لقاءات

عميد كلية الهندسة / جامعة بابل في حوار مفتوح وصريح مع بنت الرافدين:

* لم يكن يوماً عدد الطلبة الراسبين يقرر المستوى العلمي للتدريسي

* أتمنى من ذوي القرار ان يلتفتوا الى الواقع الأكاديمي لتذليل الصعوبات التي نعانيها وأبنائنا الطلبة

* لقاءاتي مع ابنائي الطلبة مستمرة حتى ولو في الشارع

* نتمنى ان يستعيد التعليم العالي عافيته ليقود مسيرة البلد الحضارية

* يجب على الطلبة التمييز بين ملابس الدراسة أو التنزه والترفيه

* للأسف بعض التدريسيين يضعون حاجزاً بين العلم والطالب

* يجب تطوير نظام العبور لأنه موضوع تربوي عام وتستفاد منه شريحة كبيرة من الطلبة

* نأمل تقنين فترات اشغال المناصب الادارية ويكون التداول دورياً وآلياً بين المؤهلين

 أجرى الحوار: زينب الشمري

(عضوة في منظمة بنت الرافدين / بابل)

مشوار بعد مشوار ورحلة بعد رحلة وكل ذلك الهاماً من قوله (ص): ((اطلب العلم ولو كان في الصين)) .. أخذت بنت الرافدين تجوب أروقة مدينة العلم وتتسلسل تنازلياً من المؤسسات الكبرى الى فروعها الصغرى وكل همها ان تفتح الأبواب التي اوصدها النظام الغابر بأقفال كبيرة وجعل خرق بوابة التواصل بين المسؤول والمواطن ضرباً من المستحيل .. نعم في بداية مشوار بنت الرافدين كان جل همها ولا زال إعادة لحمة نسيج المسؤول والمواطن إلى شكله الصحيح فبدأت رحلتها من أروقة مديرية التربية وفروعها، وها هي اليوم تطرق بيد من حديد باب التعليم العالي من خلال تجوالها في ساحات وباحات جامعة بابل والتي اختارت من بين فروع هذه الجامعة المتعددة كلية الهندسة لتلتقي بعميدها الاستاذ الدكتور عبد الواحد كاظم راجح وتفترش معه سفرة الحوار المفتوح بغية ايصال افكار الأساتذة إلى تلامذتهم الجامعيين:

 

بنت الرافدين: في البداية تقدم بنت الرافدين تحية رمضانية الى ضيفها الكريم الأستاذ الدكتور عبد الواحد كاظم راجح مرحبة به على باب حوارها الحر والمفتوح شاكرة له استجابته لهذا اللقاء.

الأستاذ العميد: أود ان اشكر منظمتكم على تحملها مشقة القدوم أكثر من مرة وقيامكم بهذا اللقاء الذي اتمنى أن ينقل صورة صحيحة ومحددة على ما يجب أن يكون عليه الأمر في التعليم العالي بصورة عامة.

بنت الرافدين: نحن على اعتاب العام الدراسي الجديد فماذا أعدت كلية الهندسة من (مشاريع وخطط لهذه البداية)؟

الأستاذ العميد: بصراحة حاولنا أن نحل هذا العام كثيراً من مشاكل علاقة الطالب بالتدريسي .. طبعاًَ هذه المشكلة للأسف قد تكون موجودة في أغلب قطاعات التعليم العالي حتى قيل ان بعض التدريسيين ربما يكوّن حاجزاً بين العلم والطالب وأنا بدوري اعمل على ازالة هذا الحاجز الكبير بين الطلاب وبعض اساتذتهم والكل يعلم وخاصة نحن العاملين في سلك التعليم العالي بأن الطالب إذا لم تربطه بالمعلم علاقة تربوية وأبوية .. اكرر أبوية بشكل خاص .. وتربوية وتوفير اجواء المحبة فإن الطالب لم ولن يتعلم من التدريسي شيء .. فزملاؤنا الأطباء يعتقدون أن المريض لن يشفى ولا يلتزم بمواعيد الدواء إذا لم يحب طبيبه ويثق به مهما كانت علمية الطبيب ومكانته .. ومن هذه النقطة حاولنا ان نرعى طلبتنا خاصة وهم النخبة التي تحمل المعدلات العالية والذين أحيطوا برعاية أهلية عالية فعلينا أن نبذل العناية التدريسية وبذل الجهود للمتابعة غير أنه ومع الاسف نجد إن بعض الأخوان إما لضيق الوقت أو لكونهم شباب يدخلون في تحدي مع بعض الطلاب مما يقلل فرص التعلم والنجاح علماً أنني أؤكد ومن على هذا المنبر الحر بأن الجامعة لا تنجّح الطلاب ولا ترسّبهم.. فقط تمنحهم أكبر قدر ممكن من فرص التعلم والاختبارات لتكتشف من هو الذي يستحق النجاح ومن هو اللامبالي، فالتدريس موهبة وملكة من الباري تعالى في جانب كبير منها وما تبقى يأتي من الممارسة والمتابعة .. والقدرة على التوصل والتواصل مع الطلبة قابلية وموهبة.

