لقاءات

حوار مع الأديب والكاتب ماجد كاظم علي 

تقديم: حيدر قاسم الحجامي

 حوار: ضياء الخفاجي

في يوم ممطر من ليله الجمعة 28من كانون الأول لعام 1944 في هذه ألليلة كانت من الليالي المميزة في الناصرية حيث هطل المطر مدرارا بحيث اغرق شوارع المدينة،ودخل الماء إلى كل البيوت كانت والدتي في حالة الطلق وكان والدي في المقهى مع العمال الذين كانوا يصبغون المقهى لتحضيره لاستقبال عيد الفطر عندما عاد إلى البيت فوجد والدتي في حال المخاض الأخير فذهب إلى الجدة (أم حسن ) القريبة منا وقد وضع معطفه على رأسه وهو يغوص في الماء وعندما طرق الباب ردت من فأجاب إنا (أبو جواد) كانت على معرفة بحمل والدتي فحملها على ظهره وجلبها إلى البيت وعندما وجدتني وقد انقذفتُ من رحم والدتي .التفت أم حسن الى والدي وصفعته على وجهه كيف تتركها وحيدة ولكن يبدو إن ابنك هذا سيتعبك فعامله معامله خاصة.

بهذه المقدمة يبدأ ماجد كاظم علي الذي طوى عقوده السبعة المحملة بالذكرى والمسرات والأوجاع والسجون ، حديثهُ معنا وبدأ باسترجاع اشياء ذاكرتهِ التي ما ان حرك منها صورة حتى دار شريط سنواته الطويلة الحبلى بحكايات المدينة والشعر والحب والحياة ، استولى عليه قلق ُ مثير حينما صعد الى منزل إحداث عمره لينفض عنها غبار النسيان والأيام المتعاقبة ، روى حكايته التي لم تحتج الى ان نزلزل حقول ذاكرته بأسئلتنا المشاكسة بعض الشيء والبليدة في بعض الأحيان ، ماجد كاظم علي الذي أغرته ُ روايات دوستوفسكي بعوالمها المليئة بالمغامرات ، وأسرتهُ عوالم سارتر وفضل توصيف غرامشي لصورة المثقف العضوي ، وعشق برت راسل بخياله الرحب ، فامسك يراعه بعدما مسرحَ حياتهِ على خشبة راقصة على قلق الدقائق ، بدأ بسؤال فلسفي قصيدته الاولى متسائلاً عن إرادة الأغبياء ، ليكون في رحلة حافلة من العذابات والآهات والقلق القاتل في رحلة الحرف والاكتشاف والمغامرة ، التقيناه فكان معه هذا الحوار :

 

* أستاذ ماجد هل نبدأ من سيرتك الذاتية ؟

*:أكملت الدراسة الابتدائية والمتوسطة والإعدادية في الناصرية وبغداد انتسبت إلى معهد المعلمين ثم أكملت في كلية التربية في ألجامعة ألمستنصريه فحصلت على بكالوريوس التربية وعلم النفس وألان أعيش كهولتي وعذابي المستمر مع ألكلمة والتي هي قدر ارتبط بي منذ بداية عمري .

*متى بدء ماجد كاظم ألكتابة وماهو المجال الذي كتبت فيه ؟

 

*/بدأت أناملي كتابة الشعر وانأ في الثانوية بقصيدة (ماذا يريد الأغبياء) ولم انقطع عن النشر سوى في فترات اعتقالي حتى إنني أخذت انشر وانأ في السجن جربت كتابة القصة ونشرت (78) قصة في داخل العراق وخارجه كما جربت كتابة النقد الأدبي وكافه المواضيع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية واختصصت في التراث الشعبي وقد أصدرت (121) كتابا ولي (58) كتابا مخطوط في هذه المجالات .

