل ولا أتخلى عن نصيبي منها ولو أعطيت العالم بأ سره ,,

روثر

 

بعد دراسات دقيقة أجريت من قبل علماء ألنفس تبين لهم أن للموسيقى اتصالا مباشرا بالناحية الوجدانية لدى الإ نسان، وأن أعصابه تتأثر تأثرا واضحا عند الاستماع ألى ألحانها المشوقة، ولذلك أنشئت مستشفيات خاصه ومراكز ألعلاج بالموسيقى يعالج فيها المصابون بالامراض العصبية والعقلية. وكثيرا مايتضح بعد أن يفحص المريض فحصاً دقيقا، أن علاجه لايحتاج لغير بضعة برامج موسيقية تتناسب مع قوة أعصابه أو ضعفها، فا لموسيقى للمرضى دواء وللمنهوكين شفاء، لذا يجب على المرء أن يخصص جزاء من اوقاته لسماع الموسيقى، لما لها من مزايا وفوائد عديدة، فهي تولد في النفس رقة المشاعر وطهارة الروح، وتغرس في نفس الفرد حسب التجدد والذوق السليم. كما أنها تفرج عن الإ نسان الهموم والأ حزان، وتساعده على تمضية أكثر العمر فرحا وطربا.

 ولاشك أن للموسيقى الجميلة تأ ثيرا مفيدا على النفس، وعشاق الموسيقى الغربية من أوبرا ت وسيمفونيا ت يعلمون كيف تسيطر الموسيقى العذبة على مشاعرهم، وتسمو بوجدانهم ألى عالم الشاعرية وا لخيال. وقد أستعملت الموسيقى الشرقية القديمه في العصرين الأ موي والعباسي لعلاج المرضى ولا يزا ل موجودا حتى الأن في المغرب الأ قصى بمدينة ( فاس ) وقف خاص تعزف فيه أحدى الفرق الموسيقية للترويح عن ألمصابين باا لأمراض النفسية والعصبية.

وللموسيقى أهدا ف سامية تلج بها حياتنا الخاصة والعامة، فهي علاوة على ذلك تنمي الذوق الفني لدى الأطفال، وتهذب الوجدان لدى الكبار.

 ولم يجهل العرب فائدة الموسيقى في الشفاء من بعض الأمراض النفسية والعصبية والعقلية، فا لرازي كان في أبتداء أمره موسيقياً وضارباً ممتازاً على العود ثم ترك ذلك وأ قبل على دراسة كتب الطب والكيمياء..فنبغ فيها جميعاً. ويبدو أن ذلك لم يمنعه من أستخدام الموسيقى في أغراض العلاج فقد وردت إشارات في بعض ألمراجع لم يشر أصحابها ألى مصدرها، إلا أنه يغلب على الظن أن ألرازي درس فائدة الموسيقى في شفاء الأمرا ض وتسكين الآلام، وقد توصل إلى هذه النتيجة بعد تجارب كثيرة قام بها. حيث كان يتردد على صديق له يشتغل صيدلانياً في مستشفى بمدينة الري، وكان من عادته حينما يجتمع بصديقه هذا أن يعاوده الحنين إلى ألموسيقى، فكان يعزف عنده بعض ألوقت داخل المستشفى بقصد التسلية وا لطرب، ولشد ما كان يدهشه عندما يرى المرضى وهم يعانون آلاما قاسية يتركون أسرتهم ويلتفون حوله، حيث كان يشملهم السرور والبهجة عندما يسمعون هذه الألحان الشجية وينسون آلامهم المبرحة. فأدرك أثر الموسيقى في تخفيف الآلام وفي شفاء بعض الأمرا ض. ولكنه لم يقتنع بهذه النتيجة من المرة الأولى وأخذ يدرس بدقة تأثير الموسيقى في شفاء الأمراض، وبعد تجارب كثيرة أخذ يعتمد عليها بوصفها أسلوباً من أساليب العلاج الطبي.

 وللفارابي دور هام في العلاج بالموسيقى، فقد وصل في علم صناعة الموسيقى وعملها إلى غاياتها وأتقنها إتقاناً لا مزيد عليه وكان يصنع ألحاناً بديعة يحرك بها الانفعالات. ويقال أن الآلة ألمعروفة بالقانون من وضعه. ولعله أخذها عن الفرس ووسعها وزادها إتقاناً فنسبها الناس إليه. عزف عليها مرة فأضحك الحاضرين، وعزف ثانية فأبكاهم ثم عزف ثالثة فأنامهم.