بنت الرافدين: انكم تتحدثون هكذا بعد أن ملئت شجرتكم بالثمار أو انحنت لثقلها فما قولكم للكادر التدريسي من الجيل الشاب الصاعد؟

الأستاذ العميد: نحن نتمنى أن يراجعوا تعليمات الوزارة لإنارة طريقهم المهني التدريسي، وأتمنى أن يطلعوا على كافة التعليمات التي تتكلم عن كيفية التعامل مع الطالب وكيفية توصيل المادة له وكيفية وضع الاسئلة التي نتمناها بمستوى ادائنا شاملة فيها مجال لاختبار حقيقي للطالب .. فما أيسر أن نسطر اسئلة قد يعجز عن فك رموزها فطاحل الأختصاصيين .. فالاسئلة الطويلة العريضة سا سادتي لها تأثير الأسئلة الصعبة.

فإذا كان هاجس التدريسي عند التصحيح هو البحث عن الإجابة الصحيحة في حلول الطالب وليس عن مواطن الخطأ فإن النتائج تختلف تماماً .. فالحالة الأولى تؤشر النفس التربوي والأبوي للتدريسي .. بينما تفوح من الأخرى رائحة التحدي والتعسف كما يقول الشاعر:

عيني الرضا عن كل عيب كليلة *** لكن عين السخط تبدي المساويا

نأمل جميعاً .. بل ونتمنى الاقتراب من أبنائنا الطلبة وسماعهم وتفهم مشاكلهم وانتظارهم طويلاً ـ إذا تطلب الأمر في ساعاتنا المكتبية التي نرجوها ان تكون ظاهرة على أبواب مكاتبنا .. فأخواننا الأطباء يقولون ان المريض لن يشفى ولن يلتزم بمواقيت الدواء إن لم يثق بالطبيب أولاً ويحترمه ويحبه .. وهذه أمور لا تأتي قسراً ولا تهديداً ولا تخويفاً بل كما قال السيد المسيح (ع) تأتي طوعاً بالمحبة والمعاونة والمتابعة والاهتمام بالمقابل.

بنت الرافدين: ما هو الحل بنظركم؟

الأستاذ العميد: أنا متأكد ان التدريسيين يحبون الطلاب لكن المشكلة في الخبرة وعامل الزمن.. أتمنى اعطاء الخبرة الكافية لزملائنا في خدمة الطلاب والاعتماد على الكادر المتقدم ورعاية الشباب من التدريسيين الجدد والأخذ بيدهم .. والشيء الآخر الذي نتمناه والذي شددنا عليه هو نظام الإمتحانات حيث حاولنا ان نعطي للطلاب أكبر عدد من الإمتحانات بحيث أصبح بدل إمتحانين في السنة (فصليان) أصبح أربعة امتحانات (شهرية) اضافة إلى الإمتحانات اليومية والشفوية والإمتحانات السريعة والغرض منها اعطاء الطالب أكثر من فرصة، والأمور الأخرى التي شددنا عليها وشددت عليها الجامعة هي الساعات المكتبية حيث ستوضع قطع على ابواب غرف التدريسيين تبين الساعات المكتبية لكل تدريسي وطلبنا من السادة رؤساء الأقسام ان يتابعوا بشكل يومي تواجد التدريسيين في مكاتبهم كي يساهم هذا في حل أي مشكلة بالنسبة الى الطالب اضافة الى استحداث بعض الأمور التربوية فقد وضعنا لكل مجموعة من الطلاب مشرف تربوي يتابع الطلاب ويحل مشاكلهم.