 

* جربت ألكتابة الابداعية في مجالي المسرحية والقصة وعندما سألتك عن هذا قلت انك (شاعر وكاتب) كيف تنظر إلى العلاقة بين الكاتب والشاعر ؟

 

ج/ بدايتي الأولى كانت مسرحية فقد كانت عندي فرقه مسرحية وكنت الكاتب والمخرج وعامل الديكور وكل ما له علاقة في المسرح وقد بدأنا عرض مسرحياتنا في سن مبكر في عام 1955 وقد وثقت ذلك في كتابي (حينما يموت الجرذ في المصيدة رغما عنه) إلا انني جربت كتابة الشعر وكانت أول قصيده نشرتها في نشره جداريه في ثانوية الناصرية (ماذا يريد الأغبياء )ثم نشرت أول قصيده لي في مجلة المعارف اللبنانية بعنوان (أتهجرني) في عام 1961 ، الشعر والكتابة يصبان في نهر واحد .

 

:* ماجد كاظم موسوعة متنقلة في كل المجالات كيف استطعت إن تجمع بين كل المجالات الابداعية ؟

 

ج/حينما تتنوع حياة الإنسان وخاصة السياسية والاجتماعية بين العيش حرا كعصفور صغير والعيش مستعبدا في أكثر من 30 سجن ومعتقل وطوال أكثر من 40 سنه من عمرك تتنوع رؤية الإنسان الفكرية موسوعيا لتتناول مختلف المواضيع المهمة في الحياة من هذا المنطلق فأنني أمارس ألكتابه في أكثر من (20) صنفا وربما كل ماله علاقة بالأدب والثقافة فأنني أدلو بدلوي فيه .

 

*قلمك أوصلك إلى حبل المشنقة كيف توضح لنا ذلك ؟

 ج/عشنا في بداية انطلاقتنا ونحن في سن مبكرا تحت غيمه سوداء اسمها الحكومة والكل يعرف إن الحكومات التي مرت على العراق كانت ظالمة إصابة العراقيين بالمزيد من الجور والقتل والتعذيب وبما إنني ابن هذا الوطن المبتلى بالدم والاضطراب فقد أصبحت احد الذين أبتلو بداء السلطة والذي قادني إلى الإعدام لولا الشرفاء في العالم الذي حملهم شاعرنا الخالد ألجواهري ألينا أمثال (برت راند راسل،جان بول سارتر، سيموت دفوار، جاك بيرك، وآخرون) في حمله عالمية تطالب السلطة السابقة لإنقاذنا من حبل المشنقة وكنت احد الذين كتب لهم الحياة وتم استبدال حكم الإعدام بخمس سنين لصغر سني.

 

*لم يقتصر إبداعك في العراق فقط ؟بل ظهر في البلدان العربية والغربية حيث ترجمت كتاباتك إلى لغات عده كيف كان ذلك؟

 ج/ تحت نير الحكومات الجائرة يصعب على الأديب ان يمرر نتاجاته رغم إني مررت الكثير الذي اتهمت به بالجنون الذي تم إغلاق إحدى المجلات التي تصدر في بغداد بسببي لأنها نشرت لي قصه اسمها (الأم الإنسان في عالم الحيوان )واسمها مجله الثقافة في نهاية السبعينات لذلك توفر لي صديقين احدهما في بريد الناصرية والأخر في بريد الإسكان كنت ادفع لهما نتاجي الأدبي والثقافي فيخبؤه في جيوبهم حتى انتهاء ألرقابه الامنيه من قراءة الرسائل ثم يضعونه في الكيس ويختمونه ويرسلونه ونشرت الكثير والكثير وربما أكثر من نصف نتاجي كان في الخارج والذي يربو إلى (500)موضوع وقد توفر لي صديق تركماني في السجن ملما لخمس لغات فنشر لي أكثر من ثلاثين مادة في خارج الوطن إضافة الى ما نشرت في مجلة (اللوتس) مجله كتاب أسيا وإفريقيا والتي تصدر بخمس لغات وقد ترجم لي كتاب فولكلوري كنت قد نشرته مرتين اسمه (التراث الشعبي في ذي قار )وقد صدر في الدنمارك عام 2005 .

