تحقيقات

 

الطفل العراقي بين التعليم والعمل

 

اعداد: سارة خيري

منظمة بنت الرافدين ـ بابل

 

انطلاقا من خبر ورد الينا يكشف عن ان اكثر من (100 الف) طفل عراقي يعملون في الشوارع حيث ان اطفال العراق يتعرضون لمخاطر جسيمة تهدد مستقبلهم ناجمة عن ظواهر اجتماعية عديدة لم يعرفها الشارع العراقي حيث اصبح من المألوف رؤية الاطفال المشردين في شوارع بغداد والمدن العراقية الاخرى واوضحت هذه الدراسة التي اجرتها منظمة رعاية وتأهيل الطفولة في العراق ان هؤلاء الاطفال يتعرضون للاستغلال في العمل ساعات طويلة كما ان بعض العصابات تسخرهم في عمليات الاحتيال واوضحت دراسة منظمة رعاية وتأهيل الطفولة ( ان ظاهرة عمالة الاطفال برزت بسب الظروف القاسية التي يعاني منها العراقيون بسب الانفلات الامني وفصل الالاف من الموظفين مما اضطر هؤلاء الى اجبار اطفالهم على ترك الدراسة والعمل لمساعدتهم في توفير مستلزمات الحياة ) . وانطلاقا من هذا الخبر قامت بنت الرافدين بعمل هذا التحقيق حول عمالة الاطفال

 

 

 عمالة الاطفال

الطفوله ..عندما نطلق هذه الكلمة أول مايتبادر الى الذهن هو المرح و اللهو واللعب هذا حال معظم الأطفال في العالم وكان حال العراق كذلك ألى ان أدخله الطاغية صدام الحرب تلو الأخرى لتمتد يد الغدر وتغتال براءة الطفولة في العراق مثلما اغتالت كل الأشياء الجميلة الأخرى ...وطلبا للرزق وسدا للعوز المادي الذي يعاني منه كل العراقين تقريبا طلق الاطفال طفولتهم وتركوا دراستهم ونزلوا الى معترك الحياة ليحملوا بعض الأعباء عن كواهل ذويهم الذين اضناهم الجري وراء لقمة العيش التي لا تكفيهم حتى........

ومن اجل الوقوف على أهم الأسباب التي تدعوهم الى العمل قامت بنت الرافدين بجولة ميدانية في مدينة الحلة للتعرف على واقع بعض الأطفال الذين تركوا ألطفولة ونزلوا الى ساحة العمل مرغمين من العائلة والمجتمع والعوز الأقتصادي .......

 

الحالة الاولى:-

الظاهرة السائدة والشائعة في شوارع الحلة وخاصة تقاطع شارع نادر وجود جماعة كبيرة من الاطفال تتراوح اعمارهم بين السابعة والخامسة عشر، متوزعين على مفترق الطرق لبيع الموز، القلة منهم يبيع لصالحه والغالبية تبيع لصالح الاخرين بمبالغ قليلة تدفع لهم نهاية اليوم وهذا قمة الاستغلال. بحيث تكونت عصابات لعمالة الاطفال تستخدم الطفل البريء في عملية البطالة المقنعة خدمة لاغراضها ومصالحها، وهذه ظاهرة خطيرة تهدد اطفالنا ومجتمعنا اذا لم تجد من يتصدى لها.

 

الحالة الثانية:-

الطفل احمد حسن والطفل محمود حسن من عائلة فلاحية يبحثان في حاويات النفايات بأياديهم الطفولية الغضة عن بقايا الأطعمة وعن بعض المواد التي يمكن اعادة تصنيعها مقابل اجور زهيدة ومع تقرب الكاميرا لأخذ الصور رفضا التحدث او اخذ الصور خوفا من مجهول ما.......

 

الحالة الثالثة:-

التقينا (اكرم) طالب في الصف الثالث الأبتدائي يعمل في توزيع الشاي في السوق الكبير بيته في الحي العسكري ولديه اربع اخوه ...قمنا بسؤاله عن سبب عمله فجاءت اجابته بريئة براءة الطفولة حيث قال: (اعمل في العطلة كي اجمع المال لشراء الملابس الجديدة للدوام و لكي اقوم بمساعدة اهلي ) وسألناه عما اذا كانت لديه امنية للمستقبل فأجاب: (احب ان اكون طبيب).

 

الحالة الرابعة:-

اما دافع العربانة سالم فقد اختصر الطريق ولم يدخل للمدرسة اصلا وهو يتيم الأب وببنيته النحيلة يدفع (العربانه ) لمئات الأمتار لكسب المال لمساعدة والدته والأدهى من ذلك ان (العربانه) ليست ملكه اصلا بل هو مستأجر لها .

وهذا العمل من الاعمال الشاقة والوضيعة التي تترك آثارا سلبية على نفسية الطفل وبناء شخصيته في المستقبل، فمثلا لقب (حمال) سيظل يرافقه الى آخر عمره. ويعتبر هذا العمل من اشق العمال الجسدية على الطفل.

 

الحالة الخامسة:-

ثم بعد ذلك انتقلنا الى الطفل (عبد الله) في الصف الثالث يعمل في بيع اكياس النايلون وفي معرض اجابته عن سؤالنا عن سبب عمله قال: (حالتنا المادية غير جيدة ابي عاطل عن العمل وانا مضطر الى العمل في السوق ) ثم التقينا زميله في العمل الطفل (كرار) في الخامس الأبتدئي وسألناه نفس السؤال ماهو سبب عملك فكانت أجابته كالأتي :. (والدي عسكري خرج من الجيش وهو كبير السن ومريض وانا مضطر الى العمل في السوق الأمرالذي جعلني اترك المدرسة وانا في الصف الخامس لأن المدرسة لها مصاريف ونحن غير قادرين على حملها فنحن خمسة اولاد وثلاث بنات ونحن نسكن في بيت ايجار) .

