لقاءات

حوار مع الفنان رسام الكاريكاتير يوسف فاضل الموسوي

 

أجرى الحوار السيد حسن الخرساني

بمناسبة ذكرى انطلاقة أول كاريكاتير في الصحف العراقية أجرى ملتقى الشيعة الاسترالي هذا اللقاء مع الفنان يوسف فاضل الموسوي رسام الكاريكاتير المعروف.

في التاسع والعشرين من شهر أيلول لعام 1931 كانت انطلاقة أول رسم للكاركاتير في الصحف العراقية. حيث يتفق رسامو الكاريكاتير العراقيون بان ريشة الفنان عبد الجبار محمود قد صممت أول رسم للكاركاتير لينشر على غلاف العدد الاول لجريدة حبزوز الذي أسسها نوري ثابت في ذلك الحين. وقد كان ذلك الرسم عبارة عن تمثيل لشخصية حبزوز وهو يحمل قلماً يسيل الحبر من نهايته. وعلى الرغم من ان ذلك الرسم كان عبارة عن رسم ثابت إعتربته الجريدة كعلامة (لوكو) لها لكنه كان عبارة عن تخطيط كاريكاتيوري ساخر لم يكن للاعلام العراقي سابقة مثله.

الكاريكاتير فن طالما عبر بامتياز من خلال مخططاته وعباراته الساخرة عن افكار وتصورات عجزت عن التعبير عنها مطولات المقالات والكتب، وطالما اختصر الاحداث والاخبار بلوحة صغيرة تجتذب انظار القراء  كلما تصفحوا وريقات الصحف والمجلات أو صفحات الشبكة العنكبوتية في هذه الايام.

لم يكن الكاريكاتير وسيلة للمدح أو طريقة هدفها الرئيسي الاضحاك أو السخرية بل كان سلاحاً للهجاء، واذا كان الكاريكاتير مضحكاً احياناً فما هو الا كمقولة (شر البلية ما يضحك) بل ربما يكون هذا الاضحاك، اضحاك استفزازي تحريضي، اذ ان الطريقة الساخرة التي يستخدمها رسام الكاريكاتير ما هي الا تصويراً لموقف ما عن طريق شكل وعبارات قصيرة ساخرة تحمل ملخص القول والرأي عن ذلك الموقف.

ان مواقف رسامي الكاريكاتير تكاد أن تكون متطابقة اتجاه الانظمة والسياسات الفاسدة وذلك من خلال استخدام هذا الفن لأضهار معارضتهم ورفضهم لمضاهر القمع والفساد وخنق الحريات. وطالما شاهدنا الكثير من تلك اللوحات الساخرة التي حاربت وبقسوتها الساخرة الانظمة الجائرة وسياساتها المريضة.

لقد أعطت جميع الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية المكان الاهم لهذا الفن لاعتباره "فن المستقبل ومن الفنون الصحفية الجزئية" كما وصفه الفنان سلفادور دالي (1904 - 1989). وكثيراً ما يتداول مدراء التحرير مع الفنان  في الموضوع المراد طرحه لغرض الاختزال والتلخيص من أجل ان يمارس دوره الجريء في التعبئة الإعلامية.

اليوم وبمناسبة ذكرى انطلاقة أول كاريكاتير في الصحف العراقية أجرى ملتقى الشيعة الاسترالي هذا اللقاء مع الفنان يوسف فاضل الموسوي رسام الكاريكاتير المعروف والذي يتخذ من مدينة ملبورن الاسترالية محلاً لسكناه.

الفنان يوسف فاضل الموسوي من مواليد 1961/العراق وهو عضو نقابة الفنانين والصحفيين وعضو لجنة الكاريكاتير العراقية ورئيس جمعية الفنانين العراقيين الاستراليين في مدينة ملبورن.

س: مرحباً بالفنان يوسف فاضل ؟

ج: أهلاً ومرحباً بكم ونحن نشكركم على الاهتمام في فن الكاريكاتير والاستعداد لتغطية ذكرى انطلاقة أول رسم للكاريكاتير في الصحف العراقية.

س: كيف كانت بدايات الفنان يوسف فاضل؟

ج: كان لوالدي الدور الاكبر في اقبالي على فن الرسم اذ أن والدي من الرسامين التشكيلين المحترفين ، وكان لحب والدي للواقع العراقي ومحاولة اضهاره في لوحاته الزيتية الجميلة الدافع الاكبر لي لأجد نفسي بداخل شراك الفن وعرفت إن الفن هو هم انساني فبدأت محاولاتي الاولى في الرسم منذ ان كنت في الصف الرابع الابتدائي. واخذت اتطور في الرسم تدريجياً.

وعندما وصلت الى المرحلة الاعدادية ابتدأت بحب الكاريكاتير اذ قمت باستخدامه لرسم الاساتذة المدرسين آن ذاك على لوحات الحائط المعدة للكتابة (الصبورات) برسومات كاريكاتيرية ساخرة لغرض المزاح والمرح مع زملائي الشباب. وكان من المدرسين من يشجعني على الرسم لأنه كان يرى ان الرسمي على مستوى عالي ومنهم من يؤنبني على الرسم كمدرس الرسم آنذاك الذي كان يعاندني دائماً لانني اظهر مساوئ رسوماته.