 

*اشتركت في مسابقات عديدة وحزت على جوائز في اغلبها هلا ذكرت لنا هذه المشاركات ؟

 ج/ شاركت في العديد من المسابقات وفي عام 1969 فزت بالجائزة الأولى بأحسن نشيد مدرسي للأطفال في بغداد بعنوان( ياحصاني الأبيض الحلو الجميل) ثم فزت في الإمارات عام 1987 بحث كتبته عن الشاعر رشيد مجيد بحدود 56 صفحة ثم حولته إلى كتاب وأصدرته ثلاث مرات بعنوان( رشيد مجيد كما عرفته) بالجائزة الأولى كما فازت لي مسرحية في البصرة بعنوان( أغاني عراقية) حولتها إلى صلات إلى العراق وطبعتها في كتاب وكانت تهاجم النظام ألصدامي المجرم كما بقيت نتاجي الأدبية وفي عام 1988 فاز كتابي (التراث الشعبي في ذي قار) بالجائزة الأولى لوزارة الحكم المحلي في بغداد كما فزت عام 2005 في الجائزة الأولى في المسرح في المؤتمر الفكر ي الأول للأدب والفن في النجف الاشرف بمسرحية (طريق الخالدين) إضافة إلى أربع جوائز أخرى أولى وجائزتين ثانيتين وجائزة تقديرية عن قصصي ومسرحياتي.

* في أي المجال أبدعت وأي من هذه المجالات قريب إلى نفسك ؟

ج/ الأقرب إلى نفسي من كل الأجناس الأدبية التي كتبتها هي الرواية لان الرواية عالم فريد من نوعه يستطيع الأديب إن يمد يده إلى الشمس من خلالها وقد كتبت 29 رواية إضافة إلى رواية فولكلورية اسمها الرحلة الأولى لحمدان وقد أصدرت الروايات 8 روايات فقط ومنها( خطوات سابقة خطوات لاحقة ،رحلة الأحلام ،رماد الذكريات ،موت عصفور ازرق ) .

*بالإضافة إلى انك أديب وشاعر وكاتب ومؤرخ أنت (رسام وخطاط)ومبدع في هذا المجال هل لديك معرض وهل اشتركت في معارض للخط والرسم ؟

ج/مارست الخط والرسم أكثر من ثلاثين سنة وقد أنتجت ثلاث معارض شخصية لي كما ساهمت بعده لوحات تحمل أسماء المدارس التي ارسم لها طيلة خمسين عاما واستذكر في عام 1962 عندما رسمت خريطة العالم على وجهي (شربه) وعندما جاء المحافظ لافتتاح المعرض في روضة الناصرية توقف مستغربا إمام العبارة التي كتبتها (العالم في شربه ) فسال مدرس التربية الفنية ماذا تعني بهذه العبارة فنادى علي وقلت اعني إنني رسمت العالم على هذه الشربة فأصبح العالم في شربه فكرمني بكأس ومبلغ دينارين وعندما خرجت من روضه الأطفال وكانت هذه عاده لي مازالت تلازمني حتى ألان ذهبت إلى مكتبه الأهالي لصاحبها المرحوم (جبر غفوري ) واشتريت بالدينارين 46 كتاب ومجلة، تركت الخط عام 1999 إما الرسم فمازلت أمارسه حتى ألان.

* دخلت القصة القصيرة خلال الأعوام القليلة الماضية في مرحله تطور كيف ترى تأثير هذا التطور على القصة ؟وهل أضاف لها شئ ؟

* إنا لأاعتقد إن لدينا مدرسة خاصة في أي صنف من الأصناف الأدبية فما زلنا رغم باعنا الطويل في التأليف ونحن في مرحلة التجريب والتقليد ومن خلال قراءتي للمئات من القصص ان لم يكن الآلاف منها أجد لها مسارا خاصا تسير عليه رغم بعض الاستثناءات الزمنية لبعض المراحل خلال القرن الماضي.