بنت الرافدين: والأقسام الداخلية؟

الأستاذ العميد: حاولنا في العام الماضي التواصل مع الاقسام الداخلية وقد ساهمت الجامعة في حل الاختناقات التي تعاني منها الأقسام الداخلية وذللت بعض المشاكل التي تعيق راحة الطلبة الساكنين فيها حيث تم شراء بعض الأثاث لهم وكذلك تم توفير ما نستطيعه من سبل لراحة الطلبة.

بنت الرافدين: ما هي خطة الكلية لهذا العام في قبول طلبة البكلوريوس والدراسات العليا؟

الأستاذ العميد: في العام الماضي طلبنا عدد معين من الطلاب لكن الوزارة بعثت لنا اكثر من المطلوب مما سبب لنا ارباكاً كبيراً لذلك طلبنا هذه السنة اعداد اقل من العام الماضي. أما عن الدراسات العليا فهناك تضخم في عدد الطلاب المقدمين لهذه الدراسات وذلك بسبب ان الدراسات العليا في كثير من الجامعات مغلقة وهناك اقسام يكون التقديم فيها اكثر من غيرها فمثلاً القسم المدني عدد الطلاب المقدمين عليه (90) بينما العدد المطلوب (16) لذلك اقترح القسم زيادة عدد الطلاب المقبولين في الدراسات العليا، وكذلك هو الحال بالنسبة لبقية اقسام الكلية الأخرى.

بنت الرافدين: ماذا عن الأمور الخدمية والنواقص التي تعانيها الكلية في هذا المجال مثل عدم وجود مكيفات في قاعات الدرس والخدمات في الصحيات وغيرها؟ وهل هناك خطة معينة لرفع مستوى هذه الخدمات؟

الأستاذ العميد: في أول الأمر كانت الميزانية المخصصة للجامعة هي (37) مليار دينار عراقي وقد تبين ان قدراً كبيراً منها بقي في الوزارة ولم تصرف وذهب جزء آخر لإطفاء ديون الجامعة .. وباختصار تبقى للجامعة بأكملها (1.7) مليار ولو قسم على 13 كلية أو رئاسة الجامعة تخيل ما هي الميزانية لكل كلية وكيف تقسم. فبعض الأبواب فيها (200 الف) أو (100 الف) ومع ذلك استطعنا شراء (21) مكيف هواء للطلاب، وتجهيز كثير من المختبرات بأساسيات عملها وصيانة مرافق عدة واستنساخ كتب وأمور كثيرة أخرى وأثاث مكتبي.

بنت الرافدين: هل للكلية موارد مالية أخرى غير التخصيصات الوزارية؟

الأستاذ العميد: من حسن الحظ ان كلية الهندسة لديها باب يوفر لنا بعض الأموال وإن كانت محدودة وقد لا يكون موجوداً في بعض الكليات حيث لدينا صندوق التعليم العالي وكذلك المكتب الإستشاري وبصراحة نحن نحاول قدر الإمكان حل كثير من المشاكل الاقتصادية عن طريق هذين البابين والا لعانينا من ضائقة مالية شديدة. ولا زلنا نأمل أن تكون هناك تغطية مالية لسد الأبواب الرئيسية.

بنت الرافدين: بعض الطلبة يعانون من مشكلة ان عدداً من التدريسيين لديهم مهام ادارية في الجامعة وهذا يقلل من تواجدهم في مكاتبهم؟

الأستاذ العميد: هذا الموضوع مفهوم على مستوى التعليم العالي في العراق ومن المفروض أن لا يرهق التدريسي وخصوصاً الشخص الكفوء الذي يستطيع أن يغني الناحية العلمية بشكل كبير، والذي أتمناه من الوزارة الموقرة أن تقنن الفترات في المراكز الإدارية بشكل واضح جداً. وأن يكون ذلك في حدود سنة أو سنتين. مهما كان المنصب سواء كان رئيس جامعة، عميد، رئيس قسم، ويكون التداول حسب معايير ثابتة وواضحة ودورية بين المؤهلين، ويجب تحديد الفترة التي يبقى فيها كل فرد في منصبه حتى لا تحدث أمور ربما تضر مسيرة التعليم العالي وكي لا يبتلى التعليم العالي بشخص قد لا يصلح للإدارة.

بنت الرافدين: قد يعلل بعض الأساتذة ذلك بسبب قلة الرواتب ما يضطرهم الى العمل الإداري او الاستشاري بجانب مهنة التدريس؟!

