تحقيقات

التمييز في التعليم على أساس الجنس .. آثار وسلبيات

 تحقيق: احمد السعد (بنت الرافدين) / البصرة

* امتنعت اخته عن كي ملابسه فمزق كتبها!

* باحث اجتماعي: هناك قناعة راسخة بأن البنت ضيف ثقيل في المؤسسة الاجتماعية (البيت)!

* رأي: مدرسة محو الأمية فكرة فاشلة .. فاشلة!

المرأة والرجل هما ثنائي الوجود الإنساني على الرغم من الاختلاف العضوي والسطحي الحاصل لكل منهما والذي لا يمكن ان يحسبه العاقل نقصا للمرأة وكمالا للرجل كما يحلو للكثير في مجتمعاتنا العربية ان يسموه وهم متكئون على (ثقافة) خرافة خلق حواء من ضلع اعوج لآدم، ولم يستثنِ غض الأنظار عن طبيعة الاختلاف التي جاءت نتيجة للتقدم التكنولوجي والثورة على التخلف والجهل من اعتبار المرأة جنسا مسلوب الإرادة. انه الجهل الذي يقود الى الجهل. فماذا نسمي ما قام به الأخ المتسلط والمدقع بالتخلف إزاء شقيقته التي امتنعت عن كي ملابسه لأنها مشغولة بالتحضير لامتحان الغد لقد ثارت ثورة الأخ وشرع بتمزيق كتب ودفاتر أخته المغلوب على أمرها واصدر قراراً فردياً بعدم ذهابها الى المدرسة وهي الفتاة المجتهدة الطموح؟  وقد استطلعنا بعض الأراء بخصوص هذا الموضوع في محافظة البصرة للوقوف على حقيقة الأمر

الست (أمينة حسين البطاط) مديرة ثانوية  في منطقة الحيانية اعتبرت هذه الحالة قليلا من كثير وأنها حاولت الاستفسار من ذوي الطالبات العازمات على إكمال الدراسة لاسيما وهن في المراحل النهائية من الدراسة وكان الرد يتفاوت بين الفكرة المستقبلية القاصرة والمتضمنة: ان نهاية البنت الزواج.. او ان ما يتم إنفاقه من مصاريف على البنت يكون أولى بها الولد خاصة في وسط عائلي تزيد الإناث فيه على الذكور.و إني لا استغرب كيف تختار أم حاصلة على شهادة جامعية وتعمل في الحقل التربوي زواج ابنتها على حساب إكمال دراستها وبناء شخصيتها في المجتمع؟ مؤكدة ان هذه الأم هي واحدة من مدرسات مدرستها المتميزات وقد عللت هذا السلوك بأنه حالة مرضية ستقود المجتمع العراقي الى تخلف لا يحمد عقباه.

 

 ما هو الدافع الذي يقف وراء هذه التصرفات؟

الأستاذ (علي حميد) الباحث الاجتماعي والمختص في الإرشاد التربوي قال: الحروب التي شهدها البلد كفيلة في زعزعة النسيج الإجتماعي والبنية النفسية للفرد وبالتالي ثمة خلل كبير في الرؤية الفلسفية للحياة فالأم سواء كانت متعلمة او أمية هي تحصيل حاصل اجتماعي سياسي فهي تعيش حالة غريزية من القلق والخوف ان يكون مصير البنت على غرار مصير جيل الستينات والسبعينات من الإناث اللاتي فاتهن قطار الزواج ان صح التعبير بسبب الانشغال في ماكينة الحرب التي استنفرت المال والرجال فضلاً عن القناعة الراسخة في الوعي واللا وعي بأن البنت ضيف شبه ثقيل في المؤسسة الاجتماعية (البيت).

وقادنا هذا الحديث الى سؤال: هل ينطبق هذا التصرف على داخل المدينة أم هو محصور في نطاق المناطق الشعبية ذات الطابع العشائري والديني؟

 بعد القيام بجولة استطلاعية شملت بعض ثانويات البنات في احياء الجزائر والجنينة والطويسة وهي من الأحياء الراقية في محافظة البصرة. وجدت ظاهرة ترك الدراسة نادرة للغاية ويمكن تحديدها بنسبة 5% بل وجدت ثمة بنات متزوجات ولديهن أطفال ومع ذلك مازلن يواصلن الدراسة رغم الأعباء والمسؤوليات المضافة عليهن تقول احدى الطالبات المتزوجات حديثاً: كان شرطي الأساسي في الزواج هو إكمال دراستي وقد ساعدني الأهل في التمسك بهذا الشرط. وطالبة أخرى كانت أقوى أرادة والأكثر صبراً من غيرها فهي آثرت البقاء في العراق وإكمال دراستها الإعدادية على ان ترافق زوجها في بعثته الدراسية الى لندن تقول بثقة عالية :على الأب والأم ان يكونا نموذجين جيدين وأسوة حسنة لأولادهم.