وربما ايضاً كان من اسباب تركيزي على فن الكاريكاتير هو محاولة مني لأبعاد نفسي عن مشكلة رسم صورة (القائد الضرورة) الاجباري، حيث كنت أدعي بانني رسام كاريكاتير وليس لي مقدرة على رسم البورتريت.

س: وهل الفنان يوسف الموسوي يرسم البورتريت فعلاً؟

ج: نعم بكل تأكيد انا رسام ولي امكانية كبيرة في الرسم وخصوصاً البورتريت ولطالما كنا نتأمل في طبيعة البصرة الفيحاء ونرسم تلك المناظر الجميلة كالزوارق في شط العرب والشناشيل التي اشتهرت بها البصرة.

وايضاً قمنا انا وجار صديق قديم لي اسمه روبرت ألويا في مدينة البصرة باصدار نشرة جدارية تحتوي على الكثير من اللوحات المائية التي كنت اتميز بها عنه.

س: كيف يرى الفنان يوسف الموسوي الكاريكاتير ورسام الكاريكاتير؟

ج: الكاريكاتير سلاح للهجاء، والكاريكاتير كالنحلة تعطي العسل ولكن في مؤخرتها وخزة موجعة، والكاركاتير هو الطريقة الاكثر توصيلاً لافكار الانسان والطريق الأيسر لنصرة المظلوم ضد الظالمين.

ورسام الكاريكاتير مثل شاعر الهجاء وكما كان الحطيئة يهجو البعض حتى ارادو اسكاته بالمال كذلك رسام الكاركاتير يستخدم ريشته ليهجو واقع أو وضع معين.

س: هل رسم الفنان يوسف الموسوي لصحف عراقية قبل خروجه من العراق؟
ج: نعم لقد رسمت العديد من الصور الكاريكاتيرية لجريدة الجمهورية التي افردت لي قسماً خاصاً ومجلة الف باء. وكانت مواضيع تلك الرسوم كلها تصب في مأساة الحصار الاقتصادي الذي تعرض له الشعب العراقي بعد احتلال صدام للكويت وما كان لذلك الحصار من اثر سلبي على الشعب العراقي المظلوم وليس على النظام. وكانت معظم تلك الرسومات تنتقد جمعية الامم المتحدة والولايات الامريكية وتحاول تحريك وجدان الانسان لما يعانيه الشعب تحت ذلك الحصار.

س: وماذا اعطت ريشة الفنان يوسف فاضل الموسوي للانتفاضة الشعبانية المباركة عام 1991؟

ج: كانت لي بعض الرسومات اثناء الانتفاضة ابرزها رسم وضع في مركز محافظة البصرة وكان عبارة عن يد (قبضة كبيرة) تخنق صدام وترفعه الى الاعلى.

وكانت الانتفاضة الشعبانية سبباً لاعتقالي وسجني لما يقارب العامين في الوقت الذي كان والدي في معسكر رفحاء.

س: وهل كان للفنان يوسف فاضل الموسوي مشاركات في صحف المعارضة العراقية خارج العراق آنذاك؟

ج: بعد الهروب من العراق واللجوء الى سوريا شاركت في العديد من الصحف التي كانت تحررها المعارضة العراقية بكافة اتجاهاتها مادامت تحمل اسم العراق كصحيفة التخطي وكنت ارسم باسم (منتظر العساف) وعندما كنت ارسم لصحيفة نداء الرافدين التابعة للمجلس الاعلى كنت استخدم اسم (كريم السيد خلف)

وكانت رسوماتي استفزازية جداً وقد لاقت اعجاباً كثيراً لدى المتلقين هناك حتى ان الكثير من القراء المتابعين كانوا يتصلون بالصحيفة ويثنون على الرسومات الكاريكاتيرية.

س: وما هو عطاء الفنان يوسف الموسوي في استراليا؟

ج: الرسم والكاريكاتير على وجه الخصوص شغلي الشاغل ولن يقف في اي مكان لانه جزء مني ولقد قمت ببعض النشاطات التي ملخصها مايلي.

- في 12/3/2003 قمنا بتأسيس جمعية للفنانين العراقيين في مدينة ملبورن والتي تضم بعض الاخوة العراقيين والسوريين. وتهتم هذه الجمعية بفن الرسم بجميع اتجاهاته.

- رسمت لبعض الصحف العربية التي تصدر في استراليا كصحيفة التلغراف والفرات والان البانوراما.

- كذلك رسمت ولازلت ارسم للعديد من المواقع الالكترونية كموقع صوت العراق وموقع الفنان العراقي وموقع البرلمان وموقع ملتقى الشيعة الاسترالي (الذي انا جزء منه).

- لقاءات مع الصحف الاسترالية المحلية كصحيفة (اليدر) التي تضمنت رسومات لي.

- قمنا باعداد بانوراما لتوضيح ماساة الشعب العراقي المضلوم في عهد الطاغية صدام وقبل سقوطه وتضمنت بعض اللوحات الفنية.