الأستاذ العميد: من على هذا المنبر اوجه ندائي الى المسؤولين بضرورة تعديل دخل الأستاذ الجامعي إلى حد يماثل أو أعلى من أقرانهم في الدول المجاورة فليس معقولاً أن يكون راتب التدريسي أقل من نظيره في الأردن الفقير مقارنة بالعراق، مما يضطره الى العمل في مكاتب استشارية بشكل كبير سواء داخل الجامعة أو خارجها وإذا اضطر الى ذلك فيجب ان يكون بالشكل الذي لا يرهق التدريسي ولا يؤدي الى الاخلال بالتزاماته التعليمية.

بنت الرافدين: نسمع كثيراً عن زيادات بنسب مئوية مختلفة في رواتب منتسبي التعليم العالي، فأين وصل هذا الموضوع؟

الأستاذ العميد: الذي سمعناه في البداية ان رواتب الأساتذة يجب ان تكون مساوية أو مقاربة إلى رواتب نظرائهم في الدول المجاورة على الأقل ولكن لم يحصل ذلك، ومازال الراتب الذي يتقاضاه الاستاذ الجامعي لا يمكن قياسه مع أي دولة من الجوار العراقي، واعتقد ان الرواتب ليست كما وعدنا بها.. إذ لم يأخذ سلم الرواتب بالاعتبار المرتبة العلمية والخدمة وعدد الأطفال ... الخ.

بنت الرافدين: هل موضوع الرواتب قيد الدراسة في الوزارة أو انه قيد الحفظ؟

الأستاذ العميد: يقال أنه هناك تعديل للرواتب لكن لا أعلم بالتفصيل اين وصل.

بنت الرافدين: وهل حملة البكالويوس والشهادات الأخرى مشمولين بهذه الزيادة؟

الأستاذ العميد: تناهى الى سمعي بأنه توجد تعديلات للبكلوريوس (100%) و(75%) للكادر الهندسي والفني، ولكن الى الآن لم يتم اعلامنا بشكل رسمي.

بنت الرافدين: الشائع في العراق ارتفاع نسبة الرسوب وخاصة في الدور الأول في الكليات العلمية والهندسية بشكل خاص، ولكن في العام الماضي حصل كسر لهذه القاعدة إذ كانت نسبة النجاح في هندسة بابل مرتفعة نسبياً، بماذا تعللون ذلك؟

الأستاذ العميد: توجد في بعض الكليات للأسف نظرة او فلسفة تنطوي على ان التدريسي الجيد هو الذي يرسب اكبر عدد من الطلاب. واذا نجح عدد كبير من الطلاب فإن ذلك يقلل من مستوى التدريسي وبإعتقاد البعض مع الأسف إن رسوب عدد من الطلاب او نجاحهم هو المعيار الذي يقرر كون التدريسي جيداً او لا، وهذا خطأ فادح، فالعملية الاكاديمية (والتدريس منها على وجه الخصوص) يمثل ملكة وموهبة من الله في جزء كبير منها وما تبقى يتأتي من الممارسة وحب تعلم المهنة .. فإذا لم يبذل كثير منا مجهوداً حقيقياً ومخلصاً في اتقان فن التوصل والتواصل مع الطالب فإن الأمر يمثل خطراً حقيقياً على مصلحة الطلبة ينبغي الحذر منه .. ومعالجته حتى لا يتحول الى كارثة يمتد تأثيرها لأجيال قادمة من الخريجين المساكين.

ونأمل ان تكون الفترة بعد كل امتحان للطلبة تمثل محطة نتوقف عندها لتقييم الأداء والتخلص من أية سلبيات ربما تسلل منها ما يشوب الأداء او يباعد بين الطالب والتدريسي، والمفروض بنا كأساتذة ان نبذل قصارى جهدنا في التواصل مع الطالب لإعطاء فرص كبيرة له فإذا نجح الطالب بجهده ومتابعة الأستاذ فهذا شيء عظيم للتدريسي قبل الطالب وعلى الإطلاق ما كان يوماً عدد الطلاب الراسبين يقرر المستوى العلمي للتدريسي. ونعمل بمساعدة اخواننا الاساتذة والجامعة وتوجيهات الوزارة ان نتفق بأن هذا المفهوم هو مفهوم خاطئ. نحن لم نأت حتى نرسّب أو ننجّح الطلاب. أتينا لأجل ايصال اكبر كمية من المعلومات الى الطالب.