واثناء تجوالنا في السوق لفت انتباهنا صياح ثلاثة اطفال من بائعي اكياس النايلون وهم يتزاحمون حول امرأة كل منهم يريد بيعها من بضاعته فاشترت المرأة من احدهم وحسبنا ان صياحهم انتهى ولكن على مايبدو ان شراءها من احدهم زاد الطين بله فبمجرد ان ذهبت عنهم حتى نشب عراك قوي بين الثلاثة فاقتربنا منهم وسألناهم عن سبب عراكهم فأجابنا محمود وهو طفل في الصف الثاني الأبتدائي بقوله: (ان هذه الأكياس النايلونية نحن لانملكها بل ان صاحبها يعطينا النقود حسب تصريف الأكياس فكل بائع يحاول ان يبيع اكثر من غيره من اجل ان يزيد من أجره).

ان الطفل له حقوق معروفة ومصانة في كل القوانين السماوية والوضعية ولاسيما الدين الأسلامي فقد اعطى للطفل حقوق كثيرة علينا المحافظة عليها .. وعلى الدولة ان تضع قوانين تحمي الاطفال من العمل والتشرد وعليها ان تصون طفولتهم من الضياع وذلك من خلال توفير رواتب للاسر المحتاجة بحيث تكفيهم وتكفي اطفالهم وان تجعل تعليم الاطفال الزاميا ومجانيا وان تضع قوانين صارمة ازاء من يترك المدرسة . كما لابد من وجود قوانين وتشريعات للحد من ظاهرة عمالة الاطفال التي اخذت تنتشر بشكل رهيب في محافظات العراق وكذلك معاقبة من يتاجر بالطفل ويعمد الى تخريب نفسه ومستقبله من خلال زجه الى العمل في الطرقات واستغلال الطفولة ابشع استغلال.

وهذا الاستغلال البشع حملناه بكل ألالم الذي يختزنه وتوجهنا الى السيد (المهندس صالح حسون حسين) نائب رئيس مجلس المحافظة، الذي اجاب بدوره حول اسباب تدهور الطفولة؟:

اجتمعت اسباب اجتماعية واقتصادية وسياسية منها:-

1- الاهم والاساس في هذا التدهور هو قيام حروب مستمرة ولسنين طوال الامر الذي خلف عدة اجيال من الاطفال بدون معيل مما جعله يبحث عن حلول ليكون هو البديل عن المعيل والمدبر.

2- اتجاه سياسي نحو استعمال الطفل في الحروب وفي التعويض عن الفراغ الحاصل من ذهاب الرجال الى القتال.

3- رفع الدولة يدها عن دعم الطفولة.

4- الحالة الاقتصادية المتردية جدا التي حدت بالعوائل الى التشبث بالعيش عبر الاطفال.

5- الثقافة الاجتماعية المتردية التي ادت الى التفكير بالمادة فقط بغض النظر عن اي امور معنوية وثقافية.

6- تدهور المستوى العلمي الهائل وعدم الاعتراف بالشهادات وتولي المسؤولية في الدولة طبقات جاهلة لاتعترف بأي شهادة.

7- الطبقية الهائلة التي حدثت في المجتمع العراقي من قبل تجار الحروب والانتفاعيين وغيرهم مما جعل المجتمع ينقسم الى طبقات عدة؛ طبقة تعيش على اخرى ونهايتها طبقة الطفولة المستضعفة.

9- عدم وجود مدارس بشكل كامل وبتخطيط دقيق وكذالك عدم وجود المربي النموذجي الذي يهدف الى التعليم وليس الابتزاز

 وفي معرض سؤالنا عن الحلول الآنية والمستقبلية لهذه الظاهرة المتفشية في المجتمع، اجاب نائب رئيس مجلس محافظة بابل: على ما اعتقد واعلم انه لاتوجد اي حلول لهذه الظاهرة بل على العكس من ذلك الظاهرة في ازدياد واستمرار والاسباب نفسها والان اصبحت هناك طبقة كبيرة بسبب عدم التنظيم في الامور وظهور البطالة الكبيرة في تضخم كبير مما جعل بعض العوائل تحاول التعويض بزج الشباب والاطفال في المعامل والمحال التجارية لغرض الحصول على ادنى سبيل للعيش وبالاخص ان اكثر العوائل لايوجد لديها السكن المناسب.

 وبالنسبة الى الحلول الممكنة، اجاب:

1- رفع الحالة الاقتصادية للعوائل بشكل متناسب وعمل الضمان الاجتماعي للعوائل التي ليس لها معيل.

2- سن قوانين تمنع وتحاسب من يستعمل الاطفال في الاعمال المختلفة .

3- اقامة ندوات تثقيفية لرفع ثقافة المجتمع بأتجاه احترام حقوق الطفل.

4- التخطيط الصحيح للمدارس ومايرافقها من رياض الاطفال والحضانة المهمة جدا لان مجتمعنا اصبح عامل برجاله ونسائه.

5- التخطيط الصحيح في رفع نظافة المناطق وعمل المتنزهات الخاصة بالاطفال وعقد الدورات المختلفة لهم.

هذه الحلول التي وضعها السيد النائب ويضعها غيره تبقى حبراً على ورق ونظرية مالم تشمر السواعد بالنوايا الصادقة لأجل انقاذ الطفولة العراقية التي يأكلها الشارع العراقي المتعب.

 

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع و النشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com