 كما أن ابن سينا ترسم خطا الفارابي في نظرياته الموسيقية حيث برع فيها نظرياً وعلمياً، وعالجها في عدة كتب لم يبق منها إلا ثلاثة اثنتان باللغة العربية، وا لثالث بالفارسية، فكتابه " الشفاء " هو خلاصة ما جاء في موسيقى الشفاء، ويذكر بن أبي أصيبعة أن لابن سينا أيضاً كتاب آخر في الموسيقى، يدعى " المدخل إلى علم صناعة الموسيقى ". وأن موضوعه يختلف عما جاء في كتاب النجاة وقد عولج المجانين (؟) أيضاً عن طريق الموسيقى وعن طريق زراعة أنواع مختلفة من الأزهار تدخل ألبهجة إلى قلوبهم وتمتع أنظارهم بمرآها

 وقد بدأ العلاج بالموسيقى في القرن العشرين بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، حيث اعتاد عدد من الموسيقيين الذهاب للمستشفيات لعزف المقطوعات الموسيقية للمرضى من ضحايا الحروب الذين يعانون من الآلام الجسدية والعاطفية، وقد كان الاكتشاف حين أحس هؤلاء المرضى بالراحة وطلبوا من الأطباء تعيين موسيقيين في المستشفيات، لكن الأمر تطلب بعض التدريب لهؤلاء الموسيقيين، ومن ثَمَّ نشأ أول برنامج في العالم لمنح درجة علمية في العلاج بالموسيقى في جامعة ولاية ميتشجان عام 1944م، وبعد ذلك أنتشر العلاج بالموسيقى وصار علمًا مستقلاً بذاته يُدرَّس في معاهد متخصصة، وبذلك أنتقل الأمر من مجرد الترويح إلى العلاج الفعلي لبعض الحالات. ولا يعتبر أي شخص ما مؤهلاً للعلاج بالموسيقى حتى يتم دراسته للبرامج العلمية المعتمدة لهذا التخصص.

 ويفيد العلاج بالموسيقى في علاج الأطفال والمراهقين وكبار السن الذين يعانون من بعض المشكلات النفسية أو العقلية، أو من بعض الإعاقات في ألنمو أو ألتعلم، ومشكلات كبار السن الأخرى، والمشكلات الناتجة عن تعرض ألشخص للعدوان بشكل أو بآخر، وفي حالات إصابات المخ، والإعاقات ألجسدية، والآلام الحادة والمزمنة بما في ذلك آلام الولادة، ومشكلات الكلام والتخاطب والتوا صل، وفي حالات القلق والسلوك العدواني، وغيا ب ألتركيز الذهني.

وقد أدى تطور الممارسة والعلم الى فتح مراكز العلاج بالموسيقى في ألنرويج وبقية دول أوروبا و إلى ظهور عدد من المناهج والأساليب العلاجية نذكر منها:

(1) العلاج الموسيقي التحسيني Improvisational Music Therapy ومنه أسلوب نوردوف روبينز Nordoff - Robbins وأساليب أخرى وتقوم فلسفة تلك الأساليب على تحفيز ردود أفعال المريض على كافة المستويات. وتقوم على الاتصال بالشخص في سياق التجربة الموسيقية.

(2) الغناء والمناقشة Singing and Discussion

 وهو أسلوب نمطي يستخدم في العلاج النفسي، وفي علاج مشكلات المراهقين وكبار السن، ويقوم على تحفيز الشخص المريض أو صاحب المشكلة على الاستجابة للمقطوعات الشعرية والموسيقى، وذلك بالتعبير عن الأفكار والمشاعر التي استثارتها فيهم الأغنيات والنغمات.

(3) الوصف التصويري والموسيقى الموجهة Guided Imagery and Music (GIM)

وهو أسلوب يعتمد على الاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية مصحوبة بحالة من الاسترخاء العقلي والجسدي؛ لتحفيز الوصف التصويري بهدف الوصول للواقع الذاتي

(4) أسلوب أورف شولفيرك السريري Clinical Orff Schulwerk (COS)

ويستخدم للمساعدة في التعامل مع الأطفال الذين يعانون من الإعاقة الذهنية من خلال استخدام الحركة والإيقاع والأصوات واللغة والتعبير الموسيقي في أطر جماعية.

(5) التدخل الإيقاعي الإفضائي Rythmic Entrainment Intervention (REI)

وهو برنامج علاجي موسيقي إيقاعي يستخدم أنماطًا إيقاعية معقَّدة؛ لتحفيز الجهاز العصبي المركزي للمساعدة في التحسين السلوكي والمعرفي طويل المدى في الأشخاص الذين يعانون من اختلالات عصبية – بيولوجية

 وقد أدى تطور العلم وا لممارسة في فتح عدة مراكز العلاج بالموسيقى في عدة مدن في النرويج والدول الآسكندنافية وأوروبا لمساعدة المعاقين والذين يعانون من بعض المشكلات النفسية أو ألعقلية.

 

 

 

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com