بنت الرافدين: المناهج الدراسية قديمة ولا تحدث باستمرار، فكيف نستطيع الارتقاء الى المستوى الحضاري الرفيع وأدواتنا مستهلكة؟

الأستاذ العميد: المناهج هي بالتأكيد قديمة وبين فترة واخرى توجه الوزارة والجامعة بضرورة اعادة النظر في المناهج. وفي هذه الحالة انا اشدد على أن المناهج يجب ان يعاد النظر بها من قبل ذوي الخبرة والاختصاص ولكن بعض الأقسام للأسف يعقد مجلس القسم اجتماعاً ويعيد النظر وهذا الكلام قد يكون صحيح في الأقسام التي تمتلك كادراً كبيراً ذو خبرة وذو اطلاع لكن بعض الاقسام تفتقر الى هذه الخبرة وكثير من الموجودين في مجالس بعض الاقسام هم اصلاً بعيدين عن التخصص او حتى مدرسين مساعدين فلا توجد لديه نظرة جدية في هذا الاتجاه أو خبرة.

بنت الرافدين: ما هو مستوى الأسئلة الامتحانية الذي يجب ان يقدم الى الطالب في ظل هذه الظروف؟

الأستاذ العميد: وجهنا الجميع الى ان تكون الاسئلة ضمن المادة المعطاة للطالب. ويجب كذلك ان تكون شاملة ومتدرجة بمعناها، ونحن نؤكد على رئيس القسم المعني ان يدقق ويتابع المنهج ومدى مطابقة اداء التدريسي مع الأسئلة ومع المنهج ويجب ان لا يكون الإطلاع على الانترنيت فقط في وضع الأسئلة وانما بالمعلومات وايضاً بالمستلزمات ويجب ان نوفر للطالب العراقي ما يتوفر لنظيره الأجنبي.. ونتمنى من احبتنا الاساتذة ان تكون صياغة الأسئلة بما تحتويه من معلومات معبرة عن الموضوع بشمولية وتدرج في مطاليبها وزمن اجابتها ومعبرة بصدق عن مستوى أداء التدريسي.

بنت الرافدين: هناك معاناة يواجهها طلبة كليات الهندسة وهي الدروس العملية، وبأنها غير كافية وغير متناغمة مع المادة النظرية بالإضافة الى عطل بعض الأجهزة وما الى ذلك من مشكلات، حتى ان بعض الطلبة يطلق على ساعات العملي بـ (ساعات استراحة)؟!

الأستاذ العميد: لاحظت شخصياً ان الجامعة التكنولوجية التي كانت معهد في يوم من الايام وأنشأتها اليونسكو بالذات قد بنيت لها مختبرات واسعة ومتطورة ومجهزة بكافة الأمور التي يحتاجها الطالب أما مختبراتنا للأسف فقيرة ومتهالكة وقديمة ومعظم اجهزتها عاطلة وغير معايرة ويعزى ذلك بالأساس الى الأمور المادية فهناك عجز مادي ونحن نشكر دولة قطر الشقيقة على منحها كلية الهندسة مختبر حاسبات بجميع تجهيزاته .. وما تفضلت به صحيح فقد كانت بعض الاجهزة في المختبرات تعاني من العطل ونسعى الى تصليحها بجهودنا الذاتية وكما قلت لك ان السبب الرئيس لمشاكلنا هو قلة التخصيصات المادية.

بنت الرافدين: ولكن يقال بأن ميزانية الجامعة في العام الماضي كانت كبيرة جداً ونسمع عن بعض الأرقام بأنها 80 مليار دينار عراقي او ما يقارب ذلك الرقم؟

الأستاذ العميد: الميزانية كانت في العام الماضي تقارب الرقم الذي ذكرته في سؤالك ولكن كان اغلبها مخصص لإنشاء بنايات جامعية .. ولو انها رصدت لسد احتياجات الكليات لحلت جميع مشاكلنا ومن ضمنها المختبرات وقاعات الدرس والصحيات وغيرها ولأحدثت طفرة حقيقية في توفير المستلزمات.