وينبثق هنا سؤال جديد: من المسؤول عن طبيعة التفكير وقوة الشخصية بين فتاة الأحياء الراقية وفتاة الأحياء الشعبية؟

(بدرية وادي)  لديها ثلاثة أولاد تزوجوا واستقروا في بيوت منفردة عنها كذلك لديها ابنتان لم تتزوجا بعد اذ اضطرت ان تخرجهما من المدرسة ليقوما بعمل البيت وهي تحارب الحياة كما تقول ببسطة صغيرة تشبعها يوماً وتجوعها أيام، وعن البنتين تقول: كان بودي ان يواصلا دراستهما ليصبحا معلمتين او موظفتين في الحكومة لكن مشاكل البيت وحالتنا الاقتصادية منعتهما من إكمال الدراسة.وأسمح لأبنتى الدراسة في محو الأمية شريطة ضمان تعيينها.

أما صعوبة الحصول على وظيفة للخريجين من الأسباب التي قادت بعض العوائل في هذا المناطق الى إجبار بناتهم على ترك المدرسة خاصة في زمن حكم النظام المخلوع اما اليوم وبعد ان تم تحسين رواتب الموظفين فقد قاد هذا الى  استمرار الفتاة في الدراسة وهذا ما أكدته السيده(امينة البطاط) قائلة: هناك نوع من التحسن في نظرة أولياء الأمور في حرصهم على مواصلة الفتاة للدراسة لكنه حرص غير كامل الوعي ما دام السبيل للتعليم والثقافة مرتبطاً بالشأن المادي وهذا ما جعلنا اليوم ندفع ثمن تركة ثقيلة خلفها الوضع السياسي السابق في المجتمع حيث يمكن تقدير نسبة الأمية في المناطق الشعبية بـ 60 % وهي نسبة تؤثر في جيل قادم بكاملة فمعظم الأمهات لا يجدن القراءة والكتابة.

تبقى فكرة (محو الأمية ) هي السبيل الوحيد للقضاء على الجهل لكن هل ستتقبل المرأة التي تقطن هذه المناطق التي يسود فيها الطابع العشائري والقبلي المتعصب هذه الفكرة... وهل يسمح صاحب السيادة (الرجل) للمرأة بساعات من وقتها غير الثمين لغرض الذهاب الى مدرسة محو الأمية أم تراه يرفض وكأني به يقول مستهزءًا (عقب ما شاب ودّوه للكتاب)؟ وأجابت (سحر حسين) 42 عاماً متزوجة تقول: أمنيتي التي منعني الأهل من تحقيقها هي الدراسة فانا لا استطيع ان اكتب لكني أقرأ بشكل لا بأس به ولا اضمن ان زوجي سيقبل ذهابي الى مدرسة محو الأمية. اما ( تمارا عامر) 25 عاماً متزوجة تقول: محو الأمية إنقاذ للأم التي لم تسمح لها الظروف ان تتعلم وهي صغيرة فانا أفكر دائماً كيف سيكون حال أطفالي عندما يكونوا في المدرسة زوجي لا يقرأ و لا يكتب وأنا كذلك. وعن موافقته لدخولها مدرسة محو الأمية تقول: أنا متأكدة بأنه سوف لا يوافق لأنه لا يريدني ان أكون أحسن منه.

أما السيد (محمد احمد) أبو حسن فكان شرطه في التحاق زوجته قائلاً: ان التحاق الزوجة الى مدرسة محو الأمية سيترتب عليه إهمال في جوانب أخرى من قبل الزوجة اتجاه بيتها وسيؤدي ذلك الى مشاكل أسرية علماً ان اغلب الرجال يسكنون هم وزوجاتهم وأطفالهم في بيوت أهلهـم بسبـب الـوضـع الاقتصادي الرديء فهل تسمـح العمـة للكنـة ان تذهـب الى المدرسـة وهـل سيغـامـر الزوج بقرار القبـول الـذي سيكلفه الكثير مـن المشاكـل.

فيما يتزمت (عبد الله عبد الهادي) أبو محمد برأيه قائلاً:

ليقل الناس عني ما يقولون ان مدرسة محو الأمية فكرة فاشلة... فاشلة... فاشلة!!

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@brob.org