- المشاركة في بعض المعارض التي اقيمت في مدينة ملبورن.

- الاعداد لأمسية رمضانية في مجمع الامام علي الاسلامي في مدينة ملبورن والذي تضمن لعرض (سلايدات) لستين لوحة في تلك الامسية التي لاقت قبولاً رائعاً لدى ابناء الجالية العراقية في هذه المدينة.
- ذكر الاستاذ انطوان القزي رئيس تحريرجريدة التلغراف نبذة عني في مجموعته التي اسماها وجوه ناصعة في استراليا.

س: هل تأثر الفنان برسامين آخرين خصوصاً في بداياته؟

ج: نعم، انا معجب كثيراً بالفنان المرحوم مؤيد نعمة الذي كانت رسوماته بسيطة ولكن ذات افكار نيرة رغم انه كان خريج ادارة واقتصاد.

وكذلك تعجبني طريقة الفنان غازي الخطاط في الرسم واستخدام ذات اسلوبه في التظليل بالرغم من انني انتقد بعض رسوماته التي مست بعض الشخصيات المحترمة. وكذلك ايضاً الفنان ضياء الحجار.

س: ما هي الجوائز الذي حاز عليها الفنان الموسوي؟

ج: حصلت على بعض الجوائز التي اعتز بها كثيراً مثل

- جائزة معرض الكاريكاتير التاسع في بغداد في قاعة الرواق

- جائزة نقابة الفنانين العراقيين

- جائزة لجنة الكاريكاتير العراقية

- جائزة نقابة المهن الصحفية

- والعديد من الجوائز الذي حزت عليها عندما كنت في الاعدادية

س: وماذا عن حياة الفنان السيد يوسف الموسوي الخاصة؟

ج: اعيش مع اسرتي المكونة من زوجة وستة اطفال

س: وهل اولادك مثلك يحبون الرسم ويرسمون؟

ج: كرار(19 سنة) يحب الرسم وهو الذي يقوم بترتيب رسوماتي على الكومبيوتر واعدادها لغرض النشر الاكتروني.

وام البنين (10 اعوام) رسامة وكاتبة جيدة .

والباقين لازالو صغار ....

س: هل لدى فنانا افكار مستقبلية لدعم هذا الفن؟

ج: نعم افكر فعلاً برسم المبدعين العراقيين امثال بدر شاكر السياب والصافي النجفي او (الفنانين العراقيين الذين أغنوا التجربة الفنية العراقية) على شكل كلاسيكي أو أشكال كاريكاتيرية واظهار هذه الرسومات للاخرين بعيون عراقية لتعريف المجتمعات الاخرى باننا اصحاب حضارة وفكر وعطاء.

س: وهل أعطى فن الكاريكاتير للفنان يوسف الموسوي شيئاً كما أعطاه؟

ج: نعم بكل تأكيد استخدمت الكاريكاتير للتعبير عن كل ما اراه من هموم في عيون الناس اتجاه الافكار والسياسات والاوضاع واحس انني قد استطعت ان اصل الى ما اريد من خلال هذا الفن.

وقد ساهم الكاريكاتير في خدمتي للمساعدة في الانتقال من سوريا الى استراليا. حيث التقى بي وباسرتي الوفد الاسترالي وقد سألتني السيدة المشرفة على اللقاء اذا كنت احمل شيء من لوحاتي فاشرت الى قلمي فاعطتني ورقة ورسمت لها شكلاً كاريكاتيرياً اعجبت به كثيراً ثم أخرجت لها بعض من لوحاتي الذي احملها معي في حقيبتي (احملها دائماً معي لأني أعمل في صحيفة واحتاج اليها) وكانت تلك الصور كلها ضد امريكا وظلمها فاخذت هذه السيدة بعض من تلك الصور ووضعتها في ملفنا. واعتبرنا انفسنا انا والعائلة مرفوضين من السفر بسبب تلك الرسومات لكن النتيجة كانت بالايجاب والموافقة على السفر.

س: ماهو رأي الفنان يوسف فاضل الموسوي في موقع ملتقى الشيعة الاسترالي؟

ج: انت تعلم ان رسام الكاريكاتير اقرب للهجاء منه الى المديح وبصراحة موقع ملتقى الشيعة الاسترالي موقع جميل منفتح شامل متنوع يتسم بالانفتاح والانشراح لاوجود فيه للتشدد اللامبرر لان ديننا دين السماحة والانفتاح ولاوجود فيه للتهاون. كما أشعر بان الموقع يتطور بسرعة وكلما استقطب اسماء جديدة كلما تطور اكثر فاكثر.

س: كلمة اخيرة للفنان يوسف الموسوي؟

ج: في النهاية لا يسعني الى ان اتقدم بالشكر الجزيل لملتقى الشيعة الاسترالي وكل العاملين فيه واامل ان يكون كما هو دائماً نافذة للحقيقة والوضوح والجرأة والمصداقية بالطرح والتصورات.

واخيراً نشكر الفنان يوسف فاضل الموسوي على اتاحته لفرصة هذا اللقاء ونتمنى له مزيداً من العطاء.

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com