بنت الرافدين: نلاحظ إن بعض الكليات تقوم بافتتاح اقسام جديدة علماً ان الأقسام القائمة فعلاً تعاني من نقص حاد في الخدمات، أليس من الأولى قبل افتتاح قسم جديد او كلية جديدة سد احتياجات الأقسام القائمة فعلياً؟

الأستاذ العميد: قد تكون الكلية او الجامعة تنطلق من ناحيتين الناحية الاولى اعتقادها ان المنطقة او البلد يحتاج الى التخصص الفلاني اما الناحية الأخرى هي الناحية الأمنية، فكثير من الطلاب لا يستطيع الذهاب الى المنطقة الفلانية او المحافظة الفلانية ونظراً لكون محافظة بابل في الوسط بين المحافظات تفتح تخصصاً معيناً كي تجمع اكبر عدد من الطلاب .. وعملية افتتاح قسم او كلية تحتاج الى موافقة الوزارة وهذه بطبيعة الحال تقوم بدراسة الموضوع دراسة مستفيضة قبل الموافقة او الرفض.

بنت الرافدين: هناك طلبة تم نقلهم بأمر وزاري في آخر العام الدراسي الماضي من المناطق الساخنة، وكما تعلم حضرتك فإن هؤلاء يعانون جملة مشاكل سيما وانهم كانوا على ابواب امتحانات الفصل الثاني، ألا يستحقون عناية خاصة من قبل الجامعة التي التي نقلوا اليها؟

الأستاذ العميد: عندما وافقت الوزارة على نقلهم خيرتهم بين التأجيل أو الاستمرار بالدراسة واعتقد ان هذا هو افضل فرصة قدمت لهم، وأكدنا لهم بأن الذي يستمر في الدراسة فإنها على مسؤوليتهم، وهندسة بابل كانت متفهمة جداً لأوضاعهم وبذلنا جهوداً في حل مشكلة المعدلات فقسم ممتحنين والآخرين لا واعتقد إن هندسة بابل كانت مرنة معهم بصورة كبيرة، لكن المحددات كثيرة فأنت تعرف الظرف النفسي وكم الفرق في المناهج أحياناً وبعض الطلبة اصروا على الاستمرار بالدراسة .. وعلى كل حال فهذه مشكلة معقدة جداً وصعب التعامل معها، وقد تعاون الكادر التدريسي في الكلية ورؤساء الاقسام والعمادة معهم في أي شيء وقدمنا لهم ما استطعنا من مساعدة في حدود صلاحياتنا وامكانياتنا، فهؤلاء ابنائنا والواجب يحتم علينا رعايتهم.

بنت الرافدين: هل يمكن تطوير نظام العبور بحيث يستطيع الطالب أن يأخذ معه مادتين الى الصف التالي بغض النظر عن نوع هاتين المادتين من هذه المرحلة او السابقة، وبذلك يجنبه قدر الإمكان ترقين القيد إذا رسب في المواد التي عبر فيها العام الماضي؟

الأستاذ العميد: ان نظام العبور فكرة جيدة، واستفادت من تطبيقه شريحة كبيرة من ابنائنا الأعزاء، وكما تعلم بأنه يمنح الطالب فرصة أخرى يستطيع من خلالها ان يحمل معه مادة او مادتين الى مرحلة اعلى. والذي نؤكد عليه ان الطالب العابر لا يمتحن مع بقية الطلبة لأنه يعاني من خلل وعندما نضطره الى أداء الإمتحان مع بقية الطلبة فإننا نحمله عبئاً اضافياً ونشكل عليه عامل ضغط قد يؤدي الى عدم اجتيازه هذه الدروس، ولذلك فإن جامعة بابل قررت هذا العام ان يمتحن طلبة العبور بعد أداء الطلبة امتحاناتهم وهي فرصة جيدة لهم كي يدرسوا بشكل جيد ويراجعوا موادهم التي عبروا فيها اكثر من مرة .. كما نؤكد ضرورة فتح دورات اجبارية للطلاب العابرين ليراجعوا هذه المواد ويستفيدوا بصورة أكبر مما يؤهلهم لاجتياز هذه الدروس.

بنت الرافدين: وماذا تقترح لتطوير هذا النظام؟

الأستاذ العميد: هذا الموضوع لا يحل على عجالة وانما اتمنى ان يقدم على شكل مقترح وتعاد دراسته لأنه موضوع تربوي عام ويحتاج الى دراسة مركزة من قبل الوزارة وكذلك الجامعات والكليات.