* كما عرفنا إن لك باع كبير في مجال التاريخ وخاصة تاريخ محافظه ذي قار فهلا حدثتنا عن هذا الجانب؟

لقد أصدرت في تاريخ محافظه ذي قار أكثر من 20 كتابا وقد ضمنتها كل ما حدث في المحافظة منذ إنشائها عام 1869م حتى ألان وفي كل الجوانب الاجتماعية والثقافية والعمرانية والفولكلورية كما أصدرت عن محافظه ذي قار 30 كتابا فولكلوريا مع عشرات المواضيع الأخرى+ومن هذه الكتب (الناصرية حبيبتي ،معركة الشعيبة ،ذي قار بين الماضي والحاضر ،التراث الشعبي في ذي قار ،الأمثال الشعبية في ذي قار ،ولاية بطيخ ،أغاني المرأة ،الطبخ في ذي قار ،الطب والعقاقير الطبية في ذي قار ).

* كم بلغ عدد مؤلفاتك الصادرة ومؤلفات مازالت مخطوطة ؟

ج/ كتبت ُ حتى هذه أللحظه (121) مؤلفا وقد طبع بعض منها عده طبعات وفي مختلف جوانب المعرفة إما الكتب المخطوطة فهي (61) كتابا وأرجو إن يتوفر لي العمر لأصدرها ومن خلال هذه المؤلفات دخلت كتاب (غينس )للأرقام القياسية كما اخبرني احد أصدقائي المقربين في السويد الذي حصل على كتابي والذي هو عبارة عن مذكرات شخصيه (سيره ذاتيه) .

س: من هو مثلك الأعلى في الحياة وكتبت له ُ؟

* شخصان هما الإمام علي (ع) الذي كتبت عنه كتابا وعمري 21 عاما وقد تم اختياره ضمن الخمسين كتابا من بين الآلاف من الكتب المشاركة في المسابقة التي أقامها العلامة جواد شبر في القرن الماضي ووالدي رحمه الله فقد كان مدرسه كبيره في الأخلاق والطيبة .

* لذي قار تاريخ حافل بالإبداع واثر كبير في تاريخ الثقافة العراقية، هل تعتقد اخذ المثقف في هذه المدينة دوره في المشهد الثقافي العراقي ؟

ج/نتيجة الطابع الاجتماعي الذي يسود الوضع الثقافي في ذي قار فأنني أجد إن الغيرة والحسد وكل العادات الظاهرة مازالت مستفحلة في الوسط الأدبي إلا حاله واحدة وهي حالة الأستاذ الشاعر والذي اعتز به كثيرا حسن عبد الغني حمادي الذي أرخ لكل أدباء وشعراء المحافظة في كتاباته الرائعة في العقد الماضي فلذلك لم تظهر حاله إبداعية في ذي قار وإنما حالات منفردة ومتأخرة .

* من تذكر من شعراء المدينة الذين تركوا بصمة واضحة في ساحة الشعر العراقي ؟

ج/محافظة ذي قار كما هو معروف هي محافظة الشعر والأدب فهنالك الكثير من الكثير من العباقرة في هذا الجانب الرحب سواء كان الشعبي أو الفصيح ومنهم (رشيد مجيد ,عبد القادر رشيد ,قيس لفته مراد ,وعتابه ألحسناوي ,أبو معيشي ,حسين العبادي ) والكثير كن الشعراء .

* كلمة أخيرة تختم بها لقاءنا الذين نتمنى ان يتكرر قريباً

*بعد إن وصلنا الى المحطة الأخيرة في حياتنا على الأرض والتي سننزل فيها من قطار العمر ارجوا إن يتقبل الآخرون ما أقول الكلمة شرف و الكلمة الطيبة صدقة وهي قطرة عرق فارجوا أن يمتلك الكثير ممن اعرفهم بقطرة العرق على جبينه ليحترم نفسه ويحترمه الآخرون ولا أريد ان أقول شئ غير ذلك بان نضع الشرف قناع نلبسه في كل عهد ونبدل جلودنا كما تبدل الضفادع جلودها حسب الزمان والمكان وشكرا لكم.

 

Google


 في بنت الرافدينفي الويب


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

© حقوق الطبع والنشر محفوظة لموقع بنت الرافدين
Copyright © 2000 bentalrafedain web site. All rights reserved.
 info@bentalrafedain.com