بنت الرافدين: هل بالإمكان تطبيق نظام آخر في الجامعات العراقية كنظام الوحدات في الجامعات الأمريكية أو النظام الفرنسي او غيرها؟

الأستاذ العميد: نظام الوحدات يختلف فمثلاً في المانيا تأخذ الدكتوراه (احياناً سنوات طويلة جداً) يجمع فيها الطالب وحدات، والدكتوراه في امريكا يعتمد على نظام الكورسات بشكل رئيسي. وبريطانيا لا تعتمد على الكورسات، وانما على البحث. ونحن نطبق هذا النظام النظامين معاً (كورسات جيدة مثل أميركا واطروحة جيدة مثل بريطانيا).

بنت الرافدين: نلاحظ وجود تضايق من الطلبة من بعض الضوابط الجامعية مثل ساعات الغياب والزي الموحد وما الى ذلك، حتى وصل الأمر ببعض الطلبة بتشبيه نظام الجامعات العراقية بنظام الشرطة والجيش، طبعاً من ناحية الالتزام؟!

الأستاذ العميد: لست من النوع الذي يرغب بوضع العراقيل امام الطالب ولكن كما تعلم فإننا في دول العالم الثالث ومجتمعاتنا لم تنضج بعض الى ذلك الحد الذي نقول فيه بأن كل طالب حر فيما يلبس، ولذلك نضع هذه المقررات بالزي الموحد وساعات الغياب على الرغم من انها تشكل علينا نحن التدريسيين عبئاً اضافياً، واتمنى ان كل طالب يلبس ما يراه مناسباً للدراسة وكذلك الحال بالنسبة للطالبة ويجب التمييز بين مكان الدراسة ومكان الترفيه والتنزه فالجامعة لها حرمتها وقاعة الدرس لها ضوابطها وحدودها.

بنت الرافدين: هل تعتقد ان نظام التعليم العالي في العراق يحتاج الى ثورة لقلب الواقع بكل تفاصيله المريرة؟

الأستاذ العميد: نظام التعليم في العراق خرج كثير من الطاقات العراقية التي تركت بصماتها في العديد من الميادين العالمية، ودائماً نجد ان المتفوقين في الجامعات الغربية هم من الطلبة العراقيين، ولكن التعليم العالي في العراق تراجع بشكل كبير ما انعكس سلباً على مسيرة البلد الحضارية، وعندما انحدر سلم الرواتب الى حدوده الدنيا، رأينا المعلم والمدرس وربما بعض التدريسيين في الجامعة وبعد انتهاء الدوام يذهب الى السوق ويمارس أي مهنة اخرى حتى وإن كانت غير مناسبة له كي يوفر لقمة العيش لعائلته، وهذه بطبيعة الحال تترك آثاراً سلبية على التدريسي وعلى النظام بصورة عامة، ما انعكس سلباً على الواقع العلمي بأجمله، حتى اصبحت مهنة التدريس عند البعض تمثل عمله الثاني أما الأول فقد يكون اهتمامات تجارية. ولعل التعليم العالي تراجعت أولوياته من الأيام الأولى لتأسيس مجلس البحث العلمي وما تلاه من مؤسسات التصنيع العسكري التي استقطبت خيرة الأساتذة وامتصت كثيراً من اجهزة ومعدات الجامعة أو أن تلك المستلزمات كانت قد أخذت طريقها صوب مجلس البحث العلمي أو هيئة التصنيع العسكري بدل ذهابها الى الجامعة .. إضافة لضآلة المبالغ المالية المخصصة للتعليم العالي قياساً بالتصنيع العسكري.

بنت الرافدين: هل بإمكان عقد لقاءات طلابية دورية مع العمادة ورئاسة القسم لكسر الحاجز الذي تحدثت عنه في بداية اللقاء بين التدريسي والطالب، ويمكن الأستفادة من ساعات درس الحرية، كي نعيش الحرية بصورة عملية ولو على مستوى الكلية أو الجامعة؟

الأستاذ العميد: بالنسبة لي فإن لقاءاتي مع ابنائي الطلبة مستمرة حتى ولو في باحة الكلية أو الشارع، علماً إني افردت كل يوم بعد العاشرة صباحاً لمقابلة طلبة الكلية حيث استمع الى شكاواهم ومشاكلهم، واعتقد ان رؤساء الاقسام لا يبخلون من جانبهم على أي طالب في أن يقدم اليهم مقترح او شكوى او تظلم، وجميع الأبواب مفتوحة لذلك.

بنت الرافدين: هل بالإمكان اقامة هيئة للطلبة المتخرجين من هندسة بابل لأجل استمرار التواصل مع الكلية حتى بعد التخرج؟

الأستاذ العميد: هناك هيئات أو منظمات في كثير من جامعات العالم تتواصل مع خريجيها، لكننا للأسف لا نتملك هكذا نشاطات ونأمل مستقبلاً أن يقتحم هذا المجال بعض احبتنا النشطاء ونحن ندعمهم. ولكن عندنا دورات كثيرة يقيمها مركز التعليم المستمر بالجامعة للاتقاء بصورة دائمة بخريجي الكلية ويفترض ايضاً ان تكون هناك سجلات لعناوين الطلاب وماهو مصيرهم وإين حلت بهم الأقدار لتمكن من دعوتهم الى لقاءات علمية واجتماعية او مناسباتية.

بنت الرافدين: لماذا لا يتم اصدار هوية (كارت تعريف) الى الطالب المتخرج يذكر فيها بأنه خريج كلية الهندسة / جامعة بابل وتحتوي بيانات خاصة مثل العمل ورقم الهاتف والعنوان؟

الأستاذ العميد: هذا المقترح يحتاج الى دراسة وبصراحة انه اقتراح جيد وجدير بالدراسة، وادعو الله سبحانه وتعالى ان تتحسن الظروف وناخذ زمام المبادرة لإدامة العلاقة والتواصل مع الخريجين، ومن منبر بنت الرافدين الحر اوجه دعوة الى خريجي جامعة بابل بأن يكتبوا لنا سواء الخريجين الموجودين داخل العراق او خارجه كي نترجم ذلك الى برنامج للتواصل الدائم.

بنت الرافدين: يلقبكم البعض بـ (محامي الطلبة)، كيف يستطيع السيد العميد التوفيق بين شكاوى الطلبة وزملائه التدريسيين وهو في موقع اصدار الحكم .. وبتعبير آخر كيف يكون المحامي قاضياً في نفس الوقت؟

الأستاذ العميد: لعلها، تلك السنوات الأربعون التي أمضيتها في تماس مباشر معهم في التعليم العالي .. رسخت تعلقي بهم ومحبتي لهم وتفهمي لعمق معاناتهم وقلقهم ومصادر مخاوفهم .. وقناعاتي بحجم دورهم المستقبلي وحاجتهم لمن يأخذ بأيديهم وينير مصابيح الخير والأمان والعطاء في نفوسهم .. فعندما يتطلب الأمر قضاءً فنحن قضاة .. وإلا فنحن محامون لأحبتنا الطلبة.

بنت الرافدين: تحدثنا كثيراً عن واجب الدولة والهيئة التدريسية والعمادة تجاه الطالب، فما هو واجب الطالب ازاء ذلك؟

الأستاذ العميد: كل ما نطلبه من ابنائنا الأعزاء هو الدراسة والاجتهاد والتفوق والالتزام بالتعليمات الإنضباطية وسوف نعمل على اطلاع الطالب على التعليمات الإمتحانية وعلاقة الطالب مع أخيه الطالب وزميلته الطالبة والاستاذ وكذلك مراجعة استاذه في الساعات المكتبية وسؤاله عن أي شيء فنحن هنا نعمل كي ننقل الى الطالب ما اخذناه من علوم فزكاة العلم نشره، واعتقد ان افضل هدية يقدمها الطالب الى استاذه هي شهادة التخرج.

بنت الرافدين: اذا استطعنا ان نطلق على حديثنا السابق مصطلح آلام، فما هي آمال عميد هندسة بابل؟

الأستاذ العميد: أنا من النوع المتفائل جداً .. وأتمنى من ذوي القرار ان يلتفتوا الى الواقع التعليمي الذي نعيشه وأن يسعوا قدر الإمكان الى تذليل الصعوبات التي نعانيها وأبنائنا الطلبة .. وإن شاء الله يضحك الدهر لنا في قادم الإيام.

بنت الرافدين: شكراً سيادة العميد على اتاحة هذه الفرصة لنا.

الأستاذ العميد: مرة اخرى اقدم لكم شكري الجزيل على تحملكم مسؤولية نقل الحقيقة الى ابناء الشعب العراقي وبالاخص الطلبة الاعزاء وأتمنى لكم دوام التوفيق.